سلطة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية

محتويات الموضوع
سلطة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية
سلطة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية

         سلطة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية

بقلم الميري عبدالرحيم منتدب قضائي بوزارة العدل

مقدمة

يعتبر جهاز الشرطة القضائية من أهم الأجهزة المساعدة للعدالة الجنائية في مرحلة ما قبل القضائية نظرا لكونه يشكل المساعد الأكثر فعالية في سير الدعوى العمومية و تحديد مسارها على ضوء الأبحاث التي يقوم بها.

ونظرا لخطورة مهامه خصوصا في مســطرة البحث التلبسي التي تتميز باتخاذ إجراءات قسريــــة و صارمة تتعارض أحيانا مع الحريات الفردية لغرض مواجهة خطورة المجرم و الجريمة حدد المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة الأشخاص الذين يتوفرون على الصفة الضبطية في حدود اختصاصهم نوعيا و مكانيا

في المقابل و حتى تتم الأبحاث المنجزة من طرف الشرطة القضائية في ظروف تحترم فيها الضمانات القانونية للأفراد أخضع المشروع سير هاته الأبحاث لإشراف النيابة العامة بحيث تبقى هذه الأخيرة الجهة الوحيدة التي يرتبط بها ضباط الشرطة القضائية في إطار علاقة أساسها قانون المسطرة الجنائية في مجموعة من مواده وتبعا لذلك فان الفقرة الأخيرة من المادة 16 تنص بأنه :يسير وكيل الملك أعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه. و تنص المادة 23 بأنه: يجب على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بما أنجزوه من عمليات و أن يخبروا وكيل المــلك أو الوكيل العام للملك المختص فورا بما يصل إلى علمهم من جنايات و جنح.

و يجب على ضباط الشرطة القضائية. بمجرد إنتهاء عملياتهم أن يوجهوا مباشرة إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أصول المحاضر التي يحررونها مرفقة بنسختين منها مشهود بمطابقتهما للأصل؛ و كذا جميع الوثائق و المستندات المتعلقة بها.

و توضع الأشياء المحجوزة رهن إشارة وكيل الملك أو الوكيل العام للملك؛ و يجب أن تشير المحاضر إلى أن لمحررها صفة ضابط الشرطة القضائية.

و تنص المادة 45 على أنه: يسير وكيل الملك في دائــرة نفوذ محكمته أعمال الشرطة القضـــــائية و أعوانها و يقوم بتنقيطهم. و يسهر على إحترام إجراءات الحراسة النظرية و أجلها و على مباشرتها في الأماكن المعدة لذلك. و تضيف المادة 30من قانون المسطرة الجنائية على أنه يحيل الوكيل العام للملك على الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف كل إخلال ينسب لضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه.

تعتبر النيابة العامة جزءا من الهيئة القضائية، وهي خصم شريف في الدعوى الجنائية ومن أعرافها أن ممثلها بالجلسة يترافع واقفا، وبذلك سميت بالقضاء الواقف، ولها دور مهم جدا في استقرار المجتمع وطمأنينته، فهي تساهم مساهمة فعالة في رقيه وازدهاره وهي ضامنة لحقوقه في جميع المجالات وساهر على تطبيق القانون ومتابعة ومسائلة كل شخص سولت له نفسه تعكير صفو أمن المجتمع وعرقلة رقيه بانتهاكه حرمة القوانين التي تنظمه.

ويعرف بعض الفقه النيابة العامة بكونها المؤسسة التي تمثل المجتمع في توجيه الاتهام ومباشرته، وهي بذلك طرف شريف في الدعوى العمومية، في حين يعرفها البعض تعريفا آخر بأنها هيئة قضائية من نوع خاص تسمى بالقضاء الواقف، وللنيابة العامة دور مزدوج، فهي جزء من السلطة التنفيذية قبل إجراء المتابعة وجزء من الهيئة القضائية منذ مباشرة الاتهام بكيفية رسمية إلى حين النطق بالحكم في موضوع القضية، وتستمر لها هذه الصفة أيضا عندما تمارس حقها في الطعن في الحكم الذي يصدر ولا يستجيب لما تقدمت به من طلبات وملتمسات.

إقرأ أيضا : بحث عن التجاره الالكترونيه

و تبدو النيابة العامة دائما كطرف أصلي رئيسي في القضايا الجنائية بحيث هي التي تثير الدعوة العمومية (المتابعة) وتتابع ممارستها بتقديم ملتمساتها وإبداء آرائها. بالإضافة إلى كل ما سبق فإن النيابة تمارس مهام أخرى إدارية وأخرى مرتبطة بمراقبة وتسيير ضباط الشرطة القضائية وكذلك حضور الجلسات وتقديم الملتمسات وتسهر على ما بعد صدور الأحكام لان هي المكلفة بتنفيذها.

أما الشرطة القضائية فهي جهاز خاص يتكون من عناصر تنتمي إلى السلــــطة القضــــــائية و أجهزة أخرى إدارية محددة مهامهم طبقا للقوانين و تشريعات خاصة؛ أناط بهم المشرع مهمة التثبت من وقوع الجرائــم و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها طبقا لإجراءات مسطرية محددة قانونا.

 و للإحاطة بهذا الجهاز و تمثل مكوناته سوف نذكر مختلف أصناف ضباط الشرطة القضائية.

أولا: ضباط الشرطة القضائية السامون.

 حدد المشرع المغربي في المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية أصناف ضباط الشرطة القضائية السامين كالتالي:

  •  الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف و نوابه.
  • ü    وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية و نوابه.
  • ü     قضاة التحقيق بمحاكم الاستئناف و المحاكم الابتدائية.

ثانيا: ضباط الشرطة القضائية العاديون.

 ينعت ضباط الشرطة القضائية العاديون بهذا الوصف – العاديون- تميزا لهم عن الضباط السامون للشرطة القضائية. و قد أتى تعدادهم من قبل المشرع على سبيل الحصر في قانون المسطرة الجنائية في المادة 20 و هم كالأتي:

  • – الضباط المنتمون إلى الإدارة العامة للأمن الوطني.

   يشمل ضباط الشرطة القضائية المنتمون للأمن الوطني:

  •  المدير العام للأمن الوطني.
  • –                      ولاة الأمن.
  • –                      المراقبون العامون للشرطة.
  • –                        عمداء الشرطة
  • –                        ضباط الشرطة
  • –                        ضباط الشرطة المكلفون بالأحداث
  • –                        مفتشو الشرطة ممن قضو ثلاث سنوات على الأقل بهذه الصفة و عينوا بقرار مشترك بين وزير العدل  و وزير الداخلية.

.

.

.

  •  الضباط المنتمون للدرك الملكي.

  يشمل الضباط العاديون المنتمون للدرك الملكي كل من:

  •  ضباط الدرك و ذووا الرتب فيه.
  • –                      الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة أو مركز طيلة مدة هذه القيادة.
  • –                      الدركويون الذين قضو على الأقل ثلاث سنوات في الخدمة بالدرك و عينوا رسميا بقرار مشترك من وزير العدل و السلطة الحكومية المكلفة بالدفاع.
  • ضباط السلطة المحلية و الموظفون و المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية:
  • Ø       ضباط السلطة المحلية:

منح المشرع صفة ضباط الشرطة القضائية للباشاوات و القياد بمقتضى المادة 20 من قانون م . ج و قد ذكرهم المشرع على سبيل الحصر, و هم موظفون ينتمون إلى الإدارة الترابية و يمثلون السلطة المحلية و يخضعون إداريا لوزارة الداخلية؛

  •   الموظفون المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية:
  • ·                         الولاة و العمال.

سمح قانون المسطرة الجنائية للولاة و العمال ممارسة مهام الشرطة القضائية في حدود ضيقة و بتوفر شروط  معينة.

  • موظفو المياه و الغابات:  تنص المادة 26 من ظهير 10 أكتوبر 1917 المتعلق بالمحافظة و استغلال الغابات أنه يقوم مهندسو و مأمورو المياه و الغابات بالبحث عن الجنح و المخالفات المنصوص عليها في التشريــع المطبق في ميدان الغابــــات و الصيد البري و الصيد في المياه الإقليمية بإثباتها في محضر.
  •  موظفو الجمارك و الضرائب غير المباشرة:

يختص هذا النـوع من المــوظفين في نــوع خــاص من الجرائــم نظمتها مـدونـة الجمــــارك و الضرائب غير المبـاشرة و يقدم موظفو إدارة الجمــارك و الضرائب غير المباشرة بالبحث و تحرير محاضر في المخالفات الجمركية.

  •  الموظفون و الأعوان التابعين لأقسام و مصالح التعبير بالمقاطعات و الجماعات   الحضرية و القروية:

اسند المشرع لهذه الشريحة من الموظفين تحرير الشكايات المتعلقة بمخالفة أحكام القانون 20/12 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1/92/31 بتاريخ 15 ذي الحجة 1392 موافق 17 يونيو 1992 المتعلق بالتعمير.

