الإثبات بالوسائل العلمية في المادة الجنائية على ضوء مشروع قانون المسطرة الجنائية '' دراسة مقارنة''

      المبحث الثاني: الضوابط المؤطرة للإثبات الجنائي بالوسائل العلمية الحديثة.

    لايكفي وجود آليات استفادة القاضي منها اذ كنا نأمن كباحثين بثقافة حقوق الإنسان ومبادئ حقوقية تهم ضمانات المحاكمة العادلة التي ما فتئت أستاذتنا الفاضلة د.لطيفة المهداتي  تنبهنا على وجوب احترامها كطلبة باحثين واطر ومسؤولين في السلطة القضائية لما لا، لذلك سنحاول في هذا المبحث ان نحصر ضوابط غاية في الأهمية تحيط بالقاضي الأولى تهم تقديره للدليل العلمي [المطلب الأول]  والثاني تهم سلطته بالخصوص [المطلب الثاني]

المطلب الأول: الضوابط المنظمة للإثبات بالوسائل العلمية

         يفسر استعمال الوسائل العلمية في الإثبات بسبب تطور معدل الجريمة وطرق تنفيذها، بحيث أن المجرمون تجاوزو تلك الطرق التقليدية واستفادوا من التطور التكنولوجي والعلمي، الأمر الذي صعب مهمة القضاء بشكل لافت للنظر باستعمال وسائل تقليدية في الإثبات المنظمة في المواد من 287 الى 296 من ق م ج والتي هي التقارير و المحاضر والتقارير المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم وأيضا الاعتراف المنصوص عليه في المادة 293 شريطة ان لا ينتزع باكراه أو بعنف، بالإضافة الى الخبرة المنصوص عليها فيها في المادة 296 مع مراعاة المحكمة للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في المواد 194 و 195 و 198 الى غاية المادة 208، ويضاف إلى هذه الوسائل شهادة الشهود المنصوص عليها في المادة 296 من نفس القانون.

          وهناك الوسائل التقليدية غير منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، وبما أن هناك قاعدة منصوص عليها في المادة 286؛ حرية الإثبات في المادة الجنائية فالقاضي أصبح يستغل هذه القاعدة، وبالتالي الاستفادة من وسائل الإثبات العلمية التقنية ألحديثه غير أن هذه السلطة التي يتمتع بها سنحاول ان نبين أنها محكومة بضوابط، الأولى ذات صلة بمشروعية الديل العلمي المحصل عليه [الفقرة الأولى] العلمي  وأخرى ذات صلة مبدأ يقينية الدليل العلمي ومدى تأثيره على حقوق الأفراد وحرايتهم [الفقرة الثانية]  ,

الفقرة الأولى: ضوابط ذات صلة بمشروعية الدليل العلمي

    لا يمكن القول أن القاضي نجح في الوصول الى الدليل الذي سيصبح اثبات بعد أن يعتمد كأساس التي بناأ عليه سينبني الحكم سواء براءة أو إدانة، بل وجب أن يكون هذا الدليل العلمي مثله مثل باقي الدلائل قد تم التحصل عليه بطريقة مشروعة[اولا] حتى ينتج آثاره [ثانيا]  .

اولا: مشروعية إجراءات جمع الأدلة

    المشروعية في هذا الإطار وجوب التقيد بالمقتضيات القانونية والعمل في إطار الحدود التي رسمتها بهدف تقرير ضمانة أساسية للأفراد ولحماية مصالحهم وحقوقهم الشخصية ضد تعسف السلطة بالتعدي عليها في غير الحالات المنصوص عليها، بمعنى أنه هناك إجراءات تقوم بها أجهزة العدل الجنائية وقد تحصل أثناء قيامها بذلك على دلائل .

