تقليص فرنسا للتأشيرات واستقبال نشطاء البوليساريو يسائلان دبلوماسية المملكة

تتواصل الأزمة الصامتة بين المملكة والجمهورية الفرنسية، لتصل مرحلة جديدة من محاولات الضغط على المغرب بشكل غير معلن من طرف باريس، من خلال استضافتها مؤخرا لقيادات من جبهة “البوليساريو” الانفصالية بمقر البرلمان.

وأثار استقبال أعضاء الجبهة بمقر البرلمان الفرنسي استغرابا في الأوساط المغربية؛ بالنظر إلى أنه يحمل دلالات وأبعادا سياسية، ويأتي عقب خطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب الذي أكد فيه أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم.

ودخل حزب الأصالة والمعاصرة، عبر فريقه بمجلس النواب، على خط العلاقات المتوترة والتجاوزات الممنهجة للدبلوماسية الفرنسية اتجاه المملكة؛ فقد ساءل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، حول الإجراءات العملية التي سيتم اتخاذها للحد من هذه التجاوزات غير المقبولة، وفق تعبيره.

وتقدم الفريق، عبر البرلماني محمد بنجلون التويمي، بسؤال إلى الوزير بوريطة حول إمكانية تنفيذ قواعد المعاملة بالمثل دبلوماسيا لإنصاف مواطني المملكة من قرارات السلطات الفرنسية، خصوصا ما تعلق بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة من لدن باريس.

وأوضح النائب البرلماني أن الطبقة السياسية الوطنية سجلت باستغراب شديد قرار السلطات الفرنسية، الشريك الإستراتيجي والمستثمر الأول بالمملكة، القاضي بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة الذين تربطهم علاقات اقتصادية واجتماعية أو دراسية بالجمهورية الفرنسية إلى أقل من 50 في المائة، ليتحول إلى رفض رسمي لأغلب طلبات التأشيرات القنصلية.

وفي هذا الصدد، سجل البرلماني محمد بنجلون التويمي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الأمر صاحبه إعلان السلطات الفرنسية إنهاء قرار تقليص التأشيرات لفائدة دولة جار؛ وذلك عقب الخطوة المعادية للوحدة الترابية، من خلال استقبال زعيم الجبهة الانفصالية، في إشارة إلى قرار الرئيس التونسي قيس سعيد الأخير.

وشدد المتحدث نفسه على أن هذه الخطوات تستوجب معرفة الإجراءات العملية التي ستتخذها وزارة الخارجية من أجل وقف هذه التجاوزات، وكذا دراسة إمكانية تنفيذ قواعد المعاملة بالمثل دبلوماسيا لإنصاف المغاربة المتضررين من قرار تقليص التأشيرات.

ولفت البرلماني، في سؤاله، إلى أن “استقبال بعض قيادات جبهة “البوليساريو” الانفصالية منذ بضعة أيام بمقر البرلمان الفرنسي، من دون الإعلان عن جدول أعمال رسمي لهذا اللقاء، يجعله هذا الأخير يحمل دلالات عديدة ذات أبعاد سياسية ودبلوماسية واضحة”.

من جهته، اعتبر عبد الواحد أولاد مولود، المختص في العلاقات الدولية، أن استقبال قيادات الجبهة بالبرلمان الفرنسي “بمثابة ردة فعل سلبية للدبلوماسية الفرنسية، خاصة أننا في مرحلة تثبيت المواقف والخروج من الموقف الرمادي؛ وهذا حق مشروع للمغرب”.

وسجل أولاد مولود، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن فرنسا بهذه السلوكات خرجت عن المألوف، لا سيما أن دولا من مختلف القارات خرجت من المنطقة الرمادية واعترفت بمغربية الصحراء؛ وهو ما يمكن القول معه إنها بداية أزمة حقيقية بين البلدين.

وأضاف المتحدث نفسه: “صحيح أن مسألة التأشيرات كانت بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، إذ تعاملت فرنسا مع المغرب عكس تعاملها مع الجزائر وتونس؛ لكن أن يستقبل قادة البوليساريو بالبرلمان فهو تصرف غير مسؤول في وقت ننتظر فيه تصحيح الموقف، ما زاد الطين بلة”.

وسجل الباحث المختص في العلاقات الدولية أن الدبلوماسية الرسمية “يجب أن تتخذ موقفا، وتعلن صراحة أن الموقف الفرنسي غير مسؤول ولا يمثل صلة بالأعراف الدبلوماسية بين الجانبين، وعلى مستوى الأحزاب والدبلوماسية الموازية اتخاذ إجراءات ومواقف لكي تعي فرنسا بأن المس بوحدة الترابية هو خط أحمر، وأن أي تعامل مع القضية يجب أن يرد عليه بالحزم”.

#تقليص #فرنسا #للتأشيرات #واستقبال #نشطاء #البوليساريو #يسائلان #دبلوماسية #المملكة

زر الذهاب إلى الأعلى