محاولة إحياء المفاوضات لحل نزاع الصحراء تصطدم بصخرة تعنت الجزائر

يدخل ملف الصحراء المغربية، شهر أكتوبر الجاري، جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، والرهان محدد في كيفية إحياء المسار الأممي للمفاوضات في ظل رفض جزائري عبّرت عنه صراحة الجارة الشرقية للمملكة على لسان وزير خارجيتها، رمطان لعمامرة، قبل أقل من شهر.

تجديد مدة عمل بعثة “المينورسو” في الأقاليم الجنوبية للمملكة ستكون أيضا، كما جرت العادة، على رأس أجندة التداول والنقاش، وفق ما أورده تقرير للتوقعات الشهرية لعمل مجلس الأمن الأممي نشره موقع “securitycouncilreport.org”.

ويعود آخر قرار أممي إلى أكتوبر 2021؛ إذ تم تجديد مهمة بعثة المينورسو لسنة واحدة تنتهي في أكتوبر الجاري، ويجري اعتمادها بناء على المداولات التي تتم داخل المجلس. هذه العملية تُستبق بتقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره حول تطورات العملية السياسية.

تقرير التوقعات الشهرية لعمل مجلس الأمن، الذي اطلعت عليه جريدة هسبريس الإلكترونية، أورد أن من بين المسائل الرئيسية التي يتعين على أعضاء المجلس النظر فيها، خلال النقاش الدوري لأكتوبر، “كيفية إقناع جميع الأطراف ودعوتهم للجلوس إلى طاولة المفاوضات”، مذكرا بالقرار الأممي رقم 2602 المؤرخ في 29 أكتوبر 2021، الداعي جميع أطراف النزاع المفتعل إلى استئناف المفاوضات بهدف “تحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين”.

وفي آخر اجتماع لمجلس الأمن، كان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، لا يزال يفكر في “نهجه للوساطة” بين أطراف قضية الصحراء المغربية. يأتي هذا بعد سلسلة جولات وزيارات حملته، منذ يوليوز الماضي، إلى المغرب، ثم الجزائر، وأخيرا مخيمات تندوف، قبل أن يختم جولاته من نواكشوط.

ومن المرتقب أن يقدّم كل من الممثل الخاص الأممي رئيس بعثة “المينورسو” في الصحراء المغربية، ألكسندر إيفانكو، والمبعوث الشخصي للأمين العام، ستيفان دي ميستورا، تفاصيل الإحاطة المنتظرة حول الملف أمام أعضاء مجلس الأمن، في ظل رئاسة دورية للمجلس تتولاها جمهورية الغابون.

“حالة حقوق الإنسان مسألة أخرى تثير قلق المنتظم الأممي في مجلس الأمن”، يسجل المصدر عينه، قبل أن يردف موضحا أن تقارير الأمين العام للأمم المتحدة عن الصحراء المغربية “لطالما أحالت وأشارت إلى ما تثبته تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن القيود والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في مخيمات تندوف”، في إشارة واضحة إلى تجنيد البوليساريو للأطفال ضمن ميليشياتها.

“عراقيل وعقبات”

التقرير أورد أن هناك “عقبات وعراقيل كبيرة لا تزال حجر عثرة في طريق الوصول إلى عملية السلام”؛ أبرزها “الديناميات الإقليمية المتوترة”، المتمثلة في تواتر أفعال التوتر في مسار العلاقات بين الجزائر والمغرب، التي تزيد من تعقيد احتمال تنشيط عملية السلام وإحياء مسار المفاوضات عبر آلية الموائد المستديرة.

ولفت التقرير الشهري لتوقعات عمل مجلس الأمن الدولي إلى إعلان سابق لجبهة “البوليساريو” الانفصالية في نونبر 2020 أنها “لن تحترم اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع المغرب في عام 1991 برعاية أممية”، بعد تدخل مغربي كان قد أنهى أعمال ميليشيات انفصالية في منطقة الكركرات الحدودية مع موريتانيا.

“تنصّل جزائري”

محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان خبير في ملف قضية الصحراء، قال إن “إحاطة المبعوث الشخصي الأممي في قضية الصحراء المغربية ستأخذ بعين الاعتبار التطورات المسجلة طوال سنة كاملة من عمل البعثة الأممية، لاسيما تلك المتعلقة بتطورات دبلوماسية؛ في مقدمتها استمرار مسلسل افتتاح القنصليات الأجنبية والاعترافات المتتالية بالسيادة المغربية ووحدة تراب المملكة”، مشيرا إلى “سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية، في ظل تطورات ميدانية يَسِمُها فشل التصعيد من طرف البوليساريو”.

وأضاف سالم عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن “الوضع الأمني في مخيمات تندوف المتسم بتغلغل العصابات المسلحة والمتطرفة، فضلا عن ميليشيات الجريمة المنظمة، سيكون في أعلى سلم أولويات الأمين العام الأممي وكذا مداولات مجلس الأمن”.

أما على الصعيد السياسي، فقد سجل رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تظل “مبادرة الحل الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات إلى حد الآن، في ظل غياب أي تعاط جدّي من طرف الجزائر وخصوم الوحدة الترابية المغربية”، مؤكدا أنها مبادرة “ما فتئت تحصد مزيدا من الإشادة والتنويه”.

ومقابل وقوفه على تسجيل الأمم المتحدة التعاطي المغربي الإيجابي مع جهود المبعوث الأممي دي ميستورا، لاحظ الخبير في ملف الصحراء “تنصلا واضحا للجزائر من المسؤوليات الملقاة على عاتقها، باعتبارها طرفا معنيا مباشرة بالنزاع؛ إذ مازالت ترفض الامتثال لدعوة أممية للمشاركة في آلية الموائد المستديرة للمفاوضات”، خاتما بأن ذلك “يعرقل مسار الجهود الأممية الرامية إلى تقريب وجهات النظر وطي الملف نهائيا”.

#محاولة #إحياء #المفاوضات #لحل #نزاع #الصحراء #تصطدم #بصخرة #تعنت #الجزائر

زر الذهاب إلى الأعلى