المستجدات المتعلِقة بالتنظيم القضائي المغربي، المسطرة الجنائية و المسطرة المدنية على ضوء التعديلات الأخيرة.

محتويات الموضوع
المستجدات المتعلِقة بالتنظيم القضائي المغربي، المسطرة الجنائية و المسطرة المدنية على ضوء التعديلات الأخيرة.

المستجدات المتعلِقة بالتنظيم القضائي المغربي، المسطرة الجنائية و المسطرة المدنية على ضوء التعديلات الأخيرة.

مستجدات التنظيم القضائي المسطرة الجنائية والمدنية

تقديم :

   يعد التحديث و عصرنة المؤسسات السياسية و الدستورية التي تمر عبر دولة الحق و القانون من أهم الأسس التي ينبني عليها التقدم التشريعي، هذا البناء يقتضي أن ينصب الاهتمام على التعديل المستمر للقوانين ومسايرتها للتطورات الحاصلة في جل الميادين وتماشيا مع المنظومات التشريعية المقارنة، وهذا فعلا ما جسده مشرعنا المغربي على أرض الواقع عبر التعديلات و التحيينات المستمرة للنصوص التشريعية كان آخرها تلك المرتبطة بالتنظيم القضائي المغربي و قانون المسطرة المدنية و قانون المسطرة الجنائية.عرف التنظيم القضائي المغربي عدة تطورات قبل أن يتشكل على الصورة التي هو عليها الآن، هذه الأخيرة – التطورات – نتجت عما عرفه المغرب من أحداث سياسية واجتماعية مواكبة للتطورات على مستوى التشريعات المقارنة، الشيء الذي جعله يكون حريصا على مراجعة النصوص القانونية المنظمة للتنظيم القضائي المغربي كان آخرها تلك الصادرة بتاريخ 5 سبتمبر 2011.

  المسطرة الجنائية……………وبشيء من التفصيل في المقتضيات التشريعية المنظمة للتنظيم القضائي، وقانون المسطرة المدنية، و قانون المسطرة الجنائية، سنحاول الخوض في غمار تعديلات سنة 2011 المنصبة على النصوص المتعلقة بهذه القوانين، وفي محاولة لذلك سنتبع التصميم التالي:المبحث الأول : التعديلات المرتبطة بالتنظيم القضائي

  • المبحث الأول: التعديلات المرتبطة بالتنظيم القضائي
  • المبحث الثاني: التعديلات المرتبطة بقانون المسطرة الجنائية
  • المبحث الثالث: التعديلات المرتبطة بقانون المسطرة المدنية

المبحث الأول: التعديلات المرتبطة بالتنظيم القضائي

      كما سبقت الإشارة إليه فالتنظيم القضائي المغربي عرف مجموعة من التعديلات التي فرضتها التطورات المتتالية، إلا أنه ورغم كل هذا فإن المبادئ التي يقوم عليها لم تتغير من حيث جوهرها اللهم تلك التي كانت المستجدات تستدعي تحديثها، هكذا أصدر المشرع المغربي قانون رقم 10-34# الصادر بتاريخ 5 سبتمبر 2011 المغير و المتمم للظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1394 الموافق لتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وذلك عن طريق مادة فريدة تغير وتتمم الفصول 1و2و4و6و7و24 من الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي السالف الذكر، وعلى هذا الأساس سنتعرف على التعديلات التي لحقت هذه الفصول.وهكذا أصبح الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي ينص على ما يلي: ” يشمل التنظيم القضائي المحاكم التالية:المحاكم الابتدائية؛

  • المحاكم الإدارية؛
  • المحاكم التجارية؛
  • محاكم الاستئناف؛
  • محاكم الاستئناف الإدارية؛
  • محاكم الاستئناف التجارية؛
  • المجلس الأعلى. 

       وبناء على مقتضيات الفصل الأول أعلاه يتبين أن المشرع المغربي أدخل تغييرا مهمة على تنظيم المحاكم المغربية بإلغاء محاكم الجماعات و المقاطعات المحدثة بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 يوليوز 1974، والتي كان هدفها الأساسي التخفيف على المحاكم الابتدائية عن طريق منحها النظر في بعض القضايا التي لا تحتاج إلى كل الإجراءات والمساطر التي ينص عليها المشرع بالنسبة للمحاكم الابتدائية من جهة، والمساعد على تقريب القضاء من المتقاضين من جهة أخرى.