  •  موظفي مفتشية قمع الغش التابعة لوزارة الفلاحة و الصيد البحري: حدد المشرع  مهام هذا الصنف من الموظفين في تحرير الشكايات و المحاضر المتعلقة بجرائم الغش في البضائع طبقا للقانون 13/183 المتعلق بزجر الغش في البضائع.

تتجلى أهمية دراستنا لموضوع سلطة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية فيما يلي:

 التعرف على الأحكام المحددة في قانون المسطرة الجنائية لضباط الشرطة القضائية أثناء قيامهم بمهامهم.

 في سلطة الإشراف على مهام و أعمال الشرطة القضائية.

 في صلة الموضوع بالحقوق و الحريات.

وبناء على ما تقدم و بالنظر لأهمية الموضوع تثار عدة إشكاليات متعلقة أساسا بماهية الطبيعة القانونية لعلاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية؟ و ماهية الضوابط القانونية لهذا الجهاز القضائي على مهام ضباط الشرطة القضائية و مراقبة أعمالها؟

إقرأ أيضا : تبسيط المساطر الإدارية  في ظل قانون 55.19 بين الرهانات والتحديات

و لدراسة هذا الموضوع اعتمدنا المنهج الثنائي لرسم التصميم و هو على الشكل التالي:

المبحث الأول: سنتناول من خلاله مراقبة و تسيير النيابة العامة لأعمال الشرطة القضــائية؛ و بدوره قمنا بتقسيمه إلى مطلبين: الأول نطرق من خلاله لمراقبة النيابة العامة لمحاضر الشرطة القضائية؛ على إن نتطرق إلى مراقبة النيابة العامة للوضع تحت تدابير الحراسة النظرية و حالة الأشخاص (مطلب ثاني). أما المبحث الثاني سنتناول على ضوئه ضوابط إشراف النيابة العامة على مهام ضباط الشرطة القضائية؛ و قمنا بتقسيمه إلى مطلبين الأول نخصصه للضوابط القانونية المنوطة بالشرطة القضائية؛ كما سنتحدث في مطلب ثاني على مسؤولية ضابط الشرطة القضائية عن الإخلال الصادر عنه بهذه الصفة.

المبحث الأول: مراقبة و تسيير النيابة العامة لأعمال الشرطة القضائية.

     المطلب الأول: مراقبة النيابة العامة لمحاضر الشرطة القضائية.

         الفقرة الأولى: تسيير النيابة العامة لأعمال الشرطة القضائية.

تنص المادة 45 على أنه: يسير وكيل المـــلك داخل دائــرة نفوذه أعمــــال الشرطة القضــائية و أعوانها و يقوم بتنقيطهم. و يسهر على إحترام إجراءات الحراسة النظرية و أجلها و على مباشرتها في الأماكن المعدة لهذه الغاية.

كما نجد الفصل 42 من قانون المسطرة الجنائية هو الأساس القانوني الذي يستمد منه سلطة النيابة العامة على ضباط الشرطة القضائية ’ و تسيير أعمال الشرطة القضائية هنا يعني تكليفهم بالقيام بالبحث و إعطاء التعليمات حول سير عملها, و من ناحية أخرى إلزام ضابط الشرطة القضائية بإطلاع النيابة العامة بما يصل إلى علمهم من مخالفات للقانون الجنائي, كما تلزم بإرسال أصول المحاضر التي يحررونها مرفقة بنسختين مصادق عليها من رئيسهم المباشر” رئيس مركز الدرك الملكي أو رئيس المنطقة الأمنية” مرفقة بالوثائق و المستندات المتعلقة بالمسطرة, حتى يتسنى لهم تلقي التوجيهات و التعليمات اللازمة بشأنها.

و تتلقى النيابة العامة كل المعلومات التي تصل إلى علم ضباط الشرطة القضائية العاملين في دائرة نفوذها بشأن الجرائم المرتكبة ضمن حدود هذه الدائرة, أو الوفيات المشكوك فيها؛ مع مراعاة الاختصاص المحلي و الثلاثي للنيابة العامة و المتمثل في:

  •  مكان ارتكاب الجريمة.
  • ü    مكان إلقاء القبض على المتهم.
  • ü    مكان إقامة مرتكب الجريمة أو المتهم بارتكابها.

و المحاضر المشار إليها سابقا قد تكون بناء على شكاية أو وشاية قدمت إلى النيابة العامة أو أمام الضابطة القضائية؛  و قد تكون منجزة في حالة الجريمة المتلبس بها. و إذا كان ضابط الشرطة القضائية غير ملزم بالحصول على إذن من النيابة العامة المتمثلة في وكيل الملك أو نوابه بشأن إجراء التفتيش؛ سواء في مسطرة التلبس بالجريمة أو في مسطرة البحث التمهيدي العادي, و كان مقيدا فقط بضرورة مراعاة الشروط الشكلية للتفتيش في كل الأحوال؛ فانه على العكس من ذلك ملزم بالحصول على إذن لتمديد فترة إبقاء المشتبه فيه تحت تدابير الحراسة النظرية. وتعطي النيابة العامة هذا الإذن إذا اتضح لها ضرورة البحث تقتضي ذلك من اجل استكمال إجراءات البحث.

         الفقرة الثانية: الشروط الشكلية و الموضوعية للمحاضر.

تعتبر دراسة المحاضر و مراقبة شكلياتها من أهم وسائل مراقبة النيابة العامة لأعمال الضابطة القضائية و ذلك بغية التأكد من مدى التزامها التقيد بالشروط و الشكليات المنصوص عليها في القانون.

و هكذا فإن المحاضر تعتبر الوسيلة القانونية لإثبات التحريات و الأبحاث التي تقوم بها الشرطة القضائية للنهوض بأعبــاء البحث التمهيدي بمــعناه الواسع من انتقالات و معاينـــات و تفتيش ووضع تحت الحراسة النظرية و تلقي الشكايات و الوشايات و أقوال الشهود إلى غير ذلك من أمور البحث؛ سواء قامت بذلك تلقائيا أو بناء على تعليمات النيابة العامة. فالمحاضر تعتبر إذن نقطة الاتقاء في العلاقة بين النيابة العامة و الضابطة القضائية, و من تم وجب أن تنجز وفق الشـروط و الشكليات المتطلبـة و بالسـرعة و النجـاعة اللازمتين؛ حتى تكتسب الحجية الخاصة و القـــوة الثبوتية المنصوص عليها في المـادتين 289 و 291 مـن قانــون المسطــرة الجنـــائية. و اعتبارا لهذه الأهمية و نظرا لخطورة النتائج و الآثار القانونية المترتبة عن انجاز المحاضر فقد حرص المشرع المغربي و لأول مرة على تعريفها و تحديد شروطــها ؛ و ألزم الضابطة القضائية بإحالتها فــورا على النيابة العامة مرفقـــة بالوثائـــــق و المستندات و الأشياء المحجوزة المتعلقة بها لاتخاذ ما تراه مناسبا بشأنها.

و إذا قانون المسطرة الجنائية قد أعطى تعريفا قانونيا للمحضر في المادة 24 منه, فانه لم يحدد شكله. لذلك نلاحظ اختلافا في صياغة شكل المحضر من ضابطة إلى أخرى . و الحقيقة أن هذا الاختلاف الشكلي تبرره ظروف و طبيعة عمل كل ضابطة قضائية, و الذي لا يساعد على توحيد شكل المحضر هو إن قانون المسطرة الجنائية نفسه لم يقرر شكلا محددا أو نموذجا معينا للمحضر, خلافا لبعض القوانين الخاصة التي أوجبت أن تصاغ المحاضر وفق شكليات معينة.

و تجدر الإشارة إلى انه ينبغي التمييز بين محضر الضابطة و تقرير الضابطة, فهذا الأخير يعتبر وثيقة يضمنها ضابط الشـرطة القضـائية مجموعـة من المعلومات تهـم موضوعا معـينا؛ و يمكن أن يضيف إليه رأيه و ملاحظـاته؛ كما يمكن أن يطلب بواســطة تعليمات أو حلـــولا؛ و يبقى فقط وسيلة اتصال بين النيابة العامة و ضابط الشرطة القضائية.

و نظرا لأهمية و خطورة المحاضر و انعكاساتها على حرية الأفراد؛ فقد أحاطها المشرع بضمانات قانــونية تتجلى في شروط دقيقة يتعين احترامها من طرف ضابط الشرطة القضائية و الموظفين و الأعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية و أن تتم وفق ما نص علي القانون, حتى لا تفقد شرعيتها كوسيلة إثبات. و من هذه الشروط ما هو شكلي و ما هو موضوعي و كلها شروط جوهرية.

    أولا : الشروط الشكلية:

  •  كتابة المحضر و تاريخه: استنادا لمقتضيات المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية؛ فإن المحضر يجب أن يكون مكتوبا و الكتابة يجب أن تكون باللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد و هي التي يتم بها الترافع أمام المحاكم المغربية بموجب قانون التعريب الصادر بتاريخ 1965 و الكتــابة هنا يجب أن تكــون بأســلوب  واضــح و بسيط و خال من الحشو أو الإفراغ أو الكشط أو التداخل. و إذا حدث أي خطأ أو تغيير أو ملاحـظة؛ فيجب تدويـن ذلك؛ و التوقيـع عليه من طـرف ضابــط الشرطـة القضـــائية و الشخص المستمع إليه.

