الدولة الاجتماعية وسؤال المآل

ابراهيم أقنسوسالأربعاء 8 فبراير 2023 – 23:50

يعتبر سؤال المآل من أهم وأقوى الأسئلة التي يفترض بداهة، أن تهيمن على كل من يتصدى لتدبير الشأن العام؛ فلا معنى للحديث عن المسؤولية دون امتلاك إجابات معقولة ووافية عن هذا السؤال، سؤال المصير الذي ينتظر جموع المواطنات والمواطنين، ويرتبط بقضاياهم الرئيسة، لا سيما حين تتحرك الأحداث وتتسارع في اتجاهات صعبة لا تبعث على الاطمئنان، كما هو الحال بالنسبة لبلادنا هذه الأيام، على أكثر من صعيد وعلى أكثر من مستوى؛ ولعل أبرزها على المستوى الاجتماعي.

هذا الغلاء المخيف والمتسارع وغير المبرر في أكثر وجوهه، وغير المشروح ولا الموصوف؛ فما معنى أن تتسارع الأرقام وتتقاذف في وجوه المواطنين والمواطنات، بلا قدرة من المعنيين بالأمر على تقديم وصف وتوصيف لما يحدث؟، وبلا إبداء الرغبة والإرادة في تقديم الحلول الناجعة والسريعة والتضامن الحي والفعلي، بما يؤدي إلى التخفيف من معاناة المواطنين والمواطنات.

إنه لا معنى للحديث عن المسؤولية دون الاهتمام الجدي بسؤال المصير، ودون امتلاك القدرة والإرادة على ابتكار الحلول والبدائل والتنويع فيها، والسهر على متابعتها وتنزيلها يوما بيوم؛ فالدولة الاجتماعية ليست شعارا، وإنما هي خدمات مباشرة، تعني رعاية مصالح المواطنات والمواطنين وخدمة قضاياهم الحيوية، في حدودها الدنيا على الأقل، وإشعارهم بالحماية والاهتمام وعدم تركهم للمجهول، كما هو حال الكثير من المواطنين والمواطنات هذه الأيام، الذين يشعرون بأنهم يقفون وجها لوجه، وبلا سند، أمام أبسط متطلبات العيش ولا أقول الكريم، في وقت أصبح فيه الأجراء، يقفون عاجزين أمام تدبير الأيام، فكيف بمن لا عمل لهم ولا دخل؟.

إقرأ أيضا :  قصةُ الفلسفــــة بالأندلــــــــس

لا بد من التدخل على عجل، لوضع حد لهذا المد الجارف الذي أنهك حياة المواطنات والمواطنين، ولا بد من إعادة الأمور إلى نصابها، أو بعض نصابها؛ فهناك فرق كبير بين حرية السوق وفوضى السوق؛ بين المنافسة بقواعد المنافسة الاقتصادية السليمة وبين المتاجرة في احتياجات المواطنين ومتطلباتهم؛ وواضح أن هناك من يغتني الآن، وأن هناك من يراكمون الثروات الآن، في مقابل كل هؤلاء الذين يفتقرون، ولنا أن نستحضر هنا، إشارة والي بنك المغرب الأخيرة، حين نبه إلى استحالة تحقيق التنمية في ظل استشراء الفساد؛ فلا معنى للحديث عن معدلات التنمية، والمفاخرة بالأرقام والمزايدة بها في ظل تغول عوامل الفساد وعناصره، وحماية السماسرة والمحتكرين.

وللتذكير، فمن حقوق المواطنين العادية على الحكومة أن تكثف تواصلها معهم، وأن تعرفهم الأسباب الموضوعية وغير الموضوعية، لكل هذا الذي يمور ويفور، ويجري حولهم، وأن تجيبهم بشجاعة عن سؤال المصير، الذي يعني سؤال المستقبل، بالنسبة إليهم. إن الدولة الاجتماعية، تعني حق الجميع في العيش الكريم، وضرورة تحمل الجميع لنصيبه من تداعيات الأزمة حين وجودها، سواء بسواء.

إقرأ أيضا :  العلمي يحث رؤساء مهام استطلاعية على إحالة التقارير داخل الآجال القانونية

#الدولة #الاجتماعية #وسؤال #المآل

زر الذهاب إلى الأعلى