نتائج الاقتراع التشريعي الجزئي بالمغرب .. العزوف الانتخابي والضعف الحزبي

انتهت الانتخابات الجزئية، التي تم إجراؤها في 29 شتنبر المنقضي، لصالح حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي، فيما تراجع حزب الاستقلال، ولم يحصل العدالة والتنمية على أي مقعد بجميع الدوائر.

الانتخابات التي كانت تعول عليها أحزاب الأغلبية لاستعادة المقاعد التي فقدتها جراء الطعون المقدمة بشأنها، فيما كانت المعارضة تسعى لاستغلالها من أجل تعزيز تواجدها بالغرفة الأولى، جرت في ظرفية صعبة يمر منها المغرب، بحسب ما أكدته أسماء مهديوي الباحثة في العلوم السياسية.

وأشارت مهديوي، في تصريح لهسبريس، إلى أن النتائج المستخلصة لا تقدم أي دلالات واضحة حول توجهات الناخب ومدى رضاه أو عدم رضاه عن أداء ممثلي الأمة، بالنظر إلى مجموعة من المعطيات المتعلقة بطبيعة الظرف السياسي المتسم بالعزوف عن كل ما هو شأن عام وشأن سياسي على وجه الخصوص، إضافة إلى طبيعة الناخب الذي يتوجه إلى صندوق الاقتراع، والذي يهمه بالدرجة الأولى شخص المنتخب بغض النظر عن مظلته الحزبية.

وبخصوص تراجع الأصوات المحصل عليها في هذه الانتخابات مقارنة بالانتخابات السابقة، قالت مهديوي إن الأمر راجع إلى العزوف عن التصويت من قبل المواطنين المسجلين في اللوائح الانتخابية، مشيرة إلى أن ذلك يطبع أغلب الانتخابات الجزئية التي يتم تنظيمها، مما يفقد هذه المحطة أي دلالة سياسية. وأضافت أن التصويت لا يكون سياسيا، وإنما يتعلق بشكل رئيسي بطبيعة المرشحين ذوي النفوذ المجتمعي، وخير دليل على ذلك نجاح البرلماني السابق عن حزب الأصالة والمعاصرة عن دائرة عين شق بالدار البيضاء تحت قبعة حزب الحركة الشعبية بأكبر عدد من الأصوات في الدائرة نفسها، وتمكنه من استرجاع مقعده، لكن مع حزب مختلف.

وأفادت الباحثة ذاتها أن هذه الانتخابات لا يمكن أن تكون مقياسا لمدى تقدم أو تراجع حزب معين على حساب آخر، بل تتعلق بمدى دراسة كل حزب لخارطة ترشيحاته ومدى تمكنه من استقطاب محترفي الانتخابات بدرجة كبيرة.

وعزت عدم تمكن حزب العدالة والتنمية من كسب أي مقعد في أي دائرة من الدوائر المعنية إلى “طبيعة المرحلة الانتخابية، التي تقوم على اعتبارات شخصية أكثر منها سياسية، فالعدالة والتنمية يرشح مناضليه الذين أصبح تأثيرهم في المشهد العام شبه منعدم، بينما آخرون يبحثون عن شخصيات قادرة على الفوز وليسوا بالضرورة مناضلين في الحزب. كما أن العدالة والتنمية لا يزال يعاني من تداعيات انتكاسته وتواري الكثير من مناضليه إلى الوراء، تاركين أمينه العام ومن يدور في فلكه يعيشون على وهم إمكانية عودة الحزب إلى سابق عهده، والحقيقة أن الظروف الاستثنائية التي ساهمت في وهجه لم تعد قائمة اليوم”.

قرار متسرع

أوضح المحلل السياسي محمد شقير أن الانتخابات الجزئية عادة ما يتم تنظيمها بسبب خروقات وطعون انتخابية، وتتخذ طابعا إقليميا وجهويا تلعب فيه الانتماءات الجهوية ومؤشرات القرابة والعائلة دورا أساسيا في عملية التصويت، حيث يكون التركيز على الجانب الشخصي للمرشح، وعلى إمكانيات الحشد والتعبئة.

واعتبر شقير مشاركة حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات الجزئية قرارا متسرعا، مشيرا إلى أنه كان من الأولى أن يقاطع هذه الانتخابات نظرا لعدة عوامل، من أهمها آثار النكسة التي مني بها، والتي تتطلب مزيدا من الوقت لإعادة ترميم الحزب على الصعيدين النفسي والتنظيمي.

وتابع قائلا: “الحزب يتناقض مع ما سبق أن صرحت به قيادته حول عدم فهمه النتيجة التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، وكذا تشكيكه في نتائج الانتخابات، خاصة من طرف أمينه العام بنكيران، وهي الاتهامات التي رد عليها وزير الداخلية، فكيف يسمح الحزب لنفسه بالمشاركة في انتخابات تعد امتدادا للانتخابات السابقة التي شكك في نتائجها؟”.

من جهة أخرى، أشار المتحدث ذاته إلى أن الهيئة الناخبة ظلت على موقفها من الحزب حتى بالنسبة لهذه الانتخابات، وفضلت منح صوتها لأحزاب أخرى.

#نتائج #الاقتراع #التشريعي #الجزئي #بالمغرب #العزوف #الانتخابي #والضعف #الحزبي

زر الذهاب إلى الأعلى