التنظيم التشريعي المغربي للمجال الرياضي.

المطلب الثاني : القانون 09.09 المتعلق بالشغب في الملاعب

لقد تعددت مظاهر العنف والشغب وتغير طبيعته في النوات الأخيرة حيث أصبحت الظاهرة تتعدى حدود الملاعب الرياضية، والمغرب لم يعد مستنيا من هذه الظاهرة ذات البعد العالمي ، وأضحت الجماهير الرياضية تتصرف بعد الفوز أو الخسارة بطريقة غير حضارية عن طريق الاعتداء على الآخارين وإلحاق الأذى والضرر بهم أو بممتلكاتهم.

وتبعا لذلك فقد جرم المشرع مجموعة من الأعمال وخص لها عقوبات ردعية شديدة منصوص عيلها في القوانين الجنائية الرياضية .

الفقرة الأولى :دواعي صدور القانون 09.09

    لقد أصبحت ظاهرة الشغب في الملاعب الرياضية من الظواهر التي أصبحت تؤرق الأمن داخل مختلف دول العالم، وذلك باعتبار ما تشكله من تهديد على حياة الأفراد وأموالهم، بل حتى على حرياتهم، فإذا كانت الرياضة، بصفة عامة، تشكل أداة لتوحيد الشعوب، وتقريب المسافات، ولنشر السلام، ولنبذ العنصرية، فهي كما يقال تصلح ما أفسدته السياسة، إلا أنها قد تزيغ عن هدفها، فتصبح مناسبة لقضاء مأرب أخرى، من طرف أشخاص قد يكونون من داخل المحيط الرياضي، وقد يكونون من خارجه.

  كما أن مسببات ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية، تختلف في مرجعيتها، فقد تكون ناتجة عن أسباب اجتماعية أو سياسية، وقد تكون دينية أو عرقية، وقد تمتزج فيها جميعا، وبل تكون في بعض الأحيان، وليدة أسباب لحظية، وبالتالي تتحول التظاهرات الرياضية من فضاء للفرجة والمتعة إلى فضاء للخروج عن الضوابط القانونية، فنصبح أمام كشكول من الجرائم، تتنوع ما بين الضرب والجرح والتخريب وإتلاف ممتلكات الغير أو العامة، بل تصل إلى القتل في العديد من الحالات، والتاريخ يوثق للعديد من التظاهرات الرياضية التي تحولت إلى مأساة حقيقة، خلفت وراءها العديد من الضحايا، والخسائر المالية الفادحة، كما هو الحال، لما يعرف بأحداث بورسعيد في مصر، والتي تحول فيها لقاء عادي في الدوري المصري لكرة القدم، بين نادي الأهلي المصري والنادي المصري البورسعيدي، إلى مجزرة راح ضحيتها أكثر من سبعين شخصا من جماهير الأهلي المصري، واللذين لقوا حتفهم على أثر أعمال شغب ارتكبت أثناء المباراة، وترتب عن هذه الأحداث صدور أحكام بالإعدام في حق عدد من المشاغبين.

  والمغرب يدخل في زمرة الدول التي تهددها ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية، خاصة في رياضة كرة القدم، وبالضبط في المحور الرابط ما بين الدار البيضاء والرباط، خصوصا في ظل ظهور ما يعرف الآنبا لا لترات، وهي روابط للمشجعين ظهرت في البداية في أوربا الشرقية وإيطاليا، ثم انتقلت إلى المغرب، وتتميز هذه الروابط باستقلالها الإداري والمالي عن الفرق التي تشجعها، وتعتمد على الإمكانيات المادية لمنخرطيها، ويتميز تنظيمها بالسرية، ويطبع التوتر علاقتها مع السلطات الأمنية.

هذه الالترات زادت من حدة ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية، في ظل العقلية التي تقوم عليها، والتي، وإن كان لها بعض الجوانب والتمظهرات الإيجابية الشاخصة للجميع، من خلال ما تصنعه هذه الروابط من فرجة واحتفالية في المدرجات، ويكون لها أثر إيجابي على صورة المغرب، وتساهم في إنجاح التظاهرات التي ينظمها بلدنا الحبيب، كما هو الحال، على سيبل الذكر لا الحصر، بالنسبة لجمهور الرجاء الرياضي خلال نسخة كأس العالم للأندية الماضية، والذي ساهم بشكل كبير في إنجاح هذه التظاهرة، هذا بشهادة الاتحاد الدولي للعبة نفسه، إلا أنها في بعض الأحيان، قد تكون سبب في اندلاع أعمال شغب في الملاعب الرياضية,

