تقرير منتدى دافوس: “الأسوأ لم يأت بعد”

اختتم منتدى دافوس أشغاله بعد أن قدمت كل دولة تجربتها في المجالات التي تطرق لها المنتدى المنعقد في مدينة دافوس السويسرية. كانت أهم المجالات التي تطرق لها المنتدى هذه السنة متعلقة بأربعة مواضيع: ارتفاع تكلفة المعيشة – تراجع معدلات النمو – ارتفاع التضخم وأخيرا مكافحة معضلة تغيير المناخ. وكان من الطبيعي أن تهيمن على جلسات المنتدى الحرب في أوكرانيا وركود الاقتصاد العالمي.

منتدى هذه السنة كان لافتا من حيث كمية ونوعية الحضور. فقد حضر للنسخة 53 من المنتدى أكثر من 2700 مسؤول بارز من 130 دولة بما فيهم 50 رئيس دولة أو حكومة، أكثر من 370 شخصية عامة من الحكومات والمنظمات الدولية، أكثر من 1500 من قادة الأعمال، حوالي 90 مبتكرا، 56 وزير مالية، 19 رئيس بنك مركزي، 30 وزير تجارة و35 وزير خارجية. هذه الأرقام، جعلت المنتدى الذي يقام هذه السنة تحت شعار “التعاون في عالم مجزأ”، يعرف أهمية قصوى سواء في نوعية الحضور أو في طبيعة المواضيع المثارة.

الاقتصاد العالمي في عام 2023:

الخبراء حائرون بين مقولة “التعافي ممكن لكنه مستبعد” ومقولة “الأسوأ لم يأت بعد”.

اهتم خبراء منتدى دافوس في نسخته 53 بالوضعية التي سيكون عليها الاقتصاد العالمي خلال السنة الجارية. بخصوص ارتفاع تكلفة المعيشة، وأجمع أغلب المشاركين في المنتدى على أن هذه تكلفة تشهد تزايدا منذ سنوات، وخلال هذه السنة من المتوقع أن تستمر تكلفة المعيشة في الارتفاع بوتيرة أسرع من دخل عموم الناس. وأشارت تقارير المنتدى إلى أن ارتفاع الأسعار يؤثر بشكل غير متناسب على فئات المجتمع المختلفة، وأن الأشخاص المسنين هم الأكثر تضررا من غلاء المعيشة. لذلك يوصي المنتدى بتعديل ميزان الضمان الاجتماعي لتعويض فرق تكلفة المعيشة المتوقع خاصة بالنسبة لكبار السن.

بخصوص نسبة النمو، خيم على المنتدى سؤال: هل سيكون هناك ركود عالمي في 2023؟ اعتبر المنتدى أن تجنب الركود أمر ممكن لكنه مستبعد خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق في أوروبا. لكنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تتمكن من تجنب الركود الاقتصادي خلال العام الجاري.

القضية الاقتصادية الأخرى التي شغلت بال المنتدى، هي تفاقم التضخم الذي من غير المرجح أن يتراجع في الوقت القريب. فبينما يتخذ العالم خطوات لتخفيف حدة التضخم، لا يزال الاتحاد الأوروبي يحاول تجاوز جروح العام الماضي. فقد شهدت ألمانيا معدلات تضخم تصل إلى 7.9% في عام 2022، وهي أعلى نسبة سجلت في ذلك البلد منذ 70 عاما. وكانت بعض التقارير أكثر تشاؤما في موضوع التضخم حين اعتبرت بأنه سيكون أسوأ في عام 2023 مما كان عليه في عام 2022، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

أما بخصوص سوق الأسهم، فقد ذهب خبراء المالية في منتدى دافوس إلى أن حالة الفوضى التي يعيشها الاقتصاد العالمي يمكن أن تتسبب في انهيار مالي شبيه بانهيار سوق الأوراق المالية الذي عرفته سنة 2008. ويرتكز هذا الطرح الأكثر تشاؤما على مُسبِّبات من قبيل غلاء الإيجار وتفاقم أزمة العقار.

الحرب الأوكرانية وحالة اللايقين في الاقتصاد العالمي:

بعد الخسائر التي تكبدها الاقتصاد العالمي جراء أزمة كوفيد-19، حيث ضخت الدول الكبرى ملايير الدولارات من أجل إنقاذ اقتصادها، بدأ العالم يتهيأ للخروج من مخلفات الأزمة الصحية خلال سنة 2022، كما أن الصين شرعت في إعادة تحريك ماكينتها الإنتاجية لتجر العالم نحو التعافي اقتصاديا، والشيء نفسه بالنسبة لأمريكا وأوروبا. لكن حرب روسيا على أوكرانيا أفشلت كل تلك المحاولات وزادت من تعميق جراح الاقتصاد العالمي، كما أنها خلقت أزمتين غير مسبوقتين: أزمة الطاقة وأزمة التضخم.

محاولات أمريكا في تجفيف منابع تمويل الاقتصاد الروسي لجعلها غير قادرة على تمويل حربها على أوكرانيا، وضغطها على الدول الأوروبية في هذا الاتجاه، جعل تطور هذه الحرب يعرف ضبابية كبيرة حول مستقبلها. هذا التعامل الأمريكي مع حرب أوكرانيا، جعل خبراء دافوس لا يعرفون متى ستنتهي هذه الحرب، وهل ستنتهي أم أنها ستعرف تطورات غير متوقعة. الأمر الذي جعل التقارير التي عُرِضَت في منتدى دافوس ترتكن إلى حالة اللايقين حول ما سيعرفه الاقتصاد العالمي في سنة 2023.

الأسوأ لم يأت بعد:

الحرب الروسية على أوكرانيا لا يُرى لها حل سياسي أو عسكري في الأجل القصير -استمرار معاناة الاقتصاد الصيني من الضغوط السلبية لفيروس كورونا- وتداعيات أزمة القطاع العقاري واتساع رقعة مديونية الشركات الصغيرة والمتوسطة، كلها عوامل تُنبِئ بأن الأسوأ لم يأت بعد وأن أسعار النفط ستظل مشتعلة، وستمثل عاملا مغذيا مهما لاستمرار موجات التضخم العالية وبالتالي تفاقم الأزمة العالمية عوض تراجعها.

#تقرير #منتدى #دافوس #الأسوأ #لم #يأت #بعد

زر الذهاب إلى الأعلى