شعار البديل الديمقراطي التقدمي

يعقد حزب التقدم والاشتراكية مؤتمره الحادي عشر في 11 و12 و13 نونبر 2022 بمركب مولاي رشيد للطفولة والشباب ببوزنيقة، تحت شعار: “البديل الديمقراطي التقدمي” بقوة فكرية اقتراحية متجددة تسعى إلى دينامية سياسية وفعل حزبي قوي وبراق، حيث يعتبر هذا المؤتمر، هو الثالث من نوعه في ظل دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الدستور المتقدم الذي انطلقت معه مرحلة سياسية جديدة من التاريخ السياسي المغربي، بحمولاتها وتقاطعاتها لما بعد الحراك الديمقراطي المغاربي، وما عاشته بلادنا مع حركة 20 فبراير إبان ذلك، وعاش معه الحزب حقبة جديدة تمثلت في مواصلة الحضور الحكومي، بتجربة مختلفة تماما عن تجربة التناوب التوافقي لسنة 1998، حيث تميزت المرحلة الجديدة بتحالف سياسي للحزب مع حزب ذي مرجعية إسلامية، في تناقض إيديولوجي قيل بشأنه الكثير، وكان محط تباين الرؤى واختلاف جدلي داخل هياكل الحزب، ولدى الرأي العام الوطني والدولي، فتبن في ما بعد أن ذلك لم يكن سوى استنتاج فكري لحظي، لا يقارب واقعية الحزب في تحليله للظرفية السياسية للبلاد آنذاك، التي كانت الدافع الرئيسي لتحالف مرحلي أملته المصلحة العليا للوطن، ليثبت التاريخ مرة أخرى صواب اختيار حزب التقدم والاشتراكية.

والأكيد أن توالي المؤتمرات الوطنية بشعاراتها المختلفة، تؤسس لتطور فكر وعمل الحزب مند تأسيسه إلى اليوم، وهو يخطو بثبات مع مؤتمره الحادي عشر لإكمال عقدة الثامن، حاضرا في الذاكرة الجماعية للمغاربة، مستشرفا المستقبل السياسي للأجيال المتلاحقة، ليتبن في كل محطة تنظيمية كهاته، أن اختيارات الحزب لشعارات مؤتمراته الوطنية لم تكن اعتباطية، بل أملتها الظروف والتحولات التي يعيشها العالم وتعيشها بلادنا على مر السنوات، بل والوقوف عند مجمل المتغيرات السياسية التي حدثت بإيجابياتها وسلبياتها، لرسم برنامج متجدد لحزب منخرط في عجلة التغيير خدمة للوطن والشعب، بإيمان راسخ بدولة المؤسسات، وبوحدة الصف واصطفاف مختلف الأطياف السياسة وراء المؤسسة الملكية، بحمولتها التاريخية وأدوارها الاستراتيجية في الاستقرار والنماء.

وهكذا كان، أن حمل المؤتمر الوطني العاشر المنعقد أيام 11 و12 و13 ماي 2018 شعار: “نفس ديمقراطي جديد” وعيا من الحزب بأن الفعل الحزبي يتطلب جرعات إضافية من الحرية ودعم المسار الديمقراطي، خلال العشرية الثانية من الألفية الثالثة لمغرب اليوم، خاصة بعد تنظيم انتخابات 2016 وما خلصت إليه نتائجها من تباين مواقف وتقييمات مختلف الفاعلين. ورغم كل الملاحظات والانتقادات المسجلة، واصل الحزب حضوره الحكومي، في ظل تحفظه الشديد على ظروف وكيفية تشكيل هذه الحكومة و” البلوكاج” السياسي الذي عاشته، هذا الانتقاد المبدئي سيدفع الحزب بعد سنتين من الأداء الحكومي، للخروج إلى المعارضة سنة 2019، مؤكدا أن هذا القرار قد وجد أسسه منذ البداية، وأسهمت فيه أمور لاحقة تتعلق بعدم انسجام الأغلبية الحكومية، وغياب نتائج إيجابية من شأنها أن تجيب على انتظارات مختلف فئات الشعب المغربي، مركزا في عودته إلى المعارضة البناءة، على منطقه السياسي في لعب أدواره الوطنية من أي موقع بجد واجتهاد ونكران ذات، والعمل على خلق التوازن في المعادلة السياسية وسط المشهد الحزبي وداخل البرلمان، مبادرا إلى اقتراح الحلول قبل تقييم الأداء، مجتهدا في رسم خطوط التفاؤل نحو إصلاح ضروري وتغيير واقعي يخدم مصالح الوطن والشعب.

لقد حمل شعار: “نفس ديمقراطي جديد”، رسالة واضحة من مناضلات ومناضلي الحزب قبل اختيار المعارضة من جديد، عمقها الدعوة إلى استثمار جيد لمكاسب مرحلة ما بعد دستور 2011، وما حملته من متغيرات وسمت مختلف مناحي الحياة، ورسمت آفاق واعدة لتطور سياسي وديمقراطي، اقتصادي واجتماعي أيضا، مرحلة دفعت الكل إلى العمل من أجل تصحيح الاختلالات وإعادة الاعتبار للسياسة بمفهومها الواسع، رسالة كنهها جدية الحزب في مواصلة الانخراط من أي موقع في مسلسل أوراش الإصلاح السياسي والديمقراطي، بانسجام رؤى مختلف الفاعلين المؤسساتيين وأدوارهم في رسم الآفاق المشرقة، وتحقيق الأمل المنشود في النمو الاقتصادي وإصلاح مجمل الأعطاب الاجتماعية، في مغرب اليوم: “مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية” الشعار المركزي الذي حمله المؤتمر الوطني التاسع للحزب المنعقد في 30-31 ماي وفاتح يونيو 2014، في تكامل فكري للحزب في اختيار شعارات مؤتمراته الوطنية.

إنه الشعار الذي توقف عند متغيرات تلك المرحلة وما تستدعيه من مقاربات سياسية جديدة منسجمة مع توجهات القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والحزب يشارك في ائتلاف حكومي أفرزته الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها في سنة 2011، في تزامن مع تخليد الذكرى 70 على تأسيسه، كحزب له شرف السبق في حمل لواء الفكر الاشتراكي بالمغرب، بكلمات مفاتيح واضحة جدا، توطن لنظرة واقعية مدققة للمرحلة الحالية من التاريخ السياسي للمغرب، بعد مسار طويل وشاق، انطلقت معه ومن خلاله، وتستمر أوراش الإصلاحات الكبرى، بترسيخ منطق الانتصار لمبادئ الاشتراكية باعتبارها هوية الحزب ونبراس اشتغاله، عندما ثبت مفهوم العدالة الاجتماعية وسياق الظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتم ربطه بمغرب المؤسسات بدلالة “دولة المؤسسات”، بعد دستور جديد جاء بتمفصلات أساسية للتدبير المؤسساتي، وتفعيل مبدأ فصل السلطات وتكاملها، وهو ما يبينه بوضوح تصدير دستور فاتح يوليوز 2011: “إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة” .

انطلاقا من هذا المقتطف، يتضح أولا، التصاق الحزب كمؤسسة بأسمى قانون للدولة، ويحضر، من جهة ثانية، ذلك البناء النظري لدلالات شعار المؤتمر الوطني التاسع للحزب بعد ثلاث سنوات من استفتاء الشعب المغربي بمختلف مكوناته وأطيافه على دستور 2011، الذي يشير في كنه ديباجته إلى المبادئ السامية للفكر الاشتراكي، المتمثلة في العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للخيرات، والذي يفكك مرتكزات مؤسسات الدولة الحديثة.

والصورة هاته ما فتئ يشكلها الحزب عبر أدبياته السياسية، منذ التأسيس إلى اليوم، ويأتي إبان مؤتمره التاسع ليرفعها معبرا عن أوان التفعيل الحقيقي للبرامج وفق متغيرات المرحلة الراهنة، ومطلب الجيل الجديد من الاصلاحات، فيتوضح الأمر أكثر من خلال مدخلات ومخرجات التفاعل السياسي والاقتصادي بالمغرب تاريخيا، لنخلص إلى نتائج الحراك الديمقراطي أو ما اصطلح عليه “بالربيع العربي” سنة 2011، ومنه إسهام حركة 20 فبراير بالمغرب في التعجيل بمسلسل تغيير واقعي قوامه الإصلاح من داخل المؤسسات، بل وإصلاح عدد من المؤسسات نفسها وإحداث مؤسسات أخرى جديدة.

هكذا يلتقي التفكير السياسي العميق، واتساق التاريخانية، بالأفكار والتصورات، بتسلسل الوقائع والأحداث لحزب أظهر التاريخ صواب العديد من مواقفه وقراراته، كانت أوان صدورها محط اعتراض ورفض، مرتبطة بتقاطبات المشهدين السياسيين الوطني والدولي، بقوة اقتراحية دافعة، تفكك مختلف الإشكاليات والأعطاب المجتمعية، وتدقق في سبل تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال طرح: “البدائل التقدمية لتجاوز الأزمات وتمظهراتها، بخطى ممنهجة ترسم مقاربة شمولية للتغيير، تضع القضايا الاجتماعية في صلب الإصلاحات المطلوبة، مقرنة بالإنعاش الاقتصادي والتحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية”.

وعليه يحسب لحزب التقدم والاشتراكية أنه كان سباقا في إنتاج مفاهيم سياسية جديدة تماشت والتغيرات الحاصلة في المشهد السياسي المغربي، انطلاقا من مكنون فكره وهويته الإيديولوجية عبر التاريخ، وأضحت متداولة بشكل واسع سياسيا وإعلاميا، من قبيل إطلاقه لمفهوم “التعاقد السياسي الجديد” كشعار اعتمدته الندوة الوطنية سنة 2008، قبل الخلوص إلى رفع مطلب التغيير بشكل مغاير ونحن في بدايات القرن الواحد والعشرين، عبر شعار “جيل جديد من الاصلاحات لمغرب الديمقراطية” أفرزته وثائق المؤتمر الوطني الثامن المنعقد ببوزنيقة سنة 2010، ليتضح جليا سعي حزب حداثي تقدمي ووطني إلى التغيير من داخل المؤسسات ويعمل جاهدا للإسهام في حدوثه.

ولكل لاحق ما سبقه، على شاكلة مسلسل نضالي اتسمت حقبه الزمنية بجدية القول والفعل تبعا للأحداث المتعاقبة عبر جدلية الفكر والتاريخ، حيث رفع الحزب شعار: “الالتزام” خلال مؤتمره السابع ببوزنيقة سنة 2006، وكان السؤال آنذاك: بماذا التزم وسيلتزم الحزب؟ فكان الجواب هو ربط الحاضر بالماضي عبر الالتزام بمواصلة الدفاع عن “مشروع الحداثة والتقدم الاجتماعي”، ذلك الشعار المتخذ خلال المؤتمر الوطني السادس المنظم بالدار البيضاء سنة 2001، الذي تناسقت كل وثائقه لتنصب نحو بلورة فكر الحزب في اتجاه مشروع مجتمعي وطني، والاجتهاد في نشر مضامينه والدفاع عنه بكل وضوح واتزان، والحزب يعيش على إيقاع سنتين من تولي مسؤولية التسيير الحكومي للمرة الأولى في تاريخه.

بذلك تكون شعارات المؤتمرات الوطنية لحزب التقدم والاشتراكية، وريث حزب التحرر والاشتراكية والحزب الشيوعي المغربي، شعارات متسلسلة عبر المفاهيم والمضامين، بتراص حقبوي زمني، يبرز مدى عمق التفكير النظري لحزب ذو مرجعية اشتراكية، تزامن تنظيم مؤتمراته الوطنية: (السادس 2001 والسابع 2006 والثامن 2010) مع بدايات ولوجه التدبير الحكومي، بعد معارضة سياسية وطنية تقدمية دامت لأكثر من أربعة عقود، متفردا في نسقية التحليل الملموس للواقع الملموس، وهي النظرة نفسها التي تربط السياق التاريخي للأحداث بأسلوب التفكير ومنهجية العمل إلى الآن.

وقد شكل المؤتمر الوطني الخامس المنعقد بالرباط سنة 1995، محطة مفصلية في مسار الحزب، رافعا شعار: “لنحول الأفكار إلى تقدم” عقب مرور ثلاث سنوات على التعديل الجزئي للدستور المغربي سنة 1992، وقبل سنة من إعلان تعديل الدستور من جديد سنة 1996، وهو ما معناه أن حزب التقدم والاشتراكية قد استخرج من مخزونه الفكري النظري، والتفاعلات العملية المحدثة داخل المجتمع المغربي، والقضايا الدولية المرتبطة، أرضية فكرية للتقدم نحو الأمام خدمة للوطن والشعب.

تبين ذلك من خلال وثائق المؤتمر وبرنامج عمله، ومواقف الحزب وبياناته القبلية والبعدية في ما يرتبط بالمسألة الدستورية وقضية اجتياح العراق للكويت، وقرار المشاركة في التجارب الحكومية، في اتصال مع الطموح المشروع في التسيير وتسلم زمام أمور الدولة إلى جانب قوى التقدم والحداثة، وخصوصا “الكتلة الديمقراطية”، الأمر الذي تأتى مع حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998، في ما سمي بحكومة التناوب التوافقي التي أنتج فكرتها الملك الراحل المرحوم الحسن الثاني سنة 1992 لتخرج للوجود بعد 6 سنوات، إعلانا لنهاية مرحلة من الصراع السياسي وبداية مشوار وجود الحزب في موقع التسيير الحكومي بعد أن عمر في موقع المعارضة لما يزيد عن أربعة عقود.

والمكانة الجديدة هاته تجد رابطها الأساسي في مسار تحول الحزب عبر مؤتمراته، إذ بالرجوع للماضي القريب، وليس بعيدا عن المؤتمر الوطني الخامس، نجد بداية الانعطاف نحور مسارات جديدة مع شعار “البديل الديمقراطي” ، الذي رفعه الحزب خلال مؤتمره الوطني الرابع المنعقد بالدار البيضاء سنة 1987، منتصرا من خلال مغزى رسالته الواضحة، لمطلب التغيير الحقيقي المنشود في المنظومة السياسية الشمولية والمؤسساتية بالمغرب، عبر طرح البدائل والتصورات الممكنة كالعادة من خلال الوثائق الأدبية والفكرية، معلنا عن ضرورة تطبيق مبدأ التداول الحقيقي للسلطة، مستحضرا أفق التعددية الحزبية والسياسية في ظل النظام الملكي بالمغرب، خاصا مع حصول متغير إجماع جميع قوى الوطن على ثوابت الدولة ومرتكزاتها.

بذلك فكك شيفرة التحول الديمقراطي بعد مرحلة الصراع السياسي والإيديولوجي، دامت لمدة تزيد عن أربعين سنة، منذ حصول المغرب على استقلاله، حيث كان الحزب منخرطا بقوة في معارك التحرير والحركة الوطنية ضد المستعمر، متمسكا بالوحدة الترابية من شمال المغرب إلى جنوبه خاصة بعد نفي السلطان محمد بن يوسف، حينها أسس الحزب الشيوعي المغربي منظمته السرية “الهلال الأسود” سنة 1954، دفاعا عن حوزة الوطن واستقلاله، وقياسا عليه مرت كل المؤتمرات السابقة حتى التأسيسية منها، ما قبل تغيير اسم الحزب من التحرر والاشتراكية إلى التقدم والاشتراكية في المؤتمر التأسيسي سنة 1975 الذي حمل شعار: “الثورة الوطنية الديمقراطية، مرحلة تاريخية نحو الاشتراكية”، وهو المؤتمر الذي تزامن مع الحدث التاريخي الكبير المتمثل في تنظيم المسيرة الخضراء المظفرة، التي أكدت على وحدة الصف الوطني وعززت فكرة تمتين الجبهة الداخلية من أجل استكمال الوحدة الترابية.

وهو الفكر التي تطور من خلال النقاش المتواصل لحزب التقدم والاشتراكية مع مؤتمريه الثاني الذي نظم سنة 1979 والثالث الذي انعقد سنة 1983 في مراحل سياسية صعبة من تاريخ المغرب بعد الاستقلال، وبدايات ورش الإصلاح الدستوري والإداري، في ظل ما عاشته البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسة آنذاك، كان الحزب حاضرا ومنخرطا في دوامتها مؤمنا بنصرة الوطن، مؤمنا بالتوجه الوحدوي وضرورة الإصلاح الحقيقي والتغيير البناء، بفعل حزبي وطني قوامه تعزيز مكانة المغرب دوليا وتصحيح الرؤى الخاطئة، ومقاومة الأثار السلبية للاستعمار الفرنسي والإسباني ومخلفاتهما، وعلى رأس ذلك استرجاع الصحراء المغربية والمدينتين السليبتين سبتة ومليلة والجزر الجعفرية.

وهنا تجدر الإشارة إلى كتاب الأستاذ المرحوم علي يعته مؤسس الحزب الشيوعي المغربي أصل وامتداد حزب التقدم والاشتراكية، حول: “الصحراء المغربية الغربية” الصادر سنة 1972، الذي منعته السلطات، واضطرت الدولة لإعادة نشره سنة 1975، تلك السنة التي شهدت تنظيم المسيرة الخضراء، لما تضمنه هذا المرجع التاريخي من مواقف جريئة ومتقدمة لحزب قارب بشكل عميق ملف قضية المغرب الوطنية، أثناء مرحلة جديدة من حلقاته التأسيسية باسم “التقدم والاشتراكية” بدل “التحرر والاشتراكية”.

وتأسيسا على ما سبق، يسجل التاريخ أنه عندما يختار حزب التقدم والاشتراكية شعارا لمؤتمره الوطني، فإنه يرمي إلى تحليل الظرفية من خلال مضامين الأطروحة السياسية التي تقدم إجابات عن مؤشرات كل مرحلة، باستحضار ما سبقها واستشرف مستقبل ما يليها، والواقع يبرز في المرحلة الحالية حصول متغير مركزي في معادلة الفعل والتفاعل السياسي النضالي، والحاجة إلى التنظيمات السياسية الحزبية من عدمها، جراء التطور التكنولوجي الحاصل وميكانيزمات التفاعل الاجتماعي لأجيال الألفية الثالثة، فالفكرة الحزبية باتت اليوم محط نقاش عالمي حول أساليب العمل وآليات الاشتغال، وصورة وشكل التنظيم اللازم لهذا العصر، حيث تحضر منطلقات مختلفة ومتعددة، وتطفو على السطح تجاذبات مجتمعيه، تدفع التنظيمات الحزبية إلى تغيير جلدتها وتطوير ذاتها.

الأمر الذي يبرزه شعار: “البديل الديمقراطي التقدمي” وتؤسس له الوثيقة السياسية للمؤتمر الوطني الحادي عشر، بأفكار واضحة وتصورات منطقية وتحليلات دقيقة، تؤكد على ضرورة مواصلة ورش الإصلاح الديمقراطي، واستمرار المسار نحو مأسسة متجددة للفعل السياسي بمفهوم العصر الجديد ومستجدات كل مرحلة، وضرورة بعث الروح في العمل الحزبي ورسم آفاق واعدة تعيد للانخراط والممارسة الحزبية جاذبيتهما وبريقهما، عبر بديل يسعى إلى وضع الإنسان في قلب العملية التنموية، من خلال إعطاء الدلالات والمضامين الحقيقية لمفهوم الدولة الاجتماعية، بمخطط يُدقق في مداخل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والتوزيع العادل للخيرات، تأكيدا على إعطاء الأولوية للخدمات الاجتماعية العمومية كالصحة والتعليم، عبر مرتكزات اقتصاد وطني ينمو، قادر على الصمود ومواجهة الأزمات، من خلال توطيد السيادة الاقتصادية الوطنية، وبناء قطاع عمومي يُشكل قاطرة للتنمية، إلى جانب قطاع خصوصي قوي ومواطن، ومقاولة وطنية مسؤولة ومُدَعَّمةٍ من طرف الدولة، مع جعل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية، بشكل ينسجم والأمل في مصالحة الشباب مع السياسة، باعتبار هذه الفئة ثروة الوطن ورأسماله اللامادي، ببرامج تخطو نحو محو الطبقية والفوارق الاجتماعية الشاسعة، وبناء مجتمع متراص قوي ومنسجم.

#شعار #البديل #الديمقراطي #التقدمي

زر الذهاب إلى الأعلى