فمثلا، من أعراف هذه الالترات، أنها عندما تتنقل إلى ملعب الفريق الخصم، وتقوم بمسيرة تمر في واسط مدينة هذا الأخير، وهو ما يصطلح عليه في عرفها بالكورطاج، أي الموكب، وهو ما يثير حفيظة جماهير الفريق الخصم، باعتباره يشكل تحديا لها، مع العلم أن هذا الأمر يسبقه كتابات وتدوينات في صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي ينتج عنه اصطدامات واحتكاكات بين الجماهير، بل حتى مع ساكنة المدينة، كما حدث في ما أصبح يعرف بالخميس الأسود في مدينة الدار البيضاء، من طرف بعض المحسوبين على مناصري فريق الجيش الملكي.

  وأمام تزايد حدة ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية، حاول المغرب مواجهتها بشكل جدي، وعلى جميع الأصعدة، وذلك من خلال القيام بحملات تحسيسية وسط المشجعين، لتوعيتهم بخطورة هذه الظاهرة، وعواقبها الوخيمة عليهم، وعلى المجتمع ككل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، تم الاعتماد على مقاربة أمنية استباقية أكثر صارمة في التعامل مع هذه الظاهرة، ويظهر ذلك في إحداث فرقة أمنية متخصصة في تأمين التظاهرات الرياضية، وتقوم بمرافقة مشجعين الفرق في تنقلاتهم إلى مدن الفرق المنافسة، تفاديا للاصطدامات مع مشجعين هذه الأخيرة، وهذه الفرقة الأمنية المتخصصة، تبقى لحدود اليوم تجربة نموذجية، تقتصر على مدينة الدار البيضاء، في انتظار تعميمها على باقي المدن، ومن جهة ثالثة العمل على إخراج نصوص قانونية لمكافحة العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، وهو القانون رقم09.09، والذي قام بتعديل وتتميم القانون الجنائي، من خلال إضافة الفرع الثاني مكرر، وبالضبط الفصول من 308 – 1 إلى 308 – 19.

الفقرة الثانية : تقييم السياسة العقابية للقانون المغربي على ضوء 09.09

    يعتبر العقاب عنصر أساسيا وجوهريا ليكتمل النص التجريمي ، وإلا اعتبر كنص إرشادي وتوجيهي وتنظيمي غير ملزم، أو أن إلزامه مرتبط بإرادة الأفراد.


وإجمالا تميزت السياسة العقابية التي انتهجها المشرع المغربي، بثلاث تمظهرات أساسية، الأولى الاعتماد على المقاربة الكلاسيكية في العقاب، والثانية الاستعانة بالتدابير الوقائية من أجل محاربة ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية.

أولا -الاعتماد على المقاربة الكلاسيكية في العقاب:

  كان من الطبيعي اعتماد المشرع المغربي من خلال القانون رقم09.09، على الآليات التقليدية في العقاب، وذلك في ظل غياب سياسة جنائية واضحة المعالم، بخصوص العقوبات البديلة، والتي أقرتها مختلف التشريعات الجنائية المقارنة، وبالتالي تم الاعتماد على المقاربة الكلاسيكية في العقاب، والتي تتمثل في العقوبات الأصلية ، والعقوبات الإضافية ، مع تشديد العقاب في حالة توفر ظروفه .

1– العقوبات الأصلية:

 تتمثل العقوبات الأصلية المنصوص عليها في القانون رقم09.09، أولا في العقوبات الحبسية(أ)، وثانيا في الغرامات المالية (ب).

أ – العقوبة الحسية:

    تعتبر العقوبات السالبة للحرية من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية، والتي يهدف من خلالها إلى ردع الخارجين على القانون، من خلال الانتقاص من حريتهم، والعمل على تهذيبهم وإصلاحهم، وإعادة إدماجهم في المجتمع، دون إغفال ما تقوم بها هذه العقوبة من ردع عام، وذلك من خلال ما تتركه من أثار في نفوس الناس، فالرهبة التي تتركها هذه العقوبة، جعلت منها الأداة العقابية المفضلة للمشرع الجنائي في القوانين الزجرية.


   وعلى العموم، فإن العقوبات الحبسية المنصوص عليها في القانون رقم09/09، كميزة لا توقع أبدا بصفة مستقلة عن الغرامات، فباستقراء نصوص التجريم والعقاب في القانون المشار إليه أعلاه، نسجل أن العقوبات الحبسية، في أغلب الأحوال، تكون مرتبطة بعقوبة أخرى، وهي الغرامة، مع إمكانية الخيار بينهما، كما أنه إذا كان المشرع المغربي قد وظف العقوبات الحبسية في مكافحة الشغب في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، وذلك من أجل ردع وتخويف المشاغبين، فإنه أحيانا يتنازل عنها لصالح عقوبة الغرامة فقط، وهذا منطق يعكس بدوره رغبة مشرعنا في عدم المغالاة في العقوبات الحبسية، لأن ليست كل أفعال جرائم الشغب في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، تستوجب المعاقبة عليها بالحبس، بل تكون الغرامة كعقوبة مناسبة لها.


   لكن ما يمكن ملاحظته في هذا المقام، أن المشرع المغربي من خلال القانون رقم09/09، وضع للعقوبات الحبسية حدين، بحيث لا تنزل في حدها الأدنى عن شهر واحد، ولا تتجاوز في حدها الأقصى في خمس سنوات، وذلك بحسب جسامة وخطورة الأفعال المرتكبة من طرف المشاغبين داخل التظاهرات الرياضية.
وبالرجوع إلى العقوبات الحبسية المنصوص عليها في القانون رقم09/09، فإننا نجده كرس ستة درجات من العقوبات الحبسية:


الدرجة الأولى: الحبس منسنة إلىخمس سنوات، وجاءت في حالة واحدة في إطار الفصل308-1من القانون رقم09/09، والتي تتعلق بجريمة المساهمة في أعمال العنف أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها أو أثناء بث هذه المباريات أو التظاهرات في أماكن عمومية أو بمناسبة هذا البث، ارتكب خلالها أفعال ترتب عنها موت أحد الأشخاص، طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل403 من القانون الجنائي، باستثناء المدبرين والمحرضين على هذه الأفعال، واللذين يعاقبون بالعقوبة المقررة في الفصل الأخير أعلاه.


الدرجة الثانية: الحبس منثلاثة أشهرإلىسنتين، جاءت واردة في الفصل308-2 من القانون09/09، وتتعلق بجريمة المساهمة في أعمال العنف أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها أو أثناء بث هذه المباريات أو التظاهرات في أماكن عمومية أو بمناسبة هذا البث، ارتكب خلالها ضرب وجرح أو أي نوع أخر من أنوع العنف أو الإيذاء، باستثناء المدبرين والمحرضين على هذه الأفعال، واللذين يعاقبون بالعقوبة المقررة على هذه الأفعال في القانون الجنائي.


الدرجة الثالثة: الحبس منثلاثة أشهر إلىسنة، وتكون في حالتين؛ الأولى أشار إليها الفصل308-3من القانون رقم09/09، وتتعلق بجريمة المساهمة في أعمال العنف أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها أو أثناء بث هذه المباريات أو التظاهرات في أماكن عمومية أو بمناسبة هذا البث، وقع خلالها إلحاق أضرار مادية بأملاك عقارية أو منقولة مملوكة للغير، مع مضاعفة العقوبة بالنسبة للمحرضين والمدبرين، أما الثانية فتتعلق بجريمة إلقاء، عن عمد، أثناء المباريات الرياضية أو التظاهرات الرياضية على شخص أخر أو عدة أشخاص أو على مكان وجود الجمهور أو اللاعبين، أو داخل الملعب أو الحلبة أو المضمار الرياضي، أحجارا أو مواد صلبة أو سائلة أو قاذورات، أو مواد حارقة أو أية مادة أخرى من شأنها إلحاق ضرر بالغير أو بالمنشآت، أو قام بأعمال عنف من شأنها الإخلال بسير مباراة أو تظاهرة رياضية، أو بمنع أو عرقلة إجراءها بأية وسيلة، وهي التي نصت عليها الفصل308/ 6 من القانون المشار إليه أعلاه.


الدرجة الرابعة:الحبس منشهرين إلىستة أشهر، وذلك في حالة واحدة أشار إليها الفصل308/7 من القانون رقم09/09، وتتعلق بجريمة تعييب وإتلاف تجهيزات الملاعب أو المنشآت الرياضية.


