رئيس تونس يهز حلم “الاتحاد المغاربي” ويمدد الشكوك بين البلدان الخمسة‬

لا تقارب محتملا تبديه مؤشرات الخطاب بين دول الاتحاد المغاربي؛ فالبلدان تتفرق مواقفها بين صراعات قديمة بين المغرب والجزائر وأخرى جديدة تصدر عن تونس أو تردد في الإفصاح كما هو الحال في موريتانيا، فيما تبقى ليبيا تعاني لعقد من الزمن عدم استقرار داخلي يحبس أفق تفكيرها الإستراتيجي.

وتمدد خطوة الرئيس التونسي قيس سعيد باستقبال رسمي لإبراهيم غالي من زمن الأزمة داخل “الاتحاد الجامد”؛ فبعد سحب السفيرين من كلا البلدين تبدو عناصر ثقة الرباط في تونس مهتزة، نظير حديث الملك محمد السادس عن مركزية قضية الصحراء في تدبير المغرب تحالفاته الخارجية.

ومنذ سنة 1994، لم تنعقد أية قمة رؤساء للاتحاد ليتوقف الجهاز عن أي عمل مجد في مقابل مراكمة مشاكل بينية عديدة شكلت جبهة “البوليساريو” ودعم الانفصال رحاها الأول بين الأطراف. وقد عاد الأمر من بوابة تونس هذه المرة، ليزيد شك شعوب المنطقة في أي تقدم نحو وحدة الدول.

الحلم يتبدد

محمد الطيار، الخبير في العلاقات الدولية، سجل أن حلم الاتحاد المغاربي يتبدد مجددا، بعد ما قام به قيس سعيد من استقبال غريب لزعيم مليشيات “البوليساريو” الانفصالية وما تلاه من تطورات، معتبرا أن الاتحاد ولد ضعيفا وهشا، بسبب خلفيات النظام العسكري الجزائري الانفصالية.

وأضاف الطيار أن مؤسسات الاتحاد المغاربي عجزت منذ سنة 1994 عن عقد أي قمة اقتصادية تجمع البلدان الخمسة؛ فالمبادلات التجارية تعد الأضعف في مختلف التكتلات الاقليمية، حيث لا تتجاوز 5 في المائة. ولذلك، تشهد أغلب دوله تراجعا وأزمات اقتصادية متوالية، مع ارتفاع معدلات البطالة.

وبالنسبة إلى الخبير في العلاقات الدولية فقد عمل المغرب على القيام بمبادرات عديدة للخروج من هذه الوضعية التي تتسم بالتشرذم والانقسام، ولم يدخر جهدا في مساعدة الأشقاء في ليبيا وكذلك في تونس وموريتانيا، وعرض مساعدته على الجزائر حين عجزت في إطفاء حرائق غاباتها.

وأورد المتحدث أن الملك محمدا السادس دعا، في العديد من المناسبات، الجزائر إلى فتح حوار مباشر لحل أي خلاف قائم، وعيا منه بالفرص الاقتصادية الكبيرة الضائعة في غياب تكتل الدول الخمس ووعيا منه بأن المواطن المغاربي لا يزال حلم الوحدة راسخا في وجدانه، على الرغم من تراكم الخيبات.

واعتبر المصرح لهسبريس أن الاتحاد المغاربي سيبقى حلما بعيدا، أهدرته سياسة النظام العسكري الجزائري التي تقوم على خلق بيئة غير آمنة في جواره الإقليمي تقوم على رعاية الإرهاب والانفصال، وزاد: “قيس سعيد دق آخر مسمار في نعش الاتحاد”.

وفاء مغربي

قال نوفل البوعمري، الباحث المتخصص في قضية الصحراء، في تصريح لهسبريس، إن العاهل المغربي ظل وفيا للخيار المغاربي ولبناء فضاء مغربي متكامل، يواجه التحديات التي دخلت فيها المنطقة سواء الاقتصادية منها أو الأمنية أو الديمقراطية.

ولفت البوعمري إلى أن هذه التحديات سبق للملك أن أشار إليها في مختلف مبادراته التي أطلقها سواء للحكام في الجزائر أو من خلال دعوته للرئيس التونسي قيس السعيد قبل سنتين لزيارة المغرب، وكذلك فيما يتعلق بالمبادرة السياسية التي أطلقها المغرب لإخراج ليبيا من حالة الاضطراب.

وأضاف المتحدث أن هذا الطموح الملكي يواجه بصعوبات حقيقية يجعل من الحديث اليوم عن المغرب الكبير وإمكانيات إحيائه حلما قد لا يتحقق حاليا نتيجة الوضع الذي تعيشه المنطقة، فبجوار المغرب هناك شرقا الجزائر التي تعيش في ظل حكم عسكري لا يرى في الجيران غير أعداء مفترضين ومستمر في معاكسته للمغرب.

وأبرز بوعمري أن تونس للأسف انخرطت بشكل غير مفهوم ضد المغرب في خطوة ستقوض من كل الفرص التي كانت متاحة سابقا منذ عهد الحبيب بورقيبة إلى القايد الباجي السبسي، قبل أن يصل قيس سعيد لينقلب على طبيعة العلاقة التي لطالما جمعت المغرب بتونس.

وأردف الباحث المتخصص في قضية الصحراء أن العلاقة بين البلدين في أزمة غير مسبوقة إرضاء للجنرالات في الجزائر، وبذلك يكون الرئيس التونسي الحالي قد أنهى مع كل فرص بناء فضاء مغربي بدوله الخمس، وأدخل العلاقة بين البلدين في جو من عدم الثقة، خاصة أن خطوته ليس لها ما يبررها وعداء مجاني للشعب المغربي وللمغرب.

وسجل المتحدث أن هذا المستجد، إضافة إلى استمرار الوضع الهش في ليبيا وعدم قدرتها على الخروج من حالة اللا استقرار التي تعيشها، يجعل من إمكانية بناء اتحاد مغاربي جديد مهمة مستحيلة في ظل الوضع الحالي؛ لكن رغم ذلك يظل طموح الملك المغربي واعدا اتجاه المستقبل واتجاه شعوب المنطقة التي لطالما ثمنت مبادرته في الحوار وتجاوز كل المعيقات التي أدت إلى فشل هذا الفضاء.

#رئيس #تونس #يهز #حلم #الاتحاد #المغاربي #ويمدد #الشكوك #بين #البلدان #الخمسة

زر الذهاب إلى الأعلى