عمق علاقات المغرب والسعودية يجمع باحثين

نظمت مؤسسة أرشيف المغرب، بشراكة مع مؤسسة دارة الملك عبد العزيز بالرياض، بجامعة الأخوين بمدينة إفران، ندوة تمحورت حول موضوع العلاقات المغربية السعودية؛ وذلك بهدف تقوية وتعميق علاقات التعاون، وتثمين ما يجمع المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية من مشترك.

وأبرز الدكتور جامع بيضا، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، في كلمة افتتاح الندوة التي حظيت بالرعاية الملكية السامية، وجاءت في إطار برنامج “الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2022″، أن احتفاء البلدين بهذه العلاقات هو احتفاء بأرشيفهما وذاكرتهما الرمزية التاريخية، مؤكدا أن ما احتضنته كلية الآداب والعلوم الإنسانية أكدال بالرباط، من أشغال الندوة، كان مناسبة لتجديد وتأكيد وتثمين ما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من روابط أخوية روحية عميقة.

وأشار مدير مؤسسة أرشيف المغرب إلى أن تنظيم هذه الندوة التي توزعت بين الرباط وإفران تزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاقية تعاون بين مؤسسة أرشيف المغرب ودارة الملك عبد العزيز بالرياض، مشددا على أن هذا التعاون وهذه الاتفاقية هما برهانات عدة، منها ما يخص تقاسم الخبرات في مجال حفظ الأرشيف والمخطوطات في البلدين، وتبادل ما هناك من موارد رقمية للمصادر التاريخية التي تهم الطرفين، فضلا عن إقامة أنشطة ثقافية وعلمية أكاديمية تتقاسمها مواضيع وقضايا ذات اهتمام مشترك.

واعتبر المتحدث ذاته أن إقامة ندوة علمية ومعرض مواز عن علاقات استثنائية بين بلدين شقيقتين، يعدان ركيزتين أساسيتين في العالم الإسلامي، تأتي تتويجا للسنة الأولى من هذا التعاون والتفاعل المثمر.

من جانبه تحدّث الدكتور فهد بن عبد الله السماري، الأمين العام لمؤسسة دارة الملك عبد العزيز بالرياض، عن تميّز العلاقات الأخوية التي تجمع بين قادة البلدين وشعبيهما، مشيرًا إلى أهمية توسيع وتقوية التفاعل والتلاقي والنقاش والتعاون والتباحث بين الباحثين في البلدين، الذي لا شك أنه سيكون بأثر في خدمة تراث البلدين الأرشيفي الغني.

وقال السماري: “نعيش مناسبة تربط الماضي بالحاضر، وتنظر للمستقبل، والأرشيف الوثائقي هو أداة لمعرفة أين نحن؟ وكيف كنا؟ وماذا سنكون عليه مستقبلًا؟ ونتشرف بالمشاركة في تقديم المعرفة حيال ما يربط الشعبين”.

وأضاف الأمين العام لمؤسسة دارة الملك عبد العزيز بالرياض في كلمته خلال جلسة افتتاح الندوة: “أفخر برؤية زملائي وزميلاتي في مؤسسة أرشيف المغرب وهم يتعاونون بكل ثقة وطموح مع موضوع الندوة، وشعبا البلدين هما من أسهم منذ القدم في هذا التاريخ العريق من العلاقات الأخوية، ونحن نستحضره وفاءً لهم، متطلعين مع جيل اليوم للوثوب إلى مستقبل أكثر قوة وعمقًا”.

كما تحدث عدد من الباحثين، في ندوة العلاقات المغربية السعودية هذه، التي استضافتها الرباط وإفران، عن مستويات وملامح هذه العلاقات في بعدها التاريخي والروحي الإنساني والأسري أيضا، مشيرين إلى دورها في رفع ما هناك من تحديات تواجه الأمتين العربية والإسلامية، في ظل متغيرات عدة سياسية واقتصادية متداخلة يعيشها العالم.

كما عبر المتحدثون عن سعادتهم بالتعاون بين مؤسسة أرشيف المغرب و”دارة الملك عبد العزيز” على مستوى تبادل الخبرات والتجارب وحماية وصيانة الأرشيف والمخطوطات ونسخ المصادر التاريخية، وتنظيم الأنشطة الثقافية والعلمية هنا وهناك بالبلدين، على مستوى القضايا ذات الاهتمام المشترك. مع أهمية الإشارة إلى أن الندوة تضمنت ضمن برنامجها وأنشطتها بشكل مواز تنظيم معرض جاء غنيا بمساحة صور تاريخية ووثائق ومخطوطات، بقدر عال من الأهمية والدلالات الرمزية، احتفاء بعلاقات البلدين عبر فترات التاريخ.

