التدخل القضائي في المادة الاستهلاكية

محتويات الموضوع
التدخل القضائي في المادة الاستهلاكية

التدخل القضائي في المادة الاستهلاكية

أنس المدن خريج ماستر قانون المدني والأعمال بطنجة

باحث بسلك الدكتوراه جامعة المولى إسماعيل مكناس

مقدمة

تعتبر حماية المستهلك فردا كان أم جمهورا استهلاكيا عبئ من الأعباء الملقاة على عاتق الدولة، التي يقع على عاتقها تقديم السلع والخدمات إلى جمهور المستهلكين في منأى عن كل شطط أو تعسف؛ وتتخذ الحماية القانونية للمستهلك مظاهر متعددة سواء من الناحية الجنائية أو المدنية مما أصبح لزاما على القضاء التدخل من أجل تطوير القواعد التقليدية التي تحكم العقود وذلك لمسايرة تطور المجتمع فالقول بوجود حماية حقيقية للمستهلك تستوجب لزاما الحديث عن وجود أمن قضائي يعزز ثقة هذا الأخير في المؤسسات القضائية، فالمهمة الحمائية للقضاء تشكل جانبا رئيسيا من الأمن القضائي لحماية المستهلك لذلك سيتم التركيز بهذا الخصوص على المتطلبات التي تكفل للقضاء قيامه بتلك المهمة على الوجه المطلوب حتى يكون في مستوى المهام المنوطة به في المجتمع المعاصر؛ ولا تكتمل هذه المتطلبات إلا بتوفير مقومات تضمن حسن سير القضاء كاستقلاليته وجودة أحكامه وسهولة الولوج إليه وحسن إدارته مقومات تبعث الثقة في المؤسسة القضائية وتضمن بالتالي وجود الأمن القضائي .

وتعد من أهم تطبيقات العدالة أن يكون للشخص الحرية الكاملة في المطالبة بحقوقه أمام القضاء عندما يشعر بالحيف أو الظلم ، غير أن خصوصية العلاقة الاستهلاكية تجعل من الصعب تحقيق النتائج الفعلية المتوخاة من القواعد القانونية، ولربما ذلك راجع إلى العوائق التي تعرقل التوازن الحقيقي بين المستهلك والمهني .

ولعل أهم المرتكزات الأساسية و الضرورية لتحقيق الأمن القضائي للمستهلك، هو تحديد المحكمة المختصة للبث في المنازعات الاستهلاكية، التي تربط بين المستهلك و المهني التاجر، غير أن المشرع وعلى خلاف ما كان متوقا فإنه لم يعلن بشكل صريح المحكمة المختصة نوعا بالبث في القضايا المتعلق بالاستهلاك الشئ الذي خلق تضارب فقهيا وقضائيا حول مسألة الاختصاص النوعي بالنسبة لنزعات الاستهلاك. 

ونظرا للأهمية البالغة التي يتسم بها المستهلك عمل المشرع المغربي على بلورة جملة من القوانين التي من شأنها حمايته من الأضرار التي يمكن أن يتلقاها ، ولعل أبرز هذه القوانين القانون المتعلق بحماية المستهلك 31.0.

    فمن خلال هذه الترسانة القانونية؛ إلى أي حد استطاع المشرع المغربي تنظيم عملية التقاضي بين المستهلك و المهني التاجر ؟

  و هل وفر آليات حقيقية تكفل  يسر ولوج الطرف الضعيف إلى المؤسسات القضائية ؟

المبحث الأول:خصوصيات التقاضي في المادة الاستهلاكية بين الاختصاص و الإثبات

تعد حماية المستهلك من الواجبات الأساسية للدولة الحديثة، والتي يقع على عاتقها حماية من كل التجاوزات التي يمكن أن يكون ضحية لها، فحق رفع الدعوى مضمون بموجب التشريعات الأوربية لسنة 1950 في مادتها السادسة التي تنص على أنه لكل انسان الحق في أن ترفع شكواه بالعدل والإنصاف علنا وفي الآجال المعقولة من طرف محكمة مستقلة وعادلة وفق القانون.

فالهدف الأساسي الذي يقوم عليه قانون الاستهلاك بصفة عامة، وقانون حماية المستهلك المغربي خصوصا على تصحيح العلاقة اللامتوازنة بين المستهلك والمهني من خلال تعزيز الحماية المخولة للمستهلك باعتباره الحلقة الأضعف في النزاع الاستهلاكي سواء من الناحية الاقتصادية أو المالية أو الفنية أو القانونية.

ومما لا شك فيه أن تحقيق الأهداف يقتضي بالضرورة وجود نصوص قانونية واضحة وكافية تعيد للعلاقة التعاقدية مكانتها وتسمح للمستهلك الطرف الضعيف برفع دعوى قضائية أمام محاكم مختصة قريبة ومألوفة بعيدة عن منطق التخصص الذي يخدم العلاقات التجارية الصرفة والتي غالبا ما تتطلب السرعة، وعليه سنسلط الضوء في هذا المبحث على قواعد الاختصاص المحلي والنوعي في قضايا الاستهلاك ( المطلب الأول )، إضافة إلى التطرق إلى قواعد الاثبات في المادة الاستهلاكية ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول: المحكمة المختصة في قضايا الاستهلاك ومدى نجاعتها في تحقيق الأمن القانوني والقضائي

إن الحديث عن المحكمة المختصة بالنظر في النزاعات المرتبطة بالمادة الاستهلاكية، وما لها من أهمية خصوصا أننا هنا نكون في غياب للتوازن بين الأطراف المتنازعة في هذا النوع من القضايا.

وعليه فإن تحديد كل من المحكمة المختصة محليا وماله من أهمية، خصوصا وأن المشرع المغربي أفرد له أحكاما خاصة بمقتضى قانون حماية المستهلك ( الفقرة الأولى)، على عكس الاختصاص النوعي الذي ظل محكوما بالقواعد العامة، والتي يمكن أن لا تحقق الهدف المرجو منها ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :الاختصاص المحلي في نزاعات الاستهلاك ومدى أهميته

يقصد بالاختصاص المحلي عموما  تحديد المحكمة المختصة مكانيا من بين المحاكم التي هي من نفس صنف  درجة واحدة ، والموزعة جغرافيا في أماكن مختلفة داخل الدولة وبشكل خاص هو سلطة المحكمة للنظر في نزاعات معينة تدخل ضمن دائرته الترابية ، فهو يقوم على عدة مبادئ أهمها راعية الخصوم ، حيث يتقرر إعادة لمحكمة قريبة من محل الإقامة أو محل النزاع[1].

وبالرجوع إلى القواعد المنظمة للاختصاص المحلي سواء في قانون المسطرة المدنية  [2]. أو قانون إحداث المحاكم التجارية[3]. أو الاختصاص المحلي في أقسام قضاء القرب[4].

نجده أنها تقرر مبدأ واحدا هو أن الاختصاص المكاني يعهد للمحاكم التي يوجد بدائرة نفوذها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار أو محل إقامته في حالة انعدام موطن لديه .وتجدر الإشارة في هدا الصدد أن مؤسسات الائتمان تعمد إلى تضمين عقود القرض الاستهلاكي شرطا يفيد إسناد الاختصاص  إلى المحاكم التي يتواجد فيها المقر الاجتماعي للبنك ، والذي يكون غالبا في مدينة الدار البيضاء ، مما يجعل من ممارسة المقترض لدعواه أو الدفاع عن مصالحه في مواجهة البنك مهمة شاقة ومكلفة .

ويعتبر هذا الشرط مجحف في حق المقترض ودليل على سؤ نية البنك المقرض حيث يحول دون ممارسة المقترض حقه في اللجؤ إلى القضاء للمطالبة ، بحقوقه ضد البنك لأن رفع الدعاوى يكلف المستهلك عدة مصاريف ، خاصة تلك المتعلقة بالانتقال إلى المحكمة الذي يتواجد فيه المقر الاجتماعي للبنك ، إضافة إلى المصاريف القضائية وأتعاب المحامي ، ترتب عنه القروض ، وهذا الوضع تغير جذريا مع دخول قانون 31,08القاضي بتحديد تدابير المستهلك حيز الوجود حيث جاء في المادة 202 من هذا القانون ” في حال نزاع بين المورد والمستهلك ،ورغم وجود أي شرط مخالف ، فان المحكمة المختصة هي محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل  الذي وقع فيه الفعل المتسبب الضرر باختيار هذا الأخير  .[5]

فقد أصبح الاختصاص المحلي ينعقد لمحكمة موطن أو إقامة المستهلك وما يلاحظ على هذه النصوص أنها :جاءت لحماية المستهلك فبعد أن كانت القواعد المتعلقة بالاختصاص المحلي تنص على صيغة ، المدعى عليه لتحديد المحكمة المختصة محليا ، جاء ق،ح،م،م لينص على كون الاختصاص يرجع لمحكمة موطن أو إقامة” المستهلك ” أو ” المقرض ” سواء كان مدعيا أو مدعى عليه

ـ جاءت بصيغة عامة قابلة للتطبيق على كافة أنواع النزاعات المتعلقة بقانون حماية المستهلك ، سواء أكانت ذات بعد مدني ، مختلط ، إداري ، زجري ، وبغض النظر عن المحكمة المختصة في النزاع ، على اعتبار أنها قواعد جاءت عامة في نص خاص يقدم على النص العام

ــ تهدف إلى معالجة إحدى أهم الإشكاليات المطروحة على المحاكم المغربية والأجنبية والتي لطالما تركتها معالجتها لنظرية البنود التعسفية .

غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه بهذا الخصوص فانه يتمحور بالأساس حول ما اذا كانت قواعد الاختصاص المحلي هاته تعد من الخلفيات النظام العام

إن  صياغة المادة 111 ق،ح،م،م جاءت بصيغة الوجوب “يجب” مما يدل على كون الأمر يتعلق بقاعدة أمرة وليست مكملة تراعي المصلحة العامة على المصلحة الفردية . وهو ما يؤكده المشرع المغربي في المادة 151 من قانون حماية المستهلك عندما أقر صراحة بأن بمقتضيات  المادة 111 من النظام العام ، غير أن صياغة مقتضيات المادة 202 لم تكن بنفس الوضوح والدقة الذي كانت عليه صياغة المادة 111 فيما يتعلق بالوجوب من عدمه وان كانت تدل على أنها قاعدة أمرة هي الأخر وهو مما يتضح من خلال الصياغة في حالة نزاع بين المورد والمستهلك ورغم وجود أي شرط مخالف ، فان المحكمة المختصة هي محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل الذي وقع الفعل المتسبب في الضرر باختيار هذا الأخير [6] . بالرغم من أن المشرع المغربي لم يؤكد صراحة كما فعل مع المادة 111 من قانون 31،08 في كون مقتضيات المادة 202 من النظام العام ، لكن تبقى الفلسفة التي وضع من أجلها قانون حماية المستهلك  تقضي تفسير النصوص القانونية  بما يخدم مصلحة المستهلك وانطلاقا  من كون الاختصاص المحلي في قضايا الاستهلاك من النظام العام خصوصا في القروض الاستهلاكية فانه يترتب على ذلك أنه :

افرأ أيضا : بحث قانوني حول الأمن القضائي وفض نزاعات الاستهلاك أمام القضاء

ــ لا يمكن للخصوم الاتفاق على رفع دعوى أمام محكمة غير مختصة محليا بصورة مطلقة.

