الحكومة ترفض تقديم “هدايا ضريبية” للجمعيات: “هدر للمال العام”

رفض مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، إدخال أي تعديل على المنظومة الضريبية المتعلقة بجمعيات المجتمع المدني، في اتجاه إلغائها، معتبرا أن أي إجراء من هذا النوع سيؤدي إلى هدر المال العام.

بايتاس قال في اجتماع مناقشة عرض حول تدبير الإعانات المالية الموجهة إلى الجمعيات من القطاعات الحكومية بمجلس النواب: “إذا قمنا الآن بإعطاء هدايا ضريبية، كونوا على يقين أننا سنسقط في مشكل كبير يتمثل في أن كل من هبّ ودبّ سيُنشئ جمعية من أجل الاستفادة من الدعم العمومي”.

وربط الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمانات إمكانية مراجعة الضريبة التي تؤدّيها الجمعيات، باستكمال الإجراءات التي جاءت بها الاستراتيجية التي أعدّتها الوزارة، والتي ستمكن، بحسبه، من التوفر على قاعدة معطيات واضحة حول المجتمع المدني في المغرب.

وقال: “حين نحدد الجمعيات المؤهلة للحصول على الدعم، الذي سيكون رهينا بتوفر الجمعية على مجموعة من الشروط والإدلاء بعدد من الوثائق، سنكون قد أوجدنا إطارا قانونيا لتحصين المال العام. وإلا، فإن المال العام سيُصرف بطريقة غير صحيحة وستتم الاستفادة منه بشكل غير دقيق”.

ووفق الأرقام التي قدمها بايتاس، فقد بلغ الدعم المالي العمومي الذي استفادت منه الجمعيات حوالي 4 مليارات درهم في سنة 2015، وارتفع إلى حوالي 5 مليارات درهم في سنة 2016، وتراجع إلى حوالي 4.8 مليارات درهم سنة 2017، ثم إلى حوالي 4.5 مليارات درهم سنة 2018، قبل أن يسجل انخفاضا كبيرا إلى 1.9 مليار درهم في سنة 2019، بسبب ظهور جائحة كورونا، ولم يتجاوز 800 مليون درهم في سنة 2020.

وتتوخى الاستراتيجية التي تنكب عليها وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني إقامة توازن بين مكونات المجتمع المدني، وتذليل الهوة الفاصلة بين الجمعيات التي تتمتع بإمكانيات مادية كبيرة والجمعيات الصغيرة التي تشتغل في الهوامش وتعوزها الإمكانيات.

وستُمكن الاستراتيجية، يورد بايتاس، من “دَمقرطة” الاستفادة من الدعم المالي العمومي الذي تقدمه مختلف القطاعات الحكومية، وذلك عن طريق وضع طلبات العروض في بوابة إلكترونية وطنية، بما يمكّن جميع الجمعيات من الاطلاع عليها والتقدم إليها.

ورفض الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني نعت الجمعيات بـ”المُسترزقة”، كما ذهب إلى ذلك بعض النواب البرلمانيين الذين أكدوا أن جزءا من الجمعيات لا يهمه سوى الاستفادة من الدعم الحكومي، قائلا: “لا أتفق مع كلمة استرزاق. حْتى زين ما خطاتو لولا، ولكن هناك جمعيات جادة تقوم بعمل كبير يجب التعريف به وتشجيه”.

واعتبر المسؤول الحكومي ذاته أن الدعم المالي الذي تحصل عليه الجمعيات من القطاعات الحكومية “ليس مبلغا كبيرا، ولكن آثاره ستظهر إذا نجحنا في تفعيل الاستراتيجية، عن طريق عدد من المداخل، منها دمقرطة الاستفادة من الدعم الذي لن يتمّ صرْفه إلا بعد أن تطّلع عليه جميع الجمعيات من طنجة إلى الكويرة وتكون قد قدمت برامجها من أجل الاستفادة منه”.

وأضاف أن “من بين أكبر الصعوبات التي تواجه هيئات المجتمع المدني، انحصار العلاقة التي تربطها مع الدولة في الدعم، في حين إنها لا تستفيد من التكوين أو المواكبة…”.

في هذا الإطار، برمجت وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني برنامجيْن يستهدفان رفع قدرات الجمعيات في جهتي فاس-مكناس وكلميم-واد نون، حيث ستتكلف جمعيات لها القدرة على التكوين بتكوين جمعيات أخرى، تحت إشراف الوزارة، يبلغ عددها 6000 جمعية.

كما ستنظم الوزارة منتديات قال بايتاس إنها ستخرج عن الإطار الكلاسيكي، حيث ستركّز بالأساس على ربط الجسور بين الجمعيات وبين المؤسسات العمومية والقطاع الخاص، مثل الأبناك والاتحاد العام لمقاولات المغرب وشركات الاتصالات، بهدف تمكينها من قنوات جديدة للدعم.

وبخصوص مساهمة الجمعيات في الديمقراطية التشاركية، قال بايتاس إنها لا تزال ضعيفة، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على تكريس هذا المبدأ بمقتضى الوثيقة الدستورية لسنة 2011، وزاد موضحا: “هناك مجهود مُعتبر يُبذل من طرف الفاعلين المدنيين، لكن المآل ليس كما نتمنى، وعلينا كحكومة أن نعمل لتطوير الديمقراطية التشاركية، وأن نقنع المواطن بأن بإمكانه أن يُوصل صوته عبر المؤسسات عوض الاحتجاج في الشارع”.

The post الحكومة ترفض تقديم “هدايا ضريبية” للجمعيات: “هدر للمال العام” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

#الحكومة #ترفض #تقديم #هدايا #ضريبية #للجمعيات #هدر #للمال #العام

زر الذهاب إلى الأعلى