وتميز هذا المعرض بتقديمٍ وشرحٍ لِما احتضنه من ذاكرة مشتركة ووثائق نادرة مغربية سعودية، احتفاء بمرور سنة على توقيع اتفاقية تعاون بين “مؤسسة أرشيف المغرب” ومؤسسة “دارة الملك عبد العزيز”، وكذا تعبيرا عما طبع مسار علاقات البلدين التاريخي ومازال من تميز وتعاون وتنسيق ومحطات مشرقة.

وتضمن معرض ندوة “العلاقات المغربية السعودية” عدة مخطوطات وصور قديمة أبرزت وقائع وقصص رحلات حجية وغيرها يحفظها التاريخ، لاسيما في هذه الوقائع والأحداث والرحلات التي تخص موسم الحج، فضلا عما احتواه من رسائل دبلوماسية تشهد وتتحدث عن صفحات وتجليات انبعاث العلاقات المغربية السعودية وازدهارها على امتداد قرون.

وكانت مؤسسة أرشيف المغرب وقّعت بمدينة الرباط خلال شهر شتنبر من السنة الماضية اتفاقية تعاون مع مؤسسة دارة الملك عبد العزيز بالرياض، من أجل تعزيز الروابط العلمية بينهما، وتطوير علاقات التعاون الثنائي وتنميتها في مجال عمل كل منهما.

وتوجهت هذه الاتفاقية المغربية السعودية بعنايتها إلى خدمة وتقوية التعاون في اختصاصات كل من المؤسستين: “أرشيف المغرب” و”دارة الملك عبد العزيز”، ودعم وتحفيز الأبحاث والدراسات العلمية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، وإتاحة فرص تزويد الباحثين من كلا البلدين بالمعطيات والوثائق التاريخية التي تهم الطرفين، وكذا تبادل المنشورات العلمية والإصدارات والإجراءات المنظمة لعمل الطرفين؛ فضلا عن تنظيم ندوات علمية ومعارض مشتركة وتبادل خبرات الصيانة والترميم والتقنية في مجالات عمل كل منهما، فضلا توفير مواعيد ومناسبات ومساحات لتأهيل وتدريب العاملين لديهما، مع تبادل الزيارات بين المختصين والفنيين عن المؤسستين.

يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية تعود لتاريخ فتح السفارة السعودية بالرباط سنة 1957، وهي السنة التي زار فيها الملك سعود بن عبد العزيز المغرب. ومنذ ذلك العهد وعلاقات البلدين تزداد قوة ومتانة وثباتا وتعاونا على أكثر من صعيد.

وكان الملك محمد الخامس زار المملكة العربية السعودية سنة ألف وتسعمائة وستين، وهو ما أسس لتوطيد هذه العلاقات أكثر على عهد الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس، نظرا لِما حصل ومازال من عمل مشترك وأوراش على عدة مستويات.

وتعكس هذه العلاقات المتميزة محطات عمل وتنسيق ومنشآت عدة، منها مثلا ما كان للمملكة العربية السعودية من موقف ووفد ومشاركة في حدث ومسيرة المغرب الخضراء، لاسترجاع صحرائه قبل حوالي نصف قرن من الزمن، فضلا عن منشآت في مجالات عدة، منها مثلا جامعة الأخوين بمدينة إفران. ولعل اسم “الأخوين” هو بإحالة على الملكين الحسن الثاني وفهد بن عبد العزيز.

وتعتبر الجامعة منشأة مغربية سعودية وُضع حجر أساسها عام 1992، وفتحت أبوابها بعد ذلك بثلاث سنوات، ويسجل أن إحداثها ارتبط بحادثة حاملة نفط قرب شواطئ المغرب الأطلسية، كادت أن تكون كارثة بيئية. وعليه، بمجرد علمه بها وبشكل تلقائي أرسل الملك فهد بن عبد العزيز لخزانة المغرب شيكا بقيمة خمسين مليون دولار. وحصل أن نجا المغرب مما كان سيقع، ليفضل الملك الحسن الثاني وضع هذا المبلغ المالي رهن إشارة بناء مؤسسة للعلم والبحث والدراسة والتكوين والتأهيل، خدمة منه للناشئة وتثمينا وتقوية منه للعلاقات المغربية السعودية، وإغناء منه رحمه الله لِما هناك من مشترك رمزي جامع بين البلدين.

#عمق #علاقات #المغرب #والسعودية #يجمع #باحثين

زر الذهاب إلى الأعلى