ـ للأطراف التمسك بالدفع بعدم الاختصاص المحلي في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض  عند الطعن بالنقض .

ـيتعين على المحكمة إثارة تلقائيا ولول لم يطلبه الأطراف .

ـ على النيابة العامة سواء كان تدخلها إلزاميا أو اختيارا ، إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلي [7] . وهو ذاته التوجه الذي بدأت تسلكه المحاكم المغربية  سواء منها الابتدائية أو التجارية في تطبيقها لمقتضيات قانون 31.08 في علاقتها بالاختصاص المحلي ” حيت جاء بالمادة 111 من قانون رقم 31.08 أنه يجب أن تقام الدعاوى للمطالبة بأداء المديونية الناجمة سواء عن عقد القرض أو عقد الإيجار المقرون بوعد بالبيع أو مع خيار الشراء أمام محكمة موطن أو محل إقامة المقترض ، وهدا المقتضى  القانوني هو من صميم النظام العام انسجاما مع بالمادة 151 من هذا القانون

وحيت جاء كذلك بالمادة 202 من هدا القانون أنه في حال وقوع نزاع بين طرفي عقد أي كل من المقترض والمستهلك أو المدين المقترض فان المحكمة تكون هي محكمة موطن المقترض وذلك بالرغم من وجود شرط مخالف وحيت إن مقتضيات هدا القانون الجديد دخلت التنفيذ من تاريخ نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية تطبيقا للمادة 197 التي أو جبت تطبيق هذا القانون بمجرد  نشره ، وما دام أن الدعوى المرفوعة  إلى هذه المحكمة مسجلة بتاريخ لاحق على هذا القانون حيز التطبيق فإنها تبعا لذلك تكون خاضعة لبنوده وبتالي فان الاختصاص ينعقد للمحكمة المدينة كما جاء في الحكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء[8].  وحيت أن هذه التدابير المنظمة للعلاقة بين المستهلك والمورد أو المؤسسة المقرضة هي من النظام العام لا يجوز للأطراف الاتفاق على ما يخالفها ، وتبعا لذلك فان المحكمة وخلافا للقواعد الخاصة بالاختصاص المحلي المشار إليها بقانون المسطرة المدنية، فإنها تتدخل تلقائيا وتثير من تلقاء نفسها مدى احترام الأطراف لإرادة المشرع التي تتجه  إلى حماية المستهلك بإلزام المؤسسة المقرضة  بمقاضاة  المدين أمام محكمته المختصة وهي محكمة موطنه  الحقيقي أو المختار، وطالما أن المدعى عليه في النازلة يخضع لهذا القانون المنظم للعلاقة التعاقدية بين الموردين والمستهلكين وبما أنه يقطن بمدينة  وجدة فان المحكمة التجارية بالدار البيضاء فتطبيقا للمادة 202 من قانون رقم 31,08 تكون غير مختصة محليا للبت في النزاع[9]. وهو ذاته التوجه الذي ذهبت إليه المحكمة التجارية بفاس في حكم لها بتاريخ 18/03/2013  [10] . حينما صرح بعدم اختصاصها محليا للبت في نزاع ناشئ قرض استهلاكي لتعلق مقتضيات الاختصاص المحلي بالنظام العام وذلك العام وذلك حسب مقتضيات المادتين 111 و151 من  ق,. م.م  سواء كانت متعلقة بالنظام العام أم لا , لا يمكن أن يثيرها القاضي من تلقاء نفسه لأنها قواعد وضعت لحماية المستهلك ،  ولكي يستفيد منها عليه أن يتمسك بها ، مادام النظام العام في قضايا الاستهلاك نظام عام حمائي يحمي مصالح خاصة ، وليس نظام عام توجيهي يهدف لتحقيق مصلحة عامة  [11].

الفقرة الثانية : الاختصاص النوعي في قضايا الاستهلاك

يقصد بالاختصاص النوعي صلاحية المحكمة للبث في النزاع بحسب نوع القضية، فعلى عكس الاختصاص المحلي الذي نظمه المشرع المغربي بإحكام من خلال القانون 31.08، فالاختصاص النوعي لم ينظمه بقواعد خاصة في هذه الأخيرة ، فالمشرع لم يراعي خصوصيا ت نزاعات الاستهلاك التي تقتضي وضع قواعد كفيلة بحماية المستهلك، وترك المجال للقواعد العامة من أجل تحديد قواعد الاختصاص الواجبة التطبيق على هذا النوع من النزاعات[12].

أولا : الاختصاص النوعي في قضايا الاستهلاك وفق القواعد العامة

      وعليه تخضع النزاعات الاستهلاكية للتنظيم القضائي المعمول به حسب نص الفصل الأول من الظهير الصادر بتاريخ بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة.

يتوقف تحديد الاختصاص النوعي على ضرورة توزيع القضايا بين المحاكم العادية و المتخصصة و ذلك على أساس نوع المعاملات أو التصرفات التي يكون الشخص طرفا فيها[13].

إن أهمية الاختصاص النوعي في نزاعات الاستهلاك تنبع أساسا من خصوصية قانون الاستهلاك المغربي الذي يوصف بأنه قانون متعدد الأبعاد يجمع بين عدة فروع قانونية منها ما هو مدني و منها ما هو إداري  ومنها ما هو زجري ، و كما أسلفنا الذكر المشرع لم ينظر بمناسبة القانون 31.08 إلى قواعد خاصة بالاختصاص النوعي .

يتوقف تحديد الاختصاص النوعي على ضرورة توزيع القضايا بين المحاكم العادية و المتخصصة إما على أساس قيمة النزاع ، إذ كلما تعلق بنزاع يجمع بين طرفين أحدهما مستهلك و الآخر مهني و كانت قيمة النزاع تقل عن 5000 درهم إلا و ثم إسناد الاختصاص لأقسام قضاء القرب  ، و إما على أساس نوع المعاملات أو التصرفات التي يكون الشخص طرفا فيها ، مع العلم أن المشرع المغربي منح المحاكم الابتدائية الولاية العامة للنظر في النزاعات المدنية التي تعرض  عليها حسب الفصل  18[14] من ق.م.م .

لكن عندما يتعلق النزاع الاستهلاكي بسوء تدبير المرافق العمومية الإدارية كالمستشفيات و المدارس مثلا، أو ألحق أحد أشخاص القانون العام ضررا بالمستهلكين ، فإن الاختصاص  هنا ينعقد للقضاء الإداري بصريح المادة الثانية خاصة الفقرتين الرابعة  والخامسة من هذا القانون 31.08 الذي نص على أنه : ” يتقيد الأشخاص الخاضعون للقانون الخاص المفوض لهم تدبير مرفق عام بالالتزامات التي يفرضها القانون على المورد .

ويتقيد الأشخاص المعنوية الخاضعون للقانون العام بالالتزامات المفروضة على المورد مع مراعاة القواعد والمبادئ التي تنظم نشاط المرفق العام الذي يسيرونه ، مع ضرورة التأكيد على أن المشرع المغربي عمل على تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية بنوع من الدقة و جعله من النظام العام[15] .

لكن بالرغم من ذلك فالتمييز بين العقود التي يبرمها أشخاص القانون العام بمناسبة ممارستها لنشاطها في إدارة المرافق العامة و تسييرها ، تأخذ فيها الإدارة بوسائل القانون ، بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق و امتيازات لا يتمتع بها الطرف الآخر المتعاقد معها والذي غالبا ما يكون طرفا ضعيفا لكنها تنزل منزلة الأفراد في تعاقدهم فتبرم عقودا مدنية تستعين فيها بوسائل القانون الخاص .

فمثلا الوكالات الجماعية المستقلة لتوزيع الماء و الكهرباء و كذا المكتب الوطني لتوزيع الكهرباء مؤسسات عمومية ذات طابع تجاري و اقتصادي فهي مؤسسات تكتسي  صفة تاجر في علاقتها بالمشتركين و العقود التي تبرمها مع هؤلاء تعتبر من عقود القانون الخاص ينعقد الاختصاص فيها للقضاء العادي ، و هو التوجه الذي تبنته المحكمة الإدارية بفاس  بتاريخ 5 أكتوبر 2004 حينما اعتبرت العقود المبرمة بين المدعي ( المستهلك ) و المكتب الوطني للكهرباء كمؤسسة تجارية و صناعية تعتبر من العقود الخاصة إذا كان الغرض منها هو الحصول على المادة التي تختص المؤسسة بتوزيعها و بالتالي لا يكتسي العقد طابع العقود الإدارية مما يجعل المنازعة بخصوص العقود الخاصة ينعقد فيها الاختصاص للقضاء العادي . ما دامت المادة 8 من ق.إ.م.إ لا تستوعب العقود المتعلقة بالقانون الخاص[16].

هذا من جهة من جهة أخرى قد يشمل النزاع في أحيان كثيرة عملا إجراميا يعاقب عليه المشرع المغربي وفقا لمقتضيات القسم السابع من القانون رقم 31.08 و في هذه الحالة فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة الزجرية وهو خيار يوسع من وجود النيابة العامة خصوصا في مجال الإثبات[17] .

ثانيا : الاختصاص النوعي في النزاعات المختلطة

قد يقع نزاع بين طرفين غير متساويين في الصفة إذ نجد طرف تاجر ( مهني )، و طرف آخر مدني ( مستهلك )، في هذه الحالة يثار إشكال المحكمة المختصة في مثل هذا النزاع ؟

للخوض في هذه الإشكالية يجب النظر إليها من زاويتين حتى تتضح الرؤيا، و ذلك من خلال النظر من زاوية المستهلك  المدعي و زاوية المستهلك المدعى عليه .

ـ المستهلك المدعي :

عندما يكون المستهلك هو الطرف المدعي فإن المسألة تكون أقل تعقيدا على اعتبار أن الخيار يبقى لصالحه في اختيار المحكمة التي سيرفع دعواه أماهما  المحكمة المدنية أو التجارية للمطالبة بحقوقه و ذلك أن المعاملة هنا تكتسب طابعا مختلطا إذ تعتبر مدنية بالنسبة للمستهلك و تجارية في الغالب بالنسبة للمهني  الشيء الذي دفع القضاء المغربي إلى ترسيخ هذه القاعدة من خلال مجموعة من القرارات و التي تصب في حماية المصلحة الفردية للمستهلك باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة التعاقدية مع المهنيين[18].

