النوافذ المفتوحة على عقار محفظ تشكل ضررا وتعدیا محققا على حق الھواء المملوك لصاحبه

النوافذ المفتوحة على عقار محفظ تشكل ضررا وتعدیا محققا على  حق الھواء المملوك لصاحبه



النوافذ المفتوحة على عقار محفظ تشكل ضررا وتعدیا محققا على حق الھواء المملوك لصاحبه
محكمة النقض
القرار عدد 137
الصادر بتاریخ 10 ینایر 2012
في الملف المدني عدد 2011/5/1/2428

حیث تعیب الطاعنة على القرار في الوسیلة الأولى والجزء الأول من الوسیلة الثانیة خرق الفصل 67 من ظھیر 12 غشت 1913 بشأن التحفیظ العقاري وخرق قواعد الفقه الإسلامي وفساد التعلیل الموازي لانعدامه،  ذلك أن العارضة دفعت في مستنتجاتھا الكتابیة بجلسة 2009/11/16 بأن المطلوبة في النقض اقتنت العقار بتاریخ
2006/01/25 وكانت النوافذ موضوع الدعوى موجودة قبل الشراء، ولم یتم فتحھا حدیثا كما ادعت المطلوبة، وبذلك فھي قد دخلت على الضرر، وھو ضرر قدیم یرجع للعشرینات من القرن الماضي، ولا تنطبق عليه أحكام الفصلین 91 من قانون الالتزامات والعقود و66 من القانون العقاري، إلا أن محكمة الاستئناف بالرغم من أھمیة الدفوع واستنادھا إلى القواعد الفقھیة وما استقر عليه المجلس الأعلى في مثل ھذه النوازل، قضت بإلغاء الحكم الابتدائي وحكمت على العارضة بإزالة النوافذ بتعلیلھا الذي اعتبرت فيه النوافذ المفتوحة تعدیا على حق الھواء المملوك للمدعیة وتشویشا علیھا في حالة ما إذا أرادت إحداث بناء متعدد الطبقات. كما اعتبرت أن قدم ھذه
النوافذ لا یكسبھا حق ارتفاق المطل مادام أن ھذا الحق غیر مسجل بالصك العقاري، في حین أن عقد الشراء نص في الفقرة الواردة بالصفحة رقم 2 تحت عنوان التكالیف والشروط أن المشتریة التزمت بتحمل الارتفاقات الظاھرة والباطنة المستمرة والغیر المستمرة، كما نصت على أن المشتریة طافت بالعقار وعاينته قبل إبرام العقدة، مما یدل قطعا على أن المشتریة كانت على علم بالوضعیة التي كان علیھا العقار. وأن العارضة اكتسبت حق الارتفاق لأنه یتعلق بضرر قدیم الذي یحاز بما تحاز به الأملاك مما یبقى فیما انتھى إليه القرار المطعون فيه معرضا للنقض.
لكن، حیث أنه لما كان عقار المطلوبة محفظا، فإنه طبقا للفصل 63 من ظھیر 12 غشت 1913 بشان التحفیظ العقاري، فإن التقادم لا یكسب أي حق عیني عليه في مواجھة المالك المسجل اسمه  فيه  ولا یزیل أي حق من الحقوق العینیة المسجلة برسم الملك. 
كما أنه بمقتضى الفقرة الثانیة من الفصل 145 من ظھیر 1915 فإنه لا يمكن إحداث الارتفاق إلا بسند، ویحدد استعمال ھذه الارتفاقات ومداھا في السند المؤسس لھا. ومحكمة الاستئناف حینما قضت على الطاعنة بإزالة النوافذ المفتوحة
على العقار المحفظ المملوك للمطلوبة في النقض بعلة: “ أن ذلك لا یكسبھا حق ارتفاق المطل على عقار المستأنفة لمرور الزمن إذ لا یمكن لھا التمسك بتقادم الضرر
مادام أن ھذا الحق غیر مسجل بالصك العقاري للمستأنفة كارتفاق مطل لفائدة عقارھا “ ولم تلتفت إلى ما تمسكت به الطاعنة من كون المشتریة التزمت في عقد شرائھا بتحمل الارتفاقات ضدھا الظاھرة والباطنیة وعلمھا بالوضعیة التي كان علیھا العقار وبالجوار المحیطین به، مادام أن ذلك غیر موثق في سند عملا بالفصول أعلاه، تكون قد طبقت القانون تطبیقا سلیما. ویبقى ما أثیر غیر جدیر بالاعتبار.
وتعیب الطاعنة على القرار في الجزء الثاني من وسیلتھا الثانیة عدم الارتكاز على أساس وخرق الفصلین 2 و67 من ظھیر التحفیظ العقاري والفصول 109 و115
و138 من ظھیر 1915/06/02 بشأن تحدید التشریع المطبق على العقارات المحفظة، ذلك أنھ بموجب الفصل 109 من نفس المرسوم، فإنھ خلافا للقاعدة المقررة في
الفصول 65 وما یلیھ من القانون العقاري تعفى من الإشھار في السجل العقاري الارتفاقات الناشئة عن الالتزامات التي یفرضھا القانون، وأن محكمة الاستئناف حین
قضت على العارضة بإزالة النوافذ، والحال أن الفصل 138 من التشریع المطبق على العقارات المحفظة یبیح للجیران في جدار غیر متصل مباشر بملك الغیر ان یحدثوا
في ھذا الجدار نوافذ أو مطلات، وھو ما كان علیھ حال عقار العارضة منذ العشرینات من القرن الماضي، فإن حق فتح ھذه النوافذ أصبح من الالتزامات التي یكلف بھا
القانون المالكین بعضھم اتجاه بعض وفق ما ینص علیھ الفصل 115 والفصول المشار إلیھا أعلاه، مما یكون قرارھا فیما انتھى إلیھ معرضا للنقض.

