تكتل اقتصادي عربي في ظل معاداة المغرب.. رئيس الجزائر يتعامل بتناقض صارخ

وصف ملاحظون الفكرة التي قدمها عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، خلال كلمته بمناسبة افتتاح أشغال الدورة الـ31 للقمة العربية التي أُقيمت بالجزائر يومي 1 و2 نونبر الجاري، حول خلق تكتل اقتصادي عربي، بـ”الفكرة الخيالية والبعيدة عن الواقع الذي يعرف تفككا وصراعات إقليمية تلعب فيها الجزائر دورا رئيسيا”.

وقال الرئيس الجزائري في كلمة موجهة إلى قادة الدول والرؤساء والوفود المشاركة في القمة العربية: “يتعين علينا جميعا بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ مصالحنا المشتركة مع تحديد الأولويات والتركيز على مجالات العمل المشترك، ذات الأثر الإيجابي السريع والملموس على الشعوب العربية”.

تناقض صارخ

واعتبر الملاحظون أن تبون سقط بطرحه لهذه الفكرة في تناقض وصفوه بـ”الصارخ”، مبرزين “استحالة خلق أي تكتل من أي نوع في ظل استمرار استعداء النظام الجزائري للمغرب، ورفضه الاستجابة لمبادرة اليد الممدودة لتجاوز الخلافات وبعث الروح، في البداية، في الاتحاد المغاربي المفكك، دون إغفال دعمه للتنظيمات الإرهابية وميليشيات جمهورية البوليساريو الانفصالية”.

في هذا السياق، قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن “أولى العقبات التي تعترض هذا المقترح هي علاقة الجزائر مع المغرب وعدم وجود إرادة لالتحام جناحي المنطقة المغاربية”، مشيرا إلى أن الجزائر “تفتقد إلى التأثير الإيجابي في محيطها، والتعبير عن أفكار خلاقة وواقعية تأخذ بعين الاعتبار تقدير الحوار والاحترام كطرق لبناء المستقبل”.

وأضاف بودن، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الجزائر متمسكة بمرحلة المواجهة مع المغرب وعرقلة خيار تطوير اندماج إقليمي ذكي على المستوى المغاربي، ووضع عقبات في الجوار الطبيعي لها مع المغرب، ورفضها الاستجابة لسياسة اليد الممدودة التي قدمها المغرب”.

“قد نسلم بأن مقترح الرئيس الجزائري يهدف إلى تحقيق المصلحة المشتركة؛ لكنه يبقى نظريا في السياق الراهن ويحتاج إلى دراسة واقعية تأخذ بعين الاعتبار أن ست دول عربية على الأقل تعيش أزمات متشابكة وتحديات وطنية لم يتم تجاوزها لسنوات، فضلا عن العقبات البينية بين بعض الدول العربية؛ ومن بينها المغرب والجزائر”، يورد بودن.

وبالنسبة للخبير في العلاقات الدولية فإن نجاح المشروع الذي طرحته الجزائر “رهين بتقوية علاقاتها الثنائية مع المغرب لتهيئة البيئة الحاضنة له”، مبرزا أن المغرب “بلد فاعل في المجموعة العربية، وله علاقات بناءة في دول فاعلة في المجموعة العربية ودول الخليج والقرن الإفريقي”.

وأشار بودن إلى أن السياسة الخارجية للجزائر –التي توجد في موقع استراتيجي على مستوى المنطقة المغاربة- “تجعل من هذه المنطقة أضعف تكتل إقليمي في العالم”، مذكرا بأن نسبة التبادل التجاري بين الدول العربية هو 2 في المائة فقط.

فكرة قديمة

في السياق ذاته كشف محمد بودن أن الفكرة التي اقترحها الرئيس الجزائري “ليست جديدة؛ لأن هذا الطموح المتعلق بالتكامل الاقتصادي العربي ظل على جدول أعمال الجامعة العربية لما يقارب سبعة عقود”، مردفا: “وهو الطموح المدفوع بالاعتقاد السائد بأن تشكيل كتلة اقتصادية عربية موحدة من شأنها تعزيز القدرة التفاوضية للمنطقة في قضايا سياسية؛ غير أن محاولات عديدة تم تجريبها، لكنها لم تتجاوز حدة الاستقطاب وتباين بيئة الاقتصاد في البلدان العربية”.

وشدد المتحدث ذاته على أن تحقيق هذا الطموح “يتطلب أولا استقرارا سياسيا في الدول العربية، وعلاقات طبيعية بين مختلف البلدان العربية، وشبكة متكاملة للنقل والاتصالات وبنية المعلومات، ودخول كل الاقتصادات العربية إلى العصر الرقمي؛ فضلا عن الحكامة، والتغلب على المديونية والتباطؤ الاقتصادي”.

وخلص رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية إلى أن المقترح الجزائري “يتحتم عليه التغلب على عوامل هيكلية متراكمة، ويتطلب شروطا ضرورية للتمتع بفوائد التكامل الاقتصادي العربي؛ حتى يتطور بشكل تام، ليكون قادرا على التأثير في الواقع العربي العنيد”.

#تكتل #اقتصادي #عربي #في #ظل #معاداة #المغرب. #رئيس #الجزائر #يتعامل #بتناقض #صارخ

زر الذهاب إلى الأعلى