‪تقرير أمريكي يرصد عدم جدوى ورقة الغاز وسط توتر علاقات واشنطن والجزائر

ظلت العلاقات بين واشنطن والجزائر في أدنى مستوياتها منذ أن اعترفت إدارة ترامب، في الشهر الأخير من ولايتها، بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو الموقف الذي قاومته الحكومة الجزائرية التي تدعم جبهة البوليساريو بكلّ الوسائل الدّبلوماسية وغير الدّبلوماسية.

ويشير تقرير أمريكي نشره المركز العربي واشنطن ARAB CENTER WASHINGTON ومقرّه الولايات المتحدة الأمريكية، أعده جورجي أفتاندليان، إلى أن التّقارب الأمريكي الإسرائيلي المغربي ساهمَ في تهميش الدور الجزائري في المنطقة، وهو ما تتوجّس منه الجزائر التي تعد حليفا إستراتيجيا لنظام موسكو.

ولم تضغط الولايات المتحدة على الجزائر لإدانة روسيا في أعقاب غزوها أوكرانيا. ولزيادة التوتر في العلاقة، تعارض الجزائر مسعى الإدارة الأمريكية إلى التوسع في اتفاقات أبراهام لعام 2020، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية.

ويستفيد كلا البلدين (الولايات المتّحدة والجزائر) من التعاون في مكافحة الإرهاب القائم منذ عام 2001، وكذلك من التعاون السياسي والاقتصادي المحدود.

تداعيات اتفاقيات إبراهيم

نظرت إدارة ترامب إلى اتفاقات أبراهام على أنها انتصار دبلوماسي. وبعد حفل توقيع في البيت الأبيض في شتنبر 2020 شارك فيه مسؤولون إسرائيليون وإماراتيون وبحرينيون، كانت إدارة ترامب تأمل أن تحذو دول عربية أخرى حذوها. واتخذ المغرب خيارًا طبيعيًا بسبب تعاونه طويل الأمد وراء الكواليس مع إسرائيل على مدى عقود عديدة، وفق المصدر ذاته.

ويقف التّقرير الأمريكي عند ما اعتبرها “إدانة” الجزائر موقف واشنطن بشأن الصّحراء المغربية، مشيرا إلى وصف رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد التطور بأنه “مناورات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار الجزائر”، وادعاءه أن “هناك الآن رغبة لدى الكيان الصهيوني [إسرائيل] في الاقتراب من حدودنا”.

ولطالما كانت الجزائر نصيرًا للقضية الفلسطينية، وترى في الجهود الإسرائيلية لإقامة علاقات رسمية مع المغرب تهديدًا أمنيًا بسبب إمكانية التعاون العسكري الإسرائيلي المغربي. وفي غضون ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا قالت فيه إن القرار الأمريكي “ليس له أثر قانوني”، لأن نزاع الصحراء هو “قضية تصفية استعمار لا يمكن حلها إلا من خلال تطبيق القانون الدولي”.

خيبة أمل من إدارة بايدن

من التوترات الرئيسية الأخرى بين الجزائر والولايات المتحدة الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لإدانة روسيا بسبب غزوها أوكرانيا من قبل أعضاء المجتمع الدولي، بما يشمل الدول العربية. ومع ذلك، حافظت الجزائر على علاقات وثيقة مع روسيا منذ حصولها على الاستقلال عام 1962، وحوالي 80 في المائة من عتادها العسكري روسي.

ومن ثم فإن أي جهد أميركي في هذا الصدد سيكون دائمًا معركة شاقة. وكان أقصى ما فعلته الجزائر على هذه الجبهة حتى الآن هو الامتناع عن التصويت في تصويتين للأمم المتحدة عام 2022 يدين العدوان الروسي على أوكرانيا، رغم المناشدات الأمريكية برد أكثر صرامة.

وفي أواخر مارس 2022، سافر وزير الخارجية بلينكن إلى كل من المغرب والجزائر، حيث ناشد المجتمع الدولي “زيادة الضغط على روسيا لإنهاء هذه الحرب غير المبررة”؛ كما شدد أثناء وجوده في الجزائر على أن الغزو الروسي لأوكرانيا يجب أن يدفع جميع البلدان إلى إعادة تقييم دعمها لوحدة أراضي الدول الأخرى.

وأثناء وجوده في المغرب، أشاد بلينكن بخطة البلاد لحل نزاع الصّحراء، ووصفها بأنها “جادة وواقعية وذات مصداقية”، ومع ذلك، لم يكرر هذا الثناء في الجزائر، لأنه يعلم على الأرجح أنه لن يتم استقباله جيدًا، وبدلاً من ذلك قال فقط إن الولايات المتحدة تدعم بالكامل جهود الأمم المتحدة لحل النزاع.

وفي أكتوبر 2022، أجرت روسيا والجزائر مناورات عسكرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط. وأشارت بعض التقارير إلى أن الجزائر، التي تستفيد الآن من عائدات النفط والغاز، ستقوم قريبًا بشراء المزيد من المعدات العسكرية الروسية، بما فيها الغواصات والقاذفات والطائرات الأخرى.

وفي شتنبر 2022، أرسل مجموعة من أعضاء الكونغرس من الحزبين رسالة إلى وزير الخارجية بلينكن، تدعو إدارة بايدن إلى فرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها العسكرية مع روسيا. لكن لأسباب مختلفة، بما فيها موقع الجزائر كمورد رئيسي للغاز لأوروبا، لم تحرز الرسالة أي تقدم.
محاولة الحفاظ على العلاقات الثنائية سليمة

منذ الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 شتنبر 2001، طورت الولايات المتحدة والجزائر علاقات وثيقة لمكافحة الإرهاب، حيث رأى كلا البلدين أن القاعدة والجماعات التابعة لها، مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM)، مثال للتهديدات الرئيسية.

ويشير التقرير الأمريكي نفسه إلى أن أحد المسؤولين السابقين في وكالة المخابرات المركزية كتب أن الجزائر زودت الولايات المتحدة بـ “معلومات استخباراتية ممتازة” عن القاعدة. ومع رحيل القوات الفرنسية مؤخرًا من بعض البلدان في منطقة الساحل، من الممكن أن يتم تعزيز التعاون الحالي بين الولايات المتحدة والجزائر لمكافحة الإرهاب، لأن العديد من دول الساحل المتاخمة لجنوب الجزائر مازال تواجه تهديدات من الجماعات المتطرفة التي تريد كل من واشنطن والجزائر احتواءها.

وبينما مازالت العلاقات مضطربة، لا يريد أي من الطرفين كسرها، خاصة أن الجزائر ترى في العلاقات مع واشنطن نوعا من التوازن، خاصة عندما تواجه مشاكل مع دول غربية أخرى مثل فرنسا وإسبانيا.

وكانت هذه الجهود التي بذلها المسؤولون الأمريكيون مهمة في منع العلاقات الأمريكية الجزائرية من التدهور أكثر في أعقاب انعكاس السياسة الأمريكية بشأن قضية الصحراء.

#تقرير #أمريكي #يرصد #عدم #جدوى #ورقة #الغاز #وسط #توتر #علاقات #واشنطن #والجزائر

زر الذهاب إلى الأعلى