وبالرغم من أن محاكم الجماعات و المقاطعات لا تدخل في أي درجة من درجات التقاضي سواء العادية منها أو الاستثنائية ،إلا أنها تدرس إلى جانب محاكم أول(المحاكم الابتدائية) درجة لاتصالهما عن طريق الإحالة.أما في ما يخص تأليف المحاكم الابتدائية فإن الفصل الثاني من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي أصبح ينص على ما يلي: ” تتألف المحاكم الابتدائية من:

  • رئيس و قضاة وقضاة نواب،
  • نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائبه أو عدة نواب،
  • من كتابة الضبط،
  • من كتابة النيابة العامة

…”من خلال مقتضيات الفصل أعلاه يلاحظ أن تأليف المحاكم الابتدائية بقي كما كان سابقا، إلا أن المشرع أدخل بعض الإصلاحات و الإضافات من خلال تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب# وغرف مدنية وتجارية وعقارية و اجتماعية وزجرية.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي أبقى على اختصاص قسم قضاء الأسرة التي تنظر في قضايا الأحوال الشخصية و الميراث، و الحالة المدنية و شؤون التوثيق والقاصرين والكفالة، وكل ماله علاقة برعاية و حماية الأسرة، حيث أن التعديل الذي أدخله المشرع على هذا الفصل بتاريخ 03 فبراير 2004

والذي جاء موازيا لصدور مدونة الأسرة، وضع استثناءً إذ منح الاختصاص لأقسام قضاء الأسرة وحدها دون غيرها من الغرف التي تتألف منها المحاكم الابتدائية ،في كل ماله علاقة بالأسرة، سواء كان واردا بالمدونة نفسها شأن الزواج و الطلاق،الأهلية والنيابة الشرعية، والوصايا و المواريث، أو كان واردا بغيرها من النصوص الخاصة، كما هو الحال بالنسبة لكفالة الأطفال المهملين وشؤون القاصرين والتوثيق، والحالة المدنية….

لكن الجديد في هذا الفصل هو إحداث أقسام قضاء القرب و التي أصبحت تنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم باستثناء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة و العقار والقضايا الاجتماعية و الإفراغات، كما تنظر أيضا في المخالفات المنصوص عليها في القانون المتعلق بقضاء القرب

وتحديد اختصاصاته.وعليه فإنه يمكن لكل غرفة أن تبحث و تحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة و أقسام قضاء القرب.كما ينص هذا الفصل على إمكانية تكليف قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في مراكز توجد دائرة نفوذها وتحدد بقرار لوزير العدل. و في هذا الصدد نتساءل عن مدى تأثير غياب الاحتكاك و تبادل الخبرات المتوفر داخل أسوار المحكمة في جودة أعمال القاضي المقيم..

نفس الفصل أورد مستجدا في غاية الأهمية و هو إمكانية تصنيف المحاكم الابتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية و محاكم ابتدائية اجتماعية و ابتدائية زجرية، فأما المحاكم الابتدائية المدنية فتقسم إلى أقسام قضاء القرب وغرف مدنية و غرف تجارية وغرف عقارية، و أما المحاكم الابتدائية الاجتماعية فتقسم إلى أقسام قضاء الأسرة وغرف حوادث الشغل و الأمراض المهنية و غرف نزاعات الشغل، بينما تقسم المحاكم الابتدائية الزجرية إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف قضاء الأحداث وغرف حوادث السير.

و تتجلى أهمية هذا المستجد في ترسيخ ثقافة التخصص و ما لها من تأثير إيجابي على جودة العمل القضائي لكن تطبيق هذا المقتضى يبدو صعبا في الوقت الراهن لارتباط ذلك بتوفر موارد بشرية و مادية كبيرة. 

   من المسائل الجديدة أيضا و التي جاء بها تعديل 5 سبتمبر 2011 ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل الثاني من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي التي أوردت ما يلي: ” تحدث بالمحاكم الابتدائية بما فيها المصنفة، غرف تسمى غرف الاستينافات تختص بالنظر في بعض الاستينافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها ابتدائية”، بمعنى أنه تم إحداث غرف بالمحاكم الابتدائية تختص باستيناف الأحكام التي لا تتجاوز قيمتها عشرون ألف درهم بمعنى أن القضايا التي تتجاوز هذا المبلغ يبقى الاختصاص فيها لمحاكم الاستئناف، ويبدو أن المشرع قد أصاب حين أحدث هذه الغرف وذلك عن طريق تخفيف عمل محاكم الاستئناف وفي هذا ضمانة أكثر لسرعة البث في القضايا الذي ينعكس على سرعة إجراءات الدعاوى.