والمشروعية الجنائية الإجرائية من أهم المبادئ التي سادت في التشريعات الجنائية المعاصرة حيث أن بعضها أشار الى أنه لا اعتقال ولا متابعة ولا محاكمة ولا تنفيذ عقوبة إلا بنص، هذا الأمر يقيد من سلطة القاضي التقديرية إلا أنه يتمتع بسلطة واسعة بالمقابل في تقدير الأدلة ومدى مشروعية الطريقة التي حصلت بها عليها،

    ولعل من ابرز الإجراءات التي يقوم بها جهاز ضابطة الشرطة القضائية خلال البحث التمهيدي والتي يلزم القائم بها احترام الشروط المبين في المواد [15]59 و 60[16] و 62[17]، في حالات التلبس يضاف إليها الفصل 79 في الحالات العادية، أما قاضي التحقيق خلال التحقيق الإعدادي ابآح له المشرع أن يقوم بإجراء التفتيش بمقتضى المادة 101 شريطة التقيد 59 و 60 و 62، وفي حالة ما اذا لم تحترم هذه الشروط فإن الإجراء يعتبر باطل، بالإضافة إلى ذلك فهناك صور اخرى يحصل فيها على الدليل بالعنف والإكراه المعنوي وغيرها من الاساليب التي تمس بكرامة الإنسان وآدميته، وهناك اجراءات أخرى يمكن ينتج عنها العتور على دلائل مما يدفعنا للتساؤول عن مصير هذه الدلال

     قبل الجزم في مدى مشروعية الدليل المرتبط بالإجراء والتفتيش كنموذج لهذه الإجراءات وجب أن نؤكد أن هذا الأخير لقي تضاربا فيما يخص طبيعته القانونية فهناك من اعتبره أنه من النظام العام وبالتالي وجب إثارته في جميع مراحل الدعوى ولو أول مرة أمام محكمة النقص، بينما أكد اتجاه آخر أنه لا يرتبط بالنظام العام وعدم امكانية مباشرته لأوم مرة أمام محكمة النقض، وما يمثل الاتجاه الأول حميد ألشواربي، أما الاتجاه الثاني فيمثله حسن الفكهاني.

    كرس المشرع المصري هو الآخر ضرورة مشروعية الأدلة الجنائية بوجه عام – بما فيها الأدلة الإلكترونية بصفة خاصة- بحيث أم كل دليل يتم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة يتم إبطاله استنادا إلى المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على ” إذا تقرر بطلان أي إجراء فإنه يتناول جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة، ويلزم إعادته متى أمكن ذلك”” و كذلك نفس الشأن بالنسبة للقضاء المصري،فلقد كرس على هذا المبدأ في العديد من أحكامه و القرارات الصادرة عن محكمة النقض،حيث جاء في إحدى قراراتها أن تقليد صوت الغير أو الاستماع إلى الحديث الهاتفي خلسة من الوسائل غير المشروعة [18]،فمشروعية الدليل في القضاء المصري ركن أساسي من أجل قبول الدليل .

كما اكدت أستاذتنا الفاضلة نادية الشومي على أنه لا عدم كفاية الدليل وجود الدليل من أجل الحكم بالإدانة أو البراءة يل لابد من احترام المشروعية القانونية التي يقوم أساسها على احترام حقوق دفاع المتهم و كرامته الإنسانية[19] .

وإذا ما قمنا بإلقاء نظرة على مشروع قانون المسطرة الجنائية فسنجد المشرع المغربي قد انفتح على طرق البحث الخاصة  بالإضافة الى مسطرة تسليم المراقب عمل على تبني تقنية اخرى يطلق عليها تقنية الإختراق هو أسلوب جديد للبحث والتحري في الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المادة 108 ولا تتم هذه الآلية الا عبر اذن من النيابة العامة وتحت مراقبتها، وبتفحصنا للنصوص وجدنا ان المشرع المغربي عند تنظيمه لهذا المستجد من المادة1-3-82 الى المادة 6-3-82  لم يعرف هذه الآلية عكس المشرع الجزائري الذي عرفه في قانون الإجراءات الجزائية في المادة 65 مكرر 11 كالاتي :

” يقصد بالتسرب قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية ، بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف ” يمكن أن نعرف هذه التقنية على أنها تسلل او تسرب  ضباط الشرطة القضائية باستعمال هوية مستعارة لداخل عصابة إجرامية منظمة يعمل على توهيمهم على انه شخص جزء من مخططاتهم وعضو فاعل او مشارك في أعمالهم وقد سمح المشرع المغربي لهذا الضابط ارتكاب بعض الجرائم المنصوص عليها، وإذا عدنا الى المادة 296 أضاف فقرة أخرى تتعلق بهذه الآلية حيت لم يعتد بالمحاضر التي يحررها المخترق والتصريحات التي يحررها ضابط الشرطة القضائية الذي كلف بهذ العملية كأداة إثبات للإدانة إلا إذا تصرف بناء ا على هويته الحقيقية، إلا أن الخطير في هذا النص هو الاعتداد بكل ما قد يصدر عن الشرطة القضائية ولم يضع للمحكمة ضوابط وحدود تلزمها من احترام مبدأ مشروعية الدليل المستمد من هذه التقنية.

ثانيا: آثار الدليل المحصل عليه من اجراءات باطلة

    ان مبدأ شرعية الإثبات الجنائي تستلزم عدم قبول اي دليل يكون البحث عنه قد تم بطريقة غير مشروعة، فحرية القاضي الجنائي لا تعني ان يستمد الدليل من بأية طريقة كانت، وإنما يكون هذا البحث مقيد باحترام حقوق الدفاع وقيم العدالة الجنائية

ان الإجراء الباطل يترثب عليه بطلان حتى ما قد يترتب عليه من إجراءات ما هو الشأن بالنسبة للتفتيش بمقتضى المادة 63، بل أكثر من ذلك فإن كل إبلاغ أو إفشاء لوثيقة وقع الحصول عليها من تفتيش إلى شخص ليست له صلاحية قانونية للاطلاع عليها، يتم دون موافقة المشتبه فيه أو ذوي حقوقه أو الموقع على الوثيقة أو ممن وجهت إليه، ولو كان ذلك لفائدة البحث، يعاقب عليه بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 1.200 إلى 2.000 درهم.وقد يتم تفتيش مكتب المحامي دون إحترام الضوابط من وجوب حضور نقيب المحامين الى بطلان هذا الإجراء وبالتالي جميع الرسائل التي قد يتوصل إليها قاضي التحقيق بحضور النيابة العامة تكون باطلة أيضا  وما آذا اعملنا مقتضيات المادة 294 ولا يمكن أن ينتج الدليل الكتابي من الرسائل المتبادلة بين المتهم ومحاميه، نفس الأمر متعلق باجراء التقاط المكالمات

وكما هو الحا ل في المادة 293 التي ابطلت كل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف والإكراه، بل علاوة على ذلك يتعرض مرتكب العنف والإكراه لعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي، وقد يحدث ذلك من خلال تبين اعترافات ضد المتهم في المحاضر ويوقع عليها .

وكذلك عدم مراعات المادتين 135 و 134 المنظمتين للاستنطاق الأولى والمادة 193 المنظمة لحضور المحامي لجلسة الإستنطاقات والمواجهة  وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيبوالإجراأت الموالية له، مع مراعاة تقدير مدى هذا البطلان وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 211.

    هذه الأخيرة قد تطرقة إلى الأطراف الدين لهم الحق في إثارة ابطال اجراءات التحقيق في الدعوى اما قاضي التحقيق من تلقاء نفسه عليه أن يحيله إلى الغرفة الجنحية للبت فيه بعد استشارة النيابة العامة وإخبار المتهم والطرف المدني،  أو للمتهم أو للطرف المدني للنيابة العامة إذا ظهر لها أن إجراءًا مشوبا بالبطلان قد اتخذ، فلهم أن يطلبوا من قاضي التحقيق أن يوجه ملف الدعوى إلى النيابة العامة لإحالته إلى الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف رفقة الطلب الذي يبينون فيه أسباب البطلان خلال خمسة أيام.

إلا أن الأمر المخيف هو السلطة التي اعطيت للغرفة ما إذا كان يجب أن يقتصر البطلان على الإجراء المقصود أو يمتد كلا أو بعضا للإجراء ات اللاحقة، لأن مسألة الإحالة على قضاة الحكم سواء فورية في الجنح أو المباشرة في الجنايات تحال ايضا جميع عناصر القضية إلى قاضي الحكم ولربما تستبعد الغرفة الجنحية حتى تلك الوسائل التي تكون في صالح المتهم وبالتالي سيأثر ذلك سلبا على قناعات القاضي اللهم إذا قام باجراء تحقيق تكميلي.

      ومسألة استبعاد الدلائل المحصل عليها خلاف فقهي فهناك من اكد اهمية استبعاد الأدلة غير مشروعة وتحججو ب حقوق الدفاع والمبادئ المثلى في المواثيق الدولية، وهناك من اكد على عدم استبعادها لأن هذه المسألة وذلك لمبررات اهمها، اعاقة الجهود المبدول في مكافحة الجريمة لأن اخلاء سبيل متهم خطير فيه تشجيع له على مواصلة انشطته الاجرامية التي قد تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع، وأيضا ستتراجع القيمة القانونية وقيمة العدالة التي تسعى الى كشف المدنب فقدان التقة من طرف المجتمع في منظيمتهم، بالإضافة الى ذلك فيه اعاقة للإرادة المثلى للقاضي وتقييد سلطته فيما يخص مسألة التعامل الوجداني مع الدليل[20]، وموقف المشرع الفرنسي هي الإنطلاق عدم قبول الأدلة المحصل عليها بطرق غير مشروعة مع احتفاظه بسلطة تقديرية ملموسة في تحديد ماهية المخالفات الاجرائية التي من شأنها أن تفضي إلى هذا الأثر[21]

      وفيما يخص المشرع الإيطالي فموقفه متشدد تجاه الأدلة المحصل عليها بطرق أو اجراءات بآطلة بمقتضى المادة 191 من القانون رقم 447 بتاريخ 16 فبراير 1988 وأكد على ؛ لايجوز استخدام الأدلة التي تم الحصول عليها بالمخالفة للنصوص القانونية، هذا الإتجاه يخالفه الوضع في القانون الأنجليزي في ظل قواعد الكومون لو غير المكتوبة الذي تطلب أن يكون الدليل متعلقا فقط بالواقعة المراد اثباتها حتى ولو كانت الطريقة غير مشروعة، هذا الأمر تم التراجع عنه سنة 1984  بصدور قانون الشرطة والإثبات الجنائي، اصبح يتطلب أن يكون الدليل محصل عليه بطرق مشروعة.[22]

الفقرة الثانية: مبدأ يقينية الدليل العلمي ومدى تأثيره على حقوق الأفراد وحرايتهم

     يثير هذا لمبدأ تساؤل حول مدى التزام القاضي بتطبيق القاعدة التي نص عليها المشرع المغربي في الثانية من المادة الأولى، اي تفسير الشك لفائدة المتهم والتي تعتبر نتيجة من نتائج قرينة البراءة

الا أن التساؤل يكون ذا اهمية عندما نرصد الخلاف الحاصل حول نطاق تفسير قاعدة تفسير الشك لصالح المتهم هل المقصود بذلك الحالة التي يكون فيها الشك متعلق بأركان الجريمة ام أنه عندما يتعلق بما هو موضوعي أو شخصيا يتعلق بتقدير الأدلة المطروحة امام القاضي،

والأخد بالرأي القائل أن المقصود بذلك ما هو موضوعي فيه مساس بمبدأ حرية القاضي في تقدير الأدلة لذى كان من الواجب الأخد بهذا المبدأ على اطلاقه دون تميييز بين الأطرحة الثلاتة ولأن الأصل هو البراءة، غير أن هذا المبدأ يتعارض وتطبيقه على النصوص التشريعية الغامضة بحيث لا يمكن تفسير غموض النص لصالح المتهم لأنه هناك مبدأ الشرعية لا جريمة ولا عقوبة الا بنص حيث أن القاضي في بادء الأمر أن يقوم بتفسير النص تفسيرا صحيحا سواء كان عبر القياد أو حرفي أو الواسع،

كما أن صعوبة ابستبعاد الدليل المحصل عليه من الوسائل العلمية الحديثة يؤثر على اليقين القضائي، مما ينتج عنه اهدار النتيجة العادية التي يتطلبه هذا اليقين في الإدانة وهي وجوب تفسير الشك لمصلحة المتهم والذي يستمد اصوله كما أشرنا من قرينة البراءة.

     وتزداد أهمية هذا التأثير في مرحلة المحاكمة كون الأحكام في الإدانة يجب أن تنبني على اليقين الكامل لإستبعاده قرينة البراءة التي تعد الأصل في كل انسان، وهذا بخلاف مرحلة التحقيق التي لا يشترط فيها وصول قناعة القاضي إلى حد اليقين الكامل بإدانة المتهم، لأن مهمة سلطة الإتهام ليست الحسم في النزاع وانما التأكد من مدى كفاية الأدلة الجنائة لإحالة المتهم أو عدم احالته على الحكم.

إلا أن القضاء المغربي يتعامل مع هذه الوسائل بحذر حيث يعمل دائما إلى جعلها وسيلة معززة للألة الأخري كما هو الشأن في احدى الأحكام؛

 في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش “و حيث اعترف الظنين  تمهيدا بالمنسوب إليه …. و حيث أن إنكاره للمنسوب إليه أمام المحكمة تكذب تصريحاته التمهيدية أمام الضابطة القضائية و كذا مختلف الصور و الفيديوهات التي تم استخراجها من الموقع الإلكتروني العالمي المسمىfacebook  الذي قام الظنين بالكشف للضباط الشرطة القضائية عن العناوين السرية التي استعملها للانخراط في الموقع المذكور”[23].

    كما جاء أيضا في حكم أخر صادر عن المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة ” و حيث اعترف المتهم (ع.ط) تمهيديا بكونه هو من قام بتصوير المشتكية رفقة أصدقائها في حفل ميلادها و أن التسجيل لم يعده إلى صاحبته بعلة أن المسمى (ج) هو من احتفظ به بعد أن قام بتحويله إلى قرص مدمج …و حيث ثبت للمحكمة من خلال تصريحات الشاهد (ر.ح) بأنه سلم قرص بعد نسخه لكل من المتهم (ع.ط) و المسمى (ج.ب) و هو ما يتناقض مع تصريحات المتهم، و حيث ثبت للمحكمة من خلال وقائع الملف و خاصة القرص المدمج موضوع الشكاية بأنه يحتوي على اللقطات المصورة للمشتكية، و حيث ثبت للمحكمة  استنادا إلى ما سبق قيام عدة قرائن قوية على قيام جنحة المشاركة في استغلال أشرطة فيديو لأغراض تجارية دون تأشير المركز السينماتوغرافي المغربي مع تضمنها لمشاهد مخلة بالآداب[24].

   صحيح ان الوسائل العلمية جد مهمة في وقتنا الحاضر فيما يتعلق باكتشاف الجرائم ونسبتها اLى مرتكبيها إلا أن ذلك يصدم بجدار حريات الأفراد وحقوقهم،  وعدم انتهاك خصوصياتهم وحقوقهم الشخصية للمتهم وأيضا عدم المساس بكرامة الإنسان وقدسية حرمته، فمثلا عند اللجوء الى التنيوم المغناطيسي فإنه عبر تلك الأسئلة التي توجه إليه قد تكون مرتبطة ذهنيا بأسرار لايمكن لأحد الإطلاع عليها، وهناك فرضية اخرى يمكن للمتهم أن يكون بريء ولم يرتكب الجريمة ويتم توجيه له أسئلة وهو ليس في وعي ويجيب عنها و لربما يبوح بجرائم قد ارتكبها طالها التقادم أو جرائم يعتقد أنه ارتكبها، هذا المعطى سيأثر على حقوق المتهم وقرينة البراءة وحتى النتائج تسلب منه سلطته ويكون من المفروض عليه الأخد بها وهذا ما جاء في احدى القرارت الصادرة عن محكمة آلإستئناف بالرباط * ليس للقاضي أن يقحم نفسه في نقاش علمي للترجيح بين وجهات النظر واتخاد موقف معين منها وانتقادها لعدم توفر المعرفة العلمية لديه بهذه المسائل*

وفي نفس السياق أكدت محكمة النقض في احد قراراتها بتاريخ 3 فبراير 2011 عدد 196/6581 في الميدان الجنائي الذي يقتضي أن تبنى الأحكام والقرارات على حجة قطعية دامغة وألنها تتنافى مع القواعد الجنائية التي تمنع التوسع في التفسير ضد المتهم والتي تعتبر الأصل البراءة وتقتضي ترجيح القانون الأصلح للمتهم وتفسير الشك لصالح المتهم.

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية
زر الذهاب إلى الأعلى