حكم اليساريين في أمريكا اللاتينية يطرح تحديات على الدبلوماسية المغرب‬ية

بات صعود اليسار إلى السلطة في أمريكا اللاتينية يطرح تحديات كبرى بالنسبة إلى الجهاز الدبلوماسي المغربي لمواكبة هذه التطورات الجديدة، في ظل التقارب بين قيادات الأحزاب السياسية بهذه المنطقة وأعضاء جبهة “البوليساريو”.

وبوصول غوستافو بيترو إلى رئاسة كولومبيا، تتجدد العودة القوية لليسار الشبابي إلى مناصب السلطة، بعد محطات الأرجنتين والمكسيك وبوليفيا والشيلي والبيرو وهندوراس؛ فيما ترجح استطلاعات الرأي فوز اليساري لولا دا سيلفا بالرئاسة في البرازيل.

ولم تنجح الدبلوماسية المغربية في “اختراق” الكتلة السياسية اليسارية بأمريكا اللاتينية؛ ما دفع بعض الفعاليات البحثية إلى المطالبة بتعيين شخصيات مغربية ذات توجه يساري في مناصب المسؤولية بتلك المنطقة من أجل تعزيز التقارب السياسي مع الأحزاب الكبرى.

وبررت تلك الفعاليات طرحها بكون أغلب الأحزاب اليسارية بأمريكا اللاتينية “تجهل” تاريخ النزاع، وبالتالي لا تزال تنظر إلى جبهة “البوليساريو” بنفس رؤية السبعينيات والثمانينيات؛ ما يستدعي ضرورة تكثيف الزيارات إلى بلدان القارة لتعزيز الشراكات الاقتصادية.

وفي هذا السياق، قال عبد الوهاب الكاين، باحث في العلاقات بين المغرب وأمريكا اللاتينية، إن “مياها كثيرة جرت في الساحة الدولية في العقد الأخير، لا سيما ما تعلق بشكل الأنظمة السياسية في العالم عموما، وبمنطقة أمريكا اللاتينية على وجه التحديد”.

وأضاف الكاين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “من غير اللائق الزعم أن تلك التغييرات الجذرية في السياسة الدولية لا تسري على منطقتنا وبلدنا، خصوصا في علاقة بالسياسة الخارجية؛ فمنذ عقد من الزمن بدأ المد اليساري يتعاظم في أمريكا اللاتينية من جديد، نتيجة لفشل الأنظمة في تبني نموذج ديمقراطي يكفل المساواة والعدالة الاجتماعية والقطع مع التبعية للغرب”.

وواصل الباحث في العلاقات بين المغرب وأمريكا اللاتينية بأنه “في هذا الخضم كان المغرب يصارع أمواج السياسة المتلاطمة في منطقة أمريكا اللاتينية في علاقة بدفاعه عن مصالحه العليا، لا سيما مسار الاقناع الدولي لمختلف الدول والتكتلات السياسية بجدوى مشروع الحكم الذاتي الممنوح لساكنة أقاليم الصحراء، لإنهاء النزاع بشكل نهائي ضمن جهود الأمم المتحدة لحلحلة المشكل”.

وأردف المتحدث ذاته: “لقد نجح المغرب إلى حد كبير في إقناع العديد من عواصم المنطقة بتليين مواقفها إزاء مواقف ومقترح المملكة المغربية، أو في الحد الأدنى تحييد تلك الأنظمة وضمان عدم دعمها لتنظيم “البوليساريو”، كان من نتائجه إضعاف هذا الكيان الى درجة التلاشي؛ وبالمحصلة إحراج دولة الجزائر في الكثير من المنتديات الدولية، وتقديمها كجهة حامية لانتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب والتهريب الدولي والاتجار بالبشر”.

“نعتقد أن نجاح اليسار في أمريكا اللاتينية منذ 2018 في الأرجنتين وبوليفيا والشيلي والمكسيك والبيرو، وفوز اليسار في كولومبيا مؤخرا، لا يمكن النظر إليه كفانوس سحري لجبهة البوليساريو وحاضنتها لتحقيق تقدم يذكر، سواء تعلق الأمر بحصد اعترافات جديدة، أو الحصول على دعم بالمنتديات والمنظمات الدولية، أو تلقي دعم سخي لتسمين القيادة الهرمة”، حسب عبد الوهاب الكاين.

وزاد الخبير الدولي بالقول: “هذا الرأي يجد معقوليته في تآكل الانتصار للإيديولوجيات الجوفاء أمام التشبث بالمصالح المشتركة والنظر إلى السياسات الداخلية للبلدان بعين فاحصة، عوض الانجرار وراء العواطف التي أخرت تقدم واستقرار دول أمريكا اللاتينية لزمن ليس بالقصير”.

وتابع: “على الرغم من تطمينات أكثر من طرف بخصوص نجاعة وفعالية الدبلوماسية المغربية بخصوص قضية الصحراء المغربية وحصد نتائج مرضية على الساحة الدولية، كان لها الأثر الكبير في خلق دينامية متعددة المسارات تخدم مصالح المغرب مجتمعة بما يحوي مسألة الترافع على مغربية الصحراء وتموقع المغرب داخل المنتظم الدولي، فإن المملكة المغربية مدعوة إلى ابتكار خطط جديدة تسمح بالانفتاح على دول اليسار الأمريكي اللاتيني”.

وأشار الكاين إلى أن تلك الخطط من شأنها “تطوير علاقات دبلوماسية معها تشمل عديد القضايا، بما في ذلك تقريب الرؤى بشأن مقترح الحكم الذاتي وواقعيته كحل يضمن الاستجابة لتطلعات سكان المنطقة، وتفهم المغرب لتطلعات شعوب أمريكا اللاتينية في نيل حريتها وكرامتها عن طريق صناديق الاقتراع، ومحاولتها المستميتة للانعتاق من التعبية للولايات المتحدة الأمريكية”.

#حكم #اليساريين #في #أمريكا #اللاتينية #يطرح #تحديات #على #الدبلوماسية #المغربية

زر الذهاب إلى الأعلى