رهانات الدخول البرلماني الجديد تسائل “ملفات ساخنة” أمام الأغلبية والمعارضة

بعد سنتين غابت فيهما فعاليات الافتتاح الرسمي للدورة التشريعية بالمغرب، تنظر الأطياف السياسية ومعها باقي المغاربة بعين الترقب إلى افتتاح البرلمان بغرفتيه، في السنة الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة (2021-2026)، بخطاب ملكي حضوري يوم الجمعة 14 أكتوبر الجاري، يُعيد إلى “القبة التشريعية” وهجها المعهود ما قبل الوباء.

وفي سياق استثنائي وطنيا ودوليا، موسوم بعديد التحديات الاقتصادية والاجتماعية والملفات السياسية، وحصيلة عمل حكومية تتجاذب آراء الأغلبية والمعارضة والهيئات المدنية، كانت السنة التشريعية الأولى تميزت بالمصادقة على مشاريع قوانين ونصوص تنظيمية، فيما مازال بعضها “حبيس الرفوف” أو في انتظار عودة عجلة العمل التشريعي إلى الدوران.

وفضلا عن مشروع قانون المالية الذي يطبع النقاش مستهل كل عام تشريعي بالمغرب، سينكبّ “نواب الأمة” والمستشارون على أجندة وملفات ثقيلة مازالت تنتظر تداولا ونقاشا سواء داخل اللجان أو المصادقة عليها في جلسات عامة؛ أبرزها إصلاح منظومة الصحة وتأهيلها، وميثاق الاستثمار الجديد، وإصلاحات القانون الجبائي ومدونة القانون الجنائي، فضلا عن مدونة الأسرة ونقاش إصلاحها بعد الخطاب الملكي.

دخول برلماني في “ظرف استثنائي”

نور الدين مضيان، النائب عن “حزب الميزان” رئيس “الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية” بمجلس النواب، أكد أن الرهان معقود بقوة على الخطاب الملكي، يوم الجمعة، باعتباره “خارطة طريق للحكومة كما البرلمان”، في موسم دخول سياسي يتميز بقانون مالي جديد سيحكم السنة المالية المقبلة 2023، وكذا بـ”أوراش اجتماعية بدأت الحكومة الحالية في تنزيلها على أرض الواقع، عبر سياسة تدابير هادئة وحكيمة، رغم ظرفية استثنائية عالمية تسِمُها تداعيات كورونا، حرب أوكرانيا والجفاف”.

وأورد مضيان، في حديث مع هسبريس، أن “أبرز الأوراش تظل كيفية تثمين وتفعيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية باعتباره ثورة اجتماعية حقيقية”، على حد تعبيره، لافتا إلى أن “تخصيص أرصدة مالية هامة واستكمال المراسيم القانونية في احترام تام للأجندة المحددة ملكياً يظل التحدي الأبرز في الدخول البرلماني لهذا العام”.

البرلماني ذاته سجّل أن السنة التشريعية الجديدة “مناسبة لإثارة وتعميق النقاش من جديد حول مدى تطبيق مضامين القوانين الإطار المتعلقة بالتربية والتكوين، وكذا الاستثمار الذي تعلق آمال كبيرة على ميثاقه الجديد، لينهض بتسهيل وتحفيز ودعم المقاولات بجميع أصنافها”، واصفا الأخير بأنه “قانون واعد سيغيّر البنية الاقتصادية الوطنية”.

ولم يغفل مضيان، في معرض تصريحه للجريدة، مجموعة من القوانين التي اعتبر أنها لا تقل أهمية عن سابقاتها، خاصا بالذكر إصلاح مدونة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية والإصلاح الجبائي، التي قال إنها قوانين “تلزمها إعادة نظر تستجيب لظروف وتحولات التطورات المعاصرة في كثير من القضايا”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن “البرلمان سيستمر في مراقبة العمل الحكومي التي تدخل في صلب اختصاصاته ومهامّه”، داعياً مختلف الفرق البرلمانية إلى النهوض بالعمل التشريعي عبر مقترحات قوانين وأفكار قيّمة تثري العمل التنفيذي وتقوّم اعوجاجاته.

ملفات تتصدر الاهتمامات

من جهته، اعتبر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، عودة افتتاح البرلمان، عبر خطاب ملكي في صيغته الحضورية، “خبرا سعيداً سيُضفي حلّة خاصة على الافتتاح هذه السنة”.

حموني، الذي يصطف حزبه ضمن أطياف المعارضة، أكد في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن مشروع قانون المالية يعد “من أبرز القوانين التي تأخذ حيزا كبيرا ضمن المساحة التشريعية؛ سواء من حيث حجم النقاش أو المدة الزمنية للتداول والمصادقة عليه”؛ لافتا إلى أنه “يشكل إجمالا رؤية السياسات العمومية خلال السنة المقبلة”.

وبخصوص ورش الحماية الاجتماعية، أفاد البرلماني عن “حزب الكتاب” بأن فريقه يُسجل بإيجاب وارتياح إصدار الحكومة المراسيم التشريعية التي تضمن استفادة ملايين المغاربة من هذا الورش الملكي الذي انخرطت فيه جميع القوى الحية للمجتمع المغربي؛ قبل أن يستدرك متسائلا: “ما فائدة النص القانوني إذا لم تكن المنظومة الصحية الوطنية والبنيات التحتية والموارد البشرية في مستوى يؤهّلها للقيام بتقديم خدمات صحية ورعاية طبية ذات جودة للمواطنين؟”.

وتابع حموني تصريحه منتقداً ما وصفه بـ”تأخر تشريعي حاصل في تفعيل هذا الورش على أهميته وتحديد تواريخه في خطاب ملكي”، موصيا الحكومة بالعمل خلال الدخول السياسي الحالي على “تقريب الخدمات الصحية على قدم المساواة بين جميع الجهات، مع الاعتراف بأن إصلاح قطاع الصحة يتطلب عمر حكومتيْن أو أكثر”.

ملف آخر أثاره البرلماني ذاته، يتعلق بتفعيل عدد من التوصيات التي خلصت إليها المناظرة الوطنية للجبايات عام 2019، لافتا الانتباه إلى مسؤولية القبة التشريعية وأجهزتها في هذا الصدد.

أما بشأن ميثاق الاستثمار فطالب حموني بـ”مسايرة الإصلاحات الواردة في القانون الإطار مع مساطر المراكز الجهوية للاستثمار التي يجب أن تذهب في منحى التبسيط وتسهيل المصادقة على المشاريع جهويا وإقليميا”، موردا مطالبة فريقه بـ”ضرورة إعادة نظر في مهام واختصاصات الـCRI التي يجب أن تصبح تحت وصاية وسلطة الجهاز الحكومي المكلف بهذا القطاع”.

وختم رئيس فريق التقدم والاشتراكية بالغرفة الأولى للبرلمان بملف الحوار الاجتماعي، الذي قال بشأنه “إن على الحكومة أن تفي بالتزاماتها تجاه تحريك مناقشة قوانين الإضراب والحريات النقابية في البرلمان”، مشيرا إلى أن “التساؤل يُطرح عن كيفية التمويل والاعتمادات المالية للوفاء بتلك التعهدات مع النقابات”، قبل أن يخلص إلى القول إنها “انتظارات كبيرة وملحة” تسائل قدرة الحكومة الحالية في السنة التشريعية القادمة.

#رهانات #الدخول #البرلماني #الجديد #تسائل #ملفات #ساخنة #أمام #الأغلبية #والمعارضة

زر الذهاب إلى الأعلى