كما يجب أن يشار إلى تاريخ و ساعة أنجاز الإجراء ذلك أن بعض الإجراءات كالوضع تحت تدابير الحراسة النظرية و الوضع تحت الملاحظ و تفتيش المنازل يشترط أن تكون محددة اليوم و الساعة و الدقيقة.

و شرط تأريخ المحضر أمر ضروري لعدة إعتبارات كبداية احتساب مدة التقادم و تاريخ ارتكاب الفعل لتحديد سن الرشد الجنائي و لاحترام بعض الآجال الإنذارية كما هو الشأن في جرائم إهمال الأسرة بالنسبة للشخص المهمل(الفصل 480 من القانون الجنائي) إلى غير ذلك من المقتضيات.

  •  صفة محرر المحضر و إسمه: لكي يكون المحضر صحيحا يجب أن يشار فيه إلى اتسام محرره بصفة ضابط الشرطة القضائية( المادة 23 من قانون المسطرة الجنائية) و أن يبين فيه اسمه الشخصي و العائلي و رتبته, كالإشارة مثلا إلى كونه رقيب أول أو مساعد أول…, و ذلك بالنسبة إلى المحاضر المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية التابعين للدرك الملكي أو الإشارة إلى كون محرر المحضر ضابط الشرطة القضائية أو ضابط ممتاز بالنسبة للمحاضر المنجزة من طرف مصالح الأمن الوطني أو ضباط الإدارة الترابية أو ضباط الشرطة القضائية السامون أذا تعلق الأمر بممثلي النيابة العامة و قاضي التحقيق , كما يتعين أن يبين محرر المحضر المصلحة أو الإدارة التي ينتمي إليها كالقيادة أو الباشوية أو النيابة العامة بمحكمة ما…إلخ.

غير أن هناك بعض المخالفات لا تتطلب توفر محررها على صفة ضابط شرطة قضائية كما هو الشأن بالنسبة للمخالفات المنجزة في إطار بعض القوانين الخاصة كقانون الســير و قمع الغـــــــــش و المعاقبة على السكر العلني حيث ينص الفصل 5 من المرسوم الملكي المؤرخ في 14/11/1967 على أنه: “يثبت المخالفات لمقتضيات هذا القانون جميع ضباط الشرطة القضائية و الأعوان و أعوان القوة العمومية و يحررون بشأنها محضر”.

  •  التوقيع: من البيانات اللازمة التي نصت عليها المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية توقيع ضابط الشرطة القضائية على المحضر باعتباره الوسيلة المثبتة لصدوره عنه, و بالتالي اتسام المحضر بالصيغة الرسمية المترتبة عن انتماء الموظف(محرر المحضر) إلى هيئة عمومية كما نصت المادة 69 من ق.م.ج على توقيع كل ورقة من أوراق المحضر في حالة التلبس. و العبرة من ذلك أن الإجراءات موضوع المحاضر التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس تكون مختلفة و متعددة و تتضمن تدابير صارمة و قسرية أحيانا كالتفتيش و الحجز رغما عن إرادة المعني بالأمر و الوضع تحت الحراسة النظرية و لو دون إذن مسبق من النيابة العامة, و بالتالي يجب توقيع كل ورقة من أوراق المحضر لكي يصبح سليما و صحيحا و مثبتا لصدوره من طرف محرره.

ثانيا: الشروط الموضوعية:

إن الشروط و البيانات الشكلية المتعلقةبمحرر المحضر المتحدث عنها لا تكفي لتحقيق الغاية المتوخاة من إنجازه حتى يلعب دوره القانوني دون أن تتوفر في محرره شروط أخرى أهمها الموضوعية و الحياد.

و مفاد ذلك أنه يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يضمن في المحضر ما عاينه أو ما قام به من عمليات و ما تلقاه من تصريحات دون زيادة أو نقصان. كما أنه لا يمنع على ضابط الشرطة القضائية بسبب تنوع و تعقيد المهام التي يقوم بها أثناء مرحلة البحث من الاستعانة بأعوان الشرطة القضائية في حدود ما يسمح له به القانون من صلاحيات (المادة 25 من قانون المسطرة الجنائية).

كما لا يجوز أن يعطي تقييما للوقائع أو التصريحات أو أن يبدي رأيه الشخصي في النازلة إلى حد إعطائها تأويلا قانونيا لان هذه العملية ليست من اختصاصه.

إلا أن ما جرى به العمل أن ضباط الشرطة القضائية يلجؤون دائما إلى إعطاء تكييف قانوني بطرة المحضر المحال على النيابة العامة.

و قد أثبتت التجربــة أن معظم المحاضر التي ينجزها بعض ضبـــاط الشرطـــة القضـــائية ؛ و خاصة رجال السلطة (القياد و الباشاوات)؛ لا تتوفر على الشروط الشكلية و الجوهرية المتطلبة قانونا سواء بالنسبة للشخص المستمع إليه ( حيث يلعب تحديد هويته دورا مهما في الخصومة الجنائية) أو بالنسبة لشرط الموضوعية و الحياد في تحريرها, فغالبا ما تتضمن هذه المحاضر تصريحات جماعية و مبهمة للمشتكين أو المشتكى بهم أو الشهود و تدوينها على شـكل ســؤال و جواب دون ذكر مكان و تاريخ الوقائع…إلخ.

و أمام هذا الوضع أصبحت النيابة العامة مضطرة في غالب الأحوال إلى إرجاع هذه المحاضر إلى مصالح أخرى للشرطة القضائية ( الأمن الوطني أو الدرك الملكي) قصد إتمام البحث في شق معين؛ أو الاستماع إلى الأشخاص بشكل مستقل؛ أو الاستماع لباقي الأطراف إن لم نقل إعادة البحث من جديـــــــد و اعتبار المحضر بمثابة تبليغ عن وقائع, و هذا يشكل إضرارا بمصالح الأشخاص و كذا إهدارا لمجهودات محرر المحضر نفسه و النيابة العامـــة و الشرطـة القضائيــة؛ ناهيــك عن التجــاوزات و الخروقـــات من الاعتقـــالات التعسفـــــية و الاعتداءات الجسدية و غيرها. خاصة و أنهم لا يخضعون من الناحية العملية لأية مراقبة قضائية أو إدارية في هذا الشأن.

المطلب الثاني: مراقبة النيابة العامة للوضع تحت تدابير الحراسة النظرية و حالة الأشخاص.

تتجلى سلطة وكيل الملك على الشرطة القضائية في متابعته لأعمالها و تصرفات ضباطها عندما تكون صادرة عنهم بهذه الصفة؛ عن طريق ما يقف عليه شخصيا أو يصل إلى علمه أو يرفع إليه من إخلال أو تقاعس ينسب إلى ضابط الشرطة أثناء قيامه بمهامه. و يتجلى حرص النيابة العامة على قانونية أعمال ضباط الشرطة القضائية في زيارة أعضائها لأمكنة الحراسة النظرية مرة في الأسبوع على الأقل؛ و في أي وقت يشاؤون؛ و يحررون تقارير بما عاينوه من إخلالات و ملاحظات و يشعرون بها الوكيل العام للملك.

و هذا الإجراء يدعم آليات الحرص على قانونية أعمال هذا الجهاز ضمانا للشرعية و تجنبا لكل شطط يمكن أن يصدر من طرفهم باسم القانون, لذلك فهو يحد من هذه الإخلالات بإجراء مراقبة الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية و حالة الأشخاص.

    الفقرة الأولى: الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية:

 تعتبر الحراسة النظرية تدبير يبقى بمقتضاه شخص أو عدة أشخاص مراقبين تحت تصرف ضابط الشرطة القضائية ضمن شروط معينة؛ كما تعرف الحراسة النظرية بأنها المدة التي تبقى خلالها الضابطة القضائية تحت تصرفها الشخص المظنون أنه ارتكب الجريمة لأجل حاجيات البحث و التحري و منعا من اندثار أدلة الإثبات تحت مراقبة النيابة العامة.

  •  مراقبة سجل الحراسة النظرية:

بمقتضى الفقرات من 15 إلى 19 من قانون المسطرة الجنائية. يجب على ضابط الشرطة القضائية مسك سجل ترقم صفحاته و تذيل بتوقيع وكيل الملك في كل المحلات التي يمكن أن يوضع فيها الأشخاص تحت تدابير الحراسة النظرية؛ و تقيد في هذا السجل هوية الشخص المحروس نظريا و سبب ذلك و ساعة بداية الحراسة النظرية و ساعة انتهائها؛ و مدة الاستجواب و أوقات الراحة و الحالة البدنية و الصحية للشخص المعتقل و التغذية المفيدة له.

و يجب أن يوقع في هذا السجل الشخص الذي وضع تحت الحراسة النظرية و ضابط الشرطة القضائية بمجرد انتهائها؛ و إذا كان ذلك الشخص غير قادر على التوقيع أو الإبصام؛ أو رفض القيام به يشار إلى ذلك في السجل. كما يجب أن يعرض هذا السجل على وكيل الملك للاطلاع عليه و مراقبته و التأشير عليه مرة في كل شهر على الأقل.

تقوم النيابة العامة بمراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية؛ و يمكن لها أن تأمر في أي وقت بوضع حد لها أو بمثول الشخص المحروس أمامها.

و أن مراقبة سجلات الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية تعتبر من الصلاحيات الأساسية الموكولة للنيابة العامة اتجاه ضباط الشرطة القضائية سواء أثناء الزيارة الأسبوعية لمخافرها؛ أو في أي وقت آخر يراه وكيل الملك مناسبا؛ أو خلال عرضه عليه شهريا قصد التأشير عليه.

و تتجلى غاية هذه المـــراقبة في تدخل النيابة العـامـة لتصحيــح كل إجــــــراء غير مناسب؛ و أيضا في رفع تقرير إلى الوكيل العام للملك إذا كشفت المراقبة عن إخلالات قام بها ضابط الشرطة القضائية تمس ضمانات الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية؛ كتجاوز المدة القانونية للحراسة النظرية أو أن الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية تم دون إذن من النيابة العامة و لاسيما في البحث التمهيدي؛ أو دون إشعارها في حالة التلبس.

  •  مراقبة دفتر التصريحات:

تنص المادة 68 من قانون المسطرة الجنائية أنه على ضباط الشرطة القضائية أن يضعو رهن إشارة وكيل الملك دفتر التصريحات و ذلك بالنسبة للمصالح التي يلزم بها مسك هذه السجلات.

فدفتر التصريحات تطرق إليه الفصل 73 من قانون الدرك الملكي و عبارة عن كناش يشبه كناش الجيب الذي يحمله العدول و يتضمن اسم صاحبه و ترقم صفحاته و يشهد عليها الرئيس الإداري لضابط الشرطة القضائية؛ كما حدد خصائصه بكونه ذو طابع شخصي و محلي يجب مسكه من طرف صاحبه و بمقر عمله الحالي دون إمكانية نقله إلى مراكز أخرى في حالة انتقاله؛ و يمسك هذا السجل فقط من طرف رجال الدرك الملكي دون باقي المصالح لتلاؤمه مع ظروف عملهم بالبوادي و الأسواق و المناطق النائية و الوعرة.

أما البيانات التي يتضمنها هذا الكناش فهي إضافة إلى التصريحات و المعاينات و مختلف الإجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة يحتوي على البيانات المنصوص عليها في المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية و المتعلقة بيوم و ساعة وضع الشخص تحت تدابير الحراسة النظرية و يوم و ساعة إطلاق سراحه و إشعار عائلته…إلخ.

و يجب أن تتضمن المحاضر المحالة على السلطة القضائية بيانات مماثلة دون زيادة أو نقصان أو تعقيب.

و يمكن لوكيل الملك من خلال الاطلاع و مراقبة هذه الدفاتر و التأكد من مدى مطابقتها للمعلومات الواردة بها مع البيانات الواردة في المحــاضر المحالــة على السلطــة القضــائيــة و بكناش الحراسة النظرية و كناش مراقبة الأحداث؛ و في حالة ثبوت العكس ينجز تقريرا في الموضوع و يحال على الوكيل العام للملك.

  •  مراقبة سجل الأحداث:

لم يفرض قانون المسطرة الجنائية صراحة على ضابط الشرطة القضائية مسك هذا السجل؛ و اكتفى بالنص في المادة 460 من ق.م.ج على أن لضابط الشرطة القضائية المكلف بالأحداث أن يحتفظ بالحدث المشتبه فيه في مكان مخصص للأحداث لمدة لا يمكن أن تتجاوز مدة الحراسة النظرية…؛ و إشعار ولي الحدث و الوصي أو المقدم عليه…إلخ وفق مقتضيات المادة الرابعة التي تنص كذلك على توجيه لائحة الأشخاص الذيــن تم وضعهم تحت الحـراسة النظرية إلى النيابة العـامة خـلال 24 ساعة السابــقة؛ و بالتالي تشمل كذلك الأحداث الموضوعين تحت المراقبة.

 و أمام هذا الفراغ القانوني و تماشيا مع النهج التشريعي الرامي إلى تحقيق حماية خاصة للأحداث؛ فقد بادرت إدارة الأمن الوطني و بعد التنسيق مع وزارة العدل إلى إصدار مذكرة تتضمن نموذجا للمعطيات التي يتعين اعتمادها في ملء سجل مراقبة الأحداث حسب النموذج التالي:

  • الرقم الترتيبي.
  • –         الهوية الكاملة للحدث.
  • هوية ولي الحدث.
  • –        – سبب الاحتفاظ بالحدث.
  • –        – مكان الاحتفاظ.
  • –        – تاريخ و ساعة بداية المراقبة.
  • الإجراءات المتخذة.
  • الوثائق المقدمة.
  • –         ملاحظات.

و لكي يكتسي هذا السجل الصبغة الرسمية فلا بد من ترقيم صفحاته و عرضه على وكيل الملك قصد التأشير عليه و مراقبته طبقا للشروط و الشكليات المعتمدة بالنسبة لسجل الرشداء.

و يشترط للإحتفاظ بالشخص تحت الحراسة النظرية مايلي:

  • أن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس في حالة البحث التمهيدي؛ كما نصي عليه المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية.
  • أن يكون الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية اقتضته ضرورة البحث. و قد أكدت على هذا الشرطة صراحة المادتين 66 و 80 من ق.م.ج؛ إلا أنهما لم تحددا معيارا لتحديد ضرورة البحث و إنما تركتا ذلك لتقدير ضابط الشرطة القضائية الذي يخضع في لمراقبة النيابة العامة.
  • Ø       أن يشعر ضابط الشرطة القضائية النيابة العامة بوضع المشتبه فيه تحت الحراسة النظرية إذا تعلق الأمر بحالة التلبس؛ كما يتوجب عليه في حالة البحث التمهيدي قبل وضع المشتبه فيه تحت الحراسة الحصول على إذن من النيابة العامة.
  • Ø       أن تحترم مدة الوضع تحت الحراسة النظرية المنصوص عليها في المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية و المحددة كما يلي:
  • –            48 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة 24 ساعة بالنسبة للجرائم العادية.
  • –            96 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة 96 ساعة إذا تعلق الأمر بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي.
  • –            96 ساعة قابلة للتمديد مرتين لنفس المدة(96 ساعة) في كل مرة بالنسبة للجرائم  الإرهابية.

و تجدر الإشارة أن الحراسة النظرية تحتسب ابتداء من ساعة توقيف المشتبه فيه.

  •  أن تحترم شروط تمديد الوضع تحت الحراسة النظرية التي تختلف مابين حالة التلبس و حالة البحث التمهيدي؛ حيث أن تمديد مدتها في حالة البحث التمهيدي تستلزم ضرورة تقديم المشتبه فيه أمام وكيل الملك أو الوكيل العام للملك قبل انتهاء المدة الأصلية؛ حيث يتم الاستماع إليه من طرف ممثل النيابة العامة قبل منح إذن مكتوب بتمديد الحراسة النظرية.

أما في حالة التلبس فيشترط لتمديد الحراسة النظرية الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة دون الحاجة إلى تقديم المشتبه فيه أمام وكيل الملك أو الوكيل العام للملك.

  •  أن يمسك سجل ترقم صفحاته و تذيل بتوقيع وكيل الملك في كل المحلات التي يمكن أن يوضع فيها الأشخاص تحت الحراسة النظرية.

  قد أحاط المشرع المغربي بجملة من الضمانات التي من شأنها حماية المشتبه فيه من التعسف في إعمالها و ضمان حسن تطبيقها. و تتمثل هذه الضمانات في:

  •  حق الموضوع تحت الحراسة النظرية بالتزام الصمت.
  • –  حق المشتبه فيه بالاتصال بمحاميه.
  • –  إشعار عائلة المشتبه فيه.

الفقرة الثانية: حالة الأشخاص:

لقد أحاط المشرع المغربي الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية بمجموعة من الضمانات التي من شأنها تمكين النيابة العامة من مراقبة مدى احترام ضابط الشرطة القضائية لها؛ سواء من خلال الزيارات التفقدية لاماكن الوضع تحت الحراسة النظرية ؛ و كذلك من خلال عرض الأشخاص الذين المحروسين نظريا على الخبرة الطبية.

  •  زيارة النيابة العامة لأماكن الوضع تحت الحراسة النظرية:

يتعين على ضابط الشرطة القضائية مراعاة و احترام ضوابط الوضع تحت الحراسة النظرية لما لهذا التدبير من أهمية و مساس بحرية الأفراد. لذلك يجب عليه الابتعاد عن معاملة الموضوع تحت الحراسة النظرية و تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو مهينة.

و لضمان إحترام أنسنة ظروف الاعتقال و احترام الضمانات القانونية المخولة للمحروس نظريا؛ أسند المشرع المغربي للنيابة العامة مهام مراقبة الأماكن الخاصة بالوضع تحت الحراسة النظرية من اجل الوقوف على حسن تطبيق القانون و ضمان حقوق الموقوفين.

هذه المراقبة نصت عليها المادة 45 من قانون المسطرة الجنائية؛ حيث ألزمت وكيل الملك بالقيام بزيارة الأماكن المعدة للحراسة النظرية في أي وقت شاء و متى دعت الضرورة إلى ذلك؛ دون أن تقل عن مرتين في الشهر؛ و تتجلى الغاية من تلك الزيارات التأكد من حسن تطبيق إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية و الوضع تحت المراقبة الخاصة بالأحداث؛ و ذلك بالانتقال و تفقد الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية و التأكد من أسباب وضعهم و الوقوف على الظروف الصحية و الإنسانية التي يعيشونها.

و في هذا الصدد قد نصت الفقرتين الأخيرتين من نفس المادة على أن وكيل الملك يحرر تقرير بمناسبة كل زيارة يقوم بها؛ و يشعر الوكيل العام للملك بملاحظاته و بما يعاينه من إخلالات؛ و يتخذ الوكيل العام للملك التدابير و الإجـراءات الكفيلـــة بوضع حد للإخــلالات و يرفع تقريرا بذلك لوزير العدل.

و يختص الوكيل العام للملك بمراقبة أماكن الوضع إلى جانب وكيل الملك سيما و أن اختصاصات وكيل الملك تقف عند حدود الجرائم المكتسبة صبغة جنحية أما الوكيل العام للملك فهو يختص في الجرائم المكتسبة صبغة جنائية و كذا الجنح المرتبطة بها؛ إضافة إلى صفته الرئاسية على جميع وكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية المتواجدة داخل دائرة نفوذ محكمة الاستئناف؛ و لن يتحقق له ذلك إلا من خلال زيارته للاماكن المخصصة للاعتقال إلى جانب اطلاعه على التقارير الدورية المحالة عليه من قبل وكيل الملك في هذا الخصوص. فالمشرع المغربي عندما أشار في المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية إلى مصطلح النيابة العامة بدلا من استعمال المصطلح الذي تناوله في مواد أخرى لوكيل الملك من حيث مراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية و الاطلاع على السجل المخصص لهذه الغاية فانه يقصد بذلك النيابة العامة بمفهومها العام الذي يتضمن كل من وكيل الملك و الوكيل العام للملك و ذلك من خلال تخويلهما الحق في مراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية و لن يتأتى لهما ذلك إلا من خلال الاطلاع على سجل الاعتقال المخصص لهذه الغاية؛ و الأماكن المعدة لها.

  •  مراقبة النيابة العامة من خلال عرض الأشخاص على الخبرة الطبية:

طبقا لمقتضيات المادتين 73 و 74 من قانون المسطرة الجنائية. يتعين على وكيل المــــــلك و الوكيل العام للملك كل فيما يخصه أن يعرض الشخص المقدم أمامه على خبرة طبية إذا عاين أثارا للعنف أو غيره أو طلب منه ذلك الشخص نفسه أو دفاعه.

و الغاية من هذا الإجراء هو تحديد الإضرار اللاحقة به و المــــدة المحتمة لإصابتــــه بهــا و الوسيلة المستعملة في ذلك لتحديد ما إذا كانت الإصابات قد حصلت أثناء فترة الوضع تحت الحراسة النظرية أو أثناء فترة المراقبة بالنسبة للأحداث للتأكد من مسؤولية ضابط الشرطة القضائية. لهذا يتضح أن المشرع المغربي كان حكيما لما ألزم ضباط الشرطة القضائية بمسك سجل خـاص بالوضع تحت الحراســــة النظرية و تضمين الحالــة البـدنيـــة و الصحية للشخص المحروس نظريا؛ و توثيق جميع البيانات التي يلاحظ بشأن حالته الجسدية؛ كأسباب الجروح و الكدمات التي يعاينها على جسم المشتبه فيه الحاصلة له من طرف الغير؛ أو من احد الأطراف أثناء ارتكاب الجريمة؛ و يكون بذلك ممثل النيابة العامة على بينة من هذه الوضعية؛ و كذلك دفاع المشتبه فيه من خلال اطلاعه على محضر تصريحات موكله و الملاحظات التي سجلها ضابط الشرطة القضائية. الشيء الذي يجعل ضابط الشرطة القضائية بمنأى من أي ادعاء باستعمال العنف من طرفه ضد المشتبه فيه.

و الملاحظ من خلال استقراء مواد المسطرة الجنائية؛ أن المشرع المغربي لم ينص على عرض المشتبه فيه على فحص طبي منذ الساعات الأولى لوضعه تحت الحراسة النظرية؛ بل ربط إمكانية طلب ذلك عند مثول المشتبه فيه أمام وكيل الملك أو الوكيل العام للملك.

و إذا كان الأمـــر هكذا بالنسبة للمشرع المغربي؛ فان المشرع الفرنسي كان أكثر تدقيقـــــا؛ و ذلك عندما نص في الفقرة الأولى من المادة 63-3 من قانون المسطرة الجنائية على انه يمكن للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية أن يطلب عرضه على فحص طبي؛ كما يمكن ان يقدم طلبا ثانيا عند تمديدها.

فمن خلال ما تم مناقشته يتضح جليا انه و لكي تؤتي عملية المراقبة مفعولها؛ لابد أن يحرص قضاة النيابة العامة على تتبع أعمال ضباط الشرطة القضائية عن قرب؛ و على مواكبة نشاطها يوميا؛ و هذا ما يتسنى للنيابة العامة من خلال مراقبة محاضر الشرطة القضائية؛ و مراقبة شروط و أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية.

 المبحث الثاني: ضوابط إشراف النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية.

  إن ممارسة الشرطة القضائية للمهام المنوطة بها يتم وفق ضوابط محددة لا تخرج عن الاختصاص المكاني؛ و كل إخلال بالضوابط القانونية التي حددها القانون يترتب عنه آثار قانونية.

المطلب الأول: الضوابط القانونية للصلاحيات المنوطة بالشرطة القضائية.

يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصاتهم في نطاق الحدود الترابية للاختصاص المكاني المحدد لهم(الفقرة الأولى) و لقد قرر المشرع نفسه إمكانية الخروج عن هذه القاعدة لتمديد الاختصاص الترابي لضباط الشرطة القضائية قصد ممارسة مهامهم في جميع أنحاء المملكة(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الضوابط القانونية لممارستهم لمهامهم داخل دائرة نفوذهم.

  يمكن تحديد النطاق الترابي الذي يزاولون فيها ضباط الشرطة القضائية وظائفهم من خلال قراءة مجموعة من النصوص القانونية الواردة في قانون المسطرة الجنائية و التي حددت الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية السامون و كذا العاديون.

  •  بالنسبة لضباط الشرطة القضائية السامون.

حدد المشرع المغربي ضباط الشرطة القضائية السامون في:

  • الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف و نوابه.
  • –         وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية و نوابه.
  • –         قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية و محاكم الاستئناف.
  • ·                         الوكيل العام للملك و نوابه:

يمارس الوكيل العام للملك و نوابه مهامهم باعتبارهم ممثلين للنيابة العامة داخل دائرة نفوذ محكمة الاستئناف الذي يمارس فيها مهامهم؛ و أشارت المادة 44 من قانون المسطرة الجنائية أن الاختصاص المحلي للوكيل العام للملك يتمثل في:

  •  مكان ارتكاب الجريمة.
  • –         محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مشاركته في ارتكاب الجريمة.
  • –         مكان إلقاء القبض على أحد الأشخاص و لو تم القبض لسبب آخر؛ بناء على ذلك فإن الوكيل العام للملك يمارس سلطته على جميع قضاة النيابة العامة التابعين لدائرة نفوذه و كذا ضباط و أعوان الشرطة القضائية و على الموظفين القائمين بمهام الشرطة القضائية.
  • ·        وكيل الملك و نوابه:

حدد المشرع المغربي لوكيل الملك و نوابه نطاق ممارسة مهامهم في المادة 16 من قانون المسطرة الجنائية التي نصت على أن وكيل الملك يمارس مهام الشرطة القضائية و يسير في دائرة نفوذه أعمال الشرطة القضائية.

و يمثل وكيل الملك شخصيا أو بواسطة نوابه النيابة العامة في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية المعين بها؛ و يباشر أو يأمر بمباشرة الإجراءات الضرورية للبحث عن مرتكبي المخالفات للقانون الجنائي و يصدر الأمر بضبطهم و تقديمهم و متابعتهم.