وفيما يخص المسطرة أمام المحاكم الابتدائية فإن الفصل الرابع من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي المعدل بمقتضى ظهير 11 نونبر 2003 على ما يلي:    ” تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها بحضور ثلاث قضاة بمن فيهم الرئيس ومساعدة كاتب الضبط مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة في الدعاوى التالية:دعاوى الأحوال الشخصية و الميراث باستثناء النفقة،

الدعاوى العقارية العينية و المختلطة، الجنح المعاقب عليها بأكثر من سنتين حبسا و التي يسند قانون المسطرة الجنائية الاختصاص فيها إلى المحاكم الابتدائية.

  تعقد هذه المحاكم جلساتها بقاض منفرد ومساعدة كاتب الضبط في باقي القضايا.”وينص الفصل الرابع من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي المعدل بمقتضى قانون رقم 34.10 على ما يلي: ” تعقد المحاكم الابتدائية بما فيها المصنفة، جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط، ما عدا الدعاوى العقارية العينية و المختلطة وقضايا الأسرة و الميراث، باستثناء النفقة التي يبث فيها بحضور ثلاث قضاة بمن فيهم الرئيس ومساعدة كاتب الضبط. 

    من خلال ملاحظة الفصل أعلاه و التعديلات التي طرأت عليه يتبين أن صياغة الفصل الرابع تغيرت، حيث أن المشرع المغربي عاد إلى تبني مبدأ القاضي الفرد كقاعدة عامة، رغم حفاظه على مبدأ القضاء الجماعي في بعض القضايا، فتبني مبدأ القاضي الفرد يحقق مصالح و منافع بالنسبة للمتقاضين أهمها السرعة في البت، والبساطة في المسطرة، فضلا عن أن القاضي الفرد وهو يبت في القضايا التي تعرض عليه، يحكم بناء على قناعته خاصة و أنه هو الذي تتبع كافة أطوار النزاع إلى حين الحكم فيه.ويمكن القول بأن المشرع المغربي أخد بنظامي القضاء الفردي و القضاء الجماعي أمام المحاكم الابتدائية.وفي ما يخص الاختصاص فإن المشرع المغربي غير الفقرة الثانية

من الفصل الخامس من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي بفقرة أخرى و التي تنص مقتضياتها على ما يلي: 

   ” تبت هذه المحاكم كدرجة استينافية طبقا للشروط المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية أو بمقتضى نصوص خاصة. وفي هذه الحالة، تبت وهي مركبة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس و بمساعدة كاتب الضبط.”ودائما في إطار التعديلات الأخيرة التي قام بها المشرع المغربي ( 5 سبتمبر 2011 ) أردف فقرة ثالثة ورابعة إلى الفصل السادس من التنظيم القضائي، وذلك عن طريق إضافة أقسام للجرائم المالية داخل محاكم الاستيناف تعين دوائر نفوذها بمرسوم، وتشتمل هذه الغرف بدورها على غرف للتحقيق و غرف للجنايات و غرف للجنايات الاستينافية ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة.بقي أن نشير إلى الفصل 24 من التنظيم القضائي باعتباره واحدا من الفصول التي طرأ عليها تعديل (5 سبتمبر 2011) و الذي كان ينص (الفصل 24) قبل هذا التعديل على ما يلي: 

    ” لا يمكن للأزواج و الأقارب و الأصهار إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء الأخوة أن يكونوا بأية صفة كانت قضاة في آن واحد بنفس المحكمة عدا في حالة ترخيص يمكن منحه بمرسوم عندما تشتمل المحكمة على أكثر من غرفة واحدة أو إذا كانت المحكمة تعقد جلساتها بقاض منفرد، وبشرط أن لا يكون أحد الأزواج و الأقارب أو الأصهار المشار إليهم أعلاه رئيسا من رؤساء المحكمة.لا يمكن في أي حال من الأحوال ولو بعد الترخيص المذكور أن ينظر الأزواج و الأقارب المشار إليهم بالمقطع ….

في قضية واحدة”.من خلال مقتضيات الفصل أعلاه يتضح أن المشرع غير عبارة “في آن واحد” بعبارة “بنفس المحكمة”، – كما أن الترخيص الذي يمنحهم هذه المكنة – فبعدما كان يمنح بمقتضى مرسوم أصبح يمكن منحه بقرار للمجلس الأعلى للقضاء، و هذا يوضح نية المشرع في رغبته رفع يد وزارة العدل على عمل القضاة.وأخيرا يمكن الأخذ على المشرع عدم تحيينه و أخذه بالتسمية الجديدة للمجلس الأعلى ألا وهي ” المجلس الأعلى للسلطة القضائية ” ولعل الأمر كان مجرد سهو، إذ لا يعقل تجاهل المقتضيات التي جاء بها الدستور الجديد و خاصة الباب السابع منه (الفصل 113).

التعديلات المرتبطة بقانون المسطرة الجنائية الصفحة الموالية

1 2 3الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى