دليل عملي في منازعات التعمير.

دليل عملي في منازعات التعمير.



يكتسي موضوع التعمير أهمية بالغة في الوقت الحالي، نظرا للتوسع الحضري والنمـو الديمغرافي المتزايد اللذين تعرفهما المدن والتجمعات العمرانية فـــي الدول، وخاصـــة منها الناميـــة ، هـــذه المتغيرات أصبحت تستوجب البحث عن سياسة تعميرية فـــي مستوى هــذه التحديــات لملائمة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية و السياسية . 


فالتعمير حسب بعض المهتمين ، هو مجموعة من الإجــراءات التقنيـــة والقانونيــــة والاقتصادية والاجتماعيــة التــي يجب أن تعمــل علـــى تحقيــق نمــو متناســـق ، منسجم، عقلاني وإنسانـــــي للكتل العمرانية. 


ويقصــد به في نظــر البعــض ، فن تهيئة المدن أو بالأحرى علم المدينة، أو علم الكتل العمرانيــة التي تظهر تكامــلا واستمرارية، والمعـــدة إما للسكـــن أو العمــل أو التبادل الاجتماعي. 

كمـــا عرفـــه جون ماري اوبي و روبير ديكو ” في مؤلفهمــا المشتــــرك ” القــانون الاداري ” بانه ” مجمـــوعة الوسائل التنقية و القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية التي يجب ان تسمح بتنمية متناسقة و عقلانية و إنسانية للكتل ” 


ويستنتـــج من هذه التعاريف أن التعمير يهدف بشكل عام إلى مسألتين أثنين أولهما تنمية المجتمع وذلك بتنظيـــم الحياة الجماعية للأفراد المنتمين إليه، وثانيهما تدبير المجال بغيــة تخطيط التوسع العمراني.

وفي هذا السياق، كان طبيعيا أن يهتم التشريع المغربي بتنظيم المجال، وأن تصدر بهذا الخصوص جملة من النصوص القانونية لضبط الجوانب المتعلقة بالظاهرة التعميرية بدءا من ظهير 19 ابريل 1914 مرورا بالظهير 30 يوليوز 1952 وصــــولا الى القانون رقم 12.90 المتعلــق بالتعمير والقانون رقـــم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعـــات السكنية وتقسيــــم العقارات و المراسيم التطبيقية لهما.




فالتعمير اليـــوم يطرح قضايا ومشاكل أكثر تعقيدا، وتشعبا من أي وقت مضـــى، نظــــرا لتباين عناصره وارتباطه المباشر بالحاجيات اليومية والأساسية للسكان، قضايا لا يمكن تدبيرها بقرارات مرتجلة، لأن ذلك من شأنه أن يساهم في إنتاج مجالات حضرية غير قادرة على أداء وظائفهـــا التنموية.

و نظرا للأهمية التي عرفها قطاع التعمير ببلادنا كأداة نحو تحقيق الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية ، فقد خص المشرع المغربي الجهاز القضائي اختصاصات هامة في هذا المجال ، تتجسد في مراقبة تنفيذ قانون التعمير و قيوده ، و هي رقابة مشتركة بين المحاكم العادية و المحاكم الإدارية ، كل في حدود اختصاصه .

و بالنظر لما يعرفه قطاع التعمير من تدخلات مركبة و متداخلة العناصر نتيجة التقاطع الذي يحصل بين ما هو عقاري و تقني مع ما هو مالي و اجتماعي و سياسي ، بالإضافة إلى تعدد النصوص القانونية المنظمة له و تداخلها مع نصوص قانونــية أخــرى و تعدد المتدخلين و عدم وضوح مجال تدخلهم ، فإنه غالبا ما تثار مـنازعات فــي هذا الصدد ، إذا كانت بعضها تكتسي صفة جنحية صرفة و بالتالي يكون القضاء الجنحي هو المختص بالبت فيها، فإن البعض الآخر غالبا ما يكتسي صبغة مدنية و بالتالي فالقضاء المدني هو المختص للبت فيها، وقد تكتسي في النهاية منازعات التعمير صبغة إدارية تختص المحاكم الإدارية في البت فيما جاء فيها، و محاكم الاستئناف الإدارية درجة ثانية للنظر في النزاع القائم الذي قضت فيه المحكمة الابتدائية الإدارية .



زر الذهاب إلى الأعلى