مناقشة برلمانية لمشروع قانون المالية تتحول إلى “مكاشفة” بين النقابات والحكومة

تحول اجتماع لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية أمس الإثنين في مجلس المستشارين، الذي خصص للمناقشة العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023، إلى جلسة مكاشفة بين الحكومة والنقابات.

في هذا الصدد، استغلت النقابات الممثلة بمجلس المستشارين تواجد وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، لتوجيه عدد من الانتقادات للحكومة، واتهامها بالتنصل من التزامات الاتفاق الاجتماعي الموقع في 30 أبريل الماضي.

واعتبرت فاطمة أزكاغ، المستشارة البرلمانية عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، أنه “كان من المفروض أن تشكل جولة شتنبر من الحوار محطة لتنفيذ التزامات الحكومة المرتبطة بتحسين الدخل في القطاع العام كما هو مثبت في نص الاتفاق، من خلال الزيادة العامة في الأجور ومراجعة أشطر الضريبة على الدخل وإحداث الدرجة الجديدة. لكن الحكومة للأسف أبدت تعنتها وتنصلها من التزاماتها عبر مشروع قانون المالية”.

واعتبرت المستشارة البرلمانية أن مشروع قانون المالية يؤكد إصرار الحكومة على التوجهات النيوليبرالية بحجة أن الوضع الاقتصادي للبلد، ووضعية المالية العمومية، لا يسمحان بذلك.

وأشارت عضو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى أن “حجة الحكومة مردودة، نظرا لأن المؤشرات الاقتصادية عرفت تحسنا هذه السنة بفضل المداخيل الضريبية والجمركية وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وعائدات المكتب الشريف للفوسفاط وارتفاع صادرات السيارات والطيران والنسيج؛ وهو ما يعني أن المالية العمومية ليست بالسوء الذي تقدمه الحكومة”.

وأرجعت المستشارة البرلمانية ما وصفته بـ”التعنت” إلى طبيعة الحكومة “التي برهنت بما لا يدع مجالا للشك أنها المعبر السياسي عن الرأسمال، ولا يهمها من المجال الاجتماعي إلا ضبطه أمنيا”.

كما لفتت أزكاغ إلى أن “هذه الحكومة تعطي مشروعية أكبر لمطلب الفصل بين المال والسلطة كمطلب شعبي ما فتئ الشعب المغربي عبر قواه الحية ينادي به في كل مناسبة، وفي كل حراك اجتماعي أو مجالي”.

من جهته، اتهم نور الدين سليك، المستشار البرلماني عن الاتحاد المغربي للشغل، الحكومة بـ”نهج سياسة الهروب إلى الأمام، وعدم الالتفات إلى الفئات الهشة في هذه الظرفية التي تعرف غلاء غير مسبوق في أسعار المواد الاستهلاكية”.

وأشار المستشار البرلماني إلى أن “ما جاءت به الحكومة في مشروع قانون المالية يناقض ما تم الاتفاق عليه مع النقابات في الحوار الاجتماعي، خاصة ما يتعلق بالزيادة العامة في الأجور وتخفيض الضريبة على الدخل”.
كما طالب البرلماني ذاته بفرض ضريبة استثنائية على شركات المحروقات، تنفيذا لتوصيات مجلس المنافسة.

بدوره، قال خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب: “إن الحكومة تنصلت من التزامها مع بعض النقابات بالزيادة في الأجور”، مشيرا في هذا الصدد إلى تصريحات فوزي لقجع، الوزير المكلف بالميزانية، للصحافة وفي مجلس النواب، التي نفى فيها اتفاق الحكومة مع النقابات على الزيادة العامة في الأجور.

واختار السطي قراءة بعض المقتطفات من اتفاق 30 أبريل أمام وزيرة الاقتصاد والمالية، مشيرا إلى تضمنها الصريح والواضح الزيادة العامة في أجور موظفي القطاع العام.

من جهة أخرى، قال المستشار ذاته إن “الحكومة تنصلت من التزامها بصرف تعويضات للمسنين كما وعدتهم في البرنامج الحكومي”، وأضاف: “المسنون في وضعية هشة كانوا ينتظرون التوصل بـ400 درهم في شتنبر الماضي كما وعدتموهم، لكن وعودكم تبخرت فجأة”.

كما تساءل السطي عن مآل منحة الولادة للأسر المعوزة التي تضمنها البرنامج الحكومي، وزاد: “البرنامج الحكومي وعد الأسر المعوزة بمنحة عن الولادة قدرها 2000 درهم للابن الأول و1000 درهم للابن الثاني ابتداء من 2023، لكن لا أثر لها في مشروع قانون المالية”.

إلى ذلك، أكد فوزي لقجع، جوابا عن مداخلات ممثلي النقابات، أن الحكومة اختارت في ظرفية صعبة إطلاق الحوار الاجتماعي، وكان من الممكن أن تتذرع بالأزمة وتقرر عدم إطلاقه، وأضاف: “الحكومة تحملت مسؤوليتها وأطلقت الحوار الاجتماعي، بل وقامت بمأسسته، وفي العام الأول كلف ما مجموعه 9.2 مليار درهم”، مستغربا وصف البعض الاتفاق الاجتماعي بالبسيط والرديء.

وتساءل لقجع: “إذا كانت 9.2 مليار درهم قليلة ولا شيء، فما هو الكثير بالنسبة لكم؟”، لافتا إلى أن جميع الحوارات الاجتماعية لم تتجاوز كلفتها 14 مليار درهم، فيما كلف الحوار الاجتماعي الحالي 9.2 مليار درهم في سنة واحدة، مشيرا إلى أن الموضوعية تقتضي دعوة الحكومة إلى التخفيف من الإنفاق.

#مناقشة #برلمانية #لمشروع #قانون #المالية #تتحول #إلى #مكاشفة #بين #النقابات #والحكومة

زر الذهاب إلى الأعلى