إقرار مجلس الأمن بمسؤولية الجزائر في نزاع الصحراء يغضب “قصر المرادية”

على الرغم من المتغيرات العديدة التي تطبع قضية الصحراء المغربية، فإن لا جديدا يأتي من الجارة الشرقية للمملكة فيما يتعلق بالملف. بدا ذلك خلال تفاعل وزارة الخارجية الجزائرية مع تصويت مجلس الأمن الدولي على تمديد مقام بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية “المينورسو” واستئناف المفاوضات.

واحتفظت الخارجية الجزائرية، في تفاعلها مع القرار، بعبارات تقليدية، من قبيل “تصفية الاستعمار” و”تقرير المصير” و”القوة المحتلة”؛ لكنها في المقابل لا تعتبر نفسها معنية بشكل مباشر بالصراع وتؤكد حرصها على حقوق “الشعب الصحراوي”، وذلك بالرغم من تأكيد مجلس الأمن، مرة أخرى، مسؤولية الجزائر في هذا النزاع الإقليمي.

وقالت الجزائر إن دراسة مجلس الأمن لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة فرصة ثمينة للمجلس حتى يرمي بثقله في سبيل ترقية فعلية لمسار “تصفية الاستعمار” في الإقليم، من خلال تمكين شعبه من ممارسة حقه الثابت في “تقرير المصير”.

وفي السياق ذاته، أضافت الجزائر، في تفاعلها مع القرار، أنها تسجل “وجود خطر جدي لتشويه وتآكل المسار الذي من شأنه الإضرار بالسلام والاستقرار والأمن الإقليميين، فضلا عن وجود عدم يقين يخيم على الساحة الدولية”.

نبيل الأندلسي، الخبير في العلاقات الدولية، أورد أن القرار رقم 2654، الذي صادق عليه مجلس الأمن بتاريخ 27 أكتوبر 2022، يزكي رجاحة الموقف المغربي ومبادرة الحكم الذاتي التي يتبناها كحل سياسي وواقعي وعملي ودائم ومقبول من الطرفين.

وأضاف الأندلسي أن القرار لا يذكر مسألة الاستفتاء لتقرير المصير. وقد أشاد المغرب بالقرار وبالمستجدات التي أوردها، خاصة التأكيد على أهمية العودة إلى الحوار والموائد المستديرة واعتبار الجزائر طرفا أساسيا في معادلة حل هذا النزاع المفتعل.

ومقابل الترحيب المغربي بالقرار، سجل تذمر واستهجان جزائري، ورفض واستنكار لجبهة “البوليساريو”، بسبب عدم مجاراة المنتظم الدولي لمحاولاتهما كسب عطف وتأييد الدول المؤثرة والمصوتة على هذا القرار الذي أعدت مسودته الولايات المتحدة الأمريكية.

واعتبر الخبير في العلاقات الدولية أن القرار طلب من جبهة “البوليساريو” “السماح باستئناف إعادة الإمداد الآمن والمنتظم لبعثة “المينورسو” من أجل ضمان استمرارية وجود البعثة”، في إشارة إلى الانتهاكات المتكررة لـ”البوليساريو” لوقف إطلاق النار، وهذه الفقرة بالذات فيها نوع من التهديد بالانسحاب في حالة استمرار تهديدات سلامة أعضاء الهيئة الأممية واستمرار العراقيل التي تضعها “البوليساريو” على بعض مواقع تمركز بعثة “المينورسو”.

وسجل المتحدث أن الجزائر تغامر بالأمن الإقليمي للمنطقة، وتدعم منظمة مسلحة منفلتة ومارقة، وما الحديث عن الاستقرار الإقليمي إلا مزايدات كلامية ومحاولة للتهرب من مسؤوليتها المباشرة في النزاع المفتعل الذي لا تدخر أي جهد لتطويل أمده.

وأشار الأستاذ الباحث إلى أن القرار أكد على مسؤولية الجزائر كطرف رئيسي في النزاع يستلزم ردا واضحا منها تجاه المنتظم الدولي وأن تتحمل مسؤولية التطورات التي ستعرفها المنطقة، خاصة أن القوات المسلحة الملكية ملزمة بالدفاع عن وحدة أراضي المملكة المغربية في حالة أي محاولة للمس بها أو تعرضها لأي هجوم وسلوك عدائي.

واستحضر الأندلسي ما تداولته تقارير استخباراتية، خلال الأيام الماضية، من تسلم جبهة “البوليساريو” لطائرات إيرانية مسيرة عن بعد لضرب أهداف مغربية، عبر وساطة جزائرية؛ وهذا ما سيزج بالمنطقة في المجهول إذا تورطت “البوليساريو” في أي عملية إرهابية تستهدف الأمن القومي للمملكة المغربية.

ونبه المتحدث إلى أن الجزائر أصبحت بوابة إيران نحو إفريقيا، وهذا التقارب الجزائري الإيراني يعكس مدى تورط النظام الجزائري في زعزعة الأمن الإقليمي والخروج عن مواقف جامعة الدول العربية بشأن الممارسات الإيرانية بالمنطقة العربية، والتي لا يكاد يخلو أي اجتماع للجامعة من التنديد بها ورفضها، خاصة أن الدور الإيراني في زعزعة أمن عدد من الدول العربية لا يحتاج إلى دليل، وأمثلة اليمن وسوريا والعراق ما زالت تداعياتها شاهدة على ذلك.

محمد الطيار، الخبير الأمني المغربي، اعتبر تصريح وزارة الخارجية الجزائرية بخصوص قرار مجلس الأمن 2654 متأخرا؛ فقد دأبت على القيام أولا بإصدار تصريحات باسم “البوليساريو”، ثم بعد ذلك تصدر باسمها ما يؤكد ما جاء على لسان مليشيات “البوليساريو”.

واعتبر الطيار أن التصريح يتضمن العبارات القديمة نفسها؛ فهي تنهل من نفس القاموس طيلة العقود السابقة بدون أي تغيير منذ حقبة السبعينيات من القرن الماضي، مما يبرز عدم القدرة على استيعاب النظام العسكري الجزائري للمتغيرات الدولية.

وأشار الخبير الأمني المغربي إلى أن القرار أكد بشكل ملحوظ على مسؤولية الجزائر في النزاع، وبذلك أدان تملصها من المشاركة في الموائد المستديرة وطالب بإشراف الأمم المتحدة على توزيع المساعدات الإنسانية والإشراف على إحصاء ساكنة مخيمات تيندوف.

وأوضح الطيار أن هذه الإجراءات التي جاء بها القرار الأممي حاصرت بشكل كبير النظام العسكري الجزائري؛ فالقرار تم اتخاذه بـ 13 صوتا، إضافة إلى صوتين التزما الحياد ولم يصوتا ضد القرار.

وشدد المتحدث على أن النظام العسكري، منذ استلائه على السلطة في الجزائر، رهن مستقبل بقاء الدولة نفسها واستمرارها بقضية الصحراء المغربية، وجعل منها قضية وجود، وربط مصيره وبقاءه بها، واستعمل كل مقدرات الشعب الجزائري من أجل إضعاف المغرب وعزله واستمرار وتغذية الأزمة المفتعلة.

#إقرار #مجلس #الأمن #بمسؤولية #الجزائر #في #نزاع #الصحراء #يغضب #قصر #المرادية

زر الذهاب إلى الأعلى