ـ المستهلك المدعى عليه :

إضافة إلى أن المستهلك له الحق في رفع دعواه على المنهي  فإن هذا الأخير كذلك له الحق في رفع دعواه ضد المستهلك من الأمثلة على ذلك : النزاع المتعلق بشركة إيكدوم المدعية و بين المستهلك المدعى عليه يتعلق بعقد قرض باقي أداء  أقساطه ما دفع المدعية إلى رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء قصد المطالبة بمبلغ الدين بالإضافة إلى المصاريف و الفوائد[19].

كما يمكن للمهني أن يرفع دعواه أمام المحاكم التجارية لكن في هذه الحالة يمكن للمستهلك الدفع بعدم اختصاص المحكمة التجارية بالدار البيضاء ، إذ بادرت المدعية شركة ليوتيز للمياه ” ليدك ” ، برفع دعوى أمام المحكمة التجارية ضد المدعى عليها المستهلك لمطالبتها بأداء مبلغ معين عن واجبات استهلاك الماء و الكهرباء فقدمت المدعى عليها بواسطة نائبها بمذكرة دفعت فيها بعدم الاختصاص النوعي ملتمسا التصريح بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة التجارية لأن العارضة شخص مدني و أن النزاع لا يندرج تحت الشروط المنصوص عليها في المادة 6 من مدونة التجارة، و بعد تأكد المحكمة من خضوع النزاع لقانون المستهلك صرحت بعدم اختصاصها نوعيا للبث في النزاع المعروض عليها[20] .

كل هذه الإشكالات و التضاربات التي يوقفها الاختصاص النوعي في المادة الاستهلاكية كان لابد  من طرح مجموعة من الملاحظات التالية :

ـ ضرورة تحديد الاختصاص النوعي و توزيعه توزيعا واضحا بين المحاكم الابتدائية و المتخصصة بشكل يراعي مصالح الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، والأخذ بعين الاعتبار تقريب القضاء من المتقاضين .

ـ النزاعات التي تقل قيمة النزاع فيها عن 5000 درهم بين طرفين أحدهما مهني و الآخر مستهلك، تبقى من اختصاص قضاء القرب .

ـ إعمال قواعد الإنصاف القضائي بشكل يؤدي إلى استبعاد الاختصاص النوعي من المحاكم التجارية، و لو في العلاقة التعاقدية التي تجمع بين المدني  والتاجر .

المطلب الثاني: الإثبات في قضايا الاستهلاك 

 ما دام أننا نتناول الموضوع من الناحية القضائية، فإن أهم ما يجب تناوله هو قواعد الإثبات في مثل هكذا نزاعات،  لدى كان لابد والتطرق لمن يقع عليه عبء الإثبات في فقرة أولى على أن ننتقل للبحث في الوسائل التي يمكن الاعتداد بها في قضايا الاستهلاك في فقرة ثانية.

الفقرة الأولى: عبء الإثبات في قضايا الاستهلاك

  من المعلوم أن الأصل في الإثبات ان يقع على عاتق المدعي،  حيث ان القاعدة المعمول بها كأصل عام هي جاء في منطوق الفصل 399 من ظهير الالتزامات والعقود الذي ينص على أن “إثبات الالتزام يقع على مدعيه”، أي أن البينة على من ادعى،  والمدلول هنا ليس دائما المقصود به هو صاحب المقال الافتتاحي للدعوى الأصلية أو الدعوى العارضة،  إذ العبرة على من يعتبر دائنا أو من يدفع بكونه دائنا،  أو من يدعي انقضاؤه وذلك تطبيقا لنص الفصل 400من ظهير الالتزامات والعقود. 

وهو الأمر الذي أكدته محكمة النقض في توجهها القضائي عبر عدة قرارات.

هذه القواعد العامة لابد وان يكون المشرع قد قلص منها لصالح المستهلك أثناء صياغته للقانون المتعلق باحداث تدابير لحماية المستهلك خصوصا أن النازعات في هذه القضايا تكون غير متكافئة بين طرف ضعيف يتمثل في المستهلك وطرف قوي محترف متمثل في المورد.

لكل هذا حق لنا أن نتساءل عن اي حماية وأي إمتياز منح المشرع للمستهلك من خلال القانون رقم 31.08.

بالرجوع لمقتضيات القانون السالف الذكر نجد المشرع وإن لم يقم بقلب عبء الإثبات وجعله على عاتق المهني في دعاوى الاستهلاك بصفة عامة،  باعتباره طرفا يمتلك الخبرة والمعطيات التي تسهل عليه توفير الحجج اللازمة على حسن تنفيذه لالتزاماته القانونية أو التعاقدية؛

إلا أنه خص حالات معينة وجعل عبء الإثبات يقع على عاتق المورد، وذلك ما تبين بشكل جلي بالاطلاع على المادة 34 من قانون حماية المستهلك ، والتي تنص على أنه “في حالة حدوث نزاع بين المورد والمستهلك يقع عبء الإثبات على المورد خاصة فيما يتعلق بالتقديم المسبق للمعلومات المنصوص عليها في المادة 29 وتأكيدها واحترام الآجال وكذا قبول المستهلك “.

كما جاءت المادة 44 من نفس القانون لتؤكد أن المادة 34 تعد مقتضياتها من النظام العام، لا يجوز استبعادها أو الاتفاق على مخالفتها ، أي أن أي شرط يلزم المستهلك بعبء الإثبات في العقود المبرمة عن بعد بعد شرطا غير قانوني لمخالفته للنظام العام.

هذا بالإضافة لما نصت عليه المادة 18من قانون حماية المستهلك والتي تعالج فرضية وقوع نزاع حول عقد يتضمن شرطا تعسفيا، حيث أوجبت على المورد ان يثبت الطابع الغير التعسفي للشرط موضوع النزاع.

وفي الاخير فإن أمام هذا القصور في تمييل كفة المستهلك باعتباره طرفا ضعيفا امام المورد المهني الذي يحترف ذاك الميدان، يبقى على عاتق القاضي الفاصل في النزاع تحقيق الأمن القضائي عن طريق توزيع عبء الإثبات بين طرفي النزاع من خلال تكييفه لطبيعة الالتزامات التي يتحملها كل طرف .

كما يمكنه أن يفعل دوره الايجابي في تأويل المقتضيات العامة والخاصة لصالح المستهلك، إعمالا لنص المادة 8 من قانون حماية المستهلك رقم 31.08 التي تقضي بضرورة ترجيح التأويل الأكثر فائدة للمستهلك.

وعليه فإن أي لبس تعلق بتفسير بنود العقد أو باحدى القواعد القانونية فإن على القاضي المعروض عليه النزاع إختيار التأويل الأكثر فائدة للمستهلك.

الفقرة الثانية : و سائل الإثبات في قضايا الاستهلاك 

  إن قيام المنازعة و نقلها الى القضاء باعتباره جهة رسمية أوكلت لها الدولة مهمة الفصل في النزاعات؛ يقتضي من الأطراف المتنازعة إيجاد وسائل يدافعون بها عن حقوقهم أمام القاضي ؛ و هو ما يعرف بإقامة البينة على الحق المدعى باستحقاقه.

و البينة هي سلاح الخصوم في معركة الخصومة القضائية حيث تتصارع المصالح و تتقارع المزاعم؛ فالبينة أو الإثبات هي الوسيلة التي يعتمد عليها الأفراد في صيانة حقوقهم كما أنها هي الأداة الضرورية التي يعول عليها القاضي في التحقق من الوقائع القانونية؛ ذلك أن ادعاء وجود حق محل نزاع من جانب أحد الأشخاص أمام القضاء يجعله ملزما بنقل دليل حقه. 

اقرأ أيضا : قراءة موجزة في مبدأ السرية البنكية وعدم التدخل في الشؤون الخاصة بالمستبنكين

و للحديث عن وسائل الإثبات في نزاعات الاستهلاك؛ الأمر يقتضي منا تحديد نطاق البحث – هل يرتبط بمجال القانون المدني- أم – بمجال القانون التجاري- و لا يخفى على أحد أهمية هذه التفرقة. 

   إذ كما هو معلوم فإن مدونة التجارة جعلت من حرية الإثبات مبدء لها؛ و ذلك نظرا لأهمية هذا الأخير – حرية الإثبات – في مجال الأعمال التجارية؛ إذ نصت المادة 334 من مدونة التجارة على ” تخضع المادة التجارية لحرية الإثبات… ” 

  في حين أن المشرع في قانون الالتزامات و العقود حدد وسائل الإثبات في الفصل  404 

و جعلها محصورة في- إقرار الخصم؛ و الحجة الكتابية؛ و شهادة الشهود؛ و القرينة؛ واليمين و النكول عنها. 

  و التطرف لوسائل الإثبات في نزاعات الاستهلاك في ظل غياب نظام خاص بها يقتضي منا تحديد نوعية العمل هل هو تجاري أو مدني أو مختلط.

  و باعتبار العلاقة في قانون حماية المستهلك تقوم بين مورد تاجر و مستهلك قد يتخذ أية صفة، فإننا في غالب الأحيان نكون أمام عمل مختلط

  و الأعمال المختلطة نجد أن المشرع قد نص على قواعدها القانونية في المادة (4) من مدونة التجارة ” إذا كان العمل تجاريا بالنسبة لأحد المتعاقدين و مدنيا بالنسبة للمتعاقد الأخر طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه تجاريا؛ ولا يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا، ما لم ينص مقتضى خاص على خلاف ذلك ” .

و بناء على القاعدة أعلاه نكون أمام تقييد للطرف التجاري في الإثبات أمام الطرف المدني، اذ يمكن للطرف الأخير أن يواجه التاجر بكل وسائل الإثبات؛ في حين أن التاجر لا يمكن أن يواجه الطرف المدني إلا اذا تقيد في الإثبات بقواعد القانون المدني.

و هذا ما يجعل من قاعدة التطبيق المزدوج لوسائل الإثبات على العمل المختلط، قاعدة تصب في مصلحة الطرف الذي يكون العمل مدنيا بالنسبة إليه، و ذلك يكون المشرع قد عمل على توفير الحماية للمتعاقد الذي يكون التزامه مدنيا. 

 لكن الإشكال يثور في هذا الصدد و خاصة بالنسبة للمستهلك عند انفتاحنا على مدى اعتبار وسائل الإثبات من النظام العام، لنعرف مدى صمودها أمام الموردين باعتبارهم طرفا قويا في العقد. 

  لنجد أن كل من المادة 4 و 334 من مدونة التجارة ووسائل الإثبات في المادة المدنية لا تتصل بالنظام العام إذ يمكن الاتفاق على مخالفتها . إلا أن قانون حماية المستهلك جاء في المادة 18 منه من أجل الحد من أي تعسف للمورد؛ و اعتبر في البند 17…” تعسفا كل شرط يؤدي إلى إلغاء أو عرقلة حق في إقامة دعوى قضائية أو اللجوء إلى طرق الطعن، و ذلك بالحد بوجه غير قانوني من وسائل الإثبات المتوفرة لديه أو إلزامه بعبء الإثبات الذي يقع عادة على طرف آخر في العقد، طبقا للقانون المعمول به.

في حالة وقوع نزاع حول عقد يتضمن شرطا تعسفيا، يجب على المورد الإدلاء بما يثبت الطابع غير التعسفي للشرط موضوع النزاع ” 

  ليكون المشرع من خلال القانون 31.08 قد حاول توفير حماية للمستهلك سواء من خلال نظرية البنود التعسفية أو من خلال بعض المقتضيات الأخرى التي تقوم إلى جانب مؤسسة الإثبات و التي تخدم المستهلك مثل : 

  •     الشكلية: و التي اعتمدها المشرع في مجموعة من المقتضيات القانونية على اعتبار أن من شأنها توفر أدلة إثبات للمستهلك، إذ نجد أنه في قانون حماية المستهلك تم جعل الكتابة شرطا أساسيا لصحة بعص التصرفات القانونية. 
  •  قاعدة التأويل الأكثر فائدة للمستهلك؛ و ذلك من خلال المادة 9 التي جعلت الشك يرجح تأويله لفائدة المستهلك.

المبحث الثاني : الإجراءات المسطرية في الدعوى الاستهلاكية

إن من الأهداف الأساسية التي يقوم عليها  قانون حماية المستهلك المغربي ، تصحيح العلاقة اللامتوازنة بين المستهلك و المهني ، من خلال تعزيز الحماية المخولة للمستهلك باعتباره الحلقة الأضعف في النزاع الاستهلاكي ، سواء من الناحية الاقتصادية أو المالية أو الفنية أو القانونية [35].

ومما لا شك فيه أن تحقيق هذه الأهداف يقتضي بالضرورة وجود إجراءات مسطرية مبسطة و خاصة ، تسمح للمستهلك الطرف الضعيف من الولوج إلى القضاء و الاستفادة من حقوقه مع مراعاة الخصوصية التي تتميز قضايا الاستهلاك، لكن المشرع المغربي لم يعمل على  وضع إجراءات خاصة بمثل هذه القضايا في قانون 31.08 مما ألزم تطبيق قواعد المسطرة المدنية التي تعد إجراءات صعبة و معقدة لا تحقق الأمن القضائي للمستهلك.

   ولهذا  يعتبر من الحقوق الدولية الأساسية للمستهلك الحق في تمثيله حين اتخاذ القرارات المتعلقة به ، و الحق في الدفاع عن مصالحه من خلال جمعيات حماية المستهلك المشأة بوجه قانوني ، وذالك لأن المستهلكين غالبا ما يفتقرون إلى الخبرة و التجربة و غالبا ما يترددون في رفع الدعاوى تجنبا لضخامة المصاريف و بطء الإجراءات  ، كما تلعب السلطة التقديرية للقاضي دورا مهما في تفسير بنود العقد الإستهلاكي الذي غالبا ما يختل فيه مراكز المتعاقدين و يصعب تحديد نية كل منهما  و تحقيق العدالة القضائية في مثل هذا النوع من القضايا .

و يعد التحكيم من الوسائل التي  يتم اللجوء إليها لتجنب المساطر القضائية مع بطئها و تعقد مساطرها .

و عليه سنقوم في هذا المبحث بالحديث عن ، خصوصية مسطرة التقاضي في المادة الاستهلاكية و مدى نجاعتها (المطلب الأول) ، ثم سنتحدث في (المطلب الثاني) عن قضايا الإستهلاك بين تعدد الجهات المتدخلة و الوسائل البديلة .

المطلب الأول : خصوصية مسطرة التقاضي في المادة الاستهلاكية و مدى نجاعتها

تعد المساطر القاضية هي المحرك الأساسي للدعوى و هي من تعطي الحياة للقواعد القانونية لكن المشرع عندما وضع إطار قانوني خاص كنا عليه أن يضمنه قواعد إجرائية خاصة لإعطائه الحياة و خلق السرعة و النجاعة التي يتطلبها و سنتحدث في (الفقرة الأولى)إجرأي التقييد و التبليغ في المادة الاستهلاكية ، كما سنتحدث عن سلطة القاضي في قضايا الإستهلاك (الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى : التقييد و التبليغ في المادة الإستهلاكية

 إن الوقوف عند المقتضيات القانونية التي جاء بها قانون حماية المستهلك تبرز أنه قانون موضوعي بامتياز ، أغفل النص على قواعد مسطرية خاصة بنزاع الإستهلاك ، لذالك تبقى القواعد المسطرية العامة هي الواجبة التطبيق و التي و إن كانت توفر بعض الحماية للمستهلك على مستوى بعض الأليات المسطرية التي هي في حاجة لبعض التعديلات حتى تستجيب لخصوصيات نزاع الإستهلاك [36].

[ads1]

[ads1]

أولا : غياب إجراءات مبسطة لتقييد الدعوى وغياب نظام فعال للمساعدة القضائية

تعتبر الطرق القضائية الأصل في تسوية كل النزاعات ومن بينها نزاعات الاستهلاك،لذلك يجب أن تحاط بالضمانات الكافية لجعلها سهلة وبسيطة ، كما يجب أن تعزز بنظام فعال للمساعدة القضائية .

  1. 1)   : غياب إجراءات مبسطة لتقييد دعوى الاستهلاك لفائدة المستهلك

تفتتح الدعوى عموما بموجب طرق قانونية للتقييد تمكن المحكمة من وضع يدها على القضية.

وفي هذا الصدد ينص الفصل 31 من ق.م.م. على ما يلي: “ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا يحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر إلى أنه لا يمكن له التوقيع”.

فالأصل في مسطرة تقييد الدعاوى أن تكون كتابية كما يمكن أن تكون شفوية في حالة استثنائية[37]، وكما هو معلوم أن المسطرة الكتابية تسجل ضرورة تواجد المحامي إذ يحتكر وحده حق تمثيله للأطراف ومؤازرتهم لتقديم مقالاتهم ومستنتجاتهم، وبالتالي على المستهلك الذي يرغب في اللجوء إلى القضاء أن يسلك بالضرورة مسلك المسطرة الكتابية بكل أعبائها، وهو ما لا يتماشى مع طبيعة نزاعات الاستهلاك، وبالتالي عدم توفير الأمن القضائي للمستهلك، ومن الملاحظ غياب أي مقتضى في قانون 08-31 بهذا الخصوص في حين أنه كان من الضروري جعل المسطرة الشفوية أصلا في نزاعات الاستهلاك مراعاة لخصوصية هذه النزاعات.

  • 2)   : عدم التنصيص على استفادة المستهلك من المساعدة القضائية بقوة القانون

لتأمين ولوج المستهلك للقضاء ينبغي سن مجموعة من التدابير يتأتى على رأسها ضرورة وضع نظام جديد للمساعدة القضائية. وباستقرائنا لقانون 08-31 يمكن القول بغياب نظام حقيقي للمساعدة القضائية في قضايا الاستهلاك، فإذا كانت المصاريف التي ستؤدى تفوق بكثير الفائدة المرجوة كيف يمكن الحديث عن ولوج حقيقي للعدالة، إذ لابد للحديث عن الاستفادة الحقيقية للمستهلك من المساعدة القضائية أن يتم توسيع نطاق الاستفادة بقوة القانون، مع إعطاء الحق للمستفيدين في اختيار المحامي بدل تعيينه علاوة على تحمل الدولة مصاريف دعاوى هذه النزاعات وعدم مطالبة المستفيد بها إذا حكمت الدعوى لصالحه[38].

  • 3)   : غياب نظام المساعدة القانونية لفائدة المستهلك

إذا كانت المساعدة القضائية تقتضي استفادة المستهلك من حق اختيار المحامي والإعفاء من الرسوم القضائية بما في ذلك مصاريف الخبرة وتنقل المحكمة وتعويضات الشهود وما إلى ذلك، فإن نظام المساعدة القانونية يقتضي حق المستهلك في معرفة حقوقه والتزاماته، أو بعبارة أخرى حقه في الإعلام والتبصير. مما يدفعنا إلى القول بإحداث هيئة مختصة من شأنها توجيه المستهلك وإفادته بكل ما يتعلق بحقوقه القضائية.

ثانيا : التبليغ في المادة الإستهلاكية

لاشكأن المتتبع للنصوص القانونية المؤطرة للتبليغ في القانون المسطري المغربي يلاحظ عجزها عن تحقيق الغاية التي سنت من أجلها و هي المساهمة في تسريع المساطر و فعاليتها [39].

إن صدور قانون رقم 11-33  الذي عدل وتمم المقتضيات المتعلقة بالتبليغ و حاول الحد من التعقيد الذي تعرفه ميطرة التبليغ ، بجعلها واضحة بالمقارنة مع ما كان عليه الأمر قبل صدور التعديل .

و للإلمام بمسطرة التبليغ لا بد من التطرق إلى البيانات الواجب توفرها في الإستدعاء، ثم الجهات المؤهلة لتسليم الإستدعاء ، و أخير الأطراف المخول لهم تسلم الإستدعاء [40] .

  1. البيانات الواجب توفرها في الإستدعاء :

و هي البيانات التي نستشفها من خلال الفصل 36 من قانون المسطرة المدنية الذي أكد فيه المشرع المغربي على ضرورة استدعاء القاضي للأطراف بواسطة استدعاء يتضمن الإسم العائلي و الشخصي و مهنة و موطن أو محل إقامة المدعي و المدعى عليه ، موضوع الطلب و المحكمة التي يجب أن تبث فيه و يوم وساعة الحضور .

  • الجهات المؤهلة لتسليم الإستدعاء :

ينص الفصل 37 من “يوجه الاستدعاء بواسطة احد أعوان كتابة الضبط أو احد الأعوان القضائيين أو عن طريق البريد المضمون برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقةالإدارية”.

  • الجهات المخول لهم تسلم الإستدعاء :

    مقتضيات المادة 38 من قانون المسطرة المدنية جاءت بصياغة دقيقة وهي تسليم الإستدعاء و الوثائق إلى الشخص نفسه أو في مطنه أو في محل عمله أو في أي مكان اخر يوجد فيه و يجوز أن يتم التسليم في الموطن المختار ، بالرغم من أن المشرع لم يحدد بوضوح من يتسلم الإستداء في موطن الشخص أو في محله ، و الصياغة الغالبة في نضرنا هي تسليم الإستدعاء إلى الشخص نفسه أكان في موطنه أو في محل عمله أو في أي مكان أخر يوجد فيه ، و يجوز أن يتم التسليم في الموطن المختار .

   كما تحدثت مقتضيات المادة 39 عن الإستدعاء عن طريق لصق الإشعار في مكان الإستدعاء و هي وسيلة غير ناجعة بالمرة تذهب إلى إهدار حقوق الأفراد ، و هو ما دفع قضاه المحكمة التجارية إلى تبني موقفا صارما بخصوص تعليق الإشعار ، إذ اعتبروا أن مجرد التعليق لا يعتبر توصلا[41]

    لكن بالرغم من ذالك يبقى المشرع المغربي مطالبا بإدخال نوع من المرونة على قواعد التبليغ من خلال التفكير في بدائل جديدة قد تكون أكثر فعالية كما هو الشأن بالنسبة للتبليغ بالجلسة مع التوثيق و تعزيز دور الأطراف في التبليغ[42] .الفقرة الثانية : سلطة القاضي في قضايا الاستهلاك

من المبادئ المسلم بها في المقتضيات المدنية أن العقد يقوم مقام القانون متى نشأ على وجه صحيح و لا يشوبه أي عيب من عيوب الرضا ، إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة و تماشيا مع ما نص عليه الفصل 230[43] من ق.ل.ع .الذي أكد على أن العقد شريعة المتعاقدين . لذلك فإن تدخل القاضي في العلاقة التعاقدية  يكون محدودا بهذا المبدأ .

غير أن التحولات الاقتصادية و الاجتماعية ، التي عرفها العالم أثرت بشكل فعال على العلاقات التعاقدية ، حيث أدت إلى انتشار أنواع جديدة من العقود كعقود الاستهلاك و عقود الإذعان التي بموجبها أصبحنا  أمام تعاقد يختل فيه عنصر التوازن و التكافؤ بين طرف قوي يملك الكفاءة القانونية و الفنية و الاقتصادية و هو المورد[44] ، و طرف ضعيف يفتقر للكفاءة و الخبرة و هو المستهلك[45] .

و من خلال كل هذا أصبح لزاما على القضاء وفي ظل غياب نصوص تشريعية صريحة تضمن التوازن العقدي و مع ثبوت عدم صلاحية ق.ل.ع في تحقيق ذلك  التدخل من أجل تطوير القواعد التقليدية التي تحكم العقود ، فجاء القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك و الذي خول للقاضي صلاحيات واسعة و سمح له بالتدخل في العلاقة العقدية . و أصبح القاضي يستطيع أن يتدخل لتفسير مضمون العقد  ( أولا ) ، كما أصبح للقاضي صلاحية التدخل لتعديل بنود العقد  (ثانيا ) .

أولا : سلطة القاضي في تفسير العقد

يقصد بالتفسير تلك العملية الذهنية التي يقوم بها القاضي من أجل الوقوف على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين ، و له الحق  في أن يستعمل كل الأساليب القانونية التي من شأنها أن تساعده على معرفة قصد المتعاقدين[46]. إلا أن سلطة القاضي في تفسير العقد تضيق و تتسع بحسب ما إذا كانت عبارات العقد واضحة أو غامضة .

فإذا كانت عبارات العقد واضحة في دلالتها لا لبس فيها ما كانت في حاجة إلى تفسير فإنه يتعين على القاضي الأخذ بالمعنى الظاهر لها طبقا للفصل 461[47] من ق.ل.ع .

غير أن ذلك لا يعني إعدام دور القاضي نهائيا ، بل يمكنه أن يقوم بعمل إيجابي في ميدان التأويل ، الذي يمكن أن يتخذ وسيلة لمواجهة عدم التوازن بين المتعاقدين و ذلك بصفة غير مباشرة ، حيث يسترجع دوره كلما تبين له أن عبارات واضحة إلا أنها غير متوافقة مع الهدف الظاهر منه[48] .

أما إذا كانت عبارات العقد غامضة فهنا يفسح المجال الأوسع للقاضي لاستخدام سلطته التفسيرية أخدا بعين الاعتبار النية المشتركة للمتعاقدين معتمدا على التأويل للبحث عن هذه الإرادة المشتركة دون التقيد بالمعنى الحرفي للألفاظ و لا بتكوين الجمل .

و الحالات التي تستدعي تدخل القضاء لتفسير مقتضيات العقد هي التي يكون الهدف منها هو إظهار النية الحقيقية للطرفين عند غموض عبارات العقد ووضوح الإرادة و حالة غموض الإرادة ووضوح العبارة ، ثم غموض العبارة والإرادة معا و الحالة التي تثير الشك في مدى للالتزام المتولد عنه طبقا لمقتضيات الفصل 462 من ق.ل.ع .

فتفسير شروط العقد الغامضة يدخل ضمن سلطة القاضي المطلقة و الشروط الغامضة يقصد بها عدم التوافق بين الألفاظ و الإرادة الحقيقية للمتعاقدين و الغموض قد يقع في الالفاظ دون الالفاظ و الإرادة[49] .

و الجدير بالذكر أن القاضي أثناء تفسيره للعقد الغامض فإنه يستهدي بقاعدة تفسير الشك لمصلحة  المدين أو الملتزم و التي تجد سندها في الفصل 473[50] ق.ل.ع، غير أن هذه القاعدة ليست مطلقة ، إذ هناك حالات تؤدي للخروج عن هذه القاعدة كما هو الحال في عقود الإذعان حيث يفسر الشك لفائدة الطرف المذعن سواء كان دائنا أو مدينا بالالتزام و هو ما أكدته المادة 9[51] من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك .

وعموما هناك قواعد أخرى تضبط قاضي الموضوع و هو بصدد عملية التفسير منها تفسير العقد حسب طبيعة التعامل (الفصل 463 من ق.ل.ع ) ، و قاعدة عدم التوسع في تفسير التنازل عن الحق ( الفصل 46 من ق.ل.ع ) ، و قاعدة إعطاء الأولوية للمبالغ المكتوبة بالحروف دون الأرقام عند حصول تعارض بينهما ( الفصل 471 من ق.ل.ع) [52] .

ثانيا : سلطة القاضي في تعديل بنود العقد عن طريق التوسع في تفسير بعض النصوص القانونية

إن من أجل توفير حماية أكبر للمستهلك فقد سمح المشرع المغربي للقاضي بالتدخل لتعديل الشرط الجزائي التعسفي الذي غالبا ما يعمد المهني إلى إقحامه في العقد بسوء نية بغية لي ذراع المستهلك في حال أراد التحلل من التزامه ، كما أصبح القضاء يمكنه التدخل لتعديل أجل العقد في إطار ما يسمى بنظرة الميسرة .

  • سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي

من خلال التعديل الذي جاء به القانون 27.95 أصبح بإمكان القاضي في إطار الفصل 264[53] من ق.ل.ع التدخل في العقد لتعديل الشرط الجزائي التعسفي متى كان هذا الشرط مبالغا فيه أو زهيدا أو كان الهدف منه الاثراء بلا سبب على حساب الطرف الآخر ، حيث أصبح للقاضي الحق في التدخل لتصحيح الأوضاع و إعادة التوازن بين مصالح كل من المورد و المستهلك و ذلك في إطار تفعيل سلطته التقديرية [54] .

كما أن القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك  قد منح القاضي سلطة واسعة مما كانت عليه في السابق في ظل القواعد العامة حيث سمح هذا القانون للقاضي سلطة تعديل بنوذ العقد و إلغاء الشروط التعسفية التي يختل فيها التوازن بين مصالح كل من المورد و المستهلك على حساب هذا الأخير ، فقد أعطت المادة 16 من القانون 31.08 للقاضي الحق في تعديل أو إلغاء الشروط التعسفية التي تتضمنها عقود الاستهلاك ، أما المادة 19 من نفس القانون فقد اعتبرت أن بطلان الشروط التعسفية لا يؤدي إلى بطلان العقد ككل إعمالا لمبدأ إعمال العقد خير من إهماله ، كما أن المادة 18 جاءت لتعطينا نبذة عن الشروط التعسفية التي جاءت هنا على سبيل المثال لا الحصر تاركة تقدير الشروط التعسفية الأخرى للقاضي .

  • سلطة القاضي في منح مهلة الميسرة

 إضافة لسلطة القاضي في تفسير العقد و تعديله فإنه للقاضي سلطة منح مهلة الميسرة للطرف الضعيف في العقود الاستهلاكية للوفاء بالتزاماته وفقا للفصل 243 من ق.ل.ع الذي نص على  أن : ” ….. و مع ذلك ، يسوغ للقضاة ، مراعاة منهم لمركز المدين ، ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق ، أن يمنحوه آجالا معتدلة للوفاء ، و أن يوقفوا إجراءات المطالبة ، مع إبقاء الأشياء على حالها ” .

 وهو نفس التوجه الذي أكدت عليه المادة 149 من القانون 31.08 التي نصت على أن: ” بالرغم من أحكام الفقرة 2 من الفصل 243 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331( 12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات و العقود ، يمكن و لا سيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية  غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة . و يمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية.

يجوز للقاضي ، علاوة ذلك أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ ، دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلى المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين . غير أن له أن يؤجل البث في كيفيات التسديد الذكورة إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ ” .

وهو نفس التوجه الذي سلكته محكمة النقض في إحدى قراراتها [55].

و في الأخير رغم السلطات المخولة للقاضي في قضايا الاستهلاك إلا أنه لا يزال مقيد ببعض العوائق التي تحد من فعالية الحفاظ على التوازن في العلاقة التعاقدية بين المستهلك و المورد أبرزها مبدأ سلطان الإرادة الذي لا يسمح للقاضي التدخل في المجال التعاقدي إلا في إطار ما يسمح به هذا المبدأ .

المطلب الثاني: قضايا الاستهلاك بين تعدد الجهات المتدخلة والوسائل البديلة

تتميز قضايا الإستهلاك بتعدد الجهات المتدخلة فيها (الفقرة الأولى) ، كما أن التحكيم أضحى من الوسائل البديلة و الملائمة في للفصل في مجموعة من النزاعات الإستهلاكية (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى : تعدد الجهات المتدخلة في قضايا الاستهلاك

 تعدد الجهات المتدخلة في قضايا الاستهلاك حيث نجد الأجهزة ألإدارية (أولا) وجمعية حماية المستهلك (ثانيا) بالإضافة إلى التمثيل المشترك للمستهلكين (ثالثا).

