آثار عقد الوقف

إن الوقف بصورة عامة يعد من المؤسسات الإسلامية الجديرة بالعناية والاهتمام ، باعتباره وجها من وجوه البر والإحسان وقربة إلى الله تعالى ، ذالك انه أدى على مر العصور دورا كبيرا في تأمين الحاجات  الأساسية  للمجتمعات ولفئاتها المعوزة ، حتى أصبح من المستحيل الاستغناء عنه ليس فقط بالنسبة للمجتمع بل وأيضا بالنسبة للدولة التي وجدت فيه  تعويضا لتقصيرها وركيزة أساسية تستند عليها لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية .

لذلك ، فقد عكف الفقهاء والعلماء على تدارس أحكام الوقف قديما وحديثا ، محددين أهدافه ومقاصده الشرعية وموضحين رسالته السامية في حياة المسلم ، يقول الله تعالى : “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” .

آثار عقد الوقف
آثار عقد الوقف


وبالرجوع إلى القواعد التي كان يخضع لها الوقف ببلادنا قبل صدور مدونة الأوقاف ،يتضح أنها كانت متناثرة في نصوص قانونية عبارة عن ظهائر وصلت الى أكثر من خمسة عشر ظهيرا ، جلها تعود الى فترة الحماية .

وفضلا عن هذه الظهائر ، هناك الكثير من الأحكام التي كان مطلوبا الرجوع  فيها الى الفقه المالكي ، لذلك تم العمل على إصدار مدونة الأوقاف ، وبالتالي أصبح هناك نص قانوني واحد يجمع شتات أحكام الوقف بشتى أنواعه وتم تطوير هذه الأحكام لتتوافق ومتطلبات واقع الأوقاف الحالي .

ولعل الغاية البديهية من الوقف في ظل هذه المدونة هي تلمس ثماره وترتيب آثاره، التي سطرها المشرع المغربي في الفصل الثاني من الباب الأول وذلك في المواد من 34 الى 49 ، التي منها ما يهم الواقف ، ومنها ما يهم   الموقوف عليه باعتباره المستهدف من عملية التحبيس ، وطبعا لا يمكن تصور هذه الآثار مطلقا دون تكوين سليم للوقف .

وبما أن موضوع بحثنا ينصب حول الآثار المترتبة عن عقد الوقف ، فإننا نتساءل عن مدى توفق المشرع المغربي أثناء صياغته لمضامين مدونة الأوقاف في خلق التوازن بين حقوق والتزامات أطراف عقد الوقف ،

 وما هي الخصوصيات التي تميز هذا العقد عن باقي العقود من حيت الآثار المترتبة عنه .

على ضوء ما سبق ، سنحاول مقاربة هذا الإشكال من خلال اعتماد التقسيم التالي :

مبحث تمهيدي : 

  المبحث الأول : آثار عقد الوقف من حيث حقوق والتزامات للطرفين .

المبحث الثاني : آثـــــــار عقد الوقـــف من حيث الإثبات والانقضـــاء.

المبحث الأول : آثار عقد الوقف من حيث حقوق والتزامات للطرفين 

إن عقد الوقف من العقود التبرعية التي تنتج آثارا في مواجهة الطرفين : المحبس و المحبس عليه ، لذلك سنحاول التطرق للآثار المترتبة  عن عقد الوقف بالنسبة للواقف )المطلب الأول( على ان نتطرق للآثار التي تترتب عن هذا العقد في مواجهة الموقوف له في )المطلب الثاني ( .

المطلب الأول : آثار الوقف بالنسبة للواقف 

من بين اهم الحقوق التي تترتب للواقف باعتباره طرفا متبرعا ، حق الرجوع في الوقف وان كان هذا الحق ليس على إطلاقه ) الفرع الأول(  بالإضافة الى انه لا يلتزم بضمان الاستحقاق والعيوب الخفية ) الفرع الثاني ( 

الفرع الأول :الرجوع في الوقف

أعطت مدونة الأوقاف للواقف مجموعة من الحقوق ،ومن أهم الحقوق التي يتمتع بها هي حقه في التراجع عن ما وقفه،إلا أن حقه في التراجع لا يكون على إطلاقه ،فما هو حكم التراجع عن الوقف؟ (الفقرة الأولى) وماهي شروط هذا التراجع؟ (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :حكم  الرجوع في الوقف

يعرف ابن عطية الرجوع في التبرع بقوله : ” الاعتصار هو ارتجاع المعطي عطية بدون عوض لا بطوع المعطي.” وهو كذلك إسقاط لحق بعد ثبوته، وبالتالي لا يؤخد بغير اللفظ الصريح،ذلك أن ابن عطية يقول صيغته “ما ذل عليه لفظا” لأن الاعتصار لا يؤخذ بعير اللفظ الصريح لأنه إسقاط لحق بعد ثبوته.

وإذا كان الوقف تبرعا يلزم الواقف بما تبرع به ،هل التزام الواقف في هذه الحالة التزام قطعي لا رجوع فيه للواقف ؟ أم أنه التزام ظني بحتمل الرجوع ؟.

نجد أن مسألة التراجع عن الوقف بعد انشائه صحيحا مستوفيا كافة شروطه الشرعية والقانونية عرفت اختلافا بين المذاهب الأربعة. فالرأي عند الحنابلة والشافعية أنه إذا صح الوقف صار لازما لا ينفسخ بإقالة ولا غيرها، وينقطع تصرف الواقف فيه ولا يملك الرجوع عنه، ويزول ملكه عن العين الموقوفة .

أما الأحناف فالأصل عندهم عدم لزوم الوقف.و بالتالي يبقى للواقف حق الرجوع في وقفه كله أو بعضه متى شاء.

أما المالكية فالرأي عندهم انه إذا صح الوقف فهو لازم ،ولا يمكن الرجوع فية أبدا إلا إذا اشترط الواقف ذلك لنفسه

كما  نجده في  المادة 37  من مدونة الأوقاف التي تعطي الحق للواقف في الرجوع في تبرعه ، وهذا الحق يعتبر من أهم الحقوق التي يتمتع بها الواقف ، إلا أن حقه هذا يبقى مقيدا بشرطين هما : 

إذا تعلق الأمر بموقوف عليه سيوجد مستقبلا، وفوته الواقف قبل وجوده.   

إدراج الواقف في عقد الوقف شرط الرجوع عند افتقاره.

وهذا التقييد الذي أقره المشرع في الرجوع عن الوقف جدير بالتأييد ، كون أن الواقف ينشأ وضعا جديدا بالنسبة للموقوف عليه ، والقول بالتراجع دون قيد قد يحدث خلالا في استقرار أوضاع الموقوف عليه عند مطالبة الواقف بالشيء الموقوف وفتح هذا الباب قد يكون فرصة للبعض كي يتراجع عن الوقف بعد عقده ، لأي دافع غير الإفتقار والحاجة ، كضغط الورثة المفترضين مثلا.

وينبغي أن نستثني من هذا الاستثناء الحالات التي يكون  المال الموقوف  هو أحد أماكن إقامة شعائر الدين الإسلامي فيها، فقد نص ظهير1.84.150 الصادر في 2 أكتوبر 1984 المتعلق بأماكن إقامة شعائر الدين الإسلامي فيها،كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى ظهير الشريف رقم  1.07.56 الصادر في 23 مارس 2007. على أنه للحصول على رخصة بناء احد هذه الأماكن ينبغي لطالب الرخصة تحبيس عقارات أو أبنية يخصص ريعها للصرف على تسيير شؤون هذه الأماكن، وبالتالي لا يمكن التشبث بالاستثناء الوارد في مدونة الأوقاف والرجوع في تحبيس العقارات التي على أساسها منحت رخصت بناء أحد أماكن إقامة شعائر الدين الإسلامي، و تعتبر أماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي المساجد والزوايا وجميع الأماكن الأخرى التي يمارس فيها المسلمون شعائرهم الدينية. 

وسنتطرق لحالات الرجوع في الوقف بشئ من التفصيل في الفقرة الثانية . 

الفقرة الثانية : حالات الرجوع في الوقف .

 الحالة الأولى : الموقوف عليه سيوجد مستقبلا و قد فوت الواقف الوقف قبل وجوده 

الموقوف عليه إما ان يكون موجودا عند إنشاء الوقف ،أو سيوجد مستقبلا ، كالوقف على الحمل المرتقب ، والشرط فيه أن يزداد حيا أو الوقف على جهة من جهات البر و الإحسان ستوجد مستقبلا والمادة 13 من مدونة الأوقاف تقر أنه في حالة عدم تحقق وجوده ،يحدد الواقف جهة أخرى يصرف لها الوقف 

والمادة 37 من نفس المدونة أسقطت الوقف إذا فوته الواقف قبل وجود الموقوف عليه والتأكد من عدم وجوده أي أنها استثناء على المادة 13.

والوجود في الحمل المرتقب يتحقق من زمن تبوث الحمل حيث يمنع أي تفويت،ويلزم الإنتظار إلى زمن الوضع، فيكون الوقف للمولود الحي المستهل بصراخ أو غيره،وإذا مات فلورثته. والذي يزداد ميتا لا وقف له 

أما الوجود بالنسبة لجهات البر والإحسان ففي وجودها الفعلي ، سواء عند تهيئ الوثائق والتصاميم،أو بداية الأشغال ،أو الإنتهاء منها

الحالة الثانية : اشتراط الواقف في عقد الوقف الرجوع في حالة افتقاره.

ففي هذه الحالة الرجوع تنفيذا لشرط  مشروع من الواقف،فلا مانع من اشتراط الشروط بين المتعاقدين ،لأن الشرط والعقد شريعة المتعاقدين .

وبالرجوع إلى القواعد العامة وخاصة الفصل 121 من قانون الالتزامات والعقود،نجد أن الشرط الفاسخ لا يوقف تنفيذ الالتزام،وإنما يلزم الدائن برد ما أخذه إذا تحقق الأمر المنصوص عليه في الشرط .

 كما نجد المادة34 من مدونة الأوقاف تنص على أنه “يجب التقييد بشروط الواقف والوفاء بها ، إذا كانت مشروعة وقابلة للتنفيذ ” وشرط الرجوع عند الافتقار شرط مشروع لأن الواقف أولى بماله. 

وابتلاء الموقوف عليه بالفقر بعد الوقف،وقد اشهد عليه الواقف بالرجوع عند افتقاره،لا يعتد بشرط الرجوع لأن ابتلاء الموقوف عليه بالفقر بعد الوقف يجعله صدقة ولا رجوع في الصدقات والقول بالرجوع في هذه الحالة ليس من الأخلاق الحميدة،ويبطل حسب المادة 118 من قانون الالتزامات والعقود، والأولوية لفقر الموقوف عليه لأنه تعزز بالحوز والانتفاع.

كما أن الوقف و التبرع في مرض الموت  يأخذان حكم الوصية أي في حدود الثلث ، وما زاد عن ذلك متوقف على إجازة الورثة.

الفرع الثاني : عدم الزامية الضمان 

الوقف باعتباره عقد تبرع يجعل الواقف غير ملزم بضمان استحقاق المال الموقوف وعيوبه الخفية ، لكنه ملزم بضمان حيازة الموقوف عليه للمال الموقوف حيازة هادئة ونافعة ، ولا تكون كذلك إلا إذا خلا المال الموقوف عند تسلمه من كل عيب قد يجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له ، أو ينقص من الانتفاع به  ، وعلى هذا الأساس نقسم هذا الفرع إلى فقرتين : ( الفقرة الأولى ) عدم إلزامية ضمان الإستحقاق ، و( الفقرة التانية ) عدم إلزامية ضمان العيوب الخفية . 

الفقرة الأولى : عدم الإلتزام بضمان الإستحقاق

الضمان في فقه العقود إما ضمان إستحقاق أو ضمان العيوب ، ففيما يخص ضمان الإستحقاق فيقصد به لغة : طلب الحق ، وفي الإصطلاح الفقهي هو رفع ملك الشيء بثبوت ملك قبله ، والإستحقاق بذلك لا يكون إلا بحجة عادلة يسعى المدعي للإدلاء بها ، وضمانه يعني الملكية الشرعية لمحل الإلتزام ، وتمكين المستفيد من التمتع به دون منازع

والأصل أن الواقف غير ملزم بضمان استحقاق المال الموقوف للجهة الموقوف عليها كما أنه تبرع ينعدم فيه المقابل ، والمبدأ العام أن ما لا عوض فيه لا ضمان فيه إلا ما استثني ، وهذا ما تبناه المشرع المغربي ، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة  39 من مدونة الأوقاف على ما يلي : “الواقف غير ملزم بضمان استحقاق المال الموقوف من يد الموقوف عليه ولا ضمان عيوبه الخفية  ” .

لاكن هذا الأمر ليس على إطلاقه فرغم اعتماد المشرع المغربي لمبدأ عدم ضمان الإستحقاق باعتباره من تطبيقات القواعد العامة التي تطبق بدون نص أو شرط ، نجده في جعل الواقف مسؤولا إذا كان مؤثرا أي بلغ قدرا” من الجسامة يضر بالمال الموقوف ، حيث نصت الفقرة التانية من المادة 39المشار إليها سالفا على أنه : “يعتبر مسؤولا عن كل فعل – أي الموقوف عليه – عمدي أو خطأ جسيم صادر عنه الحق ضررا بالمال الموقوف .

 ومناط مسؤولية الواقف  هنا ترجع إلى سوء نيته حيث تعمد الحاق الضرر بالمال الموقوف بسبب فعل عمدي أو خطأ جسيم صادر عنه ، أما الأضرار العادية واضرار القدم والأضرار التي تنزل قضاءا وقدرا فلا يسأل عنها الواقف لا.

ومسؤوليته في هذه الحالة أي فعل عمد أو خطأ جسيم هي مسؤولية تقصيرية مبنية على العمد والخطأ ، وبالتالي فالمرجع هنا هو قانون الالتزامات و العقود المنظم لاحكام هذه المسؤولية حيث ينص الفصل 77  على ما يلي ” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير التزم مرتكبه تعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول ذلك الضرر ، وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر ” .

وأيضا الفصل 78 من نفس القانون ( ق ل ع ) ينص على : “كل شخص مسؤولا عن الضرر المادي أو المعنوي الذي أحدثه ، لا بفعله فقط ولاكن بخطإهأيضا ، وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر ، وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر “.

 والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله ، أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه ، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر .

أما الفصل 98 من ق . ل. ع فقد حدد الضرر الذي يجب تعويضه حيث ينص على ما يلي: “الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب أضرارا به ، وكذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل ، ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو عن تدليسه ” .

الفقرة الثانية : عدم إلزامية ضمان العيوب الخفية 

في  المبدأ العام لا ضمان على الواقف وغيره ،سواء كان ضمان استحقاق أو ضمان عيوب فالوقف لا ضمان فيه لكونه عقد تبرعي وكرم و إحسان .

