تولي إسبانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي يربك مستقبل العلاقات مع الجزائر‬

مع تولي المملكة الإيبيرية للرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام المقبل، تساءلت العديد من المنشورات الإعلامية عن مستقبل العلاقات الثنائية مع الجزائر في ظل رفض “قصر المرادية” لكل الوساطات الأوروبية لتجاوز الأزمة الدبلوماسية.

صحيفة “ABC” الإسبانية أشارت، في قصاصة إخبارية، إلى رغبة “قصر المونكلوا” في تحسين علاقاته مع “قصر المرادية” مع ترؤسه مجلس الاتحاد الأوروبي خلال السنة المقبلة، لافتة إلى أن رئيس الوزراء تطرق إلى هذه النقطة مع بقية الدول الأوروبية.

وتصطدم النية الإسبانية لحلحلة الأزمة السياسية بتعنت النظام الجزائري الرافض لكل محاولات تجاوز الخلاف الدبلوماسي؛ بالنظر إلى رفضه المطلق والكلي لأي مبادرات تدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية التي باتت تحظى بمكانة متميزة من طرف المنتظم الدولي.

هشام معتضد، باحث مغربي في العلاقات الدولية مقيم بكندا، قال إن “علاقات الجزائر الخارجية، سواء مع إسبانيا أو غيرها من الدول الأوروبية، غير ناضجة؛ لأنها لا تبنى ضمن رؤية شاملة لتدبير مؤسساتي للسياسة الخارجية، فهي تدير علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع الأوروبيين بناء على حسابات شخصية أو مواقف عاطفية، ما يجعل الأوروبيين يتهربون من الانخراط الجدي مع أي توجه أو مقترح تطرحه الجزائر”.

وأضاف معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإسبان لهم رؤية واستراتيجية واضحة المعالم في تدبير سياستهم الخارجية في منطقة شمال إفريقيا عامة والمغاربية بشكل خاص. لذلك، فعودة العلاقات بين إسبانيا والجزائر رهينة بارتقاء التدبير السياسي والدبلوماسي الجزائري مع محيطها الإقليمي والخارجي، والانتقال من خانة الانطواء القُطري والشخصنة في بناء علاقاتها الخارجية إلى ما هو واقعي ومؤسساتي ومسؤول بعيدا عن الحسابات العاطفية والتبريرات خارج التاريخ”.

وأردف الخبير العلاقات الدولية: “تولي مدريد لرئاسة الاتحاد الأوروبي يعتبر فرصة ثانية لقيادة الجزائر من أجل مراجعة مزاجهم السياسي، وأخذ الأمور على محمل الجد فيما يخص التطورات التي تشهدها المنطقة من أجل الدخول إلى الواقعية الدولية وبناء علاقات جديدة قائمة على براديغمات (paradigmes) تأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية والفكرية التي تشهدها الساحة الدولية”.

واستطرد المتحدث عينه بأن “القيادة الجزائرية غير قادرة بعدُ على استيعاب المتغيرات السريعة التي يعيشها العالم على مستوى تدبير العلاقات الدولية، والانتقال الكبير التي يشهده الفكر السياسي في تدبير الدبلوماسية والسياسة الدولية؛ وهو ما يشكل عائقا كبيرا لدى مستشاريها في قراءة الأحداث وفهمها بغية مسايرة التحديات بكل واقعية ومسؤولية”.

وخلص معتضد إلى أن “العلاقات الجزائرية الإسبانية لن ترتقي إلى مستواها الطبيعي إلا إذا تخلصت الجزائر من برمجتها الفكرية المتجاوزة في قراءة الأحداث، وتحديثها لفهم الحركية التي تعيشها المنطقة والعالم؛ وذلك بغية الانخراط في تطوراته بعيدا عن عقدة النقص والعواطف في تدبير شؤون الدولة”.

من جانبه، أورد أحمد صلحي، باحث في العلاقات الدولية متخصص في الدراسات الدبلوماسية، أن “تعليق معاهدة الصداقة وكافة المعاهدات التجارية من طرف الجزائر خلف استغرابا كبيرا لدى الإسبان، بسبب خلفية القرار المفاجئة والانتقامية؛ ما جعلها خطوة غير محسوبة العواقب من الجانب الجزائري”.

وذكر صلحي، في حديث إلى هسبريس، بأن “الخطوة استهدفت علاقات ممتدة بين البلدين تتجاوز روابط التاريخ والجوار”، مؤكدا أن “القرار اتخذ من أجل تغيير موقف سيادي إسباني تجاه قضية الصحراء المغربية، بناء على قناعات استراتيجية تتماشى مع رؤية الاتحاد الأوروبي للعلاقات الأورومتوسطية، وكذا مع الإرادة الأممية”.

وأبرز الباحث عينه أن “المشكل القائم ليس في الأزمة، بل برغبة الجزائر في الضغط على إسبانيا لتغيير علاقاتها مع المغرب”، لافتا إلى أن “السياسة الخارجية الجزائرية مبنية على أساس إيديولوجي؛ لأنها تسعى إلى التأثير على موقف سيادي لدولة أخرى”.

وتابع صلحي شارحا: “الجزائر لا تمتلك الشجاعة للاعتراف بهذه الحقيقة، حيث تعتبر بأن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز هو المسؤول عن الأزمة. وبالتالي، يجب تنحيته من أجل تغيير الموقف الإسبانية؛ لكنها لم تفهم بعد أن القرار استراتيجي يخص المؤسسات الداخلية الإسبانية”.

#تولي #إسبانيا #الرئاسة #الدورية #للاتحاد #الأوروبي #يربك #مستقبل #العلاقات #مع #الجزائر

زر الذهاب إلى الأعلى