آفاق جديدة تسم العلاقات المغربية العراقية .. الاستقرار والصحراء والاستثمار

خطوة وُصفت بالمهمة تلك التي أقدمت عليها الدبلوماسية المغربية بإعادة فتحها لسفارة المملكة بدولة العراق بعد 18 عاما على إغلاقها، وتدشين مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين مبنية على التعاون في مختلف المجالات وتعميق آلية التشاور السياسي، بما في ذلك إعادة النظر في الاتفاقات التي عقدت بين العراق والمغرب في حقب مختلفة.

وفي وقت جددت فيه الجمهورية العراقية، عبر وزير خارجيتها، فؤاد حسين، دعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية، شدد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على أن هذه الخطوة تمثل إشارة مهمة بثقة المغرب في العراق الجديد، حيث إن “هذه الزيارة تعكس رؤية المملكة في تعزيز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات التجارية والاقتصادية وتبادل الزيارات والخبرات بين الطرفين ومحاربة التطرف وتعزيز التعاون الأمني”.

وقال ملاحظون إن هذه الخطوة ستعود بالنفع ليس فقط على دولة العراق التي تحاول نسيان جزء من ماضيها غير المستقر سياسيا واقتصاديا؛ ولكن على المغرب كذلك الذي يطمح إلى استقطاب استثمارات أجنبية، إذ تم الاتفاق على عقد ملتقيات لرجال الأعمال والمستثمرين بين بغداد والرباط، وبحث إمكانية تفعيل الخط الجوي المباشر بين البلدين، إلى جانب دعم المغرب ملفه في الدفاع عن مغربية الصحراء وتجريم أنشطة جبهة “البوليساريو” الانفصالية في أقاليمه الجنوبية على المستوى الدولي.

عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، اعتبر أن فتح السفارة المغربية من جديد بالعاصمة بغداد هو عنوان بارز على بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين التي تربطهما علاقات تاريخية؛ ذلك أن العراق كان أول بلد اعترف باستقلال المغرب، الذي يعتبره من الدول المحورية في العالم العربي لما يشكله من ثقل على المستويين الإقليمي والدولي.

وأضاف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أن وضوح الموقف العراقي إزاء قضية الوحدة الترابية ومغربية الصحراء يعتبر عنصرا محفزا على تطوير هذه العلاقات على المستويات المختلفة، خاصة الاقتصادية والتجارية والسياحية والثقافية والطاقية؛ بالنظر إلى ما تتوفر في البلدين من مؤهلات قد ترفع من مستوى التعاون، لا سيما في هذه الظروف التي يمر منها الاقتصاد العالمي بسبب تداعيات كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية.

وسجل الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط أنه على الرغم من إغلاق السفارة قبل 18 عاما بسبب دخول الدولة الشقيقة مرحلة عدم الاستقرار السياسي والمؤسساتي والاضطراب الأمني نتيجة ظهور التنظيمات الإرهابية والتفجيرات المتتالية، فإن العلاقات المغربية العراقية ظلت على مدار العقود السالفة دائمة ومتواصلة سواء.

في هذا السياق، أشار بنلياس إلى استمرار العلاقات الدبلوماسية التقليدية التي تربط الدولتين واللقاءات التي تربط مسؤولي البلدين في مناسبات مختلفة وتواجدهما في عدد من المنظمات الدولية والإقليمية؛ كمنظمة الأمم المتحدة، ومنظمة الجامعة العربية، واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وغيرها، ثم من خلال الاجتماعات الوزارية كاجتماع وزراء دول التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”.

وذهب خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، مع هذا الطرح مؤكدا أن العلاقات التاريخية للعراق مع المغرب تُعد واحدة من أفضل العلاقات الثنائية في منظومة دول الخليج العربي، في مراحل متعددة؛ من بينها حقبة الراحل صدام حسين.

وذكر شيات، ضمن تصريح لهسبريس، بأن العراق من البلدان التي لم تكن أبدا ضد مغربية الصحراء، عكس دول أخرى في المنطقة كسوريا في محطات معينة، مشيرا إلى أن هذا الموقف الثابت يشجع المغرب على تعزيز هذه العلاقات، لاسيما في ظل الاستقرار السياسي الذي تشهده بلاد الرافدين وطموحها نحو عراق متجدد على مستوى بناء الدولة والإعمار والمقاربات الأمنية؛ ما يفتح للمغرب مجالات للتعاون على المستوى الاقتصادي والتجاري والأمني ثم الاستراتيجي.

ونبه الخبير في العلاقات الدولية إلى أن العراق توجد “في فوهة الاستراتيجية الإيرانية”؛ وبالتالي فإن المغرب يراهن، عبر هذه الخطوة، على عدم ترك الساحة فارغة لاستغلالها من طرف أعداء الوحدة الترابية.

أما على مستوى الرهانات الاقتصادية، فقال شيات إن العراق يسجل، في الآونة الأخيرة، أرقاما جيدة على مستوى الناتج الداخلي الخام؛ الأمر الذي يستوجب أن يستعيد نشاطه التجاري مع هذا البلد الشقيق، لا سيما على مستوى خطوط توريد البترول والخطوط الجوية.

#آفاق #جديدة #تسم #العلاقات #المغربية #العراقية #الاستقرار #والصحراء #والاستثمار

زر الذهاب إلى الأعلى