فالعيب الخفي يقصد به العيب غير الظاهر الذي يستطيع الموقوف عليه أن يثبته لو فحص المال الموقوف بعناية الرجل العادي ، فالوقف ليس كغيره من العقود الأخرى التي يتم فيها ضمان العيوب الخفية كعقد البيع مثلا الذي يضمن فيه البائع العيوب الخفية للشيء المبيع  على اعتبار أن الوقف كما سبق الذكر هو عقد تبرعي يتم بدون عوض وبالتالي لا يمكن

إلزام المتبرع بالضمان وإتقال كاهله ، فالمبدأ العام هو لا ضمان على واقف ، إلا باستثناء ما تعمد إخفاءه من العيوب والتي يعلم أنها تسبب أضرارا بالمال الموقوف ، ففي حالة حسن النية فلا ضمان عليه لأنه لا محل لإعمال مبدأ المعاملة بنقيض قصده ولا تجزى نية 

الإحسان بالإساءة ، والتبرع تبرع بلا عوض ، وما لا عوض فيه لا ضمان فيه أصلا وهو ما سبقت الإشارة إليه في المادة39من مدونة الأوقاف ، إلا ما استثني وهو حالة سيء النية حيث يعتبر في هذه الحالة مسؤولا ، ومناط مسؤوليته ليس هو الإخفاء ، وإنما تعمد إحداث الضرر ، وذلك استنادا إلى أحكام الفصل 77 من ق . ل . ع  المشار إليه سابقا ، ومقدار التعويض في هذه الحالة لا يجب أن يتعدى الضرر الحاصل ، حيث يعوض الموقوف عليه

عما سببه العيب من ضرر بناءا ضرر موضوعي يحدد جسامة الخطأ دون الإغفال عن كون الوقف يقوم على أساس التبرع .

المطلب الثاني :  آثار عقد الوقف بالنسبة للموقوف عليه 

سنعمل في هذا المطلب على تبيان أهم الحقوق التي تثبت للموقوف عليه عند قيام عقد الوقف صحيحا ومستجمعا لكافة شروطه وأركانه  )الفرع الأول( ثم بيان الالتزام الرئيسي الذي يقع على عاتقه بمقتضى هذا العقد) الفرع الثاني(

الفرع الأول:  حقوق الموقوف عليه

الموقوف عليه  هو الجهة التي تستحق يع المال الموقوف ومنافعه ويشترط الا تكون جهة  يحرم الوقف عليها في الشريعة الإسلامية ، وان تكون جهة لا تنقطع كالوقف على جهات البر والخير مثل المساكين والفقراء وغيرها في الوقف الخيري ، وعلى الأبناء والأقرباء في الوقف الأهلي.

وعموما فالموقوف عليه تثبث له مجموعة من الحقوق بموجب عقد الوقف المنشأ على وجه صحيح ، ذكرتها مدونة الأوقاف في المواد من 40 الى 43 .

وبناء على ذالك فالموقوف له يتمتع بحق استغلال واستعمال الشئ الموقوف ، مما ينتج عنه التزام الواقف بان يمتع الموقوف عليه بهذا الحق وذالك بالحفاظ على العين الموقوفة ، وبالتالي فان اي فعل صادر من الواقف يكون القصد منه الأضرار  بالعين ، تترتب عنه مسؤوليته أي أن مسؤولية الواقف تجاه الوقف مسؤولية حارس الشيء. .

والمقصود بحق الاستغلال والاستعمال ، ان حق الموقوف عليه ينحصر في الانتفاع بالعين الموقوفة ، وعليه يترتب ان له الحق في امتلاك الغلة و الثمار .

فعند التأمل في مفهوم الوقف يتبين ان المقصود منه انما هو تصرف في غلات الأعيان الموقوفة من غير تجاوز لأعيانها ، وهذا يقتضي الا تخرج الأعيان من ملك صاحبها، وقد رجح  المذهب الحنفي ما ذهب اليه مالك من ان العين لا تخرج عن ملكية الواقف.

وبما ان الموقوف عليه يملك حق الانتفاع بالمال الوقوف فان له ان يفوته لغيره ، لكنه يبقى مقيدا بان يستغل او يتصرف في الشئ الموقوف وفق الشروط التي أدرجها الواقف في عقد الوقف، فلا يحق له مثلا ان يفوت حق الانتفاع للغير مادام حق الوقف مقصورا على شخصه .

كذلك يحق للموقوف عليه التمتع بجميع الحقوق المقررة على العقار اذا انصب الوقف على العقار، واذا تعلق الوقف بأرض فان ذلك يشمل انتفاع الموقوف عليه بكل المنشات والأغراس فوقها  وبالأشجار والثمار التي تذرها  .

كما ان للموقوف عليه  الحق في ترتيب حقوق عينية لفائدة عقار بغية الزيادة في قيمته ،وحرصا من  المشرع المغربي وسعيا منه لحماية العين الموقوفة  فقد منع الموقوف عليه من  إحداث زيادات عن طريق إقامة  بناءات او أغراس او منشات على العقار الموقوف دون رخصة من إدارة  الأوقاف ، وفي حالة مخالفته لهذه المقتضيات فان مصير هذه الزيادات يكون اما 

      ـ بالاحتفاظ بها من طرف الإدارة  ،

     ـ او بإلزام الموقوف عليه بإزالتها على نفقته من طرف هذه الأخيرة .

إضافة الى ان الموقوف عليه لا يلزم باعادة ما تهدم الا اذا كان هذا التهدم ناتجا عن إهماله او خطئه .

الفرع الثاني : التزامات الموقوف عليه 

ان اهم التزام يقع على عاتق الموقوف عليه بمقتضى المادة  45 من مدونة الأوقاف  هو الالتزام بالمحافضة على العين الموقوفة ، وبذل العناية اللازمة التي يبذلها الشخص الحريص على حفظ امواله ، فهو يسأل عن كل ضرر يحدث للمال الموقوف بسبب خطئه او إهماله او تقصيره .

فاذا كان المال  الموقوف عقارا وسعى الموقوف عليه الى هدمه كله او جزء منه ، فانه يكون ملزما برد الحالة الى ماكانت عليه،  وذلك على نفقته اللهم اذا كان ذلك خارجا عن ارادتة كما سبقت الاشارة .

كذلك يلتزم الموقوف عليه في اطار استعماله  واستغلاله  للعين المحبسة بالتقيد بشروط الواقف وألفاظه ، فما معنى ذلك ؟

 ان عقد الوقف كعقد تبرعي  يتميز بقيامه على الإرادة الحرة والمطلقة للواقف ، ومعلوم  ان هذا الأخير وهو بصدد إنشاء وقفه يضع الضوابط 

 او الشروط المحددة لكيفية انشائه ، والنظام الذي يجب اتباعه في ادارته.

وقد اختلفت اراء  فقهاء المذاهب الفقهية بخصوص كيفية التعامل مع شرط الواقف، بل نجد هذا الاختلاف داخل المذهب الواحد ، ففي المذهب المالكي مثلا ، نجد الموقف بهدا الخصوص على اتجاهين :

الاتجاه الأول : 

 يفرض التقيد بشرط المحبس كما ورد في لفظه ، لأن المحبس حسب أصحاب هذا الفريق كنص الشارع ، لا من حيث وجوب التقيد به فحسب ، وانما ايضا في طريقة فهمه وتفسيره ، والذي ينبغي ان  يتم باستعمال نفس أدوات تفسير النص الشرعي ، وهو موقف على ما يبدو لم يعد ممكن التطبيق ، لأن شروط المحبس وإرادته قد تؤدي في غالب الأحيان الى تعطيل العديد من الأحباس .

الاتجاه الثاني :

 فرغم قوله بشرط المحبس الا انه يجيز الخروج على لفظه لتحقيق مقصوده عند تعذر تنفيذ اللفظ .