أولا: الأجهزة الإدارية

  من خلال الوقوف عند ديباجة ق ح م م نجد بأن المشرع المغربي نص صراحة على أن هذا القانون يشكل إطار مكملا للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك وهو ما ترتب عنه بداهة تعدد الأجهزة الإدارية المكلفة بالدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين وذلك يؤدي بشكل ألي إلى تضخم المنظومة القانونية المتعلقة بنزاعات الاستهلاك وبالتالي ظهور منظومة قانونية غير متجانسة تمس بتحقيق الأمن القانوني للمستهلك. [56]

     ومن خلال الوقوف عند الأنظمة القانونية المؤطرة لحماية المستهلكين يتضح بأن الأمر يتعلق بمجموعة من الأجهزة الإدارية التي تعنى بالدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين منها ما هو مباشر و يتمثل في الأجهزة الإدارية المنصوص عليها في القانون08 – 31 وهنا نكون بصدد الحديث عن المجلس الإدارية الأعلى الاستشاري للاستهلاك وله دور استشاري في كل ما يهم حماية المستهلك تأسيسا على المادة 1 من مشروع مرسوم المتعلق بإحداث المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك  ومنها هياكل غير مباشرة وهي تلك المنصوص عليها في باقي القوانين وهي أجهزة متعددة و متنوعة بتنوع مجالات تدخلها و الاختصاصات المسندة لها فمنها ما هو تابع لوزارة التجارة و الصناعة من خلال مديرية الرفع من الجودة التي من مهامها مراقبة مدى ملاءمة الأدوات المستعملة من طرف المعنيين للقياسات كما هي محددة في القوانين ونجد أيضا المصالح التابعة لوزارة الفلاحة وهي الأخرة متعددة حيث نجد مديرية النباتات و المراقبة التقنية و الزجر عن الغش بالإضافة إلى مديرية التدجين وكذا المكتب الوطني للحبوب و القطاني ومن بين الأجهزة الغير المباشرة أيضا وزارة الصحة العمومية وهي تعمل على مراقبة سلامة المنتوجات الغذائية وفي نفس الوقت حماية الأدوية وضمان صلاحيتها ويتم ذلك بواسطة جهازين مديرية الأدوية و الصيدلة[57]، و مدرية علم الأدوية ومحاربة الأمراض .

    إن الأجهزة الإدارية التي تم إحداثها من طرف كل من المشرع المغربي تهدف

للدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين يمكنها أن تساهم فعليا في حماية المصلحة الجماعية للمستهلكين خصوصا من خلا الصلاحيات المخولة لها قانونا و التي تتمثل أساسا في البحث عن المخالفات ومعاينتها من أجل معاقبة مرتبيها كما تتمثل في محاولة وقف التجاوزات التي تضر بسلامة المستهلكين .

    و استنادا للمادة 18 من من قانون زجر الغش في البضائع تنص على أنه” يباشر البحث عن المخالفات لهذا القانون  و النصوص الصادرة لتطبيقه ويتم إثباتها وفقا للأحكام الواردة في هذا القسم” .

     غير أن الأحكام المذكورة لا تحول دون إثبات المخالفات المشار إليها وفقا للإجراءات القانونية العادية ” وعلى هذا الأساس فإن مسطرة البحث في المخالفات تنظمها أحكام القسم الثاني من القانون رقم 13-83 [58] .  كما أن الهدف لا من أعمال البحث و المراقبة هو تلافي الغش و إثبات المخالفات إن وقع ارتكابها بالإضافة لجمع الحجج بشأنها و البحث عن مرتكبيها .

  وعليه ونظرا لكون القانون لا يسمح للأجهزة الإدارية بإصدار عقوبات أو أحكام لأن هذه المسألة تعد من اختصاص المحاكم فإنه بالمقابل نجد بأن القوانين الاستهلاكية قد منحت الإدارات المكلفة بالدفاع عن المصالح الجماعية سلطة اتخاد بعض الإجراءات و التدابير ضد الممارسات التي تضر بسلامة كل المستهلكين دون أن يعد قرارها هذا بمثابة عقوبة

قانونية و لقد نص المشرع المغربي صراحة من خلال الفصل الأول من ظهير على تفتيش  بعض المواد و المنتجات المعدة للاستهلاك يعد إجباريا للحفاظ على سلامة المستهلكين في سبيل تطبيق هذا الإجراء منح المشرع المغربي للأجهزة الإدارية الصلاحية المطلقة لتتبع و مراقبة جودة و سلامة المنتجات الحيوانية كما سمح للأجهزة الإدارية المكلفة بالدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين[59] . بالإضافة إلى قيامها بالبحث عن المخالفات و إثباتها عن طريق المراقبة وأخد العينات صلاحية مهمة فيما يتعلق بتحرير المحاضر و القيام عند الاقتضاء بعمليات الحجز اللازمة لحماية مصالح المستهلكين .

غير أن ما يلاحظ على هذه الأجهزة أنها تعاني خاصة في القانون المغربي من مجموعة من العراقيل من شأنها أن تحد من فعالية تدخلها للدفاع عم مصالح الجماعية للمستهلك[60].

ثانيا: جمعية حماية المستهلك

تعد جمعيات حماية المستهلك مؤسسة كبرى وضعتها قوانين الاستهلاك بهدف تعزيز الحماية المخولة للمستهلك خصوصا أمام القضاء إنها جمعيات حماية المستهلك .

فإذا كان حق رفع الدعوى مكفول لكل شخص متضرر حسب مقتضيات المسطرة المدنية فإنه من البديهي القول أنه حق للمستهلك ضحية مخالفة القواعد القانونية و لئن كان الطريق الفردي لحماية المستهلك يطرح عدة إشكالات فإن ق ح م فتح المجال للجمعيات[61] من أجل الدفاع عن المستهلكين حسب مقتضيات المادة 152 منه التي تنص على أنه ” تتولى جمعيات حماية المستهلك المؤسسة و العاملة وفقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل و المتعلق بحق تأسيس الجمعيات الإعلام و الدفاع و النهوض بمصالح المستهلك وتعمل على احترام أحكام هذا القانون .

غير أن اللجوء جمعيات حماية المستهلك إلى القضاء حق ليس على إطلاقه و إنما عمل المشرع المغربي على تقييده بضوابط قانونية ينبغي احترامها قصد لجوء جمعيات حماية المستهلك إلى القضاء تتمثل في حصولها على صفة المنفعة العامة (المادة 152) وأن يكون غرضها حصريا هو الدفاع عن المستهلكين وكذا خضوع نظامها الأساسي لنظام أساسي نموذجي (المادة 154) .

إلا أن ولوج جمعيات حماية المستهلك الى القضاء قصد الدفاع عن المصالح الجماعية للمستهلكين يبقى رهين بتوفر شروط محددة سلفا من طرف المشرع المغربي الشيء الذي من شأنه المساس بهذه الولوجية خاصة في ظل التشدد الذي تعرفه مسطرة منح صفة المنفعة العامة لهذه الجمعيات ووجود وصاية عليها من الأجهزة الإدارية أضف إلى ذلك غياب موارد مالية محدد من شأنها المساهمة في دور جمعيات حماية المستهلك في إعادة التوازن للعلاقات التعاقدية [62].

    كما يحق لجمعيات حماية المستهلك الانضمام للدعوى الفردية للمستهلك قصد حمايته و الوقوف إلى جانبه لشرح موقفه أمام القضاء المدني حينما يكون موضوع الدعوى الأصلية تعويض الضرر الحاصل لواح أو أكثر منم المستهلكين طبقا للمادة 157 من قانون الاستهلاك المغربي[63] .

ثالثا : المستهلكين

     يمكن للمستهلكين أنفسهم أن يقوموا برفع دعوى وذلك في حالة دعوى التمثيل المشترك ترتبط بمصدر واحد أو بمعنى أخر يكون الطرف المدعى عليه هو نفس الشخص الذي ترفع ضده الدعوى القضائية من طرف عدة مستهلكين إذ عوض التقاضي بصفة منفردة يمكن للمستهلكين أن يجتمعوا ويتقدموا إلى المحكمة عن طريق جمعية تمثلهم وذلك لطلب التعويض عن الأضرار التي لحقا بهم بسبب الورد وقد خص المشرع المغربي هذه الدعوى الحديثة بالمادة 158 ق ح م التي تنص ” يجوز للجامعة الوطنية ولكل جمعية لحماية المستهلك في حالة ما إذا تعرض عدة مستهلكين و كانوا أشخاصا طبيعيين معروفة هويتهم لأضرار فردية تسبب فيها نفس المورد وكان مصدرها واحد أن تقيم دعوى المطالبة بالتعويض أمام أي محكمة باسم المستهلكين المذكورين عندما تكون موكلة من قبل مستهلكين اثنين على الأقل من المستهلكين المعنيين بالأمر[64] .

     وقد حددت قوانين الاستهلاك مجموعة من الشروط الواجب توفرها في المستهلكين وهي كما يلي لا يمكن مما رست الدعوى إلا لفائدة المستهلكين حسب المفهوم المحدد في المادة 2 من ق ح م أي كل شخص طبيعي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي أما المهنيون الذين يتعاقدون خارج نطاق تخصصهم لكن من أجل مشاريعهم فإنهم لا              يستفذون من هذه الدعوى كما يجب أن يوجد عدة مستهلكين في مركز قانوني واحد متماثل أي لحق كل منهم ضرر تسبب عن فعل واحد (أي أن لهؤلاء مصلحة مشتركة) هو فعل نفس المهني كأن يشتري عدد من الأشخاص جهازا من الأجهزة الكترونية ثم يكتشفوا أن عيبا في الصناعة يوجد بكل الأجهزة .

الفقرة الثانية: التحكيم والوسائل البديلة ودورها في نزاعات الاستهلاك 

  إن الوسائل البديلة لحل نزاعات قد أصبحت من الوسائل الملائمة للفصل في مجموعة من النزاعات الإستهلاكية و التجارية و المنازعات الناشئة في البيئة الإلكترونية، حتى أصبح يطلق على هذه الوسائل الطرق المناسبة لفض المنازعات.

   فقد كان القضاء و منذ القدم الوسيلة الأساسية لحل النزاعات، لكن مع التطور الذي تعرفه مختلف المجالات ظهرت و سائل أخرى لاتقل أهمية عن الأولى كالتحكيم و الوساطة، لهذا يمكن أن تتمحور هذه الفقرة على هاذين الأليتين :

  أولا: دور التحكيم في فض نزاعات الإستهلاك 

  إن من بين الأهداف التي يرمي أو يهدف إليها قانون حماية المستهلك هي حماية الطرف الضعيف أي حماية المستهلك بالدرجة الأولى؛ و مما لاشك فيه أن تحقيق هذه الغاية يقضي توفر نصوص قانونية واضحة و كافية تشكل ضالة لإحترام الحقوق الموضوعية للمستهلكين و في نفس الوقت آلية لتسوية النزاعات بالاستهلاك و بأقل المصاريف، و إذا كان القضاء هو الجهة الرئيسية فإنه لم يعد كافيا في وقتنا الحاضر مما أدى ظهور أساليب أخرى لتسوية النزاعات كالتحكيم و الوساطة 

فالتحكيم هو خاص لتسوية النزاعات بحيث عرفه المشرع المغربي في المادة من قانون المسطرة المدنية ” يراد بالتحكيم حل النزاع من نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم.

