وصول المغرب إلى نصف نهائي كأس العالم يفضح ازدواجية المعايير الأوروبية

عرى وصول المنتخب المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم “قطر 2022” ازدواجية الغرب في التعاطي مع بعض القضايا؛ فظهرت وسائل إعلامية في عدد من الدول الأوروبية تسعى إلى تشويه صورة “أسود الأطلس” بإخراج بعض الصور التي التقطها لاعبوه عن سياقها ووصفها بـ”الداعشية”.

وفي وقت اصطفت فيه دول أوروبا دفاعا عن أوكرانيا بالوقوف في وجه روسيا، هاجمت لاعبين من المنتخب المغربي رفعوا علم فلسطين في الملعب؛ وهو ما فسره خبراء بكون الغرب يحتكر الحقيقة لنفسه ولا يقبل التعاطي مع القضايا الإنسانية إلا بمزاج براغماتي يناسبه، بعيدا عن المبدئية، كما أكد محمد شقير، المحلل السياسي.

وقال شقير، في تصريح لهسبريس، إن “هذه الازدواجية” مرتبطة بعقلية الاستعلاء الأوروبي، إذ منذ تشكل أوروبا كدول متقدمة اعتبرت أنها من تمتلك الحقيقة وتنشر ما يسمى بالحضارة داخل الدول؛ وهو ما يفسر استعمارها لعدد من الدول والشعوب “المتخلفة” في نظرها من أجل أن تنقل إليها العلم وحقوق الإنسان.

وأشار الباحث ذاته إلى أن “دول أوروبا تريد فرض قيمها في بلد مضيف، وشاهدنا ذلك بالترويج للمثلية وربطها بحقوق الإنسان واعتبار أي تقييد لها عدم احترام لحرية التعبير”.

وتابع شقير: “كلما حاولت دولة أوروبية الضغط على دولة أخرى، خاصة إذا كانت من دول العالم الثالث، إلا وتحرك حقوق الإنسان كوسيلة من وسائل الضغط أكثر منها وسائل إقناع، بدليل أن الازدواجية ظهرت مثلا في التعامل مع إسرائيل حيث يتم التغاضي عن كل خروقاتها التي تصل إلى القتل في الوقت الذي تحرك حقوق الإنسان في وجه دول عربية”.

وأضاف المتحدث ذاته: “ما دامت هذه الدول مساندة لإسرائيل، على الرغم من كل الخروقات التي قامت بها، فمن الطبيعي أن تعتبر حمل الرياضيين للعلم الفلسطيني نوعا من الإشهار والخطوات التي لا تتلاءم مع الأخلاقيات الرياضية. بالمقابل، لو قام بها أحد اللاعبين الأوروبيين لتم القبول بها؛ وبالتالي، فالمسألة تتعلق باستعلاء وبمواقف سياسية”.

من جانبه، قال مصطفى طوسة، محلل سياسي، إن “وصول المغرب كبلد عربي مسلم إفريقي إلى الأطوار النهائية لكأس العالم فجّر لدى بعض الأوساط الأوروبية موجة من الحقد والكراهية”، مشيرا إلى أنها “تنتمي إلى اليمين المتطرف الذي بنى مجده السياسي والانتخابي على نظرية الحقد على الأجانب والمهاجرين”.

وأوضح الباحث المغربي المقيم بفرنسا أن هذا الإنجاز، الذي حققه المغرب على المستوى العالمي، تسبب في صعوبات فهم وقبول من طرف هذه الأوساط التي تساءلت: “كيف يمكن لبلد عربي إفريقي مسلم أن يهزم فرقا أوروبية عتيدة تاريخها الكروي الكبير معروف”.

كما شدد المتحدث على أن “متطرفي” أوروبا لا يقبلون فكرة أن القضية الفلسطينية في قلب الوجدان العربي المسلم وأنه ما دام الفلسطينيون لم يحصلوا على حقهم في بناء دولتهم المستقلة فإن الرأي العام العربي المسلم سيستغل أي مناسبة دولية، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بأضواء عالمية مسلطة على هذه التظاهرة، للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين.

وأضاف طوسة: “هناك بعض الأوساط التي ترى في التعبير عن أي تضامن مع الفلسطينيين بمثابة إعلان حرب وعداء على إسرائيل وعلى الجاليات اليهودية في أوروبا”.

لهذه الأسباب، قال طوسة، “هذه القوى تريد أن تستغل بعض الحركات والمواقف التي أقدم عليها لاعبون، وتوظفها على المستوى السياسي. مثلا، داخليا في فرنسا، تطلب قوى اليمين المتطرف بطريقة واضحة من حاملي الجنسية المزدوجة، الفرنسية المغربية، أن يختاروا بين المغرب وبين فرنسا وتحاول أن تظهر للرأي العام الفرنسي أنه إذا كان هناك فرنسي من أصل مغربي يساند المغرب فإنه بين قوسين يخون فرنسا”.

وأشار المحلل السياسي إلى أنه “لا ينبغي الدخول في منطق المواجهات الإيديولوجية العقيمة، لكونها لا تؤثر بطريقة واضحة على الرأي العام الذي يريد أن يتابع مقابلات رياضية في أعلى مستوى، والعالم معجب بما حققه الفريق المغربي عندما تأهل إلى نصف النهائي”.

#وصول #المغرب #إلى #نصف #نهائي #كأس #العالم #يفضح #ازدواجية #المعايير #الأوروبية

زر الذهاب إلى الأعلى