لكن، حیث أن ارتفاق المطل على ملك الغیر المحفظ لا یعتبر من قبیل الارتفاقات القانونیة التي یقصد بھا الارتفاقات التي یقررھا القانون على العقارات لتحقیق المصلحة
العامة أو لمصلحة عقار معین والتي تعفى من الإشھار عملا بالفصل 109 من ظھیر 02 یونیو 1915 .ومحكمة الاستئناف التي ثبت لھا من تقریر الخبیر المنتدب أن
النوافذ المفتوحة على عقار المطلوبة في النقض كبیرة الحجم، وبذلك فھي لیست مناور التي تنظمھا مقتضیات الفصل 138 من التشریع المطبق على العقارات المحفظة
فقضت بإزالتھا، لم تخرق المقتضیات المحتج بھا فجاء قرارھا معللا تعلیلا كافیا، والوسیلة على غیر أساس.
وتعیب الطاعنة على القرار في وسیلتھا الثالثة خرق الفصلین 91 و92 من قانون الالتزامات والعقود وعدم الارتكاز على أساس وخرق القواعد الفقھیة، ذلك أن الضرر
الذي یحق للشخص أن یطالب برفعھ إذا توافرت فیھ إحدى حالات التعسف في استعمال الحق المنصوص علیھا في الفصلین أعلاه ھو الضرر المحقق بأن یكون قد وقع
فعلا أو وقعت أسبابھ وترامت أثاره إلى المستقبل، وأن النوافذ موضوع النزاع كانت موجودة بعقار العارضة منذ زمن طویل وقبل شراء وحیازة المطلوبة في النقض. ثم
أن عقار المطلوبة ھو مجرد متجر مغلق متخصص في بیع الدراجات الناریة، وبذلك فما كان یجب على محكمة الاستئناف الحكم بإزالة ھذه النوافذ بعلة أنھا قد تشكل
ضررا في المستقبل فیما إذا أرادت المطلوبة إحداث بناء متعدد الطبقات، وعلى فرض أنھا ستتضرر في المستقبل، فالعبرة تكون بالضرر الحالي لا بالضرر الاحتمالي
المبني على وقائع قد تقع أولا تقع. إضافة إلى أن المحكمة لم توازن بین ما سیلحق العارضة من ضرر من جراء إغلاق نوافذ عقارھا التي ھي المنفذ الوحید الذي یدخل
منھ الھواء وبین الضرر الذي تدعیھ المطلوبة، وبذلك عملا بالقاعدتین الفقھیتین لا ضرر ولا ضرار، وأن الضرر لا یزال بضرر أشد منھ وإنما بما ھو أخف منھ.
لكن، حیث إن محكمة الاستئناف حینما اعتبرت فتح النوافذ على عقار المطلوبة في النقض یشكل ضررا وتعدیا على حق الھواء المملوك لھا، ومن شأنھ أن یشوش
علیھا فیما إذا أرادت إحداث بناء متعدد الطبقات على سطح عقارھا تكون قد طبقت مقتضیات الفصل 139 من ظھیر 2 یونیو 1915 التي تجعل المطلات المفتوحة على
ملك الغیر دون مراعاة المسافة المنصوص علیھا في الفصل المذكور ضررا محققا، والوسیلة على غیر أساس.

زر الذهاب إلى الأعلى