  و قد يتخذ إحدى الصورتين اما شرط التحكيم و يكون آنذاك سابقا على نشأة النزاع بين الأطراف أو يكون في صورة عقد التحكيم يتم بين إبرامه بين الأطراف بعد نشأة النزاع بينهم 

و قد تكون النزاعات ذات طابع دولي هنا يكون التحكيم الدولي هو المجال أو المؤسسة المخول لها فض النزاعات إذا إتخذت أحد الصور السالفة الذكر. و قد حدد المشرع المغربي مجال تطبيقه في الفصل 327-40  من القانون رقم 08.05 حيث اعتبر أن التحكيم يكون دوليا في الحالات التالية : 

  إذا كان للأطراف اتفاق التحكيم وقت إبرامه مؤسسات بدول مختلفة 

  إذا كان الأطراف متفقين صراحة على أن موضوع يهم أكثر من بلد واحد

ثانيا : الوساطة

بصدور القانون 05-08 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، أصبح المغرب يتوفر على إطار قانوني حديث للتحكيم والوساطة الاتفاقية، من شأنه أن يدعم نظام الوسائل البديلة لحل المنازعات، وإدماجها في المنظومة القانونية والقضائية.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد أصبح من أهم المعايير المعتمدة في تقييم مدى فعالية الأنظمة القانونية والقضائية المعاصرة هو توفر الشروط المتعلقة بما توفره هذه الأنظمة من إمكانيات لتسهيل الولوج إلى العدالة بشكل عام، وفي مجال الاستهلاك بشكل أخص.

ومن المعلوم أن الوساطة قد أصبحت من أهم الوسائل البديلة لحل المنازعات، وهي تعرف إقبالا متزايدا، بحيث أصبح التحكيم بدوره لا يلجأ إليه بعد استنفاد طريق الوساطة.

وترجع فعالية الوساطةإلى ان هدفها ليس هو تحديد الطرف الكاسب او الخاسر للنزاع، ولكن هدفها هو وضع حلول مبتكرة للنزاع بشكل لا يتوافر عند المحاكمة، فهي ترمي إلى حل النزاع أو تجنبه، كما أن تساعد في إعادة بناء العلاقات والحفاظ على استمراريتها في المستقبل[65].

خاتمة:

   إن المادة الاستهلاكية وما لها من خصوصيات، تعتبر مجالا خصبا لنشوء نزاعات تنعدم فيها المساواة بين الأطراف المتواجهة، الشيئ الذي يفرض جهودا مضاعفة من قبل القائمين على المجال لا من حيث التشريع أو العمل القضائي، من أجل إضفاء حماية كافية وكفيلة بضمان الحقوق المتنازع حولها،  ويمكن القول ان تحقيق الأمن القضائي وتفعيل الحماية الكافية للمستهلك من الضروريات القصوى التي يجب التركيز عليها من طرف المختصين في هذا المجال، وذلك من اجل التشجيع على المساهمة في بلورة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.

هذا من جهة أما من جهة أخرى فكثرة قضايا الاستهلاك، كون هذا المجال أصبح أرضية كما أسلفنا الذكر لنشوء النزاعات، والصعوبات القانونية و الموضوعية التي تحول دون تمكين المستهلك من حماية كافية لحقوقه، كونه في أغلب الأحيان يجد نفسه أمام خصوم تتجاوزه قوة وإلماما بالمجال.

في هذا الصدد خلصنا الى مجموعة من التوصيات ، لعل أهمها :

  • -ضرورة إحداث مكاتب خاصة في المحاكم دورها مساعدة المستهلك في كل ما يفيد في دعواه
  • – القيام بحملات توعية لفائدة المستهلكين
  • – النص على إلزامية المسطرة الشفوية تلافيا لسلبيات المسطرة الكتابية وما تتطلبه من مصاريف و الآجال
  • – التنصيص على مساعدة القانونية و القضائية وتعميم مبدأ المجانية.

المراجع المعتمدة

  • المراجع  العامة
  • عبد القادر العرعاري : ” نظرية العقد ” ، مطبعة الأمنية ـ الرباط ، الطبعة الخامسة 2016
  • فؤاد معلال .شرح القانون التجاري الجديد – الجزء الاول . دار الافاق المغربية . الطبعة الخامسة 2016
  • عبدالسلام الزوير : ” الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالاته العملية ” ، طبع و نشر و توزيع مكتبة دار السلام الرباط ، نونبر 2004
  • عبد الحميد  أخريف  : “محاضرات   في القانون القضائي الخاص
  • إدريس العلوي العبدلاوي . و سائل الإثبات في التشريع المدني المغربي
  • المراجع الخاصة 
  • النعم موسى إبراهيم ، حماية المستهلك ، دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى 2007
  • نورالدينالرحالي،المعاييرالقانونيةللجودة : “البيعالاستهلاكينمودجا”،مقالمنشوربمجلةالقانونالمدني،العددالأول 2014،مطبعةالأمنيةالرباط
  • المهدي العزوزي ، تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء  القانون رقم 08 -31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط الطبعة الأولى  2013
  • الرسائل
  • عبد الواحد أزناكي : ” آليات حماية المستهلك على ضوء القانون 31.08 ـ الحق في التمثيلية نموذجا ـ “، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية ـ طنجة ـ ، السنة الجامعية 2016/2015 ،
  • خالد الصبار “حماية المستهلك من الشروط التعسفية في ضواء القانون رقم 31.08  القاضي بتحديد تدابير المستهلك ” لنيل دبلوم الماستر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة  الحسن الثانيعين الشق السنة الجامعية 2012 .2013
  • محمد لبغيل ، حماية المستهلك من الشروط التعسفية في التشريع المغربي و المقارن ، رسالة لنيل الماستر وحدة قانون التجارة و الأعمال ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،وجدة السنة الجامعية 2009 – 2010
  • المقالات
  • الاختصاص القضائي في منازعات القروض الاستهلاكية ، مقل منشور في مجلة مغرب القانون بتاريخ 31 ماي 2018
  • عبد الحميد أخريف : الحقوق القضائية للميستهلك ” مجلة المعيار العدد 38، دجنبر 2007
  • مديحةالزهر  – فاطمةالزهراءقيلول،الأمنالقضائيوفضنزاعاتالاستهلاكأمامالقضاء،مقالمنشوربمجلةmarocdroitالإلكترونية،
  • عبدالحميدأخريف: “الحقوقالقضائيةللمستهلك”،مجلةالمعيارعدد 38،دجنبر 2007
  • محمد بديدة : التبليغ على ضوء قانون المسطرة المدنية و إشكالاته العملية ، مجلةمغرب القانون ، 1 يوليو 2019
  • المكتبة القانونية الإلكترونية ، دراسات أبحاث قانونية : حماية المستهلك في القانون الفرنسي و المغربي
  • محمد الهيني ، إشكاليات تمثيل جمعيات حماية المستهلك أمام القضاء، مجلة  المعيار عدد 38 دجنبر 2007
  • محمد الكشبور ” أثار الحكم بعدم الاختصاص دراسة على ضوءا القوانين الإجرائية المغربية ” ،مجلة المنتدى ن عدد 1 أكتوبر 1999.
  • الاحكام و القرارات القضائية
  • حكم رقم  18707 صادر  بتاريخ 2014 /2/08 ملف رقم 2014 / 5 / 387 { غير منشور  }   
  • حكم  المحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت عدد 10620  بتاريخ 2014/12/20  ملف رقم 2011/6/13172؛{ غير منشور } .
  • حكم المحكمة التجارية  بفاس صادر بتاريخ 2013/03/18 ملف  رقم2012/5/1488 { غير منشور
  • قرارالمجلسالأعلىمحكمةالنقضحالياعدد 1222 المؤرخفي 10/11/2004،ملفتجاريعدد 1159/3/4/2004. أوردهامحمدلفروجيفي،الإثباتأمامالمحاكممنخلالقضاءالمجلسالأعلىلسنوات 2000-2005. دلائلعلميةرقم 2 ،مطبعةالنجاحالجديدة،الدارالبيضاء،  2005
  • قرارالمجلسالأعلى 564،بتاريخ 12/06/99،ملفمدنيعدد 5589/1/2/99،أوردهعبدالعزيزتوفيق،قضاءالمجلسالأعلىفيقانونالالتزاماتوالعقودإلىغاية 2005،المكتبةالقانونية،الطبعةالأولى 2006،ص 110.
  • القرار رقم 366 الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 19 يونيو 2014 في الملف التجاري عدد 2014/1/3/520

 فهرس المحتويات

[1] محمد الكشبور ” اثار الحكم بعدم الاختصاص دراسة على ضوءا القوانين الإجرائية المغربية ” ،مجلة المنتدى ن عدد 1 أكتوبر 1999 ، ص :11

 الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية  “يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار المدعى عليه  إذا لم يكون لهذا الأخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان الاختصاص لمحكمة هذا المحل .

وإذا لم يكن للمدعى عليه لا موطن ولا محل إقامة فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام المحكمة موطن أو  إقامة  المدعى  أو واحد منهم عند تعددهم

إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار  محكمة موطن أو محل إقامة  أي واحد منهم .[2]

الفصل  10 من قانون احدات المحاكم التجارية  53 .95[3]

[4]القانون 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرض  وتحديد اختصاصاته ، كما تم تغييره :ـ القانون رقم 10.15 الصادر بتنفيذه الظهير  الشريف رقم 1.15.16  بتاريخ 29 من ربيع الأخر 1436 {19 فبراير 2015 } ، الجريدة الرسمية عدد6344  بتاريخ 28 جمادى الأولى 1436 { 19 مارس 2015 }ص 1751 ،تنص المادة 5 من قانون  42.10 المتعلق بقضاء القرب على ما يلي :” إن القواعد المتعلقة بالاختصاص والمسطرة المطبقة في القضايا المدنية والجنائية أمام قضاء القرب ، هي المحدد بمقتضى  هذا القانون ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك ،كما تطبق مقتضيات قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية ما لم  تكن مخالفة لأحكام هذا القانون “

[5]  خالد الصبار “حماية المستهلك من الشروط التعسفية في ضواء القانون رقم 31.08  القاضي بتحديد تدابير المستهلك ” لنيل دبلوم الماستر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة  الحسن الثاني الشق السنة الجامعية 2012 .2013 ص136

  المهدي العزوزي  : ” تسوية   نزاعات  الاستهلاك  في ضوء القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير المستهلك  ص 44  [6]

 عبد الحميد  أخريف  : “محاضرات   في القانون القضائي الخاص  ” ص : 80 . [7]

حكم رقم  18707 صادر  بتاريخ 2014 /2/08 ملف رقم 2014 / 5 / 387 { غير منشور  }[8]

[9] حكم  المحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت عدد 10620  بتاريخ 2014/12/20  ملف رقم 2011/6/13172 ,{ غير منشور } .

 حكم المحكمة التجارية  بفاس صادر بتاريخ 2013/03/18 ملف  رقم2012/5/1488 { غير منشور }[10]

 المهدي العزوزي  مرجع سابق ص 47[11]

[12] الاختصاص القضائي في منازعات القروض الاستهلاكية ، مقل منشور في مجلة مغرب القانون بتاريخ 31 ماي 2018 .

[13] عبد الواحد أزناكي : ” آليات حماية المستهلك على ضوء القانون 31.08 ـ الحق في التمثيلية نموذجا ـ “، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية ـ طنجة ـ ، السنة الجامعية 2016/2015 ، ص 54 .

