أزمة الوعي المجتمعي

أزمة الوعي المجتمعي

أزمة الوعي المجتمعي
فاطمة الزهراء جمجمة

أزمة الوعي المجتمعي الوعي كلمة تعبر

تقديم :

الوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك و على تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ معينة تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. وعليه فإنه لا يمكن الحديث عن وعي دون علم فكلما ازداد المرء علما وفهما ازداد وعيا.

ويعتبر الوعي ركيزة من ركائز تقدم أي مجتمع وتطوره بل وله دوره الكبير و الرئيسي في استقرار المجتمع و النهوض به, وذلك بالرفع من شأن أفراده، كما يشكل الوعي خطوة مهمة في تطوير الذات وخلق الإنسان المبدع المثقف المتفهم و بالتالي الواعي الذي يساهم في بناء المجتمع و تطوره.

ولاشك أن الوعي بمعناه العام حالة صحية إيجابية, تعكس فهم المرء لواقعه بكل مكوناته من صعوبات وتحديات وفرص و مجالات قوة ومواطن ضعف،  وتضعه في الموقع المناسب لتحديد الخطوات ورسم السياسات واتخاذ القرارات,بما يحقق الوصول للمراد في أقرب وقت وبأدنى كلفة و أقل خسارة.

فإذا كان الوعي مطلوعا على المستوى الفردي لتحقيق النجاح فإنه سيكون أوجب بمراحل على المستوى المجتمعي للنهوض وتحقيق المراد وتحصيل المصالح الكبرى و تجاوز العقبات وستتجدد حالة الوعي هذه في طريقة وحركة قيادته الإدارية و الإجتماعية  الفاعلة سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات.

إقرأ أيضا : وباء كرونا المستجد وداء ارتفاع اسعار المنتجات “أية مقاربة قانونية”

كما أن المرحلة الراهنة تمتاز بانفتاح فضائي أمام كافة المؤثرات الثقافية و الإعلامية مما يؤدي إلى تضاؤل نسبي لفاعلية الحدود القومية بأشكالها الجغرافية القائمة و التي كانت تشكل الملاذ الفعلي في مواجهة المؤثرات الخارجية لإبقاء الداخل محصنا من تأثير الإستطالات الخارجية, أما في اللحظة الراهنة فإن الإشكال و الأساليب المتبعة للمحافظة على الهوية الوطنية من المؤثرات والمتغيرات الخارجية تعبر عن آليات ممارسة ثقافية وسياسية لا تتجاوب مع المتغيرات الراهنة و تحدياتها المستقبلية معبرة بذلك عن الغواء و العجز الذي بات من سمات ثقافتنا الراهنة المتسمة بالانكفاء على الذات و التخلف عن مواكبة التطورات الحضارية و التقنية المتسارعة. مما يؤكد بأن أحد أهم السبل للخروج من الإشكالات الراهنة تكمن في وعي الذات و إدراك أسباب تخلفنا وهزائمنا وتحليلها بأشكال موضوعية وعلمية بحيث يكون عمادها الأساس الرؤية النقذية المنفتحة و إلا سنرتد إلى أحد لحظاتنا التاريخية.

ومما تجدر الإشارة إليه هو أن الكثير منا لا يفرق بين مصطلح الوعي و الثقافة, فالوعي هو شيء أعمق من الثقافة إو إن الوعي هو فلسفة الثقافة أو يمكن القول أن الثقافة هي التعليم النظري و الوعي هو التطبيق العملي لها, والواعي هو ذلك الشخص الذي يفكر و يفسر الأحداث و ينظر لها من منظور عام وخاص و من قريب و بعيد نظرة طفولية متعجبة و متسائلة لا تخلو من العمق العميق.

إقرأ أيضا : حالة الطوارئ الصحية بالمغرب “تقييد لحرية و سبيل للتصدي لوباء متفشي”

ولعل المؤسسات التربوية و الإعلامية تضطلع بدور هام في تقوية و إيقاظ الإيمان الضعيف و المخذر في نفوس الناس إلى عظيم الدين ااذي يجمع أمتهم و لا يفرقها و كذا توجيه همم الناس صوب العدو الحقيقي المتربص بالأمة كلها و خيراتها و أخلاقياتها وثقافتها بل ووجودها و إحياء روح الإيجابية لرفعة مصلحة الوطن.

وهكذا يتضح أن الوعي الإجتماعي هو الحصيلة المستمرة لعملية الإدراك الشاملة للواقع الإجتماعي ذلك الإدراك الذي يشمل إدراك الفرد و تصوره من القضايا الإجتماعية سواء المجتمعية العامة أو الخاصة النوعية و التي يأخذ منها موقفا إما سليما أو رفضا بناء على تفسيره لهذه المواقف.

فإلى أي حد يستطيع الوعي الإجتماعي بمختلف عوامله الحد من الأزمات؟ و ما مدى مساهمة الإعلام في خلق مجتمع واعي و مستقر؟

للإجابة عن هذه الإشكالية سنقسم الموضوع إلى :

المطلب الأول : أهمية الوعي المجتمعي في حل الأزمات

المطلب الثاني : مساهمة الإعلام في تشكيل الوعي الإجتماعي

المطلب الأول: أهمية الوعي المجتمعي في حل الأزمات

يعتبر الوعي المجتمعي هو الإدراك الواعي لكوننا جزءا من مجتمع مترابط مع الآخرين, و هذا يعني تأثر الفرد بالآخرين,  و تأثيره فيهم, و حين يصل كل فرد في المجتمع إلى إدراك هذا المفهوم الكبير الواسع يصبح أفراد المجتمع أكثر ترابطا و تعاطفا و قياما بدورهم في التفكير الإيجابي في مجتمعاتهم. و يعد الوعي الإجتماعي هو مقياس تطور المجتمعات, لأنه يمكننا من إصدار أحكام على التصرفات و السلوكيات الفردية و الجمعية.

ويبنى الوعي المجتمعي على الوعي الفردي, و تكمن أهمية الوعي الفردي في أنه يشكل أول سلم لحركة المجتمع نحو الحضارة, فالفرد ليس كائنا مستقلا بذاته بل هو كائن إجتماعي يتشكل وعيه من خلال البيئة المحيطة به,  البيئة التي ترتبط بمستواه الإجتماعي و حين ينحو الأفراد إلى التعبير عن سلوكياتهم في كل مناحي الحياة تعبيرا إيجابيا فإنهم بهذا يكونون قد حملوا هم الوعي, وسعوا إلى نشره ونجحوا في مقاصدهم.

إقرأ أيضا : وباء كرونا المستجد وداء ارتفاع اسعار المنتجات “أية مقاربة قانونية”

ولعل مسألة المواطنة و الوعي اليوم , كأهم منتج لقيام مستوى التحول تفي سلوك المواطن و تفاعله مع قضاياه الوطنية فالتحول المطلوب اليوم في خطواته الأولى من دولة مكونات إلى دولة مواطنة ، فمسألة البحث في الحقوق والواجبات و المسؤوليات لم تعد مسؤولية المكونات بقدر ما هي مسؤولة مجتمعية للمواطن بمفرده كي يكون رقما في موازين التقدم و الرقي الحضاري و الممارسة الواعية ، ولم يعد موضوعها واجب المواطن و مسؤولية الدولة،بل اتخذت واقعا جديدا يقوم على تكامل الشعو؛نحو إنسانية الوطن.

ومن هنا تظهر الأهمية التي يحظى بها الوعي في علاقته بالمواطن بحيث أنه عند الأزمات يصبح الوعي الوطني الإجتماعي مساهما بامتياز في العمل على تأهيل الذات و امتلاك حقائق العصر و متغيراته ليبني علاقة وطيدة بين الوطن و المواطنين، بين المجتمع والقيادة، بين أفراد المجتمع بعضهم البعض ليصبح الإعتماد على الذات مصدرا للوجود لأن الحد من الأزمات يكون بانصهار الوعي في بوتقة واحدة ألا وهي بوتقة الوطن برمته لإن الأزمات عادة غير مرتبطة فقط بمسؤولية من يحكم، لكنها مسؤولية جميع المنظومات و الشرائح في المجتمعات سواء كانت سببا مباشرا أو كانت مجرد موقفا سلبيا و انسحابيا.

إقرأ أيضا : إلى السيد رئيس الحكومة خذ ترقيتك وانصرف

و من أجل كل ذلك يجب الإنتباه إلى خطورة تعرض الوعي الذي يمكن أن تجده الأزمة إلى ضغط شديد ليتحول إلى أزمة من الوعي.

المطلب الثاني : مساهمة الاعلام في تشكيل الوعي الإجتماعي.

أصبحت وسائل الإعلام تمارس دورا جوهريا في إثارة اهتمام الجمهور بالقضايا و المشكلات المطروحة حيث تعد وسائل الإعلام مصدرا رئيسيا يلجأ إليه الجمهور في استقاء معلوماته عن كافة القضايا السياسية ، الثقافية والإجتماعية بسبب فاعليته الإجتماعية وانتشاره الواسع،فهو يمتلك الإمكانية على التأثير الذي لا يأخذ صورة مباشرة و إنما يقوم بتشكيل الوعي المجتمعي بصورة غير مباشرة ،وبوثيرة متسارعة غير ملحوظة دون مقدمات.

كما يمثل الإعلام عنصرا مؤثرا في حياة المجتمعات باعتباره الناشر و المروج الأساسي للفكر والثقافة ، ويساهم بفاعليته في عملية تشكيل الوعي الإجتماعي للأفراد إلى جانب الأسرة و المؤسسات التعليمية و المؤسسات المدنية.

إضافة إلى ذلك أن الإعلام باعتباره مؤسسة اجتماعية هامة في المجتمعات البشرية يحمل مضامين اقتصادية و سياسية و أيديولوجية إن لم تكن لها القدرة على ترسيخ ثقافة المجتمع وهويته،فإنها تؤدي إلى تزييف العقل و إفساد العقول.

إقرأ أيضا : فقدان الشغل بسبب فيروس كورونا بقلم محمد الحمدني

فالإعلام يشمل جميع أوجه النشاط الإتصالية التي تعمل على تزويد الإنسان بجميع الحقائق و المعلومات المعرفية، باعتبار أن الإتصال هو قوة محركة للمجتمع بحيث يؤدي إلى حركة المجتمع حركة تفاعلية مؤثرة ومتأثرة ،فالإتصال عملية اجتماعية و تجري في بيئة معينة تؤثر فيها و تتأثر بها،و هناك تفاعل بين الإتصال و المجتمع.

و تتمثل أهميته في كونه يعيد إنتاج البنى الإجتماعية و الثقافية للتكوين المجتمعي و أفراده من خلال الدور المعرفي المناط به،كما إنه يساهم في إمداد المجتمع بالثقافة المجتمعية المختلفة وفق متطلبات النظام الحاكم. و لا يقف تأثير وسائل الإتصال عن حد الثقافة الإجتماعية و إنما تلعب دورا هاما في عملية التنشئة السياسية،و قد أكدت بعض الدراسات على أهمية وسائل الإتصال باعتبارها مصدرا رئيسيا في إمداد المجتمع بالمعلومات و المعارف و الأفكار السياسية من منطلق أن لها أثار مباشرة على عملية التنشئة الإجتماعية.

و ختاما يمكن القول أن النهضة المجتمعية مرتبطة بمنهج التغيير الفكري الإيجابي،منهج أساسه الحركة بوعي وبصيرة وليس الركود و الإنكفاء ، نهضة لا تكتمل إلا بوجود وعي مجتمعي وطني يوجه العقول و يستقطب القلوب نحو البناء و الإصلاح المجتمعي الذي قوامه الوعي و الفكر و الإدراك لمواجهة الازمات.

الهوامش:

فرغلي هارون  مفهوم الوعي الاجتماعي-

ماجد محمد الوبيران الوعي وتطور المجتمع-

منى حيدر الطائي الإعلام و تشكيل الوعي الإجتماعي لدى الشباب-

غازي الشعيبي الوعي و أثره في بناء المجتمع-

معتز حيسو أزمة الوعي الإجتماعي-

علي الصباح وهم الوعي الإجتماعي-

ا ك أولديف الوعي الإجتماعي-

محمد قيراط تشكيل الوعي الإجتماعي-

شيرين الضاني دور وسائل الإتصال الجماهيري في تنمية الوعي الإجتماعي دراسة في أنثروبولوجيا الإتصال –

أزمة الوعي المجتمعي الوعي كلمة تعبر أزمة الوعي المجتمعي الوعي كلمة تعبر أزمة الوعي المجتمعي الوعي كلمة تعبر

زر الذهاب إلى الأعلى