وقد تبنت مدونة الأوقاف الاتجاه الثاني عندما نصت صراحة على وجوب التقيد بشروط الواقف وألفاظه في المادة 34 شريطة ان تكون هذه الشروط مشروعة وغير مخالفة لمصلحة الوقف وفي المادة 35 على انه اذا كانت الفاظ عقد الوقف صريحة وجب التقيد بها واذا كانت غامضة تعين البحث عن قصد الواقف …

وانسجاما مع الفلسفة العامة للمدونة والقائمة على الحيلولة دون إبطال الوقف كلما أمكن ذلك فقد نصت على أنه إذا اقترن الوقف بشرط غير مشروع أو استحال تنفيذه، صح الوقف وبطل الشرط .

المبحث الثاني : اثار عقد الوقف من حيث الاثبات و الانقضاء 

نظرا للدور الدي تلعبه الاوقاف في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية ،فان الامر يتطلب حمايتها ، و هده الحماية لكي تكون تامة يجب ان تتميز بنوع من الخصوصية عن تلك المقررة في القواعد العامة لدلك لزمت الدراسة تقسيم المبحث الى مطلبين : المطلب الاول يتضمن خصوصيات الاثبات في الوقف ، و اسباب انقضائه في المطلب الثاني 

المطلب الاول :الاثبات في الوقف

” الدليل  فدية الحق” بهذه المقولة التي تختزل الكثير ارتأينا أن نستهل بحثنا، فالحق المزعوم حتى يعتبر حقا مشروعا وبالتالي خروجه من عالم الإفتراض إلى عالم الوجود، وجب إقامة الدليل على هذا الحق، أو بمعنى آخر أوجب إثبات هذا الحق على من يدعيه، فإن استطاع هذا الأخير إقناع القاضي بالحجج القانونية التي تثبت صحة ما يدعيه، كان له ما أراد، وإن فشل في ذلك ضاع مسعاه.

الفرع الاول:الاثبات في مدونة الاوقاف و قبلها 

 

لا يمكن لاحد ان ينكر ما تتعرض له الاوقاف في كثير من الدول و المجتمعات الاسلامية من الاعتداء حيث اصبحت محط الاملاك الموقوفة ضبطا تاما و احصائها احصاء دقيقا في سجلات و وثائق يمكن الرجوع اليها عند الحاجة .

علما انه الى عهد قريب كانت الشهادة الشهود هي الثقافة الشفوية السائدة ، و كان اعتماد الناس على شهادة الشهود اكثر من اعتمادهم على الكتابة في توثيق الحقوق و التصرفات ،و من جهة ثانية لا يمكن بحال من الاحوال ان نتجاهل كون العديد من الاوقاف تعود الى مئات السنين ، و بالتالي فانه من الصعب بمكان العثور على وثيقة الوقف لاثبات الوقف و يعتبر غير منطقي و يصب في حماية الاوقاف.

و قبل صدور مدونة الأوقاف لم يكن هناك اي مقتضى قانوني يحسم في امر الوسائل التي يمكن بها اثبات الوقف ،مما جعل موقف القضاء مضطربا في هدا الموضوع بين متشدد و ميسر ، و هو ما نتج عنه ضياع كثير من الأوقاف التي استحال الإدلاء برسوم تحبيسها كاملة  التوثيق خاصة الأركان و الشروط.

ومن ثم جاءت مدونة الأوقاف لتعالج هده المسالة بكثير من المرونة ،فنصت في المادة 48 منها على انه :”يمكن اثبات الوقف بجميع و سائل الاثبات ، و تعتبر الحوالات الحبسية حجية على الاملاك المضمنة بها موقوفة الى ان يثبت العكس “

الملاحظ أن المشرع المغربي لم يبين الوسائل المتعلقة بالإثبات في مجال الأوقاف فلم يكن يحيل على القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود و قانون المسطرة المدنية، فقد كان يعمل فقط بالقواعد المنصوص عليها في الفقه الإسلامي المعمول به في المغرب من خلال الفصل 75 من ظهير 19 رجب 1333 الموافق ل 2 يونيو 1915. وكان لتعدد الآراء انعكاسا سلبيا على أداء القضاء في هذه المنازعات في مجال الإثبات مما أفرز موقفين:

الأول: يقيد هذا الموقف وسائل الإثبات و يحصر هذه الوسائل محددة ليصل إلى القول بأنه لإثبات الحبس يجب أن يتم في رسم التحبيس. وفي هذا الاتجاه نجد قرارا صادرا عم محكمة الاستئناف بفلس بتاريخ 16 يناير 2002 جاء فيه” الحبس لايتبت إلا برسم التحبيس أو بالإقرارالصريح و المشهود عليه لدى من قدم ذلك و بالتالي بكل ما من شأنه أن يثبت يقينا واقعة الحبس”

 

الثاني: يتبنى حرية الاتبات و يميل إلى التساهل في طرقه غايته تحقيق المصلحة الفضلى للوقف و من القرارات التي تجسد هذا الموقف، حكم ابتدائية القصر الكبير الصادر 13 ماي 2010″الحوالة الحبسية المدلى بها دليل على الحبس إذا لم يوجد ما يعارضها”

و الذي يبدو أن مدونة الأوقاف حسمت الموضوع و انهت دابر الخلاف حينما نصت في المادة 48 ” يمكن اتبات الوقف بجميع وسائل الاتباث،و تعتبر الحوالات الحبسية حجة على أن الأملاك المضمنة بها موقوفة الى أن يتبت العكس”

و الوقف ادن عقد من جملة العقود الملزم كما سبقت الاشارة الى دلك ، لكن الموقوف عليه لا يمكن ان يحتج بالوقف الا ادا اثبت امام القضاء وجود الوقف  مستوفيا شروطه ، فادا مات الواقف و انكر الورثة الوقف فلا بد من التحقق من وجود الموقوف و اثباته لدى القضاء، 

و ان حماية الوقف مما قد يطاله من اعتداءات لا يمكن ان تتاتى الا من خلال حماية اصل هدا الحق و دلك بتيسير اثباته بكل الوسائل الثبوتية سواء القديمة منها التي تثبت انشاء الاوقاف القديمة او تثبت حيازتها و التصرف فيها ،او الرسائل الحديثة التي تثبت الاوقاف الجديدة . خاصة وان الاثبات له تاثير مباشر على وجود الحق , فالحق بالنسبة لصاحبه لا قيمة له و لا نفع منه ادا لم يقم عليه دليل ، و كثيرون من الدين يخسرون دعاويهم و بالتالي حقوقمهم لا لشيء الا ان الدليل يعوزهم ، فالدليل هو قوام الحق و معقد النفع به.

الفرع الثاني : طرق الاثبات في الوقف

إن المشرع المغربي بتبنيه لمذهب الإثبات المختلط، فإنه بذلك قد قام بحصر وسائل الإثبات التي يمكن استعمالها لإظهار الحق، وذلك حفاظا على مبدئي الإستقرار القانونيين، إلا أن هذا الحصر لا يجب أن يفهم منه أن المشرع قد قيد الأطراف بهذه الوسائل، بل العكس فهذا الحصر يحمل في حقيقته إطلاقا، لأنه نظم مختلف وسائل الإثبات المشروعة

 وطرق البينات أو الإثبات التي ذكرها المشرع المغربي هي: الكتابة وشهادة الشهود والقرائن – الإقرار ثم اليمين. وقد نصت المادة 404 من ق ل ع  صراحة على ذلك .

اولا : الاقرار

لم يعرف لنا المشرع المغربي الإقرار، بل ترك مهمة ذلك للفقه فعرفه الدكتور العبدلاوي بأنه ” هو اعتراف لشخص بحق عليه لآخر قصد ترتيب حق في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته”.

بعنى انه اخبار الانسان عن حق عليه لأخر ، و هو حجة قاصرة على المقر ملزمة له فيما اقر ولكنه لا يتعداه الى غيره ما لم يصدقه . و يشترط في الاقرار ان يتم بالطوع و الرضا و ان يكون المقر عاقلا بالغا . اما الدي يقع بالجبر و الاكراه ، و كدلك اقرار الصغير و المعتوه فغير صحيح .

