الاهتِمَامُ وَالعِنَايَةُ باللُّغةِ العربيَّةِ سِرٌّ من أسرارِ التَّقدُّمِ والنَّجَاحِ

الاهتِمَامُ وَالعِنَايَةُ باللُّغةِ العربيَّةِ سِرٌّ من أسرارِ التَّقدُّمِ والنَّجَاحِ

محمد رمضانيالثلاثاء 20 دجنبر 2022 – 13:09

لَقَدْ وَصَلَتِ اللُّغَةُ العربيَّةُ أَعْلَى درجَاتِ انْتشَارِهَا بِسَبَبِ قدراتها التواصليَّةِ، والتي مكنتها من اختراق أنسجة المجتمعات الَّتي تفاعلت مع البلدان العربيَّةِ. وَقَدْ فَرَضَتْ نفسهَا بينَ لغاتِ العالمِ، وَتَأْتِي هَذِهِ العَظَمةُ في السياق الثَّقافيِّ العربيِّ نظرا لكَوْنِهَا لُغَةَ القُرْآنِ الكَريمِ، اللُّغَةُ الَّتِي اصْطَفَاهَا اللهُ عزَّ وجلَّ لِمُخَاطَبَةِ عِبادِهِ بآخر رسالاته السَّماويَّةِ، وَهَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ لِهَذِهِ اللُّغَة، حيثُ وُصِفَ القُرْآنُ بأنَّهُ عربيٌّ وَذلكَ في عِدَةِ مَوَاضِعَ من القُرآنِ الكَريمِ، مِنْهَا قولهُ تعالى في سورة يوسف: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ” الآية: 2. قال أبو جعفر: يقول تعالى: إنا أنـزلنا هذا الكتاب المبين، قرآنًا عربيًّا على العرب، لأن لسانهم وكلامهم عربي، فأنـزلنا هذا الكتاب بلسانهم ليعقلوه ويفقهوا منه، وذلك قوله: (لعلكم تعقلون). وكذلكَ فِي سُورة طه: “وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا” الآية 113.

وَسَببُ كتَابَةِ هذَا المقَالِ هُوَ قِلَّةُ الاهتِمَامِ الَّذِي تُعَانِي مِنْهُ هَذِهِ اللُّغَةُ العَظِيمَةُ وَعَدَمُ الاهْتِمَامِ بِتَعلُّمِهَا مِنْ طَرَفِ العَرَبِ بِصِفَةٍ عامَّةٍ بِحَيْثُ تَجِدُ عددا من العرب لَا يُجِيدُونَ التَّكلُّمَ باللُّغَةِ العربيَّة الفُصْحَى، كما أنَّ عددًا منهم يعجزُ ولا يستطيعُ تحقيق تواصلٍ قصيرٍ بالعربيَّةِ، وذلك شائعٌ ومنتشرٌ فِي البُلْدَانِ العَرَبِيَّةِ. وَقَدْ تَمَّ تَخْصِيصُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ في البُلْدَانِ العَرَبِيَّةِ لِنَشَرَاتِ الأَخْبَارِ وَخُطَبِ الجُمُعَةِ وَأحيانًا فِي بَعْضِ المُنَاسَبَاتِ الخَاصَةِ، وصَارَ مِنَ العَيبِ التَّلَّفُظُ بالفصحى داخل المَقَامَاتِ التَّوَاصُلِيَّةِ العَادِيَةِ، وَلَوْ أَنَّكَ جَرَّبْتَ التَّحَدُّثَ مَعَ زُمَلَائِكَ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ الفُصحَى فستجدهم مستغربين أشد الاستغراب، بلْ بعضهُم سيعتقدُ أنكَ جُنِنتَ لأنَّهُ لم يتعوَّدْ على سماعِهَا على الأَلْسِنَةِ واعتاد سماعها فقط في النَّشَراتِ الإخباريةِ والأفلامِ والمُسلسلاتِ التاريخيَّةِ، وغير ذلك من الحالاتِ التِي تُقلِّلُ من شأن العربيَّة.

هذَا التَهْميشُ وهذِهِ اللامُبَالاة باللغة العربيَّة وَعدمِ إعطائهَا حقَّها الحقيقِيَّ من طرفنَا كعرب هو أمرٌ خطيرٌ للغاية، ووجبَ الحذَرُ منه، والسَّعْيُ الحَثِيثُ لِمُحَاوَلَةِ تَثْبيتِ هَذِهِ اللُّغَةِ العَظِيمَةِ فَي حياةِ أَبْنَائِنَا وَتَعْلِيمِهِمْ وَتَرْسِيخِهَا على أنَّهَا مفتاحٌ أساسيٌ لتحقيقِ نهضةٍ عِلْميَّةٍ وفِكْرِيَّةٍ في شتى مجالات الحياة. وقد ثبت عن عمرَ بنِ الخطاب –مُبَينًا قَدْرَ العَرَبِيَّةِ وَشَأْنَهَا فِي فهم القُرْآنِ الكَرِيمِ والسُّنةِ النَّبويَّةِ الشَّريفةِ- أنَّهُ قال: “تعلموا العربيّة فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم ” وأيضا قولهُ مُحفِزًا على الاجتهاد في تعلم هذه اللغة: “تَعَلَّمُوا العَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُثْبِتُ العَقْلَ وَتَزِيدُ فِي المُرُوءَةِ” وهو أيضا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فهذِه اللغَةُ إذن هِي البَوَّابَةُ للإِسْهَامِ في تنمِيَّةِ المُجتمَعِ وَازْدِهَارِهِ وَتَقَدُّمِهِ، وَلَوْ رَجَعَتَ مُتَأَمِلاً مُتَدَبِرًا لواقعنا العالمي اليوم، سنلحظُ بدايةَ الاهْتِمَامِ بِهَذِهِ اللُّغَةِ، فأصبحَ يُسَجَّلُ إِقْبَالٌ كبيرٌ عَلَى تَعَلُّمِهَا فِي عَدَدٍ مِنَ الدُّوَلِ غيرِ العرَبِيَّةِ فِي أُرُوبَا وَآسْيَا…

(يُتبع)

#الاهتمام #والعناية #باللغة #العربية #سر #من #أسرار #التقدم #والنجاح

زر الذهاب إلى الأعلى