هل يحق لوهبي التدخل لتحديد آجال البت في القضايا والأحكام القضائية؟

موازاة مع مناقشة مشروعي القانونين التنظيميين رقم 13.22، بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورقم 14.22 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، تجدد النقاش خلال الأسابيع الأخيرة عن تأثير آجال البت في القضايا والأحكام القضائية، فضلا عن طول مدة المساطر، على الزمن القضائي وحقوق المتقاضين؛ وهو ما تناولته المادة 45 من مشروع القانون التنظيمي رقم 106.13 المعروض حاليا على أنظار البرلمان.

وكان عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، ضمن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أثار “إمكانية المساءلة التأديبية للقضاة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية بسبب التأخر في البت في الملفات المعروضة أمامهم”، مثيرا بذلك جدلا واسعا في صفوف عدد من القضاة، الذين لم يترددوا في انتقاد تصريحات الوزير في “تدوينات فايسبوكية”.

واعتبر وهبي أن “مشروع القانون التنظيمي الجديد المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية سيمنح السلطة القضائية سلاح مراقبة السادة القضاة على مستوى احترام آجال معقولة للبت في الملفات المعروضة عليهم، مع مراعاة اختلاف هذه الآجال بحسب نوع القضايا الموزعة بين المدني والتجاري والأحوال الشخصية”، مؤكدا أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية سيراقب مدى احترام القضاة لهذه الآجال، وفي حالة عدم احترامها فسيكون ذلك موجبا للمساءلة التأديبية”.

من جهته، قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، الإثنين 19 دجنبر، في افتتاح دورة تكوينية للمسؤولين القضائيين الجدد في الإدارة القضائية، مخاطبا إياهم: “كما أنكم مُطالَبون بدعم استقلالية القضاة في إصدار الأحكام في آجال معقولة، لا يكون فيها سلطان عليهم، إلا لصوت الضمير وقوة القانون”.

وشدد عبد النباوي في كلمته على أن السلطة القضائية تنتظر من المسؤولين القضائيين الجدد “مزيدا من الوفاء للأخلاقيات القضائية والتفاني في العمل”، مشددا على “رفع النجاعة، وكسب التحديات التي تواجه القضاء ومنظومة العدالة في هذه المرحلة لتجاوز الصعوبات والإشكاليات”.

نقاش “الاختصاص”

من جانبه، أوضح عدنان المتفوق، عضو المكتب التنفيذي لـ”نادي قضاة المغرب” المكلف بالإعلام والتواصل، أن “تنظيم إجراءات البت في القضايا يجب أن تتضمنه قوانين المسطرة المدنية والجنائية، وليس كما ورد في قانون ينظم عمل مؤسسة دستورية”، منتقدا ومستغربا بشدة “عدم إشراك وزارة العدل للنادي في صياغة مشروع قانون تنظيمي يخص القضاة”.

وذكّر المتفوق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “المشرّع الدستوري نص على حق المتقاضي في صدور أحكام داخل آجال معقولة”، كما هو متضمن بصريح العبارة في الفصل 120 من دستور المملكة، قبل أن يستدرك متسائلا: “لكن السؤال المطروح هنا هو: هل يحق للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تحديد هذه الآجال؟”.

“بالطبع الجواب سيكون بالنفي”، يؤكد المسؤول ضمن الجمعية المهنية التي تمثل قضاة المغرب، شارحاً: “لأن اختصاص المجلس هو البت في الوضعية الفردية للقضاة وتوجيه مقترحات للسيد رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية في ما يخص تعيين الملحقين القضائيين وكذا المسؤولين القضائيين؛ هذا فضلا عن دوره في إعطاء تصوراته بشأن سير العدالة ببلادنا”، وتابع: “مسألة تحديد آجال استشارية للبتّ في القضايا تدخل في صميم اختصاص البرلمان وليس المجلس؛ وإنْ كنا نحن في نادي قضاة المغرب نرى أن مشكل تأخر البت في القضايا لا يتحمل فيه القضاة أي مسؤولية، لأن القاضي يشرف على تجهيز الملفات للبت فيها وفق القانون واحترام حقوق الدفاع، إلا أنه يصطدم بمعضلة التبليغ”.

وأكد المتحدث ذاته أن “التبليغات مشكلة تظل حبيسة رفوف المحاكم، إذ لا يتم تبليغ الأطراف من طرف الجهات المسند إليها ذلك، فضلا عن أن الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية ينص على سلوك مسطرة القيم في حق الشخص الذي يكون غير معروف، وهي مسطرة معقدة ينبغي تدخل المشرّع لتبسيطها”، وختم بالقول إن “مشكل البطء في البت في القضايا تتحمله وزارة العدل وليس القضاة”، مشددا على كون “أجرأة المبدأ الدستوري المتمثل في البت في القضايا داخل أجل معقول يعود للبرلمان”، ومستحضرا أن “الأجل الاسترشادي كان موضوع مذكرتين ترافعيتَيْن توصلت بهما الفرق النيابية وأعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب”.

“القاضي لا يتحمل مسؤولية التأخير”

من جهته، أسهم المحامي عبد الكبير طبيح في النقاش الدائر حاليا حول “موضوع المادة 45″، من خلال مقاليْن تحت عنوان: “ارفعوا الضغط عن القضاة” و”التفسير المعقول للأجل المعقول”، مشددا على أنه “مِن الإجحاف جعل القاضي مسؤولا عن تحديد أجل البت في القضايا ومسارها الزمني؛ سوى إذا وصل الملف إلى مرحلة المداولة”.

وبسط طبيح، في حديث لهسبريس، ما وصفها بحالة “الإبقاء على الضغط على القاضي ليحكم في الملف داخل الأسبوع أو في آخر الجلسة”، واصفا ذلك بـ”وضع يمس المحاكمة العادلة وحقوق المتقاضين، كما يضرب المفهوم الدستوري للأجل المعقول المنصوص عليه في الفصل 120″، مردفا: “لأن الأجل المعقول هو حق دستوري مقرر لفائدة المتقاضي وليس لغيره المطلوب اليوم من الحكومة أن ينص القانون على حرية القاضي في تحديد تاريخ إصدار حكمه بعدما يحال عليه الملف جاهزا للحكم”.

وأثار المحامي ذاته إشكالية “حاجة إدارة كتابة الضبط إلى الإمكانات المالية والبشرية الكافية للاشتغال في وضع مريح ومنتج”، مؤكدا أن ذلك سيحل “معضلة التبليغ التي تتجاوز قدرة كتاب الضبط في الظروف الراهنة”، وخلص: “إن مهمة القاضي تبدأ من وقت يصبح الملف جاهزا للحكم؛ آنذاك يمكن مساءلته عن التأخير في إصدار الحكم بعدما حجزه في المداولة. أما قبل ذلك فإنه من العدل القول إن القاضي لا مسؤولية له في أي تأخير للقضايا”، خاتما بالقول إن “مشروع القانون المثير للجدل يظل غير قابل للتطبيق، وسيكون مصيره الحسم من طرف المحكمة الدستورية بعد مروره في البرلمان”.

#هل #يحق #لوهبي #التدخل #لتحديد #آجال #البت #في #القضايا #والأحكام #القضائية

زر الذهاب إلى الأعلى