و الاقرار بالوقف اما ان يكون امام القاضي ،او خارج مجلسه .فادا اقر انسان في حال صحته بانه وقف مال معين من امواله ،ثبت وقفه باقراره و يقضي به و يصبح ملزما للواقف و لورثته من بعده متى كان الاقرار مستوفيا شروطه ،بان يكون الواقف المقر غير حجور عليه لصغر او جنون او سفه او دين .و لا دينا بدين سيتغرق امواله ،و ان يكون الاقرار في مجلس القضاء ،لان الاقرار الدي يتم امام القاضي هو المعول عليه في الخكم ، و المتفق عليه عند الفقهاء فهو المعتبر و الملزم للمقر لانتفاء شبهة التزوير و التلفيق.

اما الاقرار الدي يت خارج المحكمة ، فهناك فرق بين نوعين منه:

النوع الاول :يكون شفويا و للعلماء فيه رايان ايضا اولهما ان اقرار المدعى عليه معتبر سواء كان في مجلس القاضي او غيره فيمكن للمدعي اثبات اقرار المدعى عليه النكر الدي وقع خارج مجلس القاضي بالبينة و متى اثبته حكم له بمقتضاه ، سواء كانت هده البينة هي الشهادة او توجيه اليمين له اليه بعدم الاقرار.

و ثانيهما هو ان الاقرار لا يعول عليه الا ادا كان في مجلس القضاء ، فاقرار المقر خارج مجلس القضاء غير معتبر . و لا تقوم الشهادة اليوم عليه ، و لا يكلف الواقف باليمين تبعا لقواعد المحاكمات المدنية .خلافا لما كان عليه الامر من قبل فانه كان يجوز الاقرار الشفهي الواقع خارج جلس القضاء بالشهادة الشخصية ادا دعمته قرائن اخرى كافية تؤيد الشهادة .

 

النوع الثاني : الاقرار الكتابي ،فلا خلاف بين العلماء الدين يرون صحة الاثبات بالخط في جواز الاثبات بالاقرار الكتابي الواقع في غير مجلس القضاء سواء كان الاقرار بخط اليد او كان بغير دلك ، وعليه توقيعه و ختمه .

ثانيا : الاثبات بالشهادة 

 لقد كانت الشهادة أو البينة كما يسمونها أهل المشرق قديما وسيلة في الإثبات، نظرا لكثرة اعتمادها للفصل في المنازعات، في الوقت الدي كان فيه الوازع الديني متجدرا في نفوس أفراد المجتمع والخلق أصيل لا يقبل المساومة بدراهم، قليلة كانت أو كثيرة، وهذا ما جعل هذه الوسيلة تحظى باهتمام فقهاء، مختلف المذاهب الإسلامية ، فتجدها تتصدر وسائل الإثبات في موسوعاتهم.

 وما يلاحظ هو أن المشرع لم يورد تعريفا لمفهوم الشهادة وتاركا الأمر للفقه، فنجد الأستاذ العبدلاوي يعرفها بأنها هي ” تقرير حقيقة أمر توصل الشاهد إلى معرفته  بعينه أو بإذنه”.

 وتتميز الشهادة بمجموعة من الخصائص نجملها كالآتي:

        الشهادة حجة مقنعة أي غير ملزمة: وتختلف الشهادة في ذلك اختلافا جوهريا عن الكتابة، فبينما يعتبر الدليل الكتابي، بسبب إعداده سلفا حجة بذاته فيفرض سلطانه على القضاء ما لم يطعن فيه بالتزوير أو ينقض بإثبات العكس، تترك الشهادة على نقيض ذلك لتقدير القاضي، ويكون له كامل السلطة في تقدير قيمتها، أيا كان عدد الشهود وآيا كانت صفاتهم.

        الشهادة حجة غير قاطعة: وهي على خلاف الإقرار، ويترتب على ذلك أن الواقعة التي تثبتها يمكن دحضها بكافة وسائل الإثبات، كالكتابة والقرائن والإقرار، وأما إذا صدر إستنادا عليها مقرر قضائي حاز قوة الشيء المقضي به، فقد أصبحت  حينها في مأمن من دحضها.

        الشهادة حجة متعدية: أي أنها قاصرة من حيث التصرفات التي تقبل الإثبات بواسطتها، وتوضيح ذلك أن الأمر الذي يثبت بالشهادة يكون له حجية في مواجهة كافة الناس وليس فقط طرفي الخصومة وخلفها العام والخاص كما في الإقرار، لأن الشهادة تثبت واقعة خارج إرادة طرفي الخصومة. إلا أن هذه الوسيلة لا تقبل لإثبات مختلف التصرفات القانونية.

 ومن بعد أن أحطنا بأهم خصائص الشهادة سوف نمر بعدها لنتكلم عن أهم الشروط، الواجب توفرها في الشاهد وأسباب تجريحه ثم بعد ذلك لنطاق قبول الشهادة وحجيتها.

 فيشترط في الشاهد لتقبل شهادته شروطا، مستمدا من الفقه الإسلامي، لكن يجب أن نتولى دراستها على ضوء القانون الوضعي وهذه الشروط هي كالآتي ( العدالة- العقل والإسلام والرشد – التيقظ) ثم شرط أخير وهو أن لا يكون ممنوعا من الشهادة.

 وبالتالي فحتى تقبل شهادة الشاهد فيجب أن تتوفر فيه هذه الشروط لكنها لا تكفي لوحدها بل يستوجب المشرع كذلك عدم م وجود سبب من أسباب تجريح الشاهد كالقرابة والمصاهرة.

 وأيا فيما يخص نطاق قبول الشهادة فهو يختلف حسبها إذا كانت الواقعة قانونية أم مادية:

 فنطاق الشهادة في التصرفات القانونية هو مختلف عن نطاق التصرفات المادية فهاته التصرفات القانونية عندما ينص المشرع فيها على شكلية معينة لإثباتها امتنع البحث فيما سواها من وسائل الإثبات، أما إذا لم ينص صراحة على ذلك فإن إثباتها رهين  بقيمتها أو مبلغها فإذا كانت تساوي أو تقل عن 10.000 درهم كانت الشهادة جائزة كدليل أمام القضاء وأما إذا تجاوزت هذا المبلغ امتنع اعتماد الشهادة لإثباتها.

 وأما نطاق الشهادة في الوقائع المادية فهو على خلاف الوقائع القانونية نجده يتميز بحرية الإثبات، نظرا لكونها تحصل فجأة على نحو يصعب معها على أطرافه عادة إعداد دليل كتابي لإثباتها.

 وأما فيما يتعلق بحجية الشهادة في الإثبات فنجدها خاضعة من حيث تقدير قيمتها الثبوتية للمحكمة ، فحسب رأي الأستاذ خالد سعيد فالشهادة لا تقيد القاضي في شيء على خلاف الإقرار والدليل الكتابي واليمين الحاسمة، إذ يمكن للقاضي أن يأخذ بمضمون الشهادة إذا اقتنع بها، أو يردها خصوصا عندما يجد من بين وثائق الملف ما يقدح فيها أو يثبت خلافها.

ثالثا : شهادة الحسبة 

شهادة الحسبة هي شهادة بأمر من حقوق الشرع او العامة وليس فيه مدع مستشهد ،كالشهادة بالتجاوز على الطريق العام ، او المساجد او أي شيء من الحقوق العامة ،فهو مدع و شاهد في نفس الوقت .

و قد قبلوا شهادة الحسبة على منكر الوقف او غاصبه لإثبات الوقف و يشترط في شاهد الحسبة انتفاء التهمة او المصلحة ، او المقابل ، فلا تقبل شهادته بان المال موقوف عليه او على اولاده او على من يرثه.

