هل تسير الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا إلى مزيد من التعقيد؟

كل مؤشّرات وجود أزمة، ولو أنّها صامتة، بين باريس والرّباط، بدت تطفو على السّطح؛ فيما زاد الفراغ الدّبلوماسي الفرنسي في العاصمة المغربية، في أعقاب تغيير السّفيرة، من إخراج هذه الأزمة من مساحتها المحجوبة إلى العلن.

وكانت مطلع كشفت بأن سفيرة فرنسا في المغرب هيلين لو غال أنيطت بها مهمة دبلوماسية جديدة من قبل “قصر الإليزيه”، حيث ستكون مسؤولة عن “الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية” في الاتحاد الأوروبي.

وبدأت معالم هذا الصّدام الدبلوماسي غير المسبوق بين باريس والرباط أواخر عام 2021، حين أعلنت فرنسا أنها ستخفض عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة بنسبة 50٪، بسبب “رفض” الرّباط إعادة مواطنيها الذين هم في وضع غير نظامي.

ولا تنظر الرّباط بعين الرّضا إلى التقارب الأخير بين باريس والجزائر، في أعقاب الزيارة الرّسمية التي قام بها ماكرون إلى الجارة الشرقية، حيث التقى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، مع توقيعهما على اتفاقيات تعاون.

وأخذا بعين الاعتبار كون معدل التأشيرات الفرنسية الممنوحة للمغاربة ناهز في السنوات الأخيرة 300 ألف، فإن قرار باريس الجديد سيخفضها إلى النصف، ما يعني حرمان 150 ألف مغربي من زيارة فرنسا.

وبعيدا عن موضوع التأشيرات، ظلّت باريس دائما إلى جانب الطّرح الرّسمي المغربي، خاصة في ما يتعلق بقضية الصّحراء، فهي تؤيّد مقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب لحل النزاع الإقليمي؛ كما أيّدت توقيع اتفاقية مصائد الأسماك بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، التي تشمل المياه المجاورة لأراضي الصحراء المغربية.

ويشير المحلّل والباحث في العلاقات الدولية نبيل أندلسي إلى أنّ “كل المؤشرات التي تطفو على سطح العلاقات المغربية الفرنسية تؤكد أن الأزمة بين البلدين دخلت منعطفا خطيرا، ومرشحة لمزيد من التعقيد والتأزيم”.

ويبرز المحلل المغربي، في تصريح لـ هسبريس: “بالنسبة للمملكة المغربية أصبح وضوح الموقف بشأن مغربية الصحراء بمثابة عقيدة المرحلة، وهو ما يبدو أن الدولة الفرنسية لا تريد أن تنخرط فيه، مفضلة تبني موقف ضبابي لا يتسم بالوضوح الكافي”.

وشدّد الخطاب الملكي بمناسبة تخليد الذكرى 69 لثورة الملك والشعب على أن الوضوح بشأن مغربية الصحراء هو “النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”.

وينتقل المحلل ذاته إلى البعد الاقتصادي للأزمة بين البلدين، خاصة بعد تراجع ترتيب فرنسا وتقدم إسبانيا على مستوى التبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية مع الرباط؛ “كما أن المملكة باتت منافسا حقيقيا للشركات الفرنسية بالقارة الإفريقية”.

ويشدد الأندلسي على أنّ “هذا المعطى يعمق التوتر ذا الجذور الاقتصادية في شق منه، بسبب تنازع وتضارب المصالح الاقتصادية بين البلدين، خاصة أن المتعاقبين على حكم فرنسا، بمختلف انتماءاتهم الحزبية والإيديولوجية، يعتبرون أن إفريقيا، وخيرات المستعمرات الفرنسية سابقا، من حق فرنسا الأم”.

ومن مؤشرات استمرار الأزمة بين البلدين تفاقم أزمة تأشيرات دخول التراب الفرنسي، بحيث تم رفض منح تأشيرات لوزراء سابقين وبرلمانيين وفاعلين اقتصاديين؛ كما أن هناك حديثا عن رفض أزيد من 70 في المائة من طلبات التأشيرة المقدمة من مغاربة.

ويقف المحلل ذاته عند “حجز الجمارك كتبا موجهة إلى مؤسسات البعثة الفرنسية تتضمن خرائط للمغرب مقسّمة، مع السماح لانفصالية بحمل علم الجمهورية الوهمية داخل البرلمان الفرنسي، وترحيل إمام مغربي؛ وهي كلها مؤشّرات قوية على استمرار الأزمة بين البلدين”.

وختم المتحدث تصريحه بالقول: “إن العلاقات المغربية الفرنسية عميقة وتاريخية، لكن التوتر الحالي يوحي بأن الأزمة ستطول ولن تحل في الأمد المنظور”.

#هل #تسير #الأزمة #الدبلوماسية #بين #المغرب #وفرنسا #إلى #مزيد #من #التعقيد

زر الذهاب إلى الأعلى