[14]  ينص الفصل 18 من ق.م.م على  أن : ” تختص المحاكم الابتدائية ـ مع مراعاة الاختصاصات الخاصة المخولة إلى أقسام قضاء القرب ـ بالنظر في جميع القضايا المدنية و قضايا الأسرة و التجارية و الإدارية و الاجتماعية ابتدائيا و انتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستيناف .

تختص أيضا بقطع النظر عن جميع المقتضيات المخالفة و لو في الحالة التي يسند فيها قانون خاص سابق النظر في بعض أنواع القضايا إلى محكمة أخرى .”

[15] عبد الواحد أزناكي : ” آليات حماية المستهلك على ضوء القانون 31.08 ـ الحق في التمثيلية نموذجا ـ “، مرجع سابق ، ص 54 .

[16] المهدي العزوزي: تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، دار النشر للمعرفة،مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى 2013،ص: 32

[17] عبد الحميد أخريف : الحقوق القضائية للميستهلك ” مجلة المعيار العدد 38، دجنبر 2007،ص: 28 .

[18]عبد الواحد أزناكي : ” آليات حماية المستهلك على ضوء القانون 31.08 ـ الحق في التمثيلية نموذجا ـ “، ص 56 .

[19] حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عدد 1189 بتاريخ 2012/07/03  ملف عدد 2012/24/12851 أورده المهدي العزوزي ، مرجع سابق ،ص35 .

[20] عبد السلام الزوير : ” الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالاته العملية ” ، طبع و نشر و توزيع مكتبة دار السلام ، الرباط ، نونبر 2004 ، ص 21 .

[21].قرارالمجلسالأعلىمحكمةالنقضحالياعدد 1222 المؤرخفي 10/11/2004،ملفتجاريعدد 1159/3/4/2004. أوردهامحمدلفروجيفي،الإثباتأمامالمحاكممنخلالقضاءالمجلسالأعلىلسنوات 2000-2005. دلائلعلميةرقم 2 ،مطبعةالنجاحالجديدة،الدارالبيضاء،  2005, ص 30و29

[22]قرارالمجلسالأعلى 564،بتاريخ 12/06/99،ملفمدنيعدد 5589/1/2/99،أوردهعبدالعزيزتوفيق،قضاءالمجلسالأعلىفيقانونالالتزاماتوالعقودإلىغاية 2005،المكتبةالقانونية،الطبعةالأولى 2006،ص 110.

[23]مديحةالزهر  – فاطمةالزهراءقيلول،الأمنالقضائيوفضنزاعاتالاستهلاكأمامالقضاء،مقالمنشوربمجلةmarocdroitالإلكترونية،https://www.marocdroit.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%88%D9%81%D8%B6-%D9%86%D8%B2%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D9%84%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1_a3815.htmlاطلععليهبتاريخ 24.11.2019 علىالساعة 12.30.

[24]نورالدينالرحالي،المعاييرالقانونيةللجودة : “البيعالاستهلاكينمودجا”،مقالمنشوربمجلةالقانونالمدني،العددالأول 2014،مطبعةالأمنيةالرباط،الصفحة 219

[25] إدريس العلوي العبدلاوي . و سائل الإثبات في التشريع المدني المغربي . ص 4

[26]إدريس العلوي العبدلاوي . و سائل الإثبات في التشريع المدني المغربي . ص 5 – 6

[27] فؤاد معلال .شرح القانون التجاري الجديد – الجزء الاول . دار الافاق المغربية . الطبعة الخامسة 2016 . ص 19

[28]  ‘ تخضعالمادةالتجاريةلحريةالإثبات. غيرأنهيتعينالإثباتبالكتابةإذانصالقانونأوالاتفاقعلىذلك.’

[29] المهدي العزوزي . تسوية نزاعات الاستهلاك . منشورات مجلة القضاء المدني . الطبعة الاولى 2013. ص 52

[30]إدريس العلوي العبدلاوي . و سائل الإثبات في التشريع المدني المغربي . ص 52

[31]المهدي العزوزي . تسوية نزاعات الاستهلاك . منشورات مجلة القضاء المدني . م . س . ص 54

[32]  نفس المرجع

[33] على سبيل المثال المواد 7 . 47 . 70 من القانون 31.08

[34] ” فيمايتعلقبالعقودالتييحررجميعأوبعضشروطهاالمقترحةعلىالمستهلككتابة،يجبتقديمهذهالشروطوتحريرهابصورةواضحةومفهومة. وفيحالةالشكحولمدلولأحدالشروط،يرجحالتأويلالأكثرفائدةبالنسبةإلىالمستهلك” .

  المهدي العزوزي : تسوية نزاعات الإستهلاك في ضوء قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ، منشورات مجلة القضاء المدني ، طبعة 2013، ص27.[35]

[36] المهدي العزوزي : تسوية نزاعات الإستهلاك في ضوء قانون رقم 31.08 ، منشورات مجلة القضاء المدني ، دار النشر للمعرفة ،ص59   .

[37]القضاياالتيتختصفيهاالمحكمةالابتدائيةابتدائياوانتهائيا–قضاياالنفقةوالطلاقوالتطليق- القضاياالاجتماعية،قضاياالحالةالمدنيةالقضاياالمتعلقةباستيفاءالوجيبةالكرائية. (انظرالفصل 45 منقانونالمسطرةالمدنية).

[38]عبدالحميدأخريف: “الحقوقالقضائيةللمستهلك”،مجلةالمعيارعدد 38،دجنبر 2007،ص 25-26.

[39]المهديالعزوزي : تسويةنزاعاتالإستهلاكفيضوءقانونرقم 31.08 ، مرجع سابق ، ص60.

[40] محمد بديدة : التبليغ على ضء قانون المسطرة المدنية و إشكالاته العملية ، مجلةمغرب القانون ، 1 يوليو 2019 -11:46 .

[41] انظر مذكرة رقم 12/2012 بخصوص توحيد الرؤى حول المستجدات القانونية ، صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 25/06/2012 ، صفحة 3 ، غير منشورة

[42]المهديالعزوزي : تسويةنزاعاتالإستهلاكفيضوءقانونرقم 31.08 ،مرجعسابق،ص60.

[43] الفصل 230 من ق.ل.ع : ” الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ن ولا يجوز إلغاؤها ، إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون .” .

[44] المورد حسب المادة 2 من القانون 31.08  : هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري .

[45] المستهلك حسب المادة 2 من القانون 31.08  : هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو المهني .

[46] عبد القادر العرعاري : ” نظرية العقد ” ، مطبعة الأمنية ـ الرباط ، الطبعة الخامسة 2016 ، ص 342 ـ 343 .

[47] الفصل 461 من ق.ل.ع : ” إذا كانت ألفاظ العقد صريحة ، امتنع البحث عن قصد صاحبها ” .

 مراد بوزيد : ” دور القضاء في حماية المستهلك ” ، مرجع سابق ، ص 9 .[48]

[49] المكتبة القانونية الإلكترونية ، دراسات أبحاث قانونية : حماية المستهلك في القانون الفرنسي و المغربي .

الرابط :http://www.bibliojuriste.club/2018/12/consomateurfrancemaroc.html

[50] الفصل 473 من ق.ل.ع :” عدم الشك يؤول الالتزام بالمعنى الأكثر فائدة للملتزم ” .

[51] المادة 9 من القانون 31.08 : ” فيما يتعلق  بالعقود التي يحرر جميع أو بعض شروطها المقترحة على المستهلك كتابة ، يجب تقديم هذه الشروط و تحريرها بصورة واضحة و مفهومة . و  في حالة الشك حول مدلول أحد الشروط ، يرجح التأوبل الأكثر فائدة بالنسبة إلى المستهلك ” .

 مراد بوزيد : ” دور القضاء في حماية المستهلك ” ، مرجع سابق ، ص 16 ـ 17 .[52]

[53] الفصل 264 من ق.ل.ع : … يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا ” .

[54]المكتبة القانونية الإلكترونية ، دراسات أبحاث قانونية : حماية المستهلك في القانون الفرنسي و المغربي .

الرابط :http://www.bibliojuriste.club/2018/12/consomateurfrancemaroc.html

[55] القرار رقم 366 الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 19 يونيو 2014 في الملف التجاري عدد 2014/1/3/520 و الذي جاء فيه : ” يحق للمدين ايقاف تنفيذ التزاماته بناء على امر يصدره رئيس المحكمة المختصة والاستفادة من المهلة القضائية المنصوص عليها في المادة 149 من القانون رقم 31.08 المتعلق بحماية المستهلك, مع عدم ترتيب اي فائدة اثناء سريان المهلة القضائية في حالة حرمانه من اجره بسبب فصله عن العمل. او حالة اجتماعية غير متوقعة. ويجوز علاوة على ذلك ان يحدد في الامر الصادر عنه كيفيات اداء المبالغ المستحقة عند انتهاء اجل وقف التنفيذ.وان عبارة “يجوز القاضي” الواردة في الفقرة الثانية من بل الفصل المذكور تعود على رئيس المحكمة باعتباره هو من يصدر الاوامر وليست محكمة الموضوع.قرار منشور بالمجلة الالكترونية ” القانون و الاعمال الدولية “

الرابط :https://2u.pw/WDuQ0

المهدي العزوزي ، تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء  القانون رقم 08 -31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط الطبعة الأولى  2012 ص 124 [56]

2 محمد لبغيل ، حماية المستهلك من الشروط التعسفية في التشريع المغربي و المقارن ، رسالة لنيل الماستر وحدة قانون التجارة و الأعمال ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،وجدة السنة الجامعية 2009 – 2010 ص:149[57]

3 ظهير شريف، رقم 1-83-108 ، صادر في محرم 1405 (5 أكتوبر 1984) ،لتنفيد القانون رقم 13-81 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع ، الجريدة الرسمية عدد 3777 نتاريخ 27 جمادى الثانية 1405 (20 مارس 1985 ص : 39

4 أنظر المادة 20 ، من قانون زجر الغش ، وكذا الباب الثاني من نفس القانون المعنون بمحاضر الإثبات الحجز – ىأخد العينات

5   المهدي العزوزي ، تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء  القانون رقم 08 -31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط الطبعة الأولى 3013 ص: 131

 6 المهدي العزوزي ، تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء  القانون رقم 08 -31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ،  مرجع سابق ، ص : 287 وما بعدها.

 النعم موسى إبراهيم ، حماية المستهلك ، دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى 2007 ، ، ص :  349[62]

8 المهدي العزوزي ، تسوية نزاعات الاستهلاك في ضوء  القانون رقم 08 -31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك ،   مرجع سابق         ص : 174

 محمد الهيني ، إشكاليات تمثيل جمعيات حماية المستهلك أمام القضاء، مجلة  المعيار عدد 38 دجنبر 2007 ، ص : 63[64]

 نور الدين الرحالي: التطبيقات العملية الحديثة في قضايا الاستهلاك ، مرجع سابق، ص: 244 [65]

زر الذهاب إلى الأعلى