هدا و بناء على ما تقدم ، اشترط الفقهاء لقبول شهادة الحسبة في حقوق العباد ان تقام دعوى بالحق من قبل المدعي او وكيله .لان الشهادة متوقفة على مطالبة صاحب الحق ، و هده المطالبة لا تقوم الا بدعوى يقدمها صاحب الحق الى القاضي . فمن علم بوقف قد وضعت يد الغير عليه يستغله و يصرف ريعه في غير مصاريفه الشرعية ، فعلى الشاهد المبادرة الى الحاكم فور علمه بدلك .

و قبول الشهادة حسبة في اثبات الوقف قاصر في الشهادة على اصل الوقف . و على هدا فلا تقبل البينة حسبة في اثبات الاستحقاق في الوقف ، و يقدم الشاهد شهادته على دلك عند طلبها امام القاضي بموجب الشهادة ، و ليس للحاكم ان يحكم ان يحكم بالاستحقاق بناء على الشهادة الا ادا قدمت الدعوى من المستحق بدلك .

 رابعا : عقد التحبيس

إذا كان المشرع قد أخذ بمبدأ رضائية العقود، ولم  يلزم عاقديها أن يفرغوها في شكل معين إلا استثناء كما اشرنا إلى ذلك سابقا، فإنه وتوخيا لاستقرار المعاملات وتجنبا لما يمكن أن يعتري الشهادة من عيوب، اعتمد أسوة بغيره من التشريعات اللاتينية على مبدأ الإثبات بالكتابة كقاعدة، و ذلك لما لها من قوة ثبوتية وما تضمنه من ثقة في المعاملات، إلا أن هذه القاعدة ليست مطلقة.بل أورد عليها المشرع استثناء يتعلق بالالتزامات التي تقل عن 10.000 درهم بحيث يجوز إثباتها بكل وسائل الإثبات بما في ذلك الشهادة،  بينما لا يمكن إذا تجاوز مبلغ الذين هذا المبلغ أن يعتمد على شهادة الشهود في إثباته.

ووثيقة التحبيس يجب ان تتوفر على اسم المحبس و موقعه و حدوده ، وفي حالة النزاع فان مدعي الحبس ملزمون باثبات ما يدعونه من تحبيس بوثائق صحيحة و هدا ما نص عليه قرار عن محكمة النقض :(يشترط لصحة وثيقة الحبس ان تاتي على ذكر اسم الشيء المحبس و موقعه وحدوده لنفي الجهالة عنه و المحكمة التي عللت قضائها بان رسم التحبيس و الإحصاء المعتمدين من المعترضين يذكران اسم العرصة التي بالمنزه دون ذكر أوصافها من حيث الحدود و الموقع …يكون قرارها معللا تعليلا كافيا )

أ: المحرر الرسمي

 لقد عرف المشرع المحرر الرسمي أو الورقة الرسمية في الفصل 418 من ق ل ع بأنها هي” الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون وتكون رسمية أيضا:

        الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.

        الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية.

وتحدد حجية الورقة الرسمية من خلال المادتين 419 و420، فالأولى تنص على أن: ” الورقة الرسمية حجة قاطعة ، حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور”.

إلا أنه إذا وقع الطعن في الورقة بسبب إكراه أو احتيال أو تدليس أو صورية أو خطا مادي فإنه يمكن إثبات ذلك بواسطة الشهود وحتى  بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج إثبات ذلك بواسطة الشهود وحتى بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج إلى القيام بدعوى الزور،  ويمكن أن يقوم بالإثبات بهذه الكيفية كل من الطرفين أو الغير الذي له مصلحة مشروعة”.

 كما نصت المادة 420 على أن” الورقة الرسمية حجة في الإتفاقات والشروط الواقعة بين المتعاقدين وفي الأسباب المذكورة فيها وفي غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد وهي أيضا حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي وقعها إذا ذكر كيفية وصوله لمعرفتها وكل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له أثر”.

 ومن كل هذا يتضح أن الورقة الرسمية التي تستكمل شروطها القانونية تكون لها حجية قوية في الإثبات و تشكل بالنسبة إليها قرينة الرسمية.

ب: المحرر العرفي

وهي كما عرفها الأستاذ العبدلاوي” التي تصدر من ذوي الشأن بوصفهم أشخاصا عاديين ويوقع عليها أحجهم لأن تكون دليلا كتابيا”.

 وأما فيما يخص حجية الورقة العرفية فعلينا أن نميز بين الورقة العرفية المعترف بها والغير معترف بها. فبالنسبة للورقة العرفية المعترف بها صراحة أو ضمنيا فهي تصير مثلها مثل الورقة الرسمية بحيث لا يجوز الطعن فيها سوى بواسطة دعوى الزور وأما إذا كانت الورقة غير معترف بها فإن السبيل للطعن فيها هو إنكار التوقيع أو إنكار الخط.

ج : المحرر الإلكتروني

  اذا كان المشرع يعتبر الدليل الكتابي لازما للإثبات في بعض الحالات كما أشرنا لذلك سالفا، فإنه و أمام بروز الأشكال الحديثة للكتابة فإنه لا مانع من تباين هذه الأشكال كيفما كانت دعامتها ورقية أم الكترونية، و بهذا يكون المشرع المغربي بصيغة  أو بأخرى و من خلال مقتضيات الفصل 417 ق ل ع قد مهد الطريق للاعتراف بالمحررات الإلكترونية و بحجيتها و بالتالي اعتمادها كوسيلة من وسائل الإثبات، و هذا ما تم تأكيده و إقراره من خلال القانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.

و طبقا للفصل الانف الذكر نعتقد أنه بالإمكان تبني الأشكال الحديثة  للكتابة و كيفما كانت دعامتها ورقية أم إلكترونية، و بالتالي القول بحجية المحررات الالكترونية و اعتمادها كوسيلة إثبات، لكن ما يجب لفت الانتباه اليه هو أن هذه المحررات لا تكتسب حجيتها إلا بعد المصادقة عليها من طرف الجهات أو السلطات المختصة، و بالتالي مضاهاتها للمحررات الرسمية .

المطلب الثاني : اثار عقد الوقف من حيث الانقضاء

سنتناول في هذا المطلب عن انقضاء الوقف ( الفرع الاول) ،ثم انقضاء الوقف المعقب (الفرع الثاني).

الفرع الاول : انقضاء الوقف.

    حددت المادة 47 من م الاوقاف الحالات التي ينتهي بها ذلك الحق ،وهي إما الموت أو الغياب أو التنازل عن الإستفادة من الوقف، أو زوال الصفة. وحسب هذة المادة فإن أسباب الإنتهاء واردة على سبيل الحصر لا المثال .

   -الوفاة : من أسباب الإنتهاء الوفاة حقيقة وإذا كان الوقف متعلق بشخصه، أما إذا كان غير مرتبط بشخصه ،فالوقف ينتقل إلى من يليه حسب الطبقات ،وطبقات الوقف تتمثل في الموقوف عليه و أولاده و أولاد أولاده ،وفي حالة إنقرضوا فإن الوقف يرجع إلى ورثة الواقف ،وفي حالة عدم وجود ورثة يرجع الوقف إلى الأوقاف العامة.

   – الغياب : ينتهي الوقف عند غيبة الموقوف عليه غيبة انقطاع.

– زوال الصفة: ينتهي الوقف بزوال الصفة عن الموقوف عليه ،حينما يكون الوقف معلقا على هذه الصفة كشرط ،إذا زالت زال معها الوقف ،وانتقل إلى من يليه أو عاد وقفا عاما.والأمثلة عليه كثيرة ،كأن يكون الوقف جاريا على طلبة العلم ،فينتهي بإنتهاء تعليمهم،أو على مرضى أو فقراء، فينتهي بشفائهم ورفع الخصاصة عنهم …. أو يكون لجهة معينة في البر و الإحسان ،فينتهي بإستبدالها أو تغييرها أو إدماجها …فالوقف في هذه الصور و غيرها كثير،يكون مقيدا بصفة الموصوف فيه،إذا زالت عنه الصفة زال عنه الوقف.

-التنازل الصريح: قد يتنازل الموقوف عليه من الوقف، فينتهي في حقه ،و ينتقل الانتفاع فيه عند الإقتضاء إلى من يليه حسب طبقات الوقف ،أو يئول إلى الوقف العام المؤيد أو المؤقت فيما بقي منه، لأنه لا رجوع للوقف إلى الواقف إلا استثناء على ماسبق ،و الموقوف عليه قد يتنازل عن وقفه ،وقد يفوته للغير وهو تنازل تفويت ما لم يكن مقصورا عليه،جاءفي الفقرة الثانية من المادة 40 من مدونة الأوقاف :”ويجوز له أن ينتفع بالمال الموقوف بنفسه، أو أن يفوت حق الإنتفاع به إلى الغير ،مالم يكن حق الوقف مقصورا على شخصه “.

إلا أن السؤال الذي يطرح هو حول مآل الوقف بعد إنتهائه ؟

         إن الوقف عند إنتهائه في حالاته الأربع ،إنما ينتهي في حق الموقوف عليه لا غير، ويستمر في حق من يليه،على طبقات الوقف، أو يئول إلى الأوقاف العامة، فالوقف لا رجوع فيه إلا في حالتين ،لأنه صدقة أو يحمل عليها ولا رجوع في الصدقات ،و لا تملك إلا بالإرث ، مالم يكن بقصد التبرع المحض للموقوف عليه، حيث يئول هبة منفعة ، و الهبة يصح اعتصارها من طرف الأب و الأم فقط و على شروط و موانع .وهو المعنى الذي يستشف من مقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 47 عند قولها :”إذا سقط الموقوف عليه في إحدى الحالات السابقة، انتقل الإستحقاق إلى من يليه إن وجد ، وإلا عاد الوقف إلى الأوقاف العامة”.               

       كما نصت المادة 49 من مدونة الاوقاف على ان الوقف ينتهي في حالة اذا انصرمت مدة الوقف المؤقت ،وفي حالة اذا هلك المال الموقوف هلاكا كليا بفعل قوة قاهرة أو حادث  فجائي.

على أن الوقف المؤقت يكون لمدة محددة ،ومحصورة في عقب معين وهي ثلاث طبقات ،و الوقف المؤقت ينقضي بإنقضاء المدة أو إنقضاء الطبقات العقب الثلاث،وذلك بخلاف الوقف المؤبد حيث نصت المادة 52 من مدونة الأوقاف :”يئول كل وقف مؤبد موقوف على جهة خاصة إلى الأوقاف العامة في حالة انقطاعه…..”.

       و القوة القاهرة تختلف عن الحدث الفجائي لكون الأولى ذات مصدر خارجي بينما الثاني يكون ذو مصدر داخلي ،وأن الأولى ما كانت مستحيلة الدفع بالنسبة لعامة الناس أما الحدث الفجائي فهو ما كان غير قابل لتوقع بالنسبة للبعض دون البعض الأخر ، لكن الفقه المعاصر يذهب إلى تسوية القوة القاهرة بالحدث الفجائي خصوصا في الجانب المتعلق بالأثار القانونية المترتبة عنها .

      و تجدر الاشارة ان الهلاك اذا كان جزئيا ،فإن الوقف يسقط عن الجزء الذي هلك فقط،ويسري على الجزء الذي يبقى قائما ،كما يشترط أن يكون الهلاك ناتج عن حادث قهري كالحريق أو القدم ،أما إذا كان هذا الهلاك بفعل الغير ، فإنه يجب عليه تعويضه.

        إضافة إلى أنه يجب على الموقوف أن يبذل في حفظ المال الموقوف العناية التي يبذلها في حفظ أمواله، ويسأل عن كل  ضرر يصيب المال الموقوف بسبب خطئه أو إهماله أو تقصيره.كما أنه يعتبر حارسا للمال الموقوف ،ويتحمل مسؤولية الأضرار المترتبة عن الإخلال بواجب الحراسة حسب قواعد المسؤولية المدنية .      

     أما إذا تعلق الوقف بحقوق عرفية فإن المادة  105من مدونة  الاوقاف تنص على ما يلي :

” يعتبر سببا لانقضاء الحقوق العرفية المنشأة على الأملاك الوقفية العامة:

 

–         هلاك البناءات أو المنشآت أو الأغراس المقامة على هذه الأملاك و العائدة إلى صاحب الحق العرفي؛

–         عدم أداء صاحب الحق العرفي الوجيبة الكرائية لمدة سنتين متتالتين. و في هذه الحالة تسترد الأوقاف المحل بمنافعه، و يمنح صاحب الحق الأسبقية في كرائه.

–         تصفية هذه الحقوق بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة 106 بعده.

كما تنقضي هذه الحقوق في جميع الأحوال بمرور عشرين سنة ابتداء من دخول هذه المدونة حيز التنفيذ”.

           أما  السؤال الذي يطرح هو بعد انقضاء الوقف ما هو  مصير المنشأت و البناءات التي يقوم بها الموقوف علية ؟

حسب مقتضيات المادة  44 من مدونة الاوقاف  في حالة إذا قام الموقوف بزيادة بناءات أو أغراس في الأرض الموقوفة ،فإنه في حالة تم أخذ الإذن من إدارة الاوقاف فإن  إدارة الأوقاف تحتفظ بها .

أما إذا لم يأخذ إذن إدارة  الأوقاف فإن الإدارة لها الإختيار إما الإحتفاظ بها وقفا أو بإزالتها على نفقته و إعادة حالة العقار إلى ما كانت عليه .

الفرع الثاني : انقضاء الوقف المعقب.

       تنص المادة 109 من مدونة الأوقاف في الفقرة الثانية على أنه “إذا شمل عقد الوقف أكثر من ثلاث طبقات اعتبر باطلا فيما زاد عنها ،بإستثناء الأوقاف المعقبة المنشأة قبل دخول هذه المدونة حيز التنفيذ “.

        يفهم من خلال المادة أعلاه أن الوقف المعقب يكون باطلا إذا تجاوز ثلاث طبقات ،أما الوقف المعقب الذي تجاوز ثلاث طبقات قبل دخول هذه المدونة فإنه يبقى صحيحا ولا تسري عليه أحكام هذه المادة .

       كما نصت المادة 122من نفس القانون على حالات تصفية الوقف المعقب بم يلي :

تصفى الأوقاف المعقبة في الحالات الآتية:

–         إذا انقطع نفع المال الموقوف أو قل نفعه إلى حد كبير؛

–         إذا أصبح المال الموقوف في حالة يتعذر معها الانتفاع به؛

–         إذا صار عائده لا يغطي نفقاته و الواجبات المفروضة عليه؛

–         إذا كثر المستفيدون و قل نصيب كل واحد منهم”.

       وقد نصت المادة 123 من م الأوقاف على مبادرة إدارة الأوقاف في تصفية الأحباس المعقبة و

المشتركة قبل طلب أغلبية المستفيدين ،إلا أن طلب أغلبية المستفيدين الذي نصت عليه المادة 123  من المدونة  شرط لازم لتصفية الأحباس المعقبة و المشتركة ،لأن إدارة الأوقاف قد لا تتخذ قرار تصفية   الأحباس المعقبة أو المشتركة رغم المشاكل و الصعوبات التي يعيشها المحبس عليهم معتبرة ذلك شأنا خاصا بهم ،ولذلك يعتبر شرط الأغلبية حجر عثرة أمام التصفية خصوصا في كل الحالات التي يكون فيها المستفيدون بلفظ المحبس في الذكور فقط ،بحيث يكون مصير الأملاك المحبسة بيدهم قبل التصفية و بعدها عندما يلجئون إلى القضاء رافضين مقر التصفية .

    كما نصت المادة 124 من مدونة الأوقاف على ما يلي :

“يتكون ملف التصفية من: 

–         مقرر الإحالة المذكور في المادة 123 أعلاه؛

–         نسخ من الوثائق المثبتة للوقف، و ما طرأ عليه من تغييرات عند الاقتضاء؛

–         قائمة تتضمن الأسماء الشخصية و العائلية للمستفيدين و مهنهم و مواطنهم أو محلات إقامتهم، مصحوبة بنسخ مصادق عليها من بطائق تعريفهم الوطنية أو بأي وثيقة رسمية تقوم مقامه؛

–         نسخ من الوثائق المثبتة لصفة المستفيدين من الوقف؛

–         تقرير عن الحالة الموجبة للتصفية مرفق، عند الاقتضاء، بالوثائق المثبتة لذلك؛

–         تقرير خبير مختص يتضمن وصفا دقيقا للمال الموقوف و تقديرا لقيمته الشرائية”.

من خلال المادة أعلاه يتضح على أن ملف التصفة يجب أن يتكون من مجموعة من  الوثائق لكي تصدر السلطة الحكومية مقرر الإحالة .

 وفي هذا الصدد نشير إلى حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية :”حيث تقدمت مجموعة من الورثة بدعوى أمام المحكمة من أجل إلزام الممتنعين بالإدلاء بالوثائق الضرورية في ملف التصفية و هي عبارة عن عقود الإزدياد و شهادات الحياة الخاصة بمن ينوبون عنهم “.

ان مؤسسة الاحباس ضاربة بنظامها في أعماق التاريخ ومعروفة في جل الدول الإسلامية ، وقد كانت خاضعة للفقه الإسلامي ، لكن الأمر لم يظل كذلك ، فقد بدأ المشرع بتنظيم الاحباس منذ فجر الحماية اذ خصها بمميزات انفردت بها وتميزت عن باقي الأنظمة  العقارية التي يعرفها المغرب .

ومن بين تلك المميزات ان المشرع اوجد لها قوانين خاصة تحكمها ، وفي مثنها تنبثق خصوصية الملك المحبس ، فلم يخضعه لما خضع له العقار العادي في مجال التقاضي ، فاوجد له خصوصية على مستوى الاثبات اذ يسير القضاء في اتجاه الليونة في اثبات الوقف.

كما ان مدونة الأوقاف حاولت الإحاطة قدر الإمكان بمختلف الجوانب المتعلقة بتنظيم الوقف وأثاره ، وحمايته ، الى انقضائه .

 

  • محمد المهدي ، المختصر الوجيز في أحكام الولاية على الوقف العمومي من وجهة نظر  شرعية ،  العدد السابع عشر ، مطبعة فضالة ، المحمدية ، 1425ـ2004 .

  • ابن منظور ، لسان العرب .

  • وهبة الزحيلي ، الوصايا والوقف في الفقه الإسلامي ، المطبعية العلمية ـ دمشق ، الطبعة الثالثة 1419 ه ـ 1998 م .

  • محمد ابن معجوز ، الحقوق العينية في الفقه الاسلامي والتقنين المغربي ، مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الاولى 1419 ـ 1490 .

  • عبد الرحمان بلعكيد ، الهبة في المذهب والقانون ، الطبعة  الثالثة 2015 .

  • زهيرة فونتير :  منظومة الاوقاف العامة بالمغرب بين التأطير القانوني والفقهي والحماية القضائية ، اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ، جامعة القاضي عياض ، سنة 2014ـ2015 .

  • عيسى زكي ، موجز أحكام الوقف ،  الكويت ، نوفمبر 1995 م ـ 1413 ه .

  • محمد بن صالح الصوفي ، الحقوق العرفية العينية الإسلامية ، دراسة مقارنة بين الفقه المالكي والقانون المغربي ، الطبعة الثانية 2005.

  • الشيخ ابو زهرة ، محاضرات في الوقف ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، الطبعة الثانية  .

  • محمد جرموني ، الوقف المعقب بالمغرب بين المعيقات الواقعية ومحدودية الحماية القانونية ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ،جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس ، السنة الجامعية 2012 ـ 2013 .

  • عبد الرزاق اصبيحي ، دراسة قانونية لعشر قضايا إشكالية في مدونة الأوقاف المغربية مقارنة ببعض التشريعات العربية ، مقال منشور بمجلة اوقاف ، العدد 22 ، السنة ماي 2012 . 

  • عبد الرزاق الصبيحي ،دراسة قانونية لعشر قضايا  اشكالية في مدونة الاوقاف المغربية مقارنة ببعض التشريعات العربية ، مقال منشور بمجلة الاوقاف عدد 22 ،السنة ماي 2012.

  • عبد القادر قرموش ،اثبات الوقف في ضوء مستجدات مدونة الاوقاف ،مقال منشور بمجلة المساطر الخاصة للتحفيظ العقاري ،سلسلة دراسات و ابحاث ،المطبعة و تاريخ الطبع غير مدكورين .

  • ادريس العلوي العبدلاوي ،وسئل الاثبات في التشريع المدني ،مطبعة فضالة ، المحمدية ، ط 1977.

  • عبد الكريم شهبون ،عقود التبرع في الفقه المالكي ، ،مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 1992.

  • مجلة المعرفة القانونية الالكترونية تاريخ الزيارة 28/05/2017.

  • عبد القادر العرعاري ،مصادر الالتزام ، الكتاب الثاني المسؤولية المدنية ،الطبعة الثالثة 2011 .

  • عتيقة شنقيط ،قانون الاوقاف المعقبة و المشتركة بين الحل و التأبيد، مطبعة الكرامة الرباط، الطبعة الأولى 2015.

   

مقدمة :    1

مبحث تمهيدي :    4

الفرع الأول : مفهوم الوقف    4

الفرع الثاني : أنواع الوقف    5

المبحث الأول : آثار عقد الوقف من حيث حقوق والتزامات للطرفين    8

المطلب الأول : آثار الوقف بالنسبة للواقف    8

الفرع الأول :الرجوع في الوقف    8

الفقرة الأولى :حكم  الرجوع في الوقف    8

الفقرة الثانية : حالات الرجوع في الوقف .    10

الفرع الثاني : عدم الزامية الضمان    12

الفقرة الأولى : عدم الإلتزام بضمان الإستحقاق    12

الفقرة الثانية : عدم إلزامية ضمان العيوب الخفية    14

المطلب الثاني :  آثار عقد الوقف بالنسبة للموقوف عليه    15

الفرع الأول:  حقوق الموقوف عليه    15

الفرع الثاني : التزامات الموقوف عليه    17

المبحث الثاني : اثار عقد الوقف من حيث الاثبات و الانقضاء    19

المطلب الاول :الاثبات في الوقف    19

الفرع الاول:الاثبات في مدونة الاوقاف و قبلها    19

الفرع الثاني :طرق الاثبات في الوقف    21

المطلب الثاني : اثار عقد الوقف من حيث الانقضاء    29

الفرع الاول : انقضاء الوقف.    29

الفرع الثاني : انقضاء الوقف المعقب.    33

خاتمة    35

الفهرس    36

#آثار #عقد #الوقف
https://www.droitfonc.com/2022/03/blog-post_79.html

زر الذهاب إلى الأعلى