الدرجة الخامسة: الحبس منشهر إلىستة أشهر، وذلك في حالتين أشار إليهما الفصل308/5من القانون رقم09/09، الأولى تتعلق بجريمة التحريض على التمييز العنصري أو الكراهية أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها أو أثناء بث هذه المباريات أو التظاهرات في أماكن عمومية أو بمناسبة هذا البث، والثانية بالسب والقذف أو تفوه بعبارات منافية للأخلاق العامة أثناء الأماكن والأزمنة المشار إليها أعلاه.


الدرجة السادسة: الحبس منشهر إلى ثلاثة أشهر، وذلك في حالة واحدة نص عليها الفصل308-9 من القانون رقم09/09، والذي جرم الدخول أو محاولة الدخول إلى أماكن إقامة التظاهرات الرياضية، وهو يحمل سلاحا بمفهوم الفصل”303″ من القانون الجنائي، أو شيئا به أشعة لازر أو مادة حارقة أو قابلة للاشتغال، أو أي مادة يمكن استعمالها في ارتكاب أعمال عنف أو تعييب أو إتلاف المنشآت، وبصفة عامة كل الأدوات التي يحظر حيازتها بمقتضى القانون.

وما يمكن أن نستخلصه من ما سبق، أن الهاجس الأمني كان حاضرا في سن العقوبات السالبة الحرية، وفي ذلك رغبة شاخصة من المشرع المغربي بالضرب بيد من حديد، ضد كل من سولت له نفسه الخروج عن النص في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، لكن هل هذه العقوبات الحبسية قادرة على مواجهة ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية في وجود عقوبة غريمة لها، أصبحت مفضلة في التشريعات المقارنة، وهي الغرامات، وهو ما سنعمل على تحليله في الفقرة الموالية.

ب –الغرامات:

كان من الطبيعي، أن يسن المشرع المغربي الغرامات المالية ضمن القانون رقم09.09كعقوبة أصلية للمشاغبين في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، فالانتقاص من ذمتهم المالية بواسطة هذه الغرامات، لا ربما سيردع عدد منهم من العودة إلى ارتكاب هذه الجرائم، دون الحاجة إلى إرهاق الدولة وموردها، من خلال ما يترتب عن العقوبات السالبة للحرية من آثار سلبية، فهذه الأخيرة، وإن كانت لها رهبة وآثر في نفوس الأفراد، أكثر من ما تترك الغرامات المالية، إلا أنها تشكل عبء على كاهل الدولة، باعتبار ما تتحمله من تكاليف نقل ومعيشة وتطبيب ومبيت السجناء، وتوفير الفضاءات المناسبة لذلك، في ظل ما يعرفه المغرب من أزمة اكتظاظ السجون.


فبدل أن تتحمل خزينة الدولة تكلفة إنشاء مدرسة أو جامعة أو مستشفى جديد، فإنها تضطر إلى إهدار هذه الأموال في إنشاء مؤسسات سجنية جديدة، مع العلم، أن الواقع العملي أثبت فشل هذه المؤسسات في تهذيب وإصلاح نزلائها، بل تصبح في بعض الحالات فضاء لتبادل التجارب والخبرات بين مختلف المجرمين، لذلك سارت الغرامات المالية إحدى الحلول المفضلة في صناعة القوانين ذات الطبيعة الزجرية، باعتبار أن لها آثار إيجابية شاخصة للجميع، أكثر من العقوبات السالبة للحرية.


وتعتبر جرائم الشغب في الملاعب الرياضية، مجلا خصبا لتطبيق الغرامات المالية، باعتبار أن أغلب المشاغبين يتخذون صورة أحداث لا يزالون يتابعون دراستهم، أو طلاب جامعات، تدفعهم أسباب لحظية، كهزيمة فريهم المفضل بحصة ثقيلة أمام غريمه التقليدي، إلى ارتكاب أفعال لا يقدرون جسامتها، فيصبح مستقبلهم معرضا للضياع نتيجة قضاءهم لعقوبات حبسية، والتي ستؤثر، لا محالة، على اندماجهم في المجتمع، فتتحول الصورة من شاب له حظوظ في المساهمة في قاطرة التنمية في أسرته، وفي بلده، إلى شاب يشكل عبء على أسرته، وعلى الدولة ككل، ويعرقل مسيرة التنمية بهما.


لكن ما يلاحظ من خلال القانون، محل الدراسة، أن المشرع المغربي حاول أن يراعي المرجعية الفئوية للمشاغبين في الملاعب الرياضية، واللذين ينحدرون، في الغالب، من أسر فقيرة، أو محدودة الدخل، لذلك قام بتنصيص على غرامات تبقى ذات طبيعة مالية متوسطة، بحيث نجد أن الحد الأدنى المقرر للغرامات المالية في هذا القانون هو1200 درهم، أما الحد الأقصى للغرامات المالية فيصل إلى مبلغ50.000 درهم، والتي يعاقب بها المسؤولون على تنظيم التظاهرات الرياضية، والذين لم يتخذوا التدابير المنصوص عليها في القانون رقم09.09، وفي القوانين التنظيمية الأخرى، أو أهملوا أو تهاونوا في اتخاذها، ونتج عن ذلك أعمال عنف.


وقيمة عقوبة الغرامات في حدها الأقصى في هذا القانون، تتحدد استنادا لمدى خطورة الأفعال المرتكبة، وتأثيرها على النظام العام، والهدف من ذلك، كما قلنا سالفا، هو جعل المشاغبين في الملاعب الرياضية يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على ارتكاب أفعال إجرامية.


ومها يكن، فإن العقوبات الحبسية والغرامات، تبقى في حد ذاتها غير كافية لمواجهة ظاهرة الشغب في التظاهرات الرياضية، هذا ما جعل المشرع المغربي يسن عقوبات إضافية من خلال القانون رقم09/09، وهو ما سنتعرف عليه في المحور الموالي.

2 – العقوبات الإضافية:

قد لا تقتصر الأحكام الصادرة بالإدانة في جرائم العنف في التظاهرات الرياضية، أو بمناسبتها، على العقوبات الأصلية، والتي تتمثل في العقوبات الحبسية، أو الغرامات، بل أعطى المشرع المغربي للقضاء إمكانية إضافة عقوبات تكميلية، وذلك في إطار سلطته التقديرية.
هذه العقوبات تتمثل، أولا، في حل الشخص المعنوي (أ)، وثانيا في المنع من حضور المباريات والتظاهرات الرياضية (ب).

أ – حل الشخص المعنوي:

لم يغفل المشرع المغربي تدبير حل الشخص المعنوي، من خلال القانون رقم09/09، وبالضبط الفصل308-17 منه، والذي يكيف كعقوبة إضافية، إذا تقرر توقيعه جوازا من طرف المحكمة في حالة صدور مقرر الإدانة من أجل الجرائم المشار إليها في القانون أعلاه، وبالتالي يبقى للقضاء السلطة التقديرية في القول بهذه العقوبة، من عدمه، وذلك متى ثبت تورط شخوص معنوية في جرائم العنف المرتكبة في التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، أو أثناء بثها في الأماكن العمومية.


ومن قبيل الأشخاص المعنوية التي يمكن أن تشملها عقوبة الحل، جمعيات المحبين وأنصار الفرق الرياضية، والتي في حالة ثبوت تورطها في جرائم الشغب في التظاهرات الرياضية، والتي تظهر في صورة ضلوع أعضاء هذه الجمعيات في هذه الجرائم، يمكن القول بحلها، وذلك كعقوبة إضافية، تنطق بها المحكمة إلى جانب العقوبات الأصلية التي أفردتها لأعضائها، كأن تقوم هذه الجمعيات بإصدار بيانات تحرض على العنف أثناء مباراة في كرة القدم، سواء ضد أشخاص معينين، أو ضد جمهور الفريق الخصم، أو ضد السلطاتالأمنية.


وعلى العموم، فإن إقرار مشرعنا من خلال القانون رقم09/09لعقوبة حل الشخص المعنوي، كعقوبة إضافية، يعني إقراره للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، متى تبث تورطه في ارتكاب إحدى الجرائم التي تم التنصيص عليها في هذا القانون، والهدف من ذلك هو منعه من مواصلة نشاطه الاجتماعي، والذي أصبحت له أثار سلبية على المجتمع.
ونشير في الأخير، إلى أن حل الشخص المعنوي، يسري حتى لم تم تغيير اسم هذا الأخير، وتم إسناد مهمة الإشراف عليه لمديرين ولمسيرين ولمتصرفين أخريين، وذلك قبل صدور الحكم بالإدانة، والذي قضى بالحل كعقوبة إضافية، والتي لا تعتبر هي العقوبة الإضافية الوحيدة ضمن القانون رقم09/09،بل توجد إلى جانبها عقوبةنشر الأحكام الصادرة في قضايا العنف في التظاهرات الرياضية،وهذا ما سنعمل على إبرازه في المحور الموالي.

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى