بعد يومين من المباحثات والنقاشات احتضنتها العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحضيرا لقمة “النقب الثانية” المرتقب عقدها بالمملكة المغربية شهر مارس المقبل، خلصت اجتماعات أعمال “اللجنة التوجيهية” و”مجموعات العمل” الست إلى “بحث مزيد من فرص التعاون المشترك في عديد المجالات؛ بينما تصدرت قضايا الأمن المائي والغذائي اهتمامات الوفود المشاركة.
وحسب ما أورده مسؤولون رفيعو المستوى بوزارة الخارجية الأمريكية خلال إيجاز صحافي هاتفي نظمه المكتب الإعلامي الإقليمي في دبي، مساء الثلاثاء 10 يناير، فإن “الدول العربية الأربع (المغرب والإمارات والبحرين ومصر) فضلا عن أمريكا وإسرائيل المؤسسة لـ”منتدى النقب” التزمت بالمضي قدما في دينامية تسريع العمل المشترك في مجالات الأمن الغذائي والمائي والطاقة النظيفة والسياحة والرعاية الصحية والتربية والتعليم، فضلا عن تعزيز التعايش والأمن الإقليمي” “بما يكفل حقوق الفلسطينيين باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من منطقة الشرق الأوسط”.
وتفاعل مع وسائل الإعلام، ضمن الإيجاز ذاته، كل من ديريك شوليه، مستشار وزارة الخارجية الأمريكية، زليز آلن، المسؤولة رفيعة المستوى للدبلوماسية العامة والشؤون العامة، بالإضافة إلى سيندي ماكاين، سفيرة الولايات المتحدة لدى وكالات الأمم المتحدة.
وجوابا عن سؤال طرحته جريدة هسبريس الإلكترونية خلال الإيجاز الصحافي حول مخرجات اجتماعات التنسيق والتحضير قبل شهرين من قمة وزراء الخارجية في المغرب، أجاب ديريك شوليه، مستشار وزارة الخارجية الأمريكية وأحد المشاركين ضمن الوفد الأمريكي في “اجتماعات أبوظبي”، بأن “العمل لم يتوقف طيلة يومين بين 160 ممثلا حضروا اجتماعات أبوظبي التحضيرية للقمة العربية–الإسرائيلية”، مضيفا: “نؤمن أنها خطوات بناءة نحو استتباب السلام”.
واعتبر المسؤول الأمريكي أن “قضايا الاقتصاد والأمن والسياحة فضلا عن التبادل العلمي والأكاديمي بين البلدان الست تصدرت أجندة النقاش والعمل في جو إيجابي”، مبرزا “عزم إدارة بايدن الحالية على اتخاذ كل الإجراءات الفاعلة حتى نضمن الأمن والسلام في المنطقة”، وفق تعبيره.
مساعٍ لإشراك الأردن وفلسطين
ديريك شوليه شدد، في جوابه تفاعلا مع سؤال هسبريس، على أن “مبادرة ‘منتدى النقب’ ستعمل بشكل دوري على تنفيذ اتفاقيات أبراهام الموقعة في عام 2020 بين إسرائيل وأربع دول عربية”، لافتا إلى أن “انضمام دول أخرى من شمال إفريقيا أو الشرق الأوسط إلى هذه الدينامية تظل مسألة وقت فقط”، ملمحا إلى إمكانية انضمام الجانبيْن الأردني والفلسطيني إلى منتدى النقب لاحقا، مؤكدا بهذا الشأن: “من المهم جدا إشراكهما”.
وتابع مستشار وزارة الخارجية الأمريكية شارحا: “نحن واضحون في إدارة بايدن، نؤكد مجددا على سيادة الحرية والأمن وأن يكون هناك حل الدولتين. كما نساند بالتمام توثيق التعاون وباقي الترتيبات بين إسرائيل ودول عربية تؤمن معنا بالسلام”، مشددا على ضرورة “تطبيق نتائج منتدى النقب وتحقيق السلام للفلسطينيين، مع استحضار تعاون أوروبي لتحسين الحياة اليومية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة”.
“تدعيم العلاقات الاقتصادية والسياحية لاسيما بعد أزمات عالمية متعددة يشكل أيضا محورا من محاور اهتماماتنا”، سجل المسؤول الأمريكي، معبرا عن سعادته لرؤية ثمار اتفاقيات السلام مثل خطوط الطيران المباشر والتعاون في مختلف المجالات الأخرى”.
“مناقشات مثمرة من أجل مشاريع ملموسة”
ليز آلن، المسؤولة الأمريكية رفيعة المستوى للدبلوماسية العامة والشؤون العامة، قالت، من جهتها، إن القضايا الست التي تشكلت حولها لجان عمل موضوعاتية، لاسيما حول الصحة والأمن الإقليمي والتعليم والسياحة والطاقة، هي بصدد إعداد مشاريع ملموسة تعود بالنفع على شعوب المنطقة برمتها”.
وأضافت: “كانت لدينا مناقشات مثمرة طيلة يومين، وأعتقد أن القمة الثانية في المغرب ستكون ناجحة نظرا لما بصم الاجتماعات التحضيرية في الإمارات من تكامل بين مجموعات العمل من مختلف البلدان”، مشددة على إعداد “إطار فعال للتأثير يقتضي جهود متكاملة، تشمل كل من هم في المنطقة”.
وأكدت آلن، تفاعلا مع أسئلة ممثلي وسائل الإعلام، أن “الاجتماع التحضيري ناقش بشكل مستفيض كيفية الاستفادة اقتصاديا من اتفاقيات أبراهام، لأنها لا تقتصر فقط على شق سياسي”.
“الأولوية للماء والغذاء”
سيندي ماكاين، سفيرة الولايات المتحدة لدى وكالات الأمم المتحدة، أوضحت “ملحاحية التدخل لعلاج أزمات الأمن المائي والغذائي، واصفة إياهما بـ”موضوعيْن مهمين”، لاسيما “في سياق تداعيات أزمات كوفيد وحرب أوكرانيا والتغيرات المناخية المتسارعة”.
وفي معرض حديثها عن آثار التغير المناخي على أمن الغذاء والماء والطاقة، خصصت ماكاين بالذكر منطقة شمال إفريقيا، قائلة إن “قمة النقب فرصة ذات مغزى كبير قصد بناء منظور عام للمستقبل في شمال إفريقيا؛ ولعل جهود الدول حين تتحد لمجابهة الجوع من خلال العلوم والتكنولوجيا موضوع استأثر باهتمام كبير من مجموعات عمل منتدى النقب”.
وخلصت إلى أنه “يجري التفكير في منظور زراعي ومائي كمفتاح رئيسي من خلال التعاون مع المنظمة الأممية للأغذية والزراعة (فاو)، كما ستتيح التكنولوجيا العلمية دراسة أنواع التربة ورصد التصحر والمجالات الجافة لمحاربة التغيرات والحد منها”، خاتمة: “الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن ترى قدرة منتدى النقب على المشاركة بالمعارف والخبرات”.
يشار إلى أن “منتدى النقب” عبارة عن منصة تعاون إقليمي أسستها الدول الست الأعضاء، تقوم على الأهداف الأساسية المشتركة المتمثلة في تعزيز الرخاء والاستقرار والازدهار على الصعيد الإقليمي ودعم مصالح كافة دول المنطقة والتنمية المستدامة، وتوفير الحلول للتحديات القائمة بما يحقق مستقبلا أفضل للأجيال المقبلة.
وفي وقت سابق، لم تخف وفود الدول العربية المشاركة في الاجتماع التحضيري قلقها من “المبادرات أحادية الجانب التي تعوق السير العادي لهذا المسلسل، في إشارة إلى ما وقع مؤخرا في القدس”.
يشار إلى أن المغرب شارك بوفد مهم في هذا اللقاء، كما يرأس بمعية إسرائيل مجموعتي العمل المتعلقتين بالأمن الغذائي والماء، والتربية والتعليم، فيما ترأس دول أخرى قطاعات السياحة والصحة والطاقات المتجددة والأمن والبيئة وغيرها.
#أمريكا #تتوقع #نجاح #قمة #النقب #بالمغرب #الأمن #والغذاء #والماء #أولويات