فوكيل الملك يمارس مهامه كضابط سامي للشرطة القضائية في دائرة نفــوذ محكمته و لا يكمن أن يتجاوزه إلى دائرة نفوذ محكمة أخرى؛ فهو محكوم في إطار تصريف أعمال بثلاث ضوابط أساسية:

  •  مكان إرتكاب الجريمة.
  • –         مكان إلقاء القبض.
  • –         المكان الذي يسكن فيه المشتبه فيه او المشتكى به.

إن ممارسة الدعوى العمومية من طرف وكيل الملك و تصريف إجراءات البحث التمهيدي؛ يكون لازما من داخل دائرة المحكمة التي يمارس فيها مهامه؛ و في أحيان أخرى يكون الطرف المشتكى به يسكن خارج دائرة المحكمة التي يتواجد بها وكيل الملك؛ ففي هذه الحالة يعطي أوامره بنقل المعني بالأمر إلى النيابة العامة المصدرة للمذكرة المذكورة.

  •  قضاة التحقيق:

قاضي التحقيق شأنه شأن وكيل الملك و الوكيل العام للملك يمارس إختصاصه داخل دائرة نفوذ المحكمة المعينين بها؛ فقاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية يمارس مهامه ضمن اختصاصه الترابي أي داخل الرقعة الجغرافية المعين بها و الذي لا يمكن أن يخرج عن نفوذ المحكمة الابتدائية.

  • بالنسبة لضباط الشرطة القضائية العاديون:

إن ضباط الشرطة القضائية العاديين يمارسون اختصاصهم حسب المجال أو الرقعة الجغرافية المعينين بها لمباشرة عملهم؛ و هذه الرقعة تكون مجرد جماعة ترابية أو قيادة أو دائرة قضائية. و تنص المادة 22 من قانون المسطرة الجنائية على أنه يباشر ضباط الشرطة القضائية اختصاصهم في الحدود الترابية التي يزاولون فيها وظائفهم؛ و يحدد الاختصاص المكاني لضباط الشرطة القضائية في الحالة العادية بدوائر الاختصاص المكاني المحدد لهم حسب وظائفهم الأصلية؛ ففي حدود هذه الدوائر يمارسون كذلك مهمة الشرطة القضائية.

و قد اعتبرت الفقرة الثانية من المادة 22 أن مندوبي الشرطة العاملين في مقاطعات للشرطة مختصين مكانيا بالنسبة لمجموع تراب الدائرة الشرطية الحضرية التي تنتمي إليها تلك المقاطعات؛ و لذلك يجب عمل كل ضابط للشرطة القضائية في مقاطعة أن يقوم بمهام الشرطة القضائية في المقاطعة المعين بها. غير أنه يمكن له ممارسة مهامه في المقاطعة المجاورة إذا تعذر على الضابط الموجود فيها القيام بمهامه.

و كذلك يسري الأمر على ضباط الشرطة القضائية الذين ينتمون إلى وظائف إدارية؛ كمأموري المياه و الغابات؛ و الجمارك و مصالح مراقبة التعمير و مصلحة الغش….؛ فجميعهم يمارسون مهامهم الضبطية في إطار المجال الترابي الخاضع للإدارة الذي يمارسون بها مهامهم.

و بالتالي يمكن القول أن ضباط الشرطة القضائية بجميع أصنافهم يمارسون اختصاصاتهم داخل نفوذ المحكمة الابتدائية بالنسبة لوكلاء الملك و نوابه؛ و داخل النفوذ الترابي لمحكمة الاستئناف بالنسبة للوكيل العام للملك و نوابه؛ و داخل المجال الترابي للإدارات التابع لها ضابط الشرطة القضائية العادي. و خروجا على هذه القاعدة خول المشرع المغربي استثناء ممارسة ضابط الشرطة القضائية ممارسة مهامه خارج دائرة عمله الأصلي.

الفقرة الثانية: الضوابط القانونية لممارسة مهامه في جميع أنحاء المملكة.

إن ممارسة ضباط الشرطة القضائية لمهامهم في جميع أنحاء المملكة هو اختصاص استثنائي يخوله لهم القانون بشروط محددة خارج دائرة عملهم الأصلي سواء السامون أو العاديون.

  •  ضوابط ممارسة الضباط السامون مهامهم في جميع أنحاء المملكة:

أجاز المشرع لممثل النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية أثناء قيامه بمهامه بإجراءات البحث في الجرائم التي تدخل ضمن إختصاصه؛ أن ينتقل كلما استلزمت ذلك ضرورة البحث الى دوائر نفوذ المحاكم المجاورة للمحكمة التي يمارس فيها مهامه شريطة أن يخبر بذلك مسبقا النيابة العامة لدى المحكمة التي سينتقل إليها و يشار إلى هذا التنقل بالمحضر علاوة على ذلك؛ يجب على وكيل الملك ان يخبر بتنقله الوكيل العام للملك الذي يتبع لدائرة نفوذه.

فخروج وكيل الملك عن الاختصاص المحلي أجازه له المشرع بشروط:

  •  أن يكون تنقل وكيل الملك خارج دائرة نفوذ محكمته إستلزمته ضرورة البحث.
  • –         إخبار النيابة العامة لدى المحكمة التي سينتقل إليها.
  • –         بيان سبب التنقل بالمحضر.
  • –         إخبار الوكيل العام للملك الذي يتبع وكيل الملك لدائرة نفوذه؛ كما ينعقد الاختصاص للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بخصوص جرائم الإرهاب في جميع أنحاء المملكة طبقا للقانون 03/03 و المتعلق بمكافحة الإرهاب.
  •  ضوابط ممارسة الضباط العاديون لمهامهم في جميع أنحاء المملكة:

خول المشرع المغربي لضباط الشرطة القضائية العاديون ممارسة مهامهم خارج دائرة اختصاصهم إذا تحقق شرطين:

  •  وجود حالة الاستعجال؛
  • –         طلب السلطة العمومية من ضابط الشرطة القضائية القيام بمهامه خارج دائرة اختصاصه الأصلي؛

يتعين إشعار النيابة العامة المختصة مكانيا بهذا الانتقال كما يتعين أن يتم تنفيذ الإجراءات بحضور ضابط شرطة مختص مكانيا.

يمارس ضباط الشرطة القضائية في هذه الحالة كافة الصلاحيات التي يخولها لهم القانون؛ إذا تعلق الأمر بانتقال ضابط شرطة قضائية يشمل اختصاصهم أكثر من دائرة قضائية؛ يتعين عليهم إشعار الجهة القضائية التي تشرف على البحث و كذلك النيابة العامة التي انتقلوا لإجراء البحث في دائرتها؛ كما يكنهم الاستعانة بضابط شرطة قضائية أو أكثر مختص مكانيا طبقا للفقرة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية.

إن النص صريح على توفر الشرطين معا فلا يكفي حالة الاستعجال وحدها و لا طلب القوة العمومية وحده. و على سبيل المثال: إذا صدر أمرا لفرقة من الدرك الملكي أو الشرطة بالتوجه خارج نطاق عملها الأصلي من مدينة فاس إلى مدينة مراكش بقصد التدخل لتفريق أعمال الشغب أو أداء مهمة أخرى؛ فان عناصر هذه الفرقة الذين يحملون صفة ضابط الشرطة القضائية؛ مؤهلون للقيام بأعمال البحث التمهيدي في الجرائم التي يصادفونها أثناء قيامهم بالمهمة الإدارية التي أُمروا بأدائها كالجرائم الناتجة عن أعمال الشغب التي كلفوا بإخمادها.

و تنص المادة 16 من قانون الدرك على : أن رجال الدرك الذين لهم صفة ضابط الشرطة القضائية يؤدون عملهم بصفتهم هذه داخل الدائرة التي يمارسون فيها عادة وظائفهم. و انه يجوز لهم بهذه الصفة القيام بمهامهم خارج دائرتهم عندما ينتقلون لحاجيات المصلحة بأمر من رؤسائهم. فالمادة 22 من قانون المسطرة الجنائية تستلزم توفر الشرطين معا لممارسة ضابط الشرطة القضائية البحث التمهيدي خارج دائرة عمله الأصلي.

غير انه و بالرجوع إلى الواقع العملي فان الإستعجال أحيانا يكون كافيا لقيام ضابط الشرطة القضائية ببعض إجراءات البحث التمهيدي خارج دائرته؛ كما لو ضبط شخصا في حالة التلبس بجريمة؛ و عندما حاول القبض عليه للتحري معه هرب و فر إلى أن تخطى الحدود الترابية لدائرة عمل هذا الضابط؛ فهل من المفيد للبحث  في هذه الحالة أن يمتنع ضابط الشرطة القضائية في ملاحقة الجاني؛ و لو كان من المجرمين الخطيرين كالمهربين و تجار المخدرات.

و هناك نصوص أخرى تؤكد على الحق لضابط الشرطة القضائية في التدخل في الحالات الإستعجالية و لو لم يوجد أمر السلطة؛ من هذه النصوص نجد المادة 12 من قانون الدرك المتعلق بالمبادئ العامة لمهام الدرك الملكي و التي تنص على: انه يجب عليها أن لا تتردد أبدا في تجاوز الحدود كما استلزمت ذلك صبغة و استعجال الأمر؛ و كذا تدخل من تدخلات الدرك يقوم بها خارج حدود دائرته يعلل بأسباب؛ و يخبر المتدخل في اقرب وقت الفيـــلق و ضابط الدائرة التي تم فيها التدخل بمحضر يحرر خصيصا لذلك.

و هنا يمكن القول أن ممارسة ضابط الشرطة القضائية لمهامه خارجة نطاق عمله الأصلي لابد و أن يتحقق الشرطين: الاستعجال و أمر السلطة؛ غير انه و بالعودة إلى الواقع العملي يمكن لشرط الاستعجال وحده أن يكون كافيا للتدخل خارج نطاق عمله الأصلي.

  المطلب الثاني: مسؤولية ضباط الشرطة القضائية عن الإخلالات الصادرة عنهم.

     يقوم رجال الشرطة القضائية على اختلاف درجاتهم بالأعمال المنوطة بهم؛ و المفروض أن لا يتهاونوا و لا يقصروا في القيام بواجباتهم؛ و لا ينحرفون عن الهدف الذي رسمه المشرع من خلال إسناده لهم مهام تتعلق بالبحث التمهيدي بنوعيه و يقتضي انجازه مراعاة الأمانة و الصدق. و عليه فان إخلال ضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه يترتب عنه مسؤولية (الفقرة الأولى) كما يترتب عن ثبوت المسؤولية آثارا (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: المسؤولية الجنائية و التأديبية التي تطال ضباط الشرطة القضائية.    

    إن إخلال ضابط الشرطة القضائية بواجباته و مهامه بهذه الصفة يترتب عنه مسؤولية تتحدد بحسب تنوع المسؤولية و التي يمكن أن تسند إليهم و التي تكون إما جنائية؛ و إما تأديبية؛ كما قد تكون مدنية.

  •  المسؤولية الجنائية التي تطال رجال الشرطة القضائية.

المسؤولية الجنائية لرجال الشرطة القضائية نجد سندها في كل فعل يأتيه هؤلاء خارقين بذلك التشريع الجنائي؛ و من الوجهة العملية فان هذه المساءلة لا بد أن ترتبط إلى حد ما بالوضعية التي يقوم رجال الشرطة القضائية؛ و التي تبرز أكثر بمناسبة انجاز البحث التمهيدي بنوعيه و لذلك يمكن تصور إتيان ضابط الشرطة القضائية بهذه المناسبة لبعض الجرائم مثل:

  •  التزوير؛ الفصلين 352 و 353 من القانون الجنائي.
  • –         الاعتقال التعسفي أو التحكمى؛ الفصل 225 من القانون الجنائي.
  • –         هتك عرض المنزل؛ الفصل 230 من القانون الجنائي.
  • –         استعمال العنف ضد الأشخاص؛ الفصل 231 من القانون الجنائي.
  • –         ممارسة الترهيب على الأشخاص؛ القانون 04/43.
  • إفشاء الأسرار المتعلقة بالتفتيش؛ الفصل 446 من قانون المسطرة الجنائي.
  • –         الرشوة؛ الفصل 248 من القانون الجنائي.

إن إثارة المسؤولية الجنائية و تحريك مسطرة المتابعة في حق ضابط شرطة قضائية تخضع لمسطرة خاصة نص عليها قانون المسطرة الجنائية في المادة 268 و التي نصت على مايلي: إذا نسب لباشا أو خليفة أو لعامل أو رئيس دائرة أو قائد أو لضابط شرطة قضائية من غير القضاة ارتكابه لجناية أو جنحة أثناء مزاولة مهامه؛ فان الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف المعروضة عليه القضية من طرف الوكيل العام للملك؛ يقرر ما إذا كان يقتضي الأمر إجراء البحث؛ في حالة الإيجاب يعين مستشارا مكلفا بالتحقيق بمحكمته. و إذا تعلق الأمر بجناية فان المستشار المكلف بالتحقيق يصدر أمرا بالإحالة على غرفة الجنايات إما إذا تعلق الأمر بجنحة فانه يحيل القضية إلى محكمة ابتدائية غير التي يزاول المتهم مهامه بدائرتها…”

  • ü        المسؤولية التأديبية التي تطال رجال الشرطة القضائية.

بحكم طبيعة المهام الجسيمة لضباط الشرطة القضائية المرتبطة أساسا بحقوق و حريات الأفراد؛ تعمل الجهات التي ينتمـون إليها على مراقبة و الوقـوف على الإخــلال الصـادر منهم و توقيع عقوبات في حقهم.

و تعرف المسؤولية التأديبية بأنها صلاحية فاعل المخالفة التأديبية لأن يتحمل تبعة سلوك صدر عنه.

فالعقوبات الجنائية الصادرة في حق ضباط الشرطة القضائية و الموظفين المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية لا تعفيهم من العقوبات الإدارية التي يتعرضون إليها من طرف السلطة الإدارية الخاضعين لها؛ على كل الأخطاء التي يرتكبونها أثناء ممارسة مهامهم كضباط الشرطة القضائية.

و لوقوع المسؤولية التأديبية و بالتالي إثارة المسؤولية الإدارية؛ يشترط أن يكون الفعل المرتكب صاحبه موظف له رابطة وظيفية بالإدارة. و هذا ما يدفع بالقوة بأن نظام التأديب الإداري هو نظام طائفي أي انه يتعلق بطائفة معينة في المجتمع على عكس النظام العقابي الذي يتصف بالعمومية و الشمول.

و تختلف العقوبات الإدارية الصادرة في حق ضباط الشرطة القضائية باختلاف الإدارات التي ينتمون إليها. فإذا كان ضابط الشرطة القضائية ينتمي إلى إدارة لا ينظمها قانون خاص ينص على عقوبات إدارية فانه يخضع للعقوبات المنصوص عليها في ظهير 008-58-1 المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية؛ أما إذا كان ضابط الشرطة القضائية ينتمي إلى إدارة ينظمها قانون خاص متعلق بالتأديب فانه يخضع إلى تلك العقوبات الإدارية المنصوص عليها في هذا الأخير؛ و كنموذج لهذه القوانين الخاصة بالإدارات نجد المسؤولية الإدارية لضباط الشرطة القضائية التابعين للمديرية العامة للأمن الوطني؛ حيث يخضعون للعقوبات الإدارية المنصوص عليها في ظهير شريف رقم 213-09-1 المتعلق بالمـديرية العامة للأمن الوطنــي و النظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني.

من بين العقوبات المنصوص عليها في الظهير الشريف 008-58-1 المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية و خاصة الفصل 66 من الظهير نجد:

تشمل العقوبات التأديبية المطبقة على الموظفين على ما يأتي؛ و هي مرتبة حسب تزايد الخطورة:

  •  الإنذار؛
  • –         التوبيخ؛
  • –         الحذف من لائحة الترقي؛
  • –         الانحدار من الطبقة؛
  • –         القهقرة من الرتبة؛
  • –         العزل مع الحق في التقاعد؛
  • –         العزل دون الحق في التقاعد؛

و هناك عقوبتان تكتسيان صبغة خصوصية؛ و هما الحرمان من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية و ذلك لمدة لا تتجاوز ستة أشهر؛ و الإحالة الحتمية على التقاعد و لا يمكن إصدار هذه العقوبة الأخيرة إلا إذا كان الموظف مستوفيا للشروط المقررة في تشريع التقاعد.

و يحوز للموظف التي صدرت في حقه عقوبة تأديبية و الذي لم يتم إخراجه من أسلاك الإدارة أن يقدم للوزير الذي ينتمي إليه طلبا يلتمس فيه أن لا يبقى في ملفه أي اثر للعقوبة الصادرة عليه؛ و ذلك بعد مرور خمس سنوات إذا كان الأمر يتعلق بإنذار أو توبيخ و عشر سنوات في غير هذه العقوبات؛ و إذا أصبحت سيرة الموظف العامة مرضية بعد العقوبة الصادرة عليه فانه يستجاب لطلبه و يبت الوزير في ذلك بعد استشارة المجلس التأديبي و يعاد تكوين الملف في صورته الجديدة.

اما فيما يخص العقوبات الإدارية لضباط الشرطة القضائية التابعين للمديرية العامة للأمن الوطني فهي نفس العقوبات تقريبا المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية؛ و قد نصت عليها مقتضيات المادة 20 من ظهير 213-09-1 المتعلق بالمديرية العــامة للأمـــن الوطنــي و النظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني؛ و تتوزع إلى ثلاث مجموعات:

  •  المجموعة الأولى:
  • ·        الإنذار؛
  • ·        التوبيخ؛
  • ü    المجموعة الثانية:
  • ·                    الحذف من لائحة الترقي؛
  • ·        الإنزال من الرتبة؛
  • ·        التوقيف عن العمل لمدة أدناها 15 يوما و أقصاها 6 أشهر؛
  • ·        الإنزال من الدرجة؛
  • ü    المجموعة الثالثة:
  • ·        الإحالة الحتمية على التقاعد؛
  • ·        العزل؛

و تعتبر المسطرة التأديبية التي تصدرها المديرية العامة للأمن الوطني بشان العقوبات الإدارية مستقلة عن المتابعة الجنائية المقامة ضد ضابط الشرطة القضائية سواء تعلق الأمر بمخالفة لالتزاماته المهنية أو بجريمة من جرائم الحق العام.

غير انه إذا كانت الأفعال التي توبع بها الموظف إداريا هي نفسها الأفعال التي توبع بها جنائيا و صدر حكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به قاضي ببراءته يقتضي من المديرية العامة للأمن الوطني وضع حد لأي متابعة تأديبية في حق الموظف؛ و هذا ما ذهبت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار صادر عنها حيث جاء فيه:”حيث انه و لئن كانت وسائل الإثبات في الميدان الجنائي تختلف عنها في الميدان التأديبي؛ انه حينما تكون الأفعال التي توبع بها الموظف جنائيا هي نفسها التي توبع بها تأديبيا؛ فان الحكم النهائي الحائز لقوة الشيء المقضي به القاضي ببراءته يقتضي من الإدارة وضع حد لأي متابعة تأديبية في حقه فبالأحرى إصدار قرار إداري بمعاقبته. و حيث أن تجاهل الإدارة المطلوبة في الطعن الحكم القضائي المذكور رغم توضيحها للمبررات التي اعتمدتها في إصدار القــرار المطــعون فيه؛ و المتمثل في عـزل الطاعــن؛ يجعل هذا القــرار متسما بتجـاوز السلطة لعيب انعـدام السبب و موجبا للإلغاء”.

و يحق للموظف المتابع الاطلاع على ملفه التأديبي كما يحق له تعيين محامي لمؤازرته.

  •  المسؤولية المدنية التي تطال رجال الشرطة القضائية:

إن إخلال رجال الشرطة القضائية مدنيا من إعمالهم الشخصية غير المشروعة أيا كان مصدرها؛ إذا كانوا ضباطا للشرطة القضائية سامين أو عاديين؛ أم أعوانا لها أو حتى مجرد موظفين أناط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية. و إنما المتضرر بسبب أعمال غير مشروعة أثارها رجل من رجال الشرطة القضائية؛ سواء كان عدم المشروعية هذا منشؤه جريمة من الجرائم أم مجرد أخطاء مدنية؛ تنطبق عليها شروط الفصلين 77 و 78 من ظ.ل.ع؛ له الحق في المطالبة بتعويض هذه الأضرار من مصدرها شخصيا وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود.

و عموما تتحقق مسؤولية ضباط الشرطة القضائية عن كل إهمال أو تقصير أو تصرف أو شطط أو تعسف في استعمال السلطة بمناسبة إجراءات البحث التمهيدي أو بسببها؛ أو في إجراءات تنفيذ الإنابة القضائية أو بسببها. و هو ما يترتب عنه آثارا في حالة ثبوت الإخلالات السالف ذكرها في حق ضباط الشرطة القضائية.

الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن تحقق و تثبت المسؤولية في حق ضباط الشرطة القضائية. 

إن إخلال ضابط الشرطة القضائية بواجباته الراجعة إلى هذه الصفة أو انحراف يترتب عنه تحريك المتابعة من طرف الغرفة الجنحية؛ وفق إجراءات المتابعة.

  •  إجراءات المتابعة في شأن الإخلال المنسوب لضابط الشرطة القضائية.

إذا كانت النيابة العام هي التي تشرف على أعمال الشرطة القضائية و تسير البحث التمهيدي؛ فان قانون المسطرة الجنائية نص على مراقبة الغرفة الجنحية لأعمال الشرطة القضائية حسب المادة 29 خاصة فيما يخص الإختلالات المنسوبة إليهم أثناء مزاولتهم لمهامهم المادة 231؛ و تسري هذه المقتضيات على جميع الموظفين و الأعوان الذين تخولهم نصوصا خاصة ممارسة بعض مهام الشرطة القضائية.

تنص المادة 31 من قانون المسطرة الجنائية على انه: يحيل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف كل إخلال لضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه.

إن الوكيل العام للملك كلما تبين له أن أحد ضباط الشرطة القضائية قد اخل بالمهام المعهود بها إليه؛ أحال على الغرفة الجنحية بعد تقديم ملتمساته الكتابية و على أساس ذلك تقوم الغرفة الجنحية بالأبحاث و التحريات اللازمة؛ و الاستماع إلى أقوال ضابط الشرطة القضائية المنسوب إليه الإخلال؛ الذي يتم استدعاؤه للاضطلاع على ملفـــــــه؛ و تقديم دفاعه سواء بصفة شخصية أو بواسطة محام؛ و على ضوء ذلك يُتخذ القرار الملائم.

تندرج العقوبات التي يمكن للغرفة الجنحية اتخاذها في حق ضابط الشرطة القضائية؛ الذي ثبُت في حقه الإخلال حسب مايلي:

  •  توجيه ملاحظات؛
  • ·        التوقيف المؤقت عن القيام بمهام الشرطة القضائية لمدة لا تتجاوز سنة واحدة.
  • التجريد النهائي من مهام الشرطة القضائية.

و يمكن الطعن بالنقض في قرارات الغرفة الجنحية وفقا للشروط العادية. بالإضافة إلى هذه العقوبات التي يمكن للغرفة الجنحية أن تصدرها في حق ضابط الشرطة القضائية الذي ثبتت في حقه المسؤولية؛ يمكن للإدارة التي يتبع إليها ضابط الشرطة القضائية إصدار عقوبات تأديبية بصرف النظر عن العقوبات الصادرة عن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف.

فإذا تبين للغرفة الجنحية أن ضابط الشرطة القضائية ارتكب جريمة؛ تقوم بإرسال الملف إلى الوكيل العام للملك لأن الغرفة الجنحية لا يخولها القانون مساءلة ضابط الشرطة القضائية جنائيا.

أما فيما يخص أعوان الشرطة القضائية لا يتابعون تأديبيا أمام الغرفة الجنحية؛ ذلك أن عملهم يقتصر فقط على مساعدة رؤسائهم و الضباط على تنفيذ أوامرهم؛ فإذا ارتكبوا مخالفة أثناء المساعدة أو تنفيذ الأمر؛ توبعوا أمام الجهة التي تملك تأديبهم في وظائفهم الأصلية؛ و يمكن متابعة ضباط الشرطة القضائية أمام الغرفة الجنحية في حالة ارتكاب العون للمخالفة تنفيذ الأمر غير القانوني الصادر عنه.

خاتمة:

تأسيسا على ما سبق التطرق إليه في هذا الموضوع؛ يتضح لنا بان جهاز الشرطة القضائية يعد ضرورة من ضرورات المجتمع لتحقيق الأمن فبواسطته يتحقق النمــو و الإزدهـــــار و بدونه تعم الفوضى و المشاكل.

و يتجلى دور هذا الجهاز باعتباره من أهم الدعائم الأساسية التي تستند عليها العدالة الجنائية؛ و ذلك أن الأبحاث التي يقوم بها يكون لها دور حاسم و فعال في تحقيق عدالة فعالة و نزيهة. و ذلك في إطار السلطة التي تملكها النيابة العامة تجاه الشرطة القضــــائية و المتمثلة في التسيير و المراقبة التي تمارسها النيابة العامة كجهاز رقابة على أعمال ضباط الشرطة القضائية؛ هذه الرقابة التي تفرضها الأولى على الثانية منبثقة من صميم العلاقة القانونية التي تربط بينهما و ذلك من اجل الصول على الهدف المنشود الرامي إلى تحقيق العدالة الجنائية التي تستجيب للمتطلبات و التوجهات الكبرى للدولة في مجال ضمان الأمن و الاستقرار و حماية المجتمع من جهة و بين احترام حقوق الإنسان و الحريات الفردية و الجماعية من جهة أخرى.

لائحة المراجع:

النصوص القانونية:

  •  القانون 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية.
  • –         مجموعة القانون الجنائي.
  • –         القانون 30/09/1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي.

المراجع:

  •  أحمد الخمليشي؛ شرح قانون المسطرة الجنائية.
  • –         عبد الواحد العلمي؛ شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية.
  • –         محمد مرزوكي؛ الشرطة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية الجديد.
  • –         أحمد قليش؛احمد زنون؛سعاد حميدي؛الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية: النيابة العامة؛ الشرطة القضائية؛التحقيق الإعدادي.

مقالات و مواقع الكترونية:

  •  رشيد ادريسي؛ علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية.
  • –         الشرطة القضائية بين ازدواجية التبعية الإدارية و القضائية مقال منشور بموقع رئاسة النيابة العامة؛مركزا لدراسات والأبحاث الجنائية؛WWW.PCP.
  • –         موقع رئاسة النيابة العامة؛PRESIDENCEMINISTEREPUBIC.MA
  • –         موقع وزارة العدل؛ WWW.JUSTICE.GOV.MA.
  • –         موقع العلوم القانونية؛ MAROCDROIT.
زر الذهاب إلى الأعلى