الراشدي: اقتصاد الريع وضعف التقائية المؤسسات يحدان جهود محاربة الفساد

قال محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن نتائج النموذج الذي كان متبعا في مجال مكافحة الفساد في المغرب كانت محدودة، وإن المقتضيات التي جاء بها دستور 2011 لم تتم الاستفادة منها على الوجه المطلوب؛ ما أثر على ثقة المواطنين في إمكانية التفعيل الحقيقي لأهداف الوثيقة الدستورية.

وأوضح الراشدي، في محاضرة حول “محاربة الفساد أية آفاق”، ألقاها بمقر مؤسسة علال الفاسي بالرباط، أن السياسات العمومية لا ترقى إلى مستوى الانسجام والالتقائية الكفيلين بأن يثمرا نتائج جيدة في محاربة الفساد، إضافة إلى هيمنة اقتصاد الريع؛ ما يفضي إلى ضعف النجاعة الاقتصادية، وإقصاء فئات من الفاعلين، وعدم الاستفادة من كل الطاقات في الميدان الاقتصادي.

هذا الوضع، أضاف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يؤدي إلى انخفاض نسبة النشاط الاقتصادي؛ وبالتالي ارتفاع نسبة البطالة، وتعطل السلم الاجتماعي، ومن ثم توقع الفوارق الاجتماعية.

وسجل المتحدث ذاته أن ما يصعب مواجهة جيوب الفساد الطريقة التي تشتغل بها “قوى التغيير”، بحيث لا تعمل بشكل التقائي؛ وهو ما يجعل وقْع عملها لا يثمر النتائج المرجوة، لافتقاده إلى التجانس والتكامل.

وقدم الراشدي أرقاما حول واقع الاقتصاد المغربي، تفيد بأن أكثر من 50 في المائة من إجمال رقم معاملات المقاولات المصرح به تمتلكه 387 مقاولة فقط؛ وهو ما لا يمثل سوى 0.16 في المائة من مجموعة المقاولات التي تصرح برقم معاملاتها.

وتتجلى مظاهر اقتصاد الريع التي تعرقل مسار الإقلاع التنموي في المغرب كذلك في مساهمة المقاولات في مداخيل الدولة؛ ذلك أن 50 في المائة من المستحقات الضريبية التي تؤديها المقاولات تدفعها 73 مقاولة، ما يمثل نسبة 0.06 في المائة من مجموع المقاولات.

واعتبر رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن الأرقام التي قدمها تفسر سبب تعثر المسار التنموي وعدم رقيه إلى المستوى الذي من المفروض أن يصل إليه.

وتدعو الهيئة سالفة الذكر إلى اتخاذ جملة من الإجراءات لمحاربة اقتصاد الريع؛ وفي مقدمتها ضمان شفافية وفعالية القوانين، وضمان الشفافية في مجال الولوج إلى المعلومة باعتبارها الأداة الأولى لتحقيق التنمية والإقلاع الاقتصادي، وإضفاء مزيد من الحكامة على الدعم الموجه إلى الفاعلين الاقتصاديين، وتثمين ودعم المقاربة التشاركية لتصير أكثر فعالية.

وشدد الراشدي على أن “أساس النموذج التنموي الجديد هو الحكامة والمسؤولية والشفافية والخروج من جميع أشكال الفساد”، مبرزا أن المغرب يتوفر على مؤسسات تشتغل على محاربة هذه الآفة؛ “ولكن تثمين الجهود التي تبذلها لا يتم بالشكل المطلوب”، على حد تعبيره.

وضرب مثلا بورش تبسيط المساطر الإدارية الذي قال إنه سجل تقدما مهما، وكانت فيه حكامة؛ إلا أنه لم يواكب بنفَس طويل، ما حال دون الوصول إلى النتيجة المتوخاة منه، مردفا: “يتعين أن تكون المقاربة أقوى”.

ولم يتمكن المغرب، خلال العقدين الأخيرين، من تحقيق تقدم على مستوى مؤشرات أدراك الفساد، إذ أشار الراشدي إلى أن المملكة عرفت تحولات؛ ولكنها بقيت في المستوى نفسه، حيث فقدت أربع نقط وأربع عشرة مرتبة خلال الفترة الممتدة من سنة 2018 إلى سنة 2021.

وأضاف: “خلال عشرين سنة، ربحنا نقطتين وتدهور ترتيبنا؛ وهذا ما يُبقينا في وضع غير مُرْضٍ”، لافتا إلى أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تنكب على تحليل المعطيات المتعلقة بهذا الجانب لمعرفة العوامل التي يرجع إليها عدم تحسن وضعية المغرب في مؤشر الفساد.

وتشتغل هذه الهيئة، التي أسندت إليها مهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال والمساهمة في تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة المسؤولة، على بحث وطني يتعلق بتوفير معطيات دقيقة حول الفساد، سيهم 6 آلاف مواطن وأزيد من 1500 مقاولة.

#الراشدي #اقتصاد #الريع #وضعف #التقائية #المؤسسات #يحدان #جهود #محاربة #الفساد

